-->

في ذكرى الوحدة الوطنية : سم في العسل

الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)ـ قبل أيام قليلة عشنا في حنايا
العام 39 من تجربة الوحدة "الوطنية" التي أعلنت عام 1975 في منطقة عين بنتيلي، والتي تم بموجبها حل ما كان حينها يدير شؤون الشعب الصحراوي تحت الإدارة الإسبانية ويسمى الجمعية العامة ـ وفقا لما صدر في الإعلام الرسمي ـ . وليس هناك ضير من التساؤل عن البديل الذي حل محلها، وكيف يتم تشكيله؟ بالتعيين أم بالانتخاب؟ وماهو دوره؟ رقابة أم تشريع؟ وكيف تم التعامل معه على مر السنين في التجربة االوطنية الصحراوية؟ وللأسف لا توجد أجوبة شافية في الموضوع حاله حال الكثير من الموضوعات التي تهم الرأي العام ولكنه لم يجد لها تفاصيل لا شفوية ولا مكتوبة ونقصد هنا في الوثائق ذات الطابع الرسمي.
إن المتابع للشأن الوطني لايمكنه أن يعمى عن الإنعقاد السنوي تارة والدوري تارة أخرى لما يسمى المجلس الإستشاري، وعلينا ألا نخدع أنفسنا بالقول أو محاولة التخيل أنه يتكون من مكون غير شيوخ القبائل، بل جدير بنا أن نلاحظ أن من ضمن أعضاءه مجموعة من الشباب ممن ولدوا بعيدا عن بيئة القبلية وتعقيداتها، فهل من مؤشر في الأمر؟ هل توجد رسالة علينا أن نفهمها من هذا الإستمرار المريب لهذه الهيئة؟ هل نكرر التساؤل والذي لن نجد له جوابا أيضا: ماهو الدور الذي يقوم به المجلس الإستشاري؟ وهل من هيئة "إستشارية" في العالم يتجاوز عدد أعضاءها رؤوس الأصابع وذلك لضمان دقة الإستشارة؟ لماذا يتم غرسه في خاصرة المجلس الوطني المنتخب؟ لماذا يتم إستحضارها في كل تفاصبل الحياة السياسية للمجتمع الصحراوي، على الأقل في الملاجئ؟ لماذا يتم اللجوء في الكثير من الأحيان إلى مؤسسة القبيلة لحل الخلافات المطروحة على طاولة القضاء؟
وهناك سؤال صارخ كبير يفرض طرحه بشكل مستقل عن بقية الإستفهامات: هل يمكن باي حال كان أن تسير الدولة والقبيلة في درب واحد؟ جوابي عن السؤال بالقطع لا وألف لا، فهل نملك موهبة فريدة عن بقية شعوب الأرض تمنحنا المناعة لخلق هجين يقوم على المؤسستين المتناقضتين؟
هل كان بالإمكان غير ذلك؟ سؤال واضح ومطروح، وللإجابة عليه علينا أن نعود إلى الوراء قليلا وخاصة إلى زمن سنوات الحرب والتي كانت بحق سنوات بناء المجتمع الصحراوي المرغوب على جميع الأصعدة، فقد كان بناء الدولة المرغوبة الحلم بالنسبة لكل الصحراويين يسير نحو التحقق بثبات أبهرنا نحن قبل أن يبهر العالم. من خلال نظرة فاحصة عابرة ـ حسب رائي المتواضع ـ يمكن التكهن عما كان بالإمكان.
إننا في تماوج الحرب الطويلة الأمد دخلنا القرن الواحد والعشرين، ومن يقيم نظاما على القبلية في هذا الزمن، علنيا كان أو مدسوسا فهو يلعب بالنار، ولا يخدم بأي حال كان ومهما كان المبرر لا نفسه ولا شعبه، إن الشعب الصحراوي المغلوب على أمره، أقل ما يستحق ـ بعد كل العناء والعذابات التي طحنته من الإستعمار والحروب ـ دولة مؤسسات تحقق له إحساسه بكيانه وتكسبه الإحترام الذي يليق به، وتحقق الحلم الذي راود الأجداد والأحفاد، ولا زال يراود كل الصحراويين في المناطق المحتلةوجنوب المغرب ومخيمات اللاجئين وفي الشتات، ومن تعداد أمكنة التواجد تتضح حاجتهم الى هذا الكيان المرغوب الذي يقوم بالضرورة على المؤسسات لا على المكون القبلي الذي عفا عليه الزمن، والذي لا تزال الدول القائمة عليه تتخبط في بحر متلاطم من المتاعب والمعاناة التي يبللها الدم النازف من عروق ابناء العمومة.
في ذلك الزمان البعيد ملأت مسامعنا أصوات بعض " الرموز" يتغنون بأهمية وضرورة الوحدة " الوطنية". وفي زمن الآن وبعد قرابة أربعين عاما، تتعب مسامعنا من نفس الاصوات ولكن مع حشرجة قلة الحياء تتغنى أيضا باهمية الوحدة "الوطنية" ودولة المؤسسات في ما يشبه غفلة مستديمة عن بقائهم كل هذه المدة في كراسيهم ومناصبهم بفضل "تغليب الدولة على القبيلة".
بقلم: حمادي البشير

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *