-->

تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في كفاح الصحراويين من اجل الاستقلال

الصحراء الغربية 06 يوليو 2015 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)ـ لقد
تشكلت مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف على إثر متاجرة اسبانيا بمستعمرتها السابقة لكل من المغرب وموريتانيا وعلى إثر ذلك بدأت الحرب بين جبهة البوليساريو (حركة صحراوية مسلحة) من جهة والمغرب وموريتانيا من جهة أخرى.
ودفع هذا الوضع بعشرات الآلاف من الصحراويين للهروب من منازلهم وإقامة مخيمات للاجئين في الجزائر حيث يصل عددهم اليوم حوالي 165000 يعيشون في المخيمات حاليا.
وعزمت المغرب بعد احتلالها لجزء كبير من الصحراء الغربية على فصل المناطق المحتلة عن المناطق المحررة وشيدت لذلك أكبر جدار عسكري فاصل في العالم وزرعت عدد كبير من الألغام الأرضية في المناطق المحيطة بالجدار واضعة حياة المواطنين الذين يعيشون بالقرب منه أو أي شخص يقترب منه في الخطر.
وفي سنة 1991 تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بوساطة من الأمم المتحدة ليتم إرسال بعثة أممية (المينورسو) لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية، ولكن هذا الاستفتاء لم يتحقق إلى غاية يومنا هذا ويرجع السبب في ذلك بالأساس الى رفض المغرب لوجود دولة صحراوية مستقلة.
وحاليا تعمل البوليساريو كحركة استقلال تعمل في الوقت الحالي على تحرير الصحراء الغربية.
لقد مضت الآن 40 سنة منذ احتلال المغرب للصحراء الغربية، ويشعر الصحراويون خصوصا في المخيمات ولكن أيضا في المناطق المحتلة بتفاوت هائل في الطريقة التي يعاملون بها سواء فيما يتعلق بعدم توفر فرص للشغل والدراسة وحتى الحياة بشكل عام. كما ينتاب الصحراويون إحساس بالمرارة كون المجتمع الدولي بدأ ينسى قضيتهم ومع ذلك يجدون أنفسهم مجبرين على الكفاح بشكل أقوى لتنوير العالم بحقهم في الاستقلال.
ويبين تقرير صادر عن منظمة الطلبة والأكاديميين النرويجيين بعنوان “التصرف بدون حساب” أن انتهاكات حقوق الانسان تأخذ منحى مستمر في المناطق المحتلة تحت حصار اعلامي ومراقبة بوليسية للصحراويين. وزيادة على ذلك، لا تتوفر بعثة المينورسو على صلاحية لمراقبة حقوق الانسان والتحقيق فيها في الصحراء الغربية مما يجعلها بعثة حفظ السلام الوحيدة في الأمم المتحدة التي لا تتوفر على هذه الآلية.
وبالموازاة مع ذلك، يتم قمع الصحراويين بشكل يومي وكلما طالب الصحراويون علانية أو شاركوا في تظاهرة يتم الاعتداء عليهم بوحشية من قبل الشرطة وقوات الحكومة الأخرى، وقد تم تسجيل 163 حادث لانتهاكات حقوق الانسان منذ أبريل 2014.
وبالإضافة إلى ذلك، ومع دخول المغرب في التعاون مع شركات كبرى مثل كوسموس انيرجي الامريكية التي تنقب عن النفط في المياه الصحراوية يحاول الصحراويون في جميع أنحاء العالم فتح أعين المجتمع الدولي على حقيقة أن هذه الشركات لا تعود بالفائدة على الصحراويين سواء في المناطق المحتلة أو في المخيمات.
التكنولوجيا في المخيمات
في الوقت الذي يجهل فيه جزء كبير من العالم الكثير عن وجود الصحراء الغربية يكتشف الصحراويون طرق جديدة من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصال ليشعروا العالم بهذا الوجود.
في ظل ذلك، لا تتوفر المخيمات على الكهرباء ويعتمد الصحراويون في حياتهم داخل هذه المخيمات الخمس (السمارة، العيون، الداخلة، أوسرد وبوجدور) بدل ذلك على الطاقة الشمسية حيث تتوفر كل عائلة على منظومة شمسية خاصة ما يتيح لهم الإمكانية خلال النهار لتشغيل بعض أجهزة الاتصال مثل التلفزيون والراديو، ومع ذلك توجد خطط لتوفير لكهرباء بالمخيمات. وعلى نفس النحو تعتمد المناطق المحررة التي تسيرها جبهة البوليساريو بشكل حصري على الطاقة الشمسية في حين تتوفر الكهرباء في المناطق المحتلة.
وكان المذياع أول أجهزة تكنولوجيا المعلومات والاتصال التي تدخل المخيمات، حيث تمكن بعض الصحراويون من جلب أجهزتهم معهم إلى الجزائر حيث مكنهم ذلك من متابعة مجريات حرب التحرير على جبهات القتال.
ومن ثم ولجت التلفزيون إلى المخيمات في بداية التسعينات والتي شكلت إلى جانب المذياع الوسيلة الوحيدة للاتصال بالعالم الخارجي. ويشرح علالي محمود عضو منظمة اتحاد طلبة الساقية الحمراء ووادي الذهب الشبانية كيف تمكن العديد من المواطنين خاصة النساء من تعلم مهارات منزلية مختلفة من البرامج التلفزيونية مثل الطبخ والخياطة الخ.
الاتصال بالمناطق المحتلة
وقبل أن تلج الهواتف النقالة إلى المخيمات حوالي 2005 كان اللاجئين مجبرين على السفر من المخيمات إلى مدينة تندوف الجزائرية لإجراء اتصالات هاتفية. وأقرب مخيم إلى تندوف هو العيون ويبعد 10 كلم وابعدها الداخلة بـ 140 كلم من المدينة. وباستعمال الهاتف من الجزائر تمكن الصحراويون من الاتصال بذويهم من الطلبة في الخارج مثل اسبانيا وكوبا أو الاتصال بذويهم في المناطق المحتلة الذين كان الحديث ينحصر معهم ولا يزال على الشؤون العائلية وتحذر السياسة. بعد ذلك دخلت شبكات النقال إلى المخيمات في تندوف حيث بات كل شخص بالغ يتوفر على هاتف تقريبا. ويقدم خليهنا محمد، الذي يعمل مع اتحاد الطلبة هو الاخر، شرح حول كيفية استخدام الهواتف النقالة بشكل خاص في مجالات عمل الناس كمثال جمع الشباب للمشاركة في أنشطة معينة حيث يتم ارسال رسائل قصيرة لجميع الطلبة. كما يستعمله التجار ورجال الاعمال للاتصال بنظرائهم في موريتانيا والجزائر وأماكن أخرى في إفريقيا. ويقول خليهنا أنه بالإضافة إلى ذلك بات من الصعب على المغرب الاستمرار في محاصرته ومنعه لحرية الصحراويين في التعبير عن أرائهم في ظل استعمال الهواتف النقالة والانترنت. ويضيف أن الصحراويين من خلال المظاهرات واهتمام الاعلام الدولي تمكنوا الآن “من كسر حاجز الخوف وبدأوا في الحديث في الأمور السياسية والاتصال ببعضهم بشجاعة وسهولة”.
وقد دخل الانترنت إلى المخيمات حوالي 2010 ووجد أساسا في مخيم الشهيد الحافظ “الرابوني” حيث تتواجد مختلف المؤسسات، ومؤخرا، باتت المخيمات الأخرى تتوفر على الانترنت مع توفير الجزائر لجيل جديد من الانترنت، ويبقى الشباب والطلبة الاكثر القدرة على استعماله.
وقد انتشر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير بين الصحراويين ومع وجود الانترنت والهاتف النقال أصبح المواطنون من المخيمات والمناطق المحتلة والجاليات لديهم إمكانيات وفرص أكثر لمشاركة الاخبار بشكل سريع ومبتكر.
فعلى سبيل المثال في حال وقوع حادث في المناطق المحتلة يمكن نقله بسهولة، بالصور والمقالات، إلى اتحاد الطلبة والاتحادات الاخرى المؤيدة للاستقلال والتي بدورها بدورها تقوم بنشره في مختلف المواقع والمحطات الاذاعية والتلفزيونية وغيرها.
ومع ذلك يبقى للإنترنت عيوبه من حيث عدم توفر امكانية التأكد من أن كل من يفترض أنهم من مؤيدي الاستقلال يكونوا في الواقع كما يدعون. وفي هذا الصدد يقول خليهنا “مع كل ذلك إنه عالم افتراضي لا يمكننا الوثوق فيه 100 بالمئة” وبالتالي فإنه من الضروري الحذر والمراقبة.
وعلاقة بذلك، دخل اتحاد الطلبة الصحراويين في شراكة مع منظمة أفريكا كونتاكت للتضامن الدنماركية لفتح مركز اعلامي في المخيمات مع حلول خريف 2015. ويعنى المشروع باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي والتدريب على مهارات الفيديو وكتابة المقالات وغيرها بهدف التوعية بالقضية الصحراوية، كما يشكل المشروع فرصة للصحراويين لوضع العالم الأخر في صورة الظروف التي يعيشونها على نحو أفضل.
بقلم: ماتيلدا كروغلت.
ترجمة: خليهنا محمد.

ماتيلدا كروغلت متحصلة على ماستر في التنمية الدولية من جامعة ويستمينستير بلندن تخصص تكنولوجيا الاعلام والاتصال للتنمية. ومنذ ذلك الحين شاركت في مناطق عمل مختلفة ضمن إطار التكنولوجيا والتنمية، مثل ما هو الحال مع شركة برمجيات في شرق افريقيا والان تعمل مع منظمة افريكا كونتاكت الدنماركية غير الحكومية التي تعمل مع شركاء ودول إفريقية.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *