-->

الجماهير المتربصة، والقادة غير الأكفاء.

الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) المعروف أن الديمقراطية
،تبدع أكثر، وتجادل أقل، ونادرا ما تحارب، إنها تساعد الشعوب على عرض الخلافات على الملأ بأمل حلها، لا لغرض المزايدات ولا للتشهير والانتقام، وإذكاء روح الفتنة، إنها تحاسب القادة غير الأكفاء وتحملهم مسؤولياتهم، عبر الدفع بهم إلى امتلاك مهارات تنظيمية، وتملك الوقت لتنظيم الجماهير والتفنن في سبل شراء صبر الجماهير في ظرفيات خاصة وحساسة، يتوجب علينا جميعا فيها شرب الدواء المر لتفادي ما هو أسوأ.
الحادث العابر، والمعزول، الذي شهدته ولاية العيون قبل مدة، وقد تمت السيطرة عليه، بما في ذالك تبعاته، لا بفضل قوى الأمن التي وصلت متأخرة، بل بفضل وعي الجماهير الشعبية الذي كان حاضرا، ومتيقظا كعادته. مثل هكذا سلوكيات طائشة كاد يصبح تقليدا متبعا في التعامل مع العديد من الإشكالات التي لقيت حلول غير واضحة من طرف الوالي، الذي تعامل في العديد من المرات كمن تنقصه التجربة وتغيب عنه الحكمة، ويظهر أنه عاجز عن استيعاب الواقع الذي تعيشه الولاية ،فما بالك تغييره، وهي معركة خسرها الوالي منذ البداية، مما أدى إلي تراكم الشكاوى و المظالم غير المعالجة، ناهيك عن التصرفات غير المحسوبة النتائج والتي مثلت القشة التي قسمت ظهر البعير وآدت إلي تهييج الجماهير بما يحتويه الرأي المشحون بتفاصيل يوميات مسئول بالصدفة، الوالي أدعى أن مشكلة الولاية "أخلاقية"، وهو حكم بعيد عن الموضوعية، بل فيه ظلم كبير لسكان هذه الولاية ،وجميعهم مسلمون، سنيون، مالكيون ،ومن يدري فقد يأخذ الوالي هواه الديني إلي ميدان "الدعوة" فيتحول إلي واعظ عساه يفلح فيما أفسدته السياسة، نستسمح الوالي ،فنحن لم نتهمه بتهم غليظة وشنيعة، إنما ذكرناه بنصيبه من الواقع، فنحن لم نعد نقدس المسئولين بل نحترم روح المسؤولية فيهم وحسب، لأن الثورة باعتقادنا ثورة شعب لا ثورة مسئولين ،ومهما يكن، هناك بهذه الولاية المسنه، الكثير من التقوى ،بحيث أن هناك استنكار واستغراب لمثل هذه التصرفات، وكيف لصاحب ضمير أن يقدم على فعل التخريب والتدمير لمؤسسة ذات منفعة عامة لكافة الناس؟ فما هو مصير يا ترى من أتلفت ملفاتهم وضاع ما قدمت يداهم على مدار أربعون عاما من الكفاح والنضال وليس الفساد؟ وما هو الذنب الذي اغترفته أياديهم التي حولها العمل إلي تحف حجرية ،حتى يضيع الجمل بما حمل؟ من مصلحة الجميع الدفاع عن مثل هذه المكاسب، التي هي في الواقع إرث نضالي بتشاركه الكل دون استثناء، فعندما نتفحص ذالك "الياجور" المحطم ربما عثرنا من بين حطامه علي بصمات أبائنا وأمهاتنا الذين عبدوه من طين وماء كي نتعلم ،ونعالج، ونحتفل تحت ظله، فنحن لم نستغني عنه بعد، وينبغي أن يظل خارج الحسابات، مثله مثل بيوت الله في الأرض، أمنة و مطمئنة، تعاليم الدين الإسلامي السمحاء، تأمر المسلمين، بألا يقدموا على أية أفعال وهم في حالة غضب، فأين نحن إذا، من هذا وذاك؟
فالإيمان بالله وعدالة القضية التي نحن أهلها، و ملزمين بالدفاع عنها، هما ما سيحميننا من الآفات النفسية واليأس والقنوط، ويغريننا بالتضحية في سبيل نصرة هذا الحق، بل ويعجل من إظهاره.
على المستوى السياسي، لا يجوز الاعتماد على الإعلام الوطني لخلق حالة من الوعي الجمعي، عبر دق نواقيس الخطر بسبب المخاوف القوية التي أضحت تتهددنا، بل يجب اعتماد استراتجيات أخرى أولها :إقرار العدالة، وعدم العمل على "قبلية " الدولة، ورفع اليد والغطاء عن الفساد وتقديم مرتكبيه للعدالة، معدا هذا، وكحد أدنى، سيؤدي إلي رسم صورة أكثر إحباطا لجموع جماهير الشعب المتربصة بالذين لم يعد لهم - من غير أسف - بيننا وداخل صفوفنا مكانا يليق بفسادهم ولا بسقطاتهم المتكررة، والتي أضحت نذير شؤم علي النظام الذي ربما هم بذور فنائه الحية.
صحيح، أن في مسألة اختيار النظام لأطر، لمثل هذه المهام، التي تتطلب صبر ومسؤولية وتجربة عيوب شائعة، بحيث أن النظام بات يوشي بضعف كبير في هذا الجانب،بل يعلنه عدة مرات، حتى في قطاعات غير مدنية، فما كاد مثل هؤلاء (المسئولين)،أن يحتكوا بالواقع ،حتى تظهر النتائج العكسية، تماما كمن يستعمل قطع غيار متهالك، ومع هذا، يستمر النظام للأسف في تثبيت هذا النموذج الفاشل من (المسئولين)، والغير مرغوب فيهم شعبيا ،والسؤال الذي أعياه الانتظار،هو :هل سيحتفظ هذا النوع من "المسئولين" بأي دور سياسي مستقبلا، وهل لهم مكانة في صراع دخل مرحلة القتال المتلاحم، مع عدو دفع بكل تشكيلاته إلى ميدان المعركة ؟. 
لا أظن أننا في أمان، مادام أن التاريخ ليس به ضمان للمستقبل، والاستقرار الذي ننعم به الآن لا يجب أن يساء فهمه ويفسر بكونه استسلاما للأمر الواقع الذي يكرس سيطرة الفساد وركوب سياسة الهروب إلي الإمام، بل يجب ومن باب الحكمة والتبصر أن ينظر إليه كونه نضجا جماهيريا يجب الاعتزاز به والمحافظة عليه عبر استثماره لصالح السلم الاجتماعي، وقطع الطريق أمام الفاسدين خاصة بعد أن ارتفع منسوب الوعي و المعرفة في صفوف الشباب الصحراوي الذي هو قاطرة التغيير الحق المنافي للخضوع والقبول بالاستبداد، وكان الجميع قد استبشر خيرا ،باعتقاده أن الرئيس قد فهم الجماهير أخيرا،عندما أعلن سنة 2014سنة الحرب علي الفساد والفاسدين، حتى وإن لم يكن هناك حتى اليوم تعريفا متفق عليه في قاموس البوليساريو للفساد، ومهما يكن،فلو فعلها الرئيس لكان أول من يسلم عليه الحق ويصافحه يوم القيامة.
بقلم: ازعور إبراهيم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *