-->

"من اجل استراتيجية وطنية جديدة" قراءة نقدية لعمل لجنة التفكير والواقع السياسي

بئر لحلو المحررة 26 يوليو 2015 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)ـ من اجل
استراتيجية وطنية جديدة شكلت الامانة الوطنية في دورتها الاخيرة مجموعة عمل,لا هي بخلية تفكير ولا بلجنة تحضير و بدون صلاحيات واضحة سوى الاتصال بالاطارات افرادا و محاورتهم و ذالك على خلفية تحاليل غير موفقة جعلت من سنة 2015 سنة حسم للصراع و نهاية للمحنة و بالتالي يكون الغرض من مجموعة العمل تولي استيعاب ردة الفعل الغاضبة و الاتصالات شبه السرية التي تتغذى من الفراغ في واقع يحتاج لمراجعة شاملة ومتأنية بعيدا عن الترقيع، وهو ما يدعونا الى تفكير جدي للتاسيس للاستراتيجية المطلوبة,اعني تفكيرا مستوفيا لمعايير لابد من꞉
1. الاحاطة بالمراحل المفصلية لتطور الثورة و الاشواط التي قطعتها المسيرة التحررية.
2. الالمام بالظرفيات الوطنية و الاقليمية و الدولية التي طبعتها كل مرحلة من تلك المراحل., (الظرفية هي وضعية عامة قصيرة في الزمن تميزها اهمية خاصة اكتسبتها المتغيرات و العوامل الناشئة لصالح او على حساب الثوابت و المكاسب او يميزها درجة تحدي المستجدات للوضع القائم بينما المرحلة هي اطول نسبيا في ديمومتها و تولد من التحول من وضع سابق (مرحلة) الى اخر جديد سواء بالوثبات و حرق المراحل او بمراكمة الخطوات و البناء على المحاصيل و استثمار عوامل الدفع و اجتياز عناصر الفرملة في الظرفيات التي تكون قد شكلت كل تلك المرحلة السابقة).
3. الامساك بالخيط الناظم لتسلسل العمليات و بالحبل القائد لكل هذا المسير(التطور).
4. الهادفية بتوخي التقييم الموضوعي الصارم والفرز المتجرد للنتائج مع حضور الاهداف مرتبة بين القريب منها والبعيد وتقدير المسافات بين المحقق فعلا وماكان مطلوبا تحقيقه قصد التمكن من رسم خطة التحرك الجديدة بكل مستلزماتها ( الاجندات القطاعية والتفصيلية ).
وعلى واضعي اساسات الاستراتيجية الجديدة الانتباه ليس فقط الى المسافة الفاصلة بين نقطة تأهبهم الحالية ونقطة وصولهم اللاحقة وانما الانتباه كذلك الى العجز ( القصور ) المسجل في الاشواط السابقة ( الفجوة بين الاهداف المسطرة للمرحلة السابقة والنتائج المحققة فعلا منها ) ذلك العجز وبالتالي مجهود الاستدراك الاضافي الضروري لا يمكن اغفاله او احتسابه على الفائت ( الماضي ) وانما يحسب على الاتي وبالتالي هو يشكل القطعة الاولى من المسافة الجديدة المطلوب قطعها .
كما يجب عدم اغفال الفجوة الناتجة عن تقدم " ابتدائي " للمتسابق المقابل ( الخصم المنافس ) سواء في استغلال الوقت ( لم ينم حيث نمنا او واصل حين استرحنا ) او لحيازته على مهارات ولياقة اكثر منا,
حساب جاد مثل هذا يحدد وتيرة الاستراتيجية الملائمة ( استراتيجية وثب ام استراتيجية خطو ؟ ).
تفكير مثل هذا الذي اوضحنا شروطه يقود بالضرورة الى استنتاج مفاده ان عناوين المرحلة الجديدة ومفاتيح انسداد افاقها وسبل تجاوز ضائقاتها هي :
الثقة
المصداقية
النقد
الذاتي
التضحية
الثقة المطلوبة ليست مجرد حسن ظن او تفاؤل وانما هي عملية تفاعلية جدلية منبعها الاعتقاد ومصبها الموقف المبدئي ، ثقة معدية تنتج مقابلها خصبة ومخصبة تصنع القوة وتلد العزة، وتكون في :
- النفس
- في التنظيم السياسي
- في جيش التحرير الشعبي
- في المقاومة الشعبية داخل الاراضي المحتلة
- في كل فئات ومكونات المجتمع الصحراوي
- والثقة في الحليف
هذه الثقة متلازمة واستعادة واعادة المصداقية الى المشروع الوطني بداء بأدوات تحقيقه السياسية والعسكرية والى باكورات تجليه الاجتماعية والاقتصادية والادارية المتمثلة في نوعية الخدمات وطبيعة المستفيدين ومقاييس الاستفادة.
تفكير غير هذا يكون – بالقصد – اجهادا للناس في البحث عن مفقود حاضر قائم موجود او عن ضالة لا ارض تؤويها وهو اجهاض لاي مجهود بحث او تأثيث لوقت نسيره للاضاعة ونكتفي منه بالانتظار بدل تسخيره للصناعة وصنوف الاستثمار.
هو تفكير – بالجهل – يبدد الطاقة ويلقي بالمسؤوليات على غير اهلها ويطالبهم بما ليس لديهم وهكذا يقلب الامور والادوار ويشيع القنوط ويعمم الافلاس.
عتبة الولوج الى افاق استرجاع الثقة واعادة المصداقية هي النقد الذاتي الذي يوجبه ما ارتكباه من اخطاء في حق تنظيمنا الوطني الثوري يخشى ان تتحول الى خطايا ان لم تتدارك:
-افرغناه من كل محتوى ايديولوجي ومضمون فكري وبدلنا اهم مبادئه او ارشفناها وغيبنا العقيدة فيه وبالتالي فقد نزعنا منه النخاع وسلخنا عنه العضلات واقتلعنا منه كل ناب ومخلب ومنعنا عنه اي رافد وساقية فأرديناه مسخا للتنظيم ومحاكاة للكائن السياسي وتركناه جسما بلا روح او عقل او اطراف.
- حملناه فشل كل مشتقاته التي لم تؤمن اصلا بالاشتقاق منه ووسائطه التي لا تشعر بالانتماء اليه
( فساد الادارة وبدائية التسيير وتخلف المؤسسات ورداءة الخدمات الخ... )
- وفيما يعد اكبر زلة ، ومن خلال خطوة لاتسلم من تهور في محاولة يائسة لانقاذ مخطط التسوية
الاممي الافريقي اقدمنا على اقتراح سلك الشيوخ كأداة للتعرف على المسجلين في الاحصاء الاسباني لسنة 1974 والمعنيين بالمشاركة في استفتاء تقرير المصير، وقصد حماية المعايير المتعلقة بهذا الاحصاء ولاسعافه وازاحة المزاعم المناوئة له، بتلك المبادرة التي اردناها تكتيكا محدودا في الزمن ( محدودية امتداد اية ظرفية ) ومحصورا في قباء المفاوضات، اعدنا من حيث لم نحتسب ، السلطة الاجتماعية التي سلمت للتنظيم السياسي في عين بنتيلي بتاريخ 12 اكتوبر 1975، اعدناها الى اعيان القبائل و الاخطر من ذاك اننا بقوة الرمزية و فعل الايحاء شرعنا القبلية و النظام الاجتماعي (فالسلطة تعني بالضرورة نظام و ساحة حاضنة ) الذي كانت نواقيس استيقاظه يل و صهيل جياد عودته ووقع حوافرها قد حركت الارض من تحت اقدامنا مع بروق شعارات العدالة و المشاركة العامة و ظهور الجميع و احتواء الشاشة لكل الهامات و القامات الخ .
-اتينا بالصيغة الملبية لكل هذه المطالبات و العرائض و الشعارات,.
مؤتمر شعبي عام لا يهم فيه مضمون و لا نوعية مشاركة و لا يسال من ورائه لا عن انجاز و لا مكسب اذ المهم هو تعداد المشاركين و صخب سوق الاصوات و عدد المتكلمين و من صعد المنصة و من خرج من الباب, و عن ما سيئاتي به شوط التعيينات المكمل المصحح حينا و المفسد احيانا كثيرة لنتائج الانتخابات و بهرج الاحتفالات .
ما يسجل لشوط التعيينات هو صدق النوايا في اتمام الترضيات و جبر خواطر الاشخاص القبائل ,
و قديما قالوا ان النوايا الصادقة هي مفروشات قاع جهنم و طريقه المعبد .
التنظيم السياسي هو تنظيم متميز بعلو مستواه و رقي اداه و غنى محتواه و عمق تجربته و عظمة مسؤولياته هو مخبر و معمل يتطلب منتسبين مؤهلين و عمالا طلائعيين و طواقم نخبوية ليقترب من الطلائعية
الانتخاب في غياب التنظيم و من خارج مرجعيته و من دون خطة محسوبة العواقب و من دون قاعدة ترشيح محددة معروفة و محصورة بالمقاييس الواضحة , هي القبلية ملعوبة في كل مناسبة و لاعبة بكل ما صنعناه و ما حلمنا به
التعيين دون الرجوع الى الملفات و الانطلاق من الحاجة و الاستطاعة و اعتبار التناسب بين المؤهلات (العلمية و المهنية )و الوظائف المراد ملؤهاهو اطاحة باسس البناء الاداري و اسقاط لقيم العدالة و المساواة و تجفيف لينابيع حسن الظن و التفاؤل و سد لمصادر علو المعنويات و هو الظلم بعينه ليس فقط للمحقيين في التعيين و لم يعينوا و انما للمعين غير المحق
تكديس الصلاحيات و تركيزها في قمم ثلاث (السياسية و التنفيذية و التشريعية )جعل سكان السفوح و قاطني الوديان يتنصلون من المسؤولية عن الكبوات و الهفوات و العطالة و يفسخون لبوس يوم الصورة و الاستعراض و يختفون هم و عيالهم حتى ساعة النصيب نازحين نحو الواحات و مهاجوين صوب المدن
التنظيم هو القدرة على التاطير و التجنيد على اساس فكر و عقيدة و مبدا و هو المقدرة على التاثير لصنع نمط تفكير و اسلوب عمل و سلوك و خلق مثل اعلى للمنتسب الملتزم و نموذج للمجتمع الجديد. ان غابت هذه الاهداف و تعطلت هذه الوظائف و التبست هذه الالتزامات فلا تتعب لنداء القبلية فهي قائمة فاعلة و مسيطرة
لا ينفع النقد الذاتي اذا لم تشفع له التوبة النصوح وينتج البدائل الفعلية و العملية . و قبل الخروج من ذلك المخاض العسير حري بنا التذكير ببعض الافكار التي تتدرج في خطورتها من الملتبسة الى المضللة الى القاتلة و التي هي بنات شرعيات لهذا الزمن الممتد الذي فعل فينا و بنا ما شاء و لم نفعل به و منه الشئ الكثير. هذا الزمن الرتيب الذي اكتفينا منه بمغنم الانتظار حتى ساعة الاعتذار فتأكد صدق من قال في ايام مثل ايامنا ( بلا نفع تمر وتنقص من العمر ) :
1- انه لم تعد برأسنا حيلة ولا بأيدينا وسيلة لتغيير ما بنا فنحن اصبحنا دمية بيد العاملين الاقليمي والدولي يحضراننا متى شاءا للهو ويغيباننا متى ضجرا التسلية ويوظفاننا فيما قررا وعلينا الحمد لاننا لاجئون محميون بالاحزمة من كل صوب ننتظر " النصيب "
2- ان جيلنا كفاه فخرا انه صنع البداية وليس عليه ان يتأسى على العجز في تتويج النهاية فالحرب حرب اجيال والمهم عدم التصريح بالعجز، هذا الطرح المميت يخفي اننا لم نحضر جيلا يخلف ولا نية لنا لتسليم المشعل الا ونحن على النعش هابطون الى المثوى الاخير تاركون الامانة والمصير للصدف وللمجاهيل.
3- لم تعد القيادة مطالبة بتقاسم المعاناة العامة والعيش وسط الجماهير – الحاضنة الشعبية – ولا التواجد بالقاعدة ولا اعطاء مثال او صنع انتصار، المهم ان لا تولينا الادبار، ان لاتخون بأرجلها اذا انكسرت الخواطر اما كل ما دون ذلك فمغفور لها من غالبية معذبي هذا اللجوء.
4- الصمود واطالته هو ماتطلبه القيادة من القاعدة، لا انتاج ولا ابتكار ولا تحول ولا تضحية المهم الصبر على اللجوء وطول الرضى على النصيب منه وفيه.
5- الاكتفاء الذاتي ليس خططا لزيادة الاعتماد على النفس وتقليص التعويل على العون الخارجي والانتقال من وضع تلقي القوت اليومي الانساني ( الخيري ) الى تطوير برامج انمائية تشكل الاساسات للدولة المستقلة والبنيات التحتية للتدريب والتمرن على تسيير دواليبها.
الاكتفاء الذاتي عندنا هو اقتطاع نصيب لكل مسيير يشغله ويسكته استعاضة عن التجارة الرسمية الفاشلة والاستثمار الذي لم نفتح قاموس مفرداته بعد.
هذه الافكار المدمرة تحشرنا في زاوية الخيار بين تعجيل نهاية مرعبة او تطويل رعب اللانهاية لحالنا، نحن على مابدا فضلنا التطويل والانتظار وليس السير الى ما لا نهاية دون اعلان صريح بذلك.
الاستراتيجية الوطنية المطلوبة لن ينخرط في رسم مرتكزاتها الجديدة ( التعديلات الجوهرية في الاستراتيجية السابقة والتحديث الجذري والمواءمة العميقة والجريئة مع متطلبات الوضع الفعلي العام )، وبالاخص لن يشرع في تطبيقها الا من قطع الشك باليقين في امور حاسمة:
- ان وضعنا في جوانبه الاساسية تدهور الى درجة لا تطاق ومتجه رأسا الى نهاية مخزية ومحزنة ( مرعبة ) ان لم يتدارك الامر ويغير الاتجاه ويعكس التيار.
- تدهور عناصر القوة وتعطل معامل صنعها ومراكز انتاجها
- تضعضع العوامل المعنوية والامزجة العامة
- شبه فراغ يسود وينعش تجمعات شبه سرية ولقاءات منطوية تعمل في انغلاقها على تصور كيف لسد الفراغ بعيدا عن الاستراتيجية.
علينا الا نعض اصابعنا او نرضعها فلكل وضع مستفيدون منه ( اصحابه ) كما له متضررون منه ناقمون عليه.
ولكن المستفيد اشد استماتة في الدفاع عن القائم او في الحقيقة عن مصلحته المحصلة في هذا الوضع وبالتالي فخسارته بتغير الوضع اكثر وضوحا له من الربح بينما المناوئ للوضع القائم ملأت الخسارة جيبه والحسرة روحه وبالتالي فكل جديد بالنسبة له ربح، في حالنا الامور اقل حدة وادعى الى التقارب والتوافق مادمنا لا نشترط على الناس التخلي عن فطنتها وفهمها للامور كشرط للتقارب والتوافق، وسنجد دائما من يلعب الوسط حينما يتصاعد الضغط على الجناحين وتضيق الهوامش فيكرر ان الامور لا هي بالجيدة الى الحد المرضي ولا بالسيئة الى الدرجة المرفوضة وبالتالي يكفي التفعيل والتحسين والتطوير وليس التغيير ولا التبديل وقلب الامور، والماسك بالأعنة والجاثم على المقود ادرى بأسلوب التفعيل وطرق التحسين ، بمعنى اخر اطالة مانحن فيه الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا.
في تسهيل التضحية وتذليل سبلها:
- التضحية بفكرتين قاتلتين:
1- ان عجزنا عن الاستفاقة والاستدارة واخذ الوجهة التي تقتضيها المصلحة الوطنية العليا وبقرار ذاتي، هو قدر مقضي ولا سبيل الى تبديله الا بقرار وتدخل من الحليف.
2- ان العودة الى استراتيجيتنا ماقبل المؤتمر الثامن اضحت مستحيلة.
- التضحية بكل ما يمكن ان نستغني عنه ( نحيا بدونه )
- التضحية بكل ما لا نستحق
- التضحية بكل ما يميزنا عن سائر المناضلين
- التضحية بكل ما يعزلنا عن حاضنتنا الشعبية
- التضحية بكل ما يلهينا عن مقتضيات عهد كان مسؤولا.
ان الانكفاء في الرابوني و الاكتفاء من العمق الاستراتيجي و الملجاء الامن بمجرد اتقاء العموامل الطبيعية و ادارة مخيمات للاجئين هو القبول بان نكون مضرب المثل لتفويت الفرص و اضاعة الحظوظ وهدر الامكانيات في انتظار ندم لات ساعته .
ان القيادات المجاهدة ليست بخالدة ولا هو باق جيل نوفمبر و حتما هي اتية اجيال مارس و ابريل فهل نرحل حتى الندم الى من ياتون بعدنا !؟

بقلم: عضو لجنة التفكير ـ 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *