-->

في انتظار كارثة أو معجزة..اليمن الى أين؟

اليمن / محمد القاسم مراسل (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) يبدو مستقبل اليمن
ضبابيا، رغم توقيع "اتفاق السلم والشراكة" بين المكونات السياسية اليمنية، برعاية المبعوث الأممي، وتوقيع الحوثيين مؤخرا على الملحق الأمني الخاص لحل الأزمة والذي تضمن (تسليم المؤسسات الحكومية التي استولوا عليها في صنعاء، وإخراج مسلحيهم من العاصمة، كذلك انسحابهم من محافظة عمران، التي سيطروا عليها منذ قرابة 3 أشهر، مع إيقاف المواجهات التي يخوضونها في محافظتي الجوف، ومأرب، وانسحابهم من الأماكن التي سيطروا عليها بقوة السلاح) .
رغم كل ذلك ماتزال مخاوف اليمنيين في تصاعد من احتمال انزلاق البلد الى المجهول خاصة في ضل حدود أطماع الحوثيين التي يقول محللون أن نهايتها ليس فقط بسقوط العاصمة صنعاء، وانما ـ يقول المحلل السياسي عبد الناصر المودع ـ الدخول بالبلد نفقاً مظلماً، لا أحد يعرف متى وكيف يمكن الخروج منه؟.. فالمستقبل سيكون أكثر فوضى وعنف حسب تعبيره.
سيناريوهات محتملة
ما حدث في العاصمة اليمنية صنعاء، أي انسحاب قوات الأمن والجيش بلا قتال أمام جماعة الحوثيين (الشيعية)، يثير ليس أسئلة عن وجود مؤامرات أو خيانات، بل عن البنية السياسية القائمة والحاكمة، التي لا يمكنها إنتاج إطار دولتي: لا لجيش فاعل ولا لأي مؤسسات أخرى. 
بالإضافة الى طبيعة الجماعة المسلحة التي حلّت محل الدولة وصارت تقدم نفسها كبديل بطريقة دعائية تدفع مخاوف اليمنيين الى الذروة من احتمال الانزلاق باليمن الى الحرب الطائفية.
وابتداءً، فجماعة الحوثي المعروفة بأنصار الله ينظر إليها كامتداد طبيعي وتاريخي لحكم الأئمة في اليمن، والذي طوت صفحته ثورة سبتمبر 1962م.
وخلافًا لخطابها المعلن، فإن أدبيات الجماعة ومراجعهم لا تؤمن بالنظام الجمهوري القائم، ولا بالدستور والقانون اليمني، ويعتبرون الثورة اليمنية انقلابًا على نظام الإمام وعلى الحكم الشرعي، وهذا المعطى الجديد جعل الباب مشرعًا لوجود احتمالات تبدو أكثر منطقية عن سواها، لمستقبل اليمن.
يقول محللون ومراقبون للوضع اليمني الراهن فإن الانزلاق إلى حرب طائفية سياريو محتمل.
ويبدو ذلك قوياً ـ بحسب كثيرون ـ خاصة في ضل وجود بيئة خصبة لنشوء الجماعات المتشددة، والتي تتصدرها جماعتا "الحوثي" الشيعية وتنظيم "أنصار الشريعة" فرع تنظيم القاعدة السّنّي في اليمن، وهما نقيضان ايديولوجيان .
ولعل الأيام التي مضت كشفت عن تداعي الحرب المعلنة بين الجماعتين، قتل خلالها العشرات من جماعة الحوثيين في عمليات انتحارية نفذتها القاعدة في شمال وجنوب اليمن.
اضافة الى ذلك تُتهم جماعة الحوثيين “أنصار الله” بأنها تسعى للانقلاب على الحكم الجمهوري وإعادة سلطة الأئمة. وبحسب شهود عيان من أكثر من حي بالعاصمة، فإن حوثيين أجبروا الكثير من خطباء الجمعة على النزول من المنابر واستبدلوهم بخطباء يتبعون جماعة الحوثي الشيعية.
صراع سياسي
على النقيض لا يرى الباحثون في التاريخ اليمني وطبيعة الصراع القائم أن هذه المؤشرات تقود الى احتمال وقوع الحرب الطائفية على غرار ما حدث في العراق .
ففي الحالة اليمنية يقول الباحث ـ عماد زيد ـ يوجد انخفاض منسوب للطائفية، فالحوثيون خرجوا من عباءة الزيدية، لكن لا يستطيع احد الادعاء أن الحوثيين بمجملهم على المذهب الاثناعشري ، وما يرتكبونه من جرائم بحق معارضيهم تقوم على أساس سياسي أكثر منه طائفي ".
يضيف " وان رأينا ممارسات طائفية من البعض فلا يمكن اعتباره توجها عاما للجماعة، فالإبادة والقتل على أساس مذهبي واستباحة الدماء على أساس عقدي ليس توجها عاماً وان دعا إليه بعض متطرفي الجماعة".
بالمقابل لا تظهر القوى السنية والمجتمعية الأخرى في غالبها أي ممارسات لأساليب طائفية حتى اللحظة بالرغم من تعرضها للاستفزازات الجارحة ومحاولات الدفع بها للحرب خلال الأحداث الأخيرة. 
وبغض النظر فإن الحوثيون وهم الأقلية الشيعية في البلاد مقابل الأكثرية السنية يدركون جيداً ان إشعال حرب طائفية بقصد أو بغير قصد معناه انتحار لهم على كل المستويات.
وهو الأمر الذي يدفعهم لتبني الحديث عن موضوع الشراكة السياسية بعد سقوط صنعاء حتى أن محمد عبدالسلام الناطق الرسمي للحوثيين قال: لسنا بديلا عن الدولة ! استشعارا منهم لخطورة المرحلة وحساسيتها واداركا منهم لحجمهم الحقيقي.
وعلى ما يبدو فإن هناك احتمالات كبيرة لنشوب صراع سياسي، لكن بغطاء طائفي.
بين كل الاحتمالات والمخاوف تتداعى الأحداث على الساحة اليمنية بشكل يومي، تشير في معظمها الى الاتجاه باليمن صوب المجهول. فيما يبدو الشارع المضطرب بانتظار كارثة أو معجزة.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *