-->

دموع الشام يا عرب

لن يسامحكم التاريخ
أبداً لن يسامحكم التاريخ و الله يعلم ما تخفون و ما تعلنو
أليمةُ هي جراح الوطن حقاً يا عرب
أليم هو الإحساس بظلم في وطنك نعم لكن أشد ألماً هو أن تطرد من بيتك و من وطنك فتقهر على أرضك و تجبر على الرحيل
لن ينتهي الألم و كأنه قدرنا نحن العرب في هذه الحياة ، تشد الرحال غصباً عنك نحوى المجهول
بين مطرقة أخيك و سندان أخيه تبحث عن الملاذ تعترضك قذائف أحدهم و يمطرك الأخر ببراميل من نوع خاص
تقف بعض لحظات الجحيم تنفض عنك الغبار تضمد جراحك و تجمع أشلاء من قضوا
تحاول أن يطمئن من نجئ من الصغار فتبعدهم عن مسرح الجريمة وسط بكاء و أعاويل لتحتضنهم إليك بقوة دون أن يحسوا بضعفك و قلة حيلة في تلك الحظة ، وقتها لا مفر من أن تذرف أنتَ الدموع

تجمع قواك بعدها و ماهي إلى حلقة من حلقات الواقع العربي الأليم تتجه نحوى المجهول بوصلتك تقول لك بأنك في بلاد الشام و بتحديد في الجمهورية العربية السورية تحدك من جهة ما حلب و من جهة أخرى تحدك الحدود نحو النجاة ،

تأخذ نفساً عميقاً فتواصل الرحيل
عند الحدود عساكر و قيود أسلاكُ شائكة و جنود و طوابير من الألم تحت شمس تلك الحدود ، بعد ساعات في الإنتظار و بعد إذن الجنود أناس غرباء بمعاطفهم الزرق و قبعاتهم البيض يحدثونك عن الأمل يبتسمون في وجهك التعيس يمدون لك يد العون ماء و خبز أغطية و خيمة متواضعة و أدوية للاطفال

تتسأل حينها و يسئل الأطفال من هم هؤلاء الغرباء لتعلم بعدها أنهم نصارى و يهود يعملون من أجل غوث الاجئين ليس من بينهم عربي فأين العرب إذأً يا بابا يسأل أحد الصغار

العرب يا بُني في بلادهم يتكئون على أرائك الخزِ و العار يفترشون البترول و الغاز يلبسون الذهب و يتلاعبون بأوراق الدولار
العرب يا بُني قعدو يتفرجون على حالنا بل ساعدو على تخريب الوطن لم يقوموا بقصفنا في حلب لكن فعلوا ذالك في عدن و صعدا و شردو أيضاً شعب اليمن
نام الصبي المنهك على صوت أبيه و هو يحكى قصة إخواننا العرب و في يده رغيف خبز يابس و على وجهه ترتسم قصة ألم لم تنتهي بعد
إستيقظ الجميع باكراً و توجه الأب نحوى تجمع إداري وسط المخيم ليجد ما تبقى من خارطة طريق الألم ، سيارات أجرة تنقلك نحوى الغرب توجه مسرعاً بأتجاه الخيمة ليوقظ الصبي و أمه الحزينة و المدمرة معنوياً بسبب فقدانها لأثنين من إخوتها و أبيها الجريح في قصف البراميل أمر الجميع بتحرك نحوى الجهة الغربية للمخيم هناك سيارة أجرة تنتظرنا يقول ، لكن عند الاصول لا أجود لسيارة أجرة بل هي حافلة قديمة مكتظة بركاب صعد الجميع و بدأت رحلة ما بعد جحيم البراميل
نزل البعض في مدن وسط تركيا الهادئ لكن خريطة الطريق ما زالت تشير إلى الغرب ، واصلنا الطريق دون أن ننسئ معانات أهالينا في المدن السورية و مخيمات اللجؤ في جنوب شرق تركيا حملنا جراحنا معنا لعلنا نجد من يداويها غير العرب
وصلت الحافلة تخوم إسطنبول و بداء الجميع بنزول و ركوب سيارات الأجرة لتوجه إلى نقاط الحدود البلغارية توجهنا بدورنا إلى عين المكان حاصرتنا دوريات شرطة الحدود لأكثر من يومين في النهاية عبرنا الحدود و إتخذنا من سكة القطار طريقاً نسلكه في إتجاه المجهول
بعد ثلاثة أيام مشياً على الأقدام ضاعت البوصلة و تمزغت خريطة الطريق ضاع الأمل بين جبال بلغاريا و سهوب صربيا توقفت عقارب الساعة و بدء أنين الصبية و أهات النساء و عزيمة الرجال تنكسر شيئًا فشيئاً فجئتاً تظهر دورية للجيش الصربي على الحدود حملونا في شاحناتهم نحو قاعدة عسكرية فأذا بمجموعة هناك من بلاد الشام هي الأخرى أتت هرباً من جحيم الحرب و ظلم ذو القربة و براميل بشار و قذائف الشبيحة و إرهاب الغرباء على الوطن
بعد أن إسترحنا و نام الصبية في أمان تحدثنا فيما بيننا و تعارفنا و أجمع الجميع على أن لا نسامح العرب أبداً
كانوا الأقرب إلينا فأغلقو حدودهم في وجوهنا و فرضوا علينا الهجرة و الرحيل في إتجاه الغرب تحت نيرانهم و مشاكلهم فرحلنا بجراحنا مجبرين بحثاً عن العدل عندما غاب في بلاد العرب و الإسلام
لن نسامح القادة العرب أبدا
و سنحدث أبنائنا غداً عن العرب و خيانتهم لها عن صمتهم عن تفرجهم على حالنا التعيس سنحدثهم ان عرب هذا الزمان هم ثلة من الجبناء جاثمة على كراسي الحكم و شعوب مغلوب على أمرها تتفرج و جيوش تكدست بمخازنها رجالُ و عتاد تحت مؤخرات القادة العرب

بقلم : أسلوت أمحمد سيد أحمد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *