-->

أمناء و محافظوا القرن ال21

الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) هؤلاء هم أمناء و محافظوا
القرن ال 21: "المستقبل" و "لاماب" و "المصير"و "الضمير" و "النشطاء الاخبارية"، الخ
إن السياسة الإعلامية المتبعة من قبل مسؤولينا سياسة قديمة ، و تفتقر إلى الكثير من الفاعلية في وقتنا الحالي.
بالأمس، كانت المركزية القوية لجبهة البوليساريو توفر المعلومات على مدار الساعة بل و في كل لحظة لكل المناضلين و المواطنين الصحراويين.
الأمناء السياسيون سواء كانوا مدنيين في "الدوائر" أو عسكريين في مختلف النواحي العسكرية كانوا لا يكتفون فقط بجس النبض على مستوى القواعد بشكل يومي بل كانوا يقومون بإعلامهم كذلك بآخر الأخبار على مستوى كافة الأصعدة.
الآن و بعد أن تم تفكيك المنظمة السياسية، أصبحت آلية الدولة عاجزة عن إعلام المواطنين بما يحدث من حولهم من أحداث إجتماعية كانت أو سياسية.
بعد أن كانوا قد ألفوا أن تأتيهم الأخبار مفصلة و بصفة رسمية ، يجد الصحراويون اليوم أنفسهم غير محصنين ضد سيل الأخبار التي تتهاطل عليهم من كل حدب و صوب.و يبقى مسؤولونا في عجز غير مبرر عن إدراك مدى أهمية وسائل الإعلام في زمننا هذا، هم لا يتكلمون و لا يبلغون ،بل و قد يصل بهم الأمر إلى تبرير صمتهم بأنه خوف أن يتم إلتقاط أو تحريف كلامهم من طرف أحد الوسائط الإلكترونية.
يبدوا أنهم لم يستوعبوا بعد أنه من كنّا ندعوهم يومها الأمناء السياسيون و المحافظون العسكريون، يدعى اليوم وسائل الإعلام، و هو أمر لا يمكن العودة فيه إلى الوراء. 
إن دور التوعية السياسية و التحريض الإيديولوجي الذي كان يقوم به الأمناء و المحافظوا يُسمى اليوم خلق و توجيه الرأي العام و هو الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام. لحسن الحظ أو لسوءه لقد فقد مسؤولونا الملكية الحصرية التي كانوا يتمتعون بها في إنشاء و نشر الأخبار.
اليوم يتواجد فاعلون آخرون على الساحة العامة و الذين جاءوا لملأ الفراغ الذي تركته قيادتنا السياسية، و الأدهى و الأخطر من ذلك أن دعاية العدو أصبحت على بعد مجرد "كبسة زر" من مواطنينا. 
في هذه الحال، ينبغي أن نقيم نظام إعلامي مفتوح، قادر على أن يحتضن أكبر عدد من الوسائط الإعلامية.
و على أي حال، فإن السياسة الإعلامية المتبعة حاليا لدينا و التي تقوم على التكتم على كل شيء هي سياسة هدامة بدون أدنى شك لأنها تسمح لأطراف أخرى بتوجيه و التحكم في الرأي العام الصحراوي و العالمي. بمعنى أن الدولة الصحراوية بدأت تفقد مساحات كبيرة و ذلك بتركها الفرصة للأخرين بإنشاء رأي عام و توجيهه كما يشاؤون.
سواء إعترفنا بذلك أم لا، لقد وصل مجتمعنا درجة من التعقيد غير مسبوقة، و بالتالي فإن مفهوم الإختلافات أصبح أمر لا مفر منه. بعبارة أخرى، أنه على المستوى الإجتماعي من الطبيعي أن تكون هنالك نزاعات. و لكن ينبغي أن تكون هناك طريقة لتناول هذا النوع من الأحداث إعلاميا من أجل خلق و توجيه الرأي العام بالطريقة التي نريد، هذا سيساعد بدون شك على حل هذه النزاعات و المشاكل، و في المقابل فإن ترك حرية توجيه هذا الرأي العام بين أيدي أخرين يعد خطأ فادحا ترتكبه قيادتنا بإستمرار.
لا يمكن أن نواصل في ترك الفضاء حرا لبعض الوسائط التي لا يتماشى خطها التحريري مع الدقة المطلوبة و مع متطلبات المرحلة و الظروف الحالية.إن ترك الفضاء الإعلامي حرا، سينجم عنه حتما تسمم مواطنينا من المعالجة الغير لائقة لبعض الأخبار و التي تقوم بها بعض الوسائط الإعلامية.
في يومنا هذا، مجرد الضغط على زر "مشاركة" في الفيسبوك، تفوق فاعليته بكثير دعوة سلطاتنا إلى ندوة أو "مهرجان" في إحدى دوائرنا.
في الظروف الحالية، و التي نخوض فيها حربا مفتوحة مع العدو، بما في ذلك الحرب النفسية و الدعائية ، الحق في إمتلاك الخبر و المعلومة أصبح أمر لا مفر منه و على مسؤولينا السياسيين النظر فيه بجدية، لكي نتمكن من غلق الأبواب أمام محاولات العدو المتكررة لتمرير دعايته و أكاذيبه قصد تقوية مشروعه الهدام.
من جهتها، وسائل الإعلام، خاصة المستقلة منها، لديها كل الحق في معالجة جميع القضايا و النشر عنها، و لكن في الظروف الراهنة، ينبغي أن يكون التحلي بالمسؤولية أكبر تحد نضعه نصب أعيننا.
و في هذا الصدد لا يمكن أن تبقى وزارة الإعلام في عزلتها المعهودة ، ينبغي أن تنزل إلى الميدان بشكل يومي مع جميع وسائل الإعلام سواء العامة أو المستقلة من أجل أن تقوم بدورها في توفير المعلومة الصحيحة للمواطنين.
سيكون من المفيد ان يقوم وزير الإعلام بندوات صحفية أسبوعية مع جميع وسائل الإعلام، عامة كانت او خاصة، للحديث عن المواضيع التي تثير إنتباه الصحافة.
و ختاما نقول أن الأحداث الأخيرة التي حصلت في "حوزة" و قبلها في "الحقونية " و طريقة معالجتها و التعامل معها كانت دليل على أن الطريقة التقليدية التي يتعامل معها إعلامنا أصبحت غير مجدية بتاتا ، و أنه علينا تكييف إعلامنا مع متطلبات العصر الحديث، ومن جهة أخرى فإنه من المؤكد أن الخلافات الإجتماعية لا يمكن حلها عن طريق التكتم عليها في وسائل الإعلام، بل على نقيض ذلك يجب أن نتعاطى معها إعلاميا و لكن من المنطلق الأساسي الذي يتمثل في التحلي بالمسؤولية، بهذا نتمكن من خلق رأي عام ذكي ، مسؤول و مستعد لنبذ كل أنواع الخلافات الإجتماعية و مسبباتها.
بقلم: حدمين مولود سعيد.
ترجمة: المحفوظ محمد لمين بشري.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *