-->

رسالة من الزنزانة الى القبر

عزيزي حسنة ... إذن لي بعد أن قرأت الفاتحة على روحك الطاهرة أن أنغص عليك
نومك الأبدي و أقطع للحظات سكينتك بمثواك الأخير لأخبرك بحالنا و أحوالنا من بعدك ..
أخبرك بكل ما وقع لنا و فينا مذ غادرتنا ذات اغتيال بحقنة جليكوز لعينة ..
فإسمع مني نشرة الأخبار هاته ..
عم الغضب شوارع الداخلة عروس الصحراء الجميلة تلك و صدحت حناجر فلذاتها محتفية بك عريسا لها .. إجتاح دمك الفوار في عروق رفاقك الميادين و جابهت الصدور العارية جحافل الغطرسة رافضة أن ترحل في صمت كما خطط لذلك قتلتك ..
و حفظ التاريخ و سيظل موقف عائلتك الصامدة الأبية عندما رفضت كل المساومات و الإغراءات و التهديدات و الضغوطات و تمسكت بحقها في الكشف عن ملابسات جريمة إغتيالك و معاقبة القتلة .. لقد إختارت سد الجوع بإبتلاع حفنة تراب ممزوجة بدمك بدل كل الأموال .. فطوبى لك بهذا المعدن النفيس الذي أتيت من رحمه ..
و من ذلك الحين الى اليوم و الداخلة تغلي و تعطي بين الفينة و الأخرى أطفالا و شبابا .. جرحى أو معتقلين .. أما رفاقك في السجن فما خانوا العهد و لا بدلوا تبديلا .. فذاك عتيقو براي لم يطق الحرية من دونك فعاد لزنزانتكما و هو المهاب و إن كان مكبلا فالليث من خلف الشباك يهاب .. و هذا خالد أميمو سار على هديك فطاله القيد مجددا .. و على ذلك لا يعاب الداخلة تغلي يا حسنة .. الداخلة تغلي .. و لإنفجارها نحن منتظرين و في كل تواجدات الصحراويين ردد إسمك و خلدت تخليدا يليق بك و هذه الأيام تقام الجامعة الصيفية للأطر في بومرداس بالجزائر العظيمة .. و تحمل اسمك تكريما و عرفانا ..
عزيزي حسنة
بداية شهر فبراير من السنة الجارية طالت أيادي الغدر الآثمة شابا صحراويا في مقتبل العمر إسمه محمد لمين هيدالة فأردته قتيلا ليصعد الى ربه شهيدا عند الله نحتسبه ..والدة هذا الشهيد الشاب إمرأة صحراوية مجيدة من طينة الريتة منت بوسيف .. إسمها تكبر هدي .. هذه التكبر يا حسنة لوحدها و بجسدها و أمعاءها و كبدها المحروقة ثكلا خاضت معركة الاضراب عن الطعام لأكثر من شهر امام قنصلية المحتل المغربي بكناريا مطالبة بالعدالة لإبنها الشهيد فهزمت كذب المغرب و عنجهية المغرب و دبلوماسية المغرب و أبواق المغرب .. هذه التكبر نالت كل الحظ من إسمها عن جدارة و جوع .. ظلت تكبر و تكبر و تكبر(الرفعة فوق الباء) لتصغر في أعيننا كلنا حياتنا مادامت ذلا و هوانا .. إنها تكبر الكبيرة و الكبير هو الله .. و نحن الصغار أمام صلابتها و استماتتها و الصغير حد القزم هو المحتل امام معادلة الريتة حسنة و تكبر محمد لمين .
عزيزي حسنة
هل أتاك حديث سنة الحسم ؟؟ يوم تمخض الجبل فولد الوهم !!!! يوم نسفت آمال شعب كانت قد علقت على حبل أبريل و أبريل شهر الكذب ..
لأننا شعب بريء حد السذاجة لا نفهم شيء في السياسة و نلتهم كل ما يقال لنا تصديقا .. حبسنا أنفاسنا و أيدينا على قلوبنا ننتظر بلهفة و شوق الاستقلال القادم من نيويورك متم شهر أبريل .. ستقول لي ويحك الشيخ ألا تدرك أن الاستقلال يأتي من مكان واحد فقط هو ساحات الوغى و أفواه البنادق؟؟!!! سأجيبك و ما أدراني أنا .. لقد خلت العالم أصبح ورديا ، بعد أن طالعنا القوم بما مفاده أن 2015 سنة الحسم و الحسم في اللاوعي عندنا يعني الاستقلال .. خلاصة القول أيها النقي الطاهر أن الصدمة كانت قوية بالحجم الذي جعل أكثر المتفائلين سابقا بطاولة المفاوضات يقلبونها ليلتحقوا بركب الميممين وجوههم صوب أربطة الذل و العار لتحطيمها أو على الأقل القطع مع مرحلة و الإنتقال لأخرى أكثر نجاعة و ما أكثر الحشود بهذا الركب .. و لعل البشائر الاولى لهذا الانتقال أتت عبر تشكيل لجنة للتفكير رغم ما واكب ذلك من إنتقادات تصب أغلبها في طريقة تشكيلها .. و كل الطموحات الان معلقة على المؤتمر القادم ليكون إنطلاقة حقيقية في سباق الأميال الأخيرة صوب النصر بتقوية كل الجبهات و تماسكها و مناغمتها و الرفع من منسوب التضحيات و تقويم الاعوجاجات و الإختلالات التي شابت المسار و خط الثورة ..
عزيزي حسنة
أطمئنك أن صحة الأخ الرئيس جيدة و الحمد لله ..
و كذلك صحة الجارة و الحليف الجزائر الشامخة رغم ما يحاك ضدها من مؤامرات و دسائس لإضعافها و كسر ممانعتها الا انها لا زالت و ستبقى واقفة راسخة شامخة مستعصية على الإنحناء بجيشها المجاهد المرابط و قادتها و أبناءها احفاد الامير عبد القادر و أبناء بوخروبة الهواري بومدين ..
عزيزي حسنة
بالأرض المحتلة الوضع أقرب الى الهدوء ليس استكانة من الجماهير أو مهادنة .. لكن لنقل استراحة المحارب .. حتى لا نقول أشياءا أخرى مرتبطة أساسا بالتدبير الذي يوصف احيانا بالأرعن و السييء بل و الهدام .. لا تقلق نم مطمئن يا شهيد ففي الجماهير تكمن المعجزات و الإنتفاضة لا تموت بل تهدأ لتهب بعد ذلك عاصفة قوية ..
عزيزي حسنة
اه .. كدت أنسى أن أخبرك أني لبيت طلبك لي و نلت الإجازة في القانون العام بالميزة .. و قد كان موضوع بحثي لنيلها تحت عنوان المسؤولية الجنائية الدولية للقادة عن الجرائم الجسيمة وفق نظام روما .. و أعدك سأواصل مشوار التحصيل العلمي و المعرفي و هو ماكنت تلح عليه دائما ..
عزيزي و رفيقي الغالي ..
انتهت نشرة اﻷخبار و ما إنتهى البوح أبدا .. سأعود الى استديوهات الحياة البئيسة داخل السجن لتصعد أنت الى الأعلى .. هناك حيث مقامك بين الشهداء البررة .. رجاءا أقرأهم سلامي الحار و قبل جباههم الطاهرة ..
دمنا على عهدكم سائرين ..
سأقرأ الفاتحة على ارواحكم الطاهرة .. رجاءا يا من تقرأ هاته الأحرف الأن .. إقرأها معي ..
الى اللقاء عزيزي الشهيد ..


أخوك و رفيقك الشيخ بنكا
الخميس 30 يوليوز 2015

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *