-->

الأمهات الصحراويات

لطالما أثار إعجابي الأحترام العميق الذي يكنه الصحراويون للأمهات، هؤلاء النساء
المُسنات، وجوههن تتخللها التجاعيد، تروي لنا ماضي حياتهن. حياة كانت هادئة حتى أن، فجأة، قادرتهم اسبانيا و بداء الغزو المغربي.
تركوا كل شيء ورائهم: المنازل والممتلكات وحياة مستقرة مع أزواجهن، بأطفالهن على ظهورهن،بدأوا رحلة، كانت بالنسبة للكثيرين لا رجعة فيها.
أمطرت السماء ناراً عليهن ونجون، فقدن صغارهن و دفنوهن بأياديهن، وتابعن المضي قدماً.
بنين الخيًم بلحفهن لإيواء الضعفاء، ضمضن جراح المقاتلين و إبتلعن دموعهن إثر فقدان أعزائهن، بعيداً، في جبهات القتال. حفرن الخنادق و صممن الياجور من الطين و كانوا هن الركيزة التي تعتمد عليها هيكلة الدولة الفتية.
أنهن جميلات، بالرغم من تجاعيدهن يبدون في غاية الجمال لأنهن، كلهن و كل واحدة من هن، درساً في الكرامة و درساً في القوة أمام الشدائد. حارسات شعلة التقاليد الموروثة، يستقبلنك ب "مرحباً بيك في خيمتي. أدخل و أشترك معنا الشاي".
إنهن قويات و صلبات ك "الكَلابة" و حنونات و خيمهن مأوى لإختباء الأحفاد الفارين من عقوبة الأباء الغاضبين او الأمهات اللواتي يُوبخن. 
احفاد صاروا براعم، يتحملون العاصفة الرملية في العراء تحت بطانية قديمة، لأن الجدة تخاف دخول البيت في الرياح و هم لا يُريدون تركها وحدها تحت شدة الرياح، رجالاً يضعوا اياديهم على جبين هولاي المُسنات و أعينهن لازالت تحتفظ ببريق شباب مُقدام. و عند زوال ذلك البريق و فقدان الذاكرة، يظلوا هناك، يُرافقهن حتى النهاية، رقم أنهن لا يعينَ من يكونوا، هم يدركون جيدأ من هي جدتهم. "أمنا كلنا، والدتنا".
لا احد يتجرأ على التقليل من قيمتهن او نعتهن بالانانية. أعطوا كل شيء دون مُقابل، و لازلن يُقدمونه، وحياتهن لأسرهن و لشعبهن. نساء يبنين، نساء يُكافحن، نساء يصمدن. نساء صحراويات. و حين وفات إحداهن كلنا نصبح يتامى نسبياً.
أنتونيا بونس بالدوسيرا. 
Antònia Pons Valldosera.
ترجمة حدمين مولود سعيد.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *