-->

لا للعدالة الانتقالية في الصحراء الغربية.

ذكرت وسائل الاعلام انه في بداية شهر سبتمبر المقبل سيُقام ملتقى حول حقوق الانسان
و العدالة الانتقالية في الصحراء الغربية في بلاد البسك.
و يُشير موقع المنظمة المشرفة على تنظيم الملتقى انه من المقرر تنظيم طاولة مستديرة يوم 3 سبتمبر 2015، تحت عنوان ” المنظمات الصحراوية لحقوق الانسان امام تحدي العدالة الانتقالية”، بحضور السيد “ا”. “ل”. “ع” عن اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الانسان و السيد “م”. “ح” عن جمعية أولياء المعتقلين.
حسب نفس الموقع، من ضمن اهداف هذا الملتقى: Explorar y contrastar las potencialidades de una agenda basada en la justicia transicional para la búsqueda de soluciones políticas al conflicto del Sáhara Occidental.
“التحقيق في إمكانية وضع برامج قائمة على أسس العدالة الانتقالية للبحث عن حلول سياسية لنزاع الصحراء الغربية”. (ترجمة حرة).
و تُضيف الهيئة المنظمة انه خلال الندوة سيتم تقديم مقترح برنامج مبني على أسس العدالة الانتقالية خاص لهذا النزاع و هو مُقترح مُعتمد من طرف شبكة دولية.
و السؤال هو لماذا حضور اللجنة الوطنية لحقوق الانسان و جمعية أولياء المعتقلين لهذا النوع من المسرحيات التي لن تعود باي فائدة على القضية الصحراوية؟
كما يعلم الجميع ان الصحراويين ليسوا ضحايا لإنتهاكات حقوق الانسان مُرتكبة من طرف سُلطات لها شرعية في البلاد ، بل هم ضحايا للغزو المغربي الذي حرمهم من تقرير مصيرهم بأنفسهم ما أدى الى كوارث إنسانية لا تعد و لا تحصى.
من جهتهم، اهالينا في المناطق المحتلة لا يطمحون للتعويض عن معاناتهم التي استمرت مايقارب 40 سنة من الاحتلال ببُضعة دريهمات ولا بمُحاسبة شكلية للمجرمين من اجل تحويل المغرب الى دولة القانون في نظر المنتظم الدولي، كما تهدف الى ذلك العدالة الانتقالية، بل ان شعبنا المقاوم في المناطق المحتلة علمنا دروساً نضالية عالية تقطع الشك باليقين في ما يخص نضاله و مطالبته بحقه المشروع في تقرير المصير و الاستقلال.
إذن المشكلة ليست مُشكلة حقوق افراد خاضعة للتنازل كي نتسامح مع بعضنا و نمضي قدماً في مستقبل مزدهر في دولة تحت سلطة الاحتلال المغربي.
ان العدالة الانتقالية قابلة للتطبيق فقط في تلك البلدان التي تعيش مرحلة إنتقالية، من وضعية ديكتاتورية بما في ذلك انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان و النزاعات الى وضعية ديمقراطية تضمن لجميع المواطنين حقوقهم. بمعنى ان العدالة الانتقالية هذه قابلة فقط للتطبيق في داخل حدود بلد معين، لأنها تطمح لإيجاد إصلاح مؤسساتي يضمن احترام حقوق الانسان.
كيف تشارك مؤسسات صحراوية في التسويق لقضية خاسرة؟
بعد هذا العرض لأخطار العدالة الانتقالية على مستقبل الملف الحقوقي في المناطق الصحراوية المحتلة يبدو من الغريب مشاركة اللجنة الوطنية لحقوق الانسان و جمعية أولياء المُعتقلين الصحراويين في هذا الملتقى، وهي مشاركة من شانها ان تعطي شرعية لمفهوم العدالة الانتقالية في الصحراء الغربية وهو ما يهدد بتحويل الصراع الحقوقي مع المحتل المغربي من صراع شعب لاسترجاع حقوقه الى مطالب اقتصادية شخصية ما قد يؤثر على تحقيق الهدف الذي ناضلنا من اجله منذ اكثر من 40 سنة.
والسؤال الموجه الى ممثلي اللجنة الوطنية و جمعية أولياء المعتقلين هو : هل يمكن الحديث عن العدالة الانتقالية لو تمكن الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير و قرر الاستقلال؟ هذا هو السؤال الذي يعجز عن جوابه كل الراغبين في المشاركة في هذه المسرحية التي لن تعود باي فائدة على القضية الصحراوية والمستفيد الاول منها هو المغرب الذي سيحاول من خلالها تلميع ملفه الاجرامي في المجال الحقوقي.
ان مُشاركة الصحراويين في هذا النوع من المسرحيات، في اعتقادي الشخصي، ما هي الا تحمُل فاتورة عملية تجميل يقوم بها المغرب لتحسين صورته امام العالم.
إذا كان هدف العدالة الانتقالية هو تعويض و جبر الخواطر لضحايا انتهاكات حقوق الانسان كيف يُعقل ان العدالة الانتقالية هاته بإمكانها ان تؤدي الى حل سياسي لمُشكلة الاحتلال اللاشرعي للصحراء الغربية.
ان العدالة الانتقالية تضمن التعويض بحفنة من الدراهم و محاكمة المجرمين و تعهد بعدم التكرار. هنا تنتهي العدالة الانتقالية. هل هذا هو كل ما يطمح له الشعب الصحراوي؟.
ان تطبيق العدالة الانتقالية في الصحراء الغربية هو مُحاولة تخفيف الاعراض دون مُعالجة المرض.
في النهاية، العدالة الانتقالية تعالج ملفات أشخاص معينة (الضحايا)، بينما حق تقرير المصير يُلبي تطلعات شعب بأكمله.
في خلاصة القول، العدالة الإنتقالية تطمح الى تراضي الأطراف المُتصارعة و تضمان تصالحها، نحو مُستقبل أفضل في ما يخص دولة القانون و الحكامة الجيدة و احترام حقوق الانسان.
هل حقاً هذا هو الإتجاه التي تسهر من اجله كل من اللجنة الوطنية و جمعية أولياء المعتقلين؟
في رزنامة عمل هذا الملتقى يبدوا ان يوم 3 سبتمبر ستكون هناك طاولة مستديرة تحت عنوان: “المنظمات الصحراوية لحقوق الانسان امام تحدي العدالة الانتقالية”.
كنا نُطالب بتكوين محكمة جنائية دولية لمحاكمة المسؤولين المغاربة الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في الصحراء الغربية على شاكلة محاكم نوريمبرك بعد الحرب العالمية الثانية او، في الحد الأدنى، محاكم تشبه المحاكم الخاصة بدولة يوقوسلافيا او رواندا، لكن للأسف ان عجز الجهات الوصية عن الملف الحقوقي هو الذي أوصلنا الى هذا المستوى من الانبطاح. و أصبحت هيئاتنا الوصية (لجنة حقوق الانسان و جمعية أولياء المعتقلين) تتساقط وراء دريهمات العدالة الانتقالية المعروفة أيضاً باسم العدالة التعويضية. (گالو نزالت مرياس: “الرجلي عاد إطيح على الست”).
الرابط مع موقع الجهة المنظمة:
الرابط مع برنامج الندوة الدولية
بقلم: حدمين مولود سعيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *