-->

تقرير ابريل المخيب للآمال / بقلم : حمة المهدي

أصبح شهر ابريل من كل سنة موعد ينتظره الشعب الصحراوي بفارق الصبر عله
يحمل بشارات سارة تنسيه جزء من معاناة سنوات الظلم والحيف التي جلبها له الجار العقور الذي ضرب بكل القيم والأخلاق الدينية والإنسانية عرض الحائط يوم فكر في اجتياح الصحراء الغربية عسكريا ولم يتورع في قتل وتشريد الآلاف من الصحراويين العزل، وهم يضمدون جراحهم بعد رحيل المستعمر الاسباني.
ابريل يعرفه عالم الغرب بشهر الكذب ولكننا عرفناه بشهر التمديد والتماطل والتأجيل، وخيبة الأمل التي أفقدتنا الثقة في كل ما يمت للامم المتحدة وهيئاتها الصورية بصلة،
وخلال شهر ابريل الماضي التزمت الامم المتحدة بمراجعة شاملة لبعثة تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية إذا لم تحرز سنة التمديد اي تقدم في طريق حل يضمن تقرير مصير الشعب الصحراوي، وهو ما علق عليه الصحراويون حينها آمالا عريضة، لكن فرحتهم لم تدم طويلا وهم ينتظرون سنة "الحسم" ليتفاجؤن بتقرير مستنسخ لتقارير سابقة بل يحمل اشارات خطيرة عن تطمينات تقدمها منظمة اممية لقوة احتلال وتراجع كبير عن سابقه في اللهجة والمضمون إذ يحاول هذه المرة استعطاف المخزن للاستمرار في عملية السلام المفرغة من مضمون يستحق ان يستمر فيه انتظار الصحراويين لعقود مفتوحة على الزمن، وهم يبصرون الازدواجية المفضوحة لمعايير المنظمة الاممية التي انحرفت بها عن الهدف الذي انشئت من اجله في العام 1945 وهو الحيلولة دون وقوع حروب او صراعات مسلحة بين الدول وحل النزاعات بالطرق السلمية والتقيد في حلها بميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي، لكنها تقف اليوم عاجزة منذ عقدين ونصف على وجود بعثتها لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية عن الاضطلاع بمهمتها الاساسية في انهاء الاحتلال المغربي الذي يتناقض مع مبادئ الميثاق والقانون الدولي.
التقرير المخيب للآمال يحاول تقديم بعثة تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية على انها مثل بقية بعثات السلام في العالم مقيدة بمعايير حفظ السلام وان طرفي النزاع في الصحراء الغربية (المغرب وجبهة البوليساريو) لا يزالان ملتزمين التزاما تاما بوقف إطلاق النار، دون إلقاء اللوم على الطرف المعرقل للمهمة الرئيسية لبعثة المينورسو التي أنشئت من اجلها في تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية.
وفي الوقت الذي شاهد مبعوثه الشخصي صور النساء الصحراويات وهن يسحلن في شوارع العيون المحتلة، ووجوههن مخضبة بالدماء جراء التعنيف والضرب المبرح لقوات القمع المغربية، ومنع سلطات الاحتلال للتظاهر السلمي وقمعه بالقوة المفرطة، وعسكرة المناطق المحتلة ومنعها من زيارة الصحافة والوفود الأجنبية، ومواصلة الدولة المغربية في التكتم على مصير 500 مفقود صحراوي مجهول المصير، والاستمرار في سجن أكثر من 20 معتقلا سياسيا صحراويا يقبعون في سجون الاحتلال بحكم صادر عن محكمة عسكرية، بالإضافة الى اكثر من 40 سجين راي صحراوي يخوضون معارك الأمعاء الفارغة خلف القضبان، يشيد بانكيمون بما يسميه "الخطوات الإيجابية" للاحتلال في مجال حماية حقوق الإنسان، من اجل استعطاف المغرب للتجاوب مع الوسيط الاممي الذي يبحث عن حل يرضي الجلاد والضحية معا، وهو ما يستحيل تصوره في العقل والمنطق والقانون.
ويتحدث التقرير عن حماية دولية وخدمات صحية وتعليمية تقدمها مفوضية شؤون اللاجئين للصحراويين في المخيمات، دون ان نرى لها اثر في واقع الحال فأزمة العطش على موعد مع اللاجئين مع اقتراب كل فصل صيف، كما ان المدارس التي تعاقب عليها أجيال الصحراويين شيدت بسواعدهم قبل مجيء المفوضية، وهو الشأن مع القطاع الصحي الذي تأسس مع بداية سنوات الثورة، دون ان يذكر التقرير دور الأمم المتحدة في توفير فرص للشباب الصحراوي العاطل عن العمل، في ظل وجود الآلاف من حملة الشهادات العليا في مختلف التخصصات، وغياب دور المفوضية في بناء المراكز والمؤسسات الاجتماعية والثقافية، ومشاريع الأعمار في المناطق المحررة التي دمرتها الة الحرب المغربية.
إن صرف الامم المتحدة لمبلغ 53.9 مليون دولار سنويا على بعثة عديمة الفائدة، لا تتكلم، لا تسمع، لا ترى، أحق ان يستثمر في مشاريع لسد حاجة جوعى العالم، بدلا من صرفه في بعثة انحرفت عن مهمتها الرئيسية ولم يعد لها من اسمها نصيب.
هذا الانحراف الاممي عن مسار الاستفتاء قد يعيد القضية الى المربع الأول وبالتالي عودة شبح الحرب الى المنطقة حينها تكون ثقة الصحراويين أكثر في العمل بمقولة "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بها" خاصة ان الشعب الصحراوي ارتبطت ذاكرته بان كل الانتصارات ارتبطت بفترة حرب التحرير وكل الانكسارات ارتبطت بمرحلة ما بعد وقف اطلاق النار ومسلسل التسويف الاممي.
وفي الوقت الذي يجد المغرب نفسه في عزلة دولية وقارية عاجزا حتى عن الحصول على عبارة تدعم احتلاله للصحراء الغربية في البيانات المشتركة لزيارات ملك المغرب لدول افريقية، وهو ما عرقل زيارات كانت مقررة الى دول اخرى على راسها روسيا، تبقى قيادة جبهة البوليساريو تضيع المزيد من الوقت مع أوهام السلام، بعجزها عن إحداث وسائل ضغط جديدة يفهمها المجتمع الدولي وينصت لها أكثر من لغة السلام وخطابات التودد والمناشدة مثل العمل على جاهزية الجيش الصحراوية وبناء مشاريع اعمار حقيقية في المناطق المحررة، و امهال بعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية بمدة زمنية لمباشرة عملها او طردها، حتى لا تضيع تضحيات الشعب الصحراوي المقدمة في سبيل وطن حر يشعرون فيه بالكرامة.
بقلم: حمة المهدي
يوم : 22 ابريل 2015

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *