-->

السَّلاطين والأخدان والخِصْيان

تزايدَ عددُ السُّكان السُّود في المغرب اضطرادًا منذ عام 1826 ممَّا حذا بالسُّلطان
اسماعيل بجلبِ كلِّ المواليد السُّود البالغين من العمر عشرَ سنين أو ما نافَ عليها وتُوزَّع الإناث مِنهُنَّ على أجنحة القصرِ ويَتدربْن على خدمة البَلاطِ والسَّهرِ على الحريم وإعدادهن زوجات للجنود مُستقبلاً وكان يُهدي بعض جواريه الحسنوات إلى البشاوات ووزراء حكومته شَرْطَ أن لايُنجبوا مِنهُنَّ ويرمي باللَّواتي اللَّائي لا يَسْتهوينَهُ في سكناتٍ خارج الحريم يقْضينَ فيها ما تبقى مِن أعمارهن ويُوزَّع الذُّكورُ على البنَّائين والنَّجارين وغيرهم مِن الصُّناع لتعلُّمِ حِرَفِهم وممارسة ركوب البِغال والحميرِ ومِن ثمَّ يُوَظَّفون في البِناء ويَرتَقون بعده إلى جنودٍ لهم زيٌّ وسلاحٌ ويُدرَّبون عند بلوغ السَّادسة عشر على ركوب الخيل وفنون الحرب
للسُّلطان 500 حريم ومثل ذلك من البنين والبنات وذلك على أقل تقديرٍ يجولُ عليهم جيشٌ عرمرمٌ من الخِصْيان.
كان السُّلطان اسماعيل يُزاوجُ بين عبيدِهِ لاستمرار النَّسْلِ العبودي وضمانِ ولاءِ الخدم وتُعقدُ الزِّيجات بمجرد قول السُّلطان: هذه لهذا بإماءة اليَدِ أو بِطأْطأةِ الرَّأسِ أو بغمْزةِ العيْن وكان يَبعثُ بالإناث إلى العائلات الثَّرية لتربيتهن وتدريبهن على أحسن المهارات لخدمتِه لاحقًا وكان يُهدِّدُ بقتلِ كل من يُخفِقُ في تحقيق ذلك.
بدأَ تجميعُ السُّود سنة 1673 وبلغَ عدد العبيد 221,320 من الجنسيْن ومن كل الأعمار عام 1705 وهذا دون حسابِ العبيد في بعضِ المناطقِ لأنَّ إحصاءَهم لم يَكتملْ إلاَّ عام 1710 ووثَّقتْ بعضُ المصادرِ أنَّ الضَّابطَ عليليش وآخرون كانوا يجوبون المغرب عام 1713 لجلبِ المزيدِ مِن العبيدِ والحراطينِ لجيشِ السُّلطانِ وحشْرِهم في معسكرات تُدعى مشرع الرَّملة. كان السَّلاطين يدَّعون الزَّواجَ من الأحرار الشَّريفات إلاَّ أنَّ السُّلطان اسماعيل وقع في شَرَكِ إحدى أخْدانِه الجواري تُدعى لالَّة عيْشة مباركة وسمَّاها زيْدانة بعدما انجبتْ منه ولدها الأول الذي سُميَّ زيْدان. لم يكن لِطموحِ زيْدانة حدودًا فأوقعتْ بين اسماعيل وزجتِه فقتَلها خنْقًا وبين ابنه محمد والي مراكش فخلعهُ مِن مراكش وعيَّنه على تارودانت ثمَّ خلعهُ من جديد بعد ثلاث سنوات فتمرَّد الابن محمد فأرسل إليه ابنه زيدان الذي هزمه وعوَّضهُ عام 1706 وأمرَ السُّلطان اسماعيل بقطعِ يَدِ وذراعِ ابنه كرسالةٍ لكل من تُخوِّلُ له نفسُه العصيانَ و التَّمرد. ماتَ محمد وهو ينزفُ دمًا عام 1706. وما كان زيْدان في أفضلِ حالٍ من أخيه فتمادى في عِصيانِ أبيه الذي أرسل إليه خِلسةً بأجمل النِّساءِ وأعتقِ الخمورِ لِيُوقِعْنَ به فقَتَلْنَهُ خنْقًا عام 1708. علِمتْ زيدانة بذلك وأرسلتْ إلى تِلكِ النِّسوةِ وقطَّعت ثُدْيِهنَّ ثمَّ قتلتْهُنَّ خنْقًا. هذه صورةٌ مُبسَّطة لمن يُريدُ أن يكونَ يومًا من حريمِ السُّلطان أو مِن جيشِه أو مِن عبيدِه أو مِن رعِيَّتِه أو لا قدَّرَ الله من خِصيانِه.
****************
نافع محمد سالم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *