-->

مجموعة العمل: مخاض الجبل و فاقد الشئ لا يعطيه

بالطبيعة ونتيجة لما آل إليه الوضع أصبح أي تصرف من التنظيم أو بادرة أو خطة تثير
الكثير من الجدل ربما يكثر أحيانا ويُبالغ فيه أخرى إلى أن يحيد عن المقصد، والبادرة الأخيرة أو الفكرة والتي هي موضوعنا والمتمثلة في مجموعة العمل لم تنج من هذه النتيجة فأثارت الجدل الذي وصل أحيانا إلى حد اللغط، واسالت الحبر الذي حاد أحايين كثيرة عن مسار النقد. ولمزيد من الإنصاف وفي حقيقة الأمر فقد كانت الفكرة أيضا مفاجئة في شكلها ومحتواها، خاصة بعد ان وزعت مجموعة العمل وثيقة تحتوي ما أسمته " مواضيع واسئلة" تتمحور حول " جوهر العمل" أو " ارضية للنقاش والبحث" وفقا لنفس الوثيقة.
يبدو من الغريب ومن غير المتوقع، ولنضيف أنه من غير اللائق أن تتساءل أعلى هيئة في أي تنظيم مثل هذا السؤال: " كيف ينبغي التعامل مع المخطط (التسوية) في المراحل القادمة؟/ كيف السبيل إلى تسيير يضمن تحقيق العدالة والمساواة.....؟" بالإضافة إلى العديد من الاسئلة التي تتضمنها الوثيقة والتي لا يمكن باي حال من الأحوال أن تمنع القارئ أو المتلقي أو الإنسان الصحراوي مهما كان موقعه من التساؤل: هل فعلا تجهل الأمانة الوطنية الأجوبة عن هذه الاسئلة؟ وربما هو مادفع الكثيرين إلى القول أن الهيئة بهكذا تساؤلات وبتوجيهها إلى المناضلين في مستويات تحتية وبعد أزيد من أربعة عقود من تولي دفة السفينة، إنما تضحك على الذقون وتستهتر بالعقول.
إن البادرة أو الفكرة المنبثقة عن الأمانة الوطنية سواء كانت مدروسة أو إستجابة لإنشغالات الراي العام الوطني، سواء صدرت عن الهيئة ومن وراءها شخص واحد أو صدرت عن الشخص في ثوب الهيئة، فقد ملأت الأجواء الوطنية المتخمة أصلا بآلاف الاسئلة، واضافت المزيد من بوادر الحيرة على الساحة الوطنية. إنها ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها التنظيم الوطني إلى أسلوب " اللجنة/ المجموعة/ الخلية" للتعاطي مع وضع معين، ولكن الأمر يتعلق بالزمن وبالمعطيات التي تلف أو تحيط بواقعنا العام، وهو ما جعل موضوع (مجموعة العمل الحالية) تنال أكثر من الإهتمام على تنوعه من غيرها من مثيلاتها من مبادرات أو أفكار الهيئة العليا لتنظيمنا الوطني الثوري.
مخاض الجبل: العظيم لا يُنتظرمنه إلا أمر عظيم، والكبير لا يُرجى منه إلا كبر الشأن، وإن جاء الأمر على نحو معاكس ضاعت العظمة وذهب الكبر في مهب الريح.
من البديهي انه لكل منظمة أو حركة راس هرم او هيئة عليا، ولم تنل تلك الهيئة أو ذاك الرأس هذه التسمية ليستلقي على ظهره وينام ملء الجفون، ولم يحظ بتلك المكانة لينعم بالرفاه ويسمح لنفسه بالغوص في "النعيم" على حساب بقاء الجماهير في "الجحيم"، بل وُضع أو وضع نفسه في تلك المرتبة ليقوم بتدوير وتوجيه المركبة والتحكم في مسارها والحضور في الوقت المناسب وخاصة في الاوقات العصيبة أو المراحل الحاسمة، وبهذا ومن الطبيعي جدا ان يكون مثيرا للغرابة ويصل حد الإستهجان ان تتجرأ هيئة من هذا المستوى على أن تسأل قواعدها الشعبية مثل هذه الاسئلة: ماذا نفعل؟ كيف نتدبر؟ ماهي الخطة؟ ما الاستراتيجية الأنسب؟ كيف نقيم؟......إلخ مما يطرح علامة إستفهام عملاقة عما كانت تقوم به هذه الهيئة كل هذه السنوات وفي كل تلك المراحل.
فاقد الشئ لا يعطيه: لايُطلب من العريان الكسوة، ولا يُرجى من العطشان شربة ماء، والصدأ إن صقلته لن يكون ذهبا.
أعتقد في هذا المقام ان تشكيلة مجموعة العمل كان ينبغي أن تكون مقتصرة على مكتب الأمانة (إن توسعت فمن بقية أعضاء الهيئة) وعليه أن يضطلع بمهمته في بلورة الأجوبة للسيل الجارف من الأسئلة الذي يتلاطم في الراي العام الوطني، ويُحدد الخطط والاستراتيجيات والبرامج التي توصل إلى المقصود. ولكن بخلاف ذلك وبغض النظر عن الخلفية ضمت المجموعة الكثير من الأعضاء بمن فيهم العديد من خارج هيئة الأمانة الوطنية ويبرز هنا السؤال لماذا تلجأ الأمانة الوطنية إلى الإستعانة بإطارات أو شخصيات من خارجها للتعاطي مع مسؤولياتها لوحدها، بمعنى أن السبب الذي دعا إلى كل هذه "الجلبة والتخبط" هو في الواقع نتاج لتدبير وسياسات وتصرفات هذه الهيئة سواء مجتمعة أو بفعل أفراد منها، والمنطق هنا يقتضي أن تتحمل المسؤولية وأن تكون على قدرها وقدر الرهان عليها، وعلى قدر المكانة التي يمنحها لها الشعب، وأن تتولى حل الاشكالات التي هي حصاد لعملها أو لإشرافها وتوليها زمام الامور.
إن تشكيلة مجموعة العمل تضم العديد من إطارات حركتنا التحريرية ممن فقدوا بريقهم إن كانوا به أصلا، وفيهم من ليس له مصداقية إن كان قد حظي بشئ منها، وفيهم من هو غير مؤهل للتعاطي مع مرحلة بهذا التعقيد، والأدهى أن فيهم من كان وربما عن قصد وراء الكثير من الأزمات التي يتخبط التنظيم فيها الآن، فكيف بالله يمكن لهذا الخليط أن يعطي الدواء؟ كيف لمن يمارس القبلية بسلبياتها وفي واضحة النهار أن يتجرأ على المشاركة في خطط ترمي إلى محاربتها؟ كيف لمن طرد موظفين بسطاء بدون سبب وجيه أن يقترح حلولا في التسيير الشفاف؟ كيف لمن يسكن في المدينة الجزائرية المجاورة أن يرفع صوته بمطالبة اللاجئين بالصمود؟ ونكتفي بهذه الأمثلة حتى لا نغوص في ماهو أدهى ولا نجني إلا المرارة والتحسر.
إن تركيبة مجموعة العمل لن تُثمر شيئا مختلفا عن تكوينتها، فالطبيعة تقول أن كل إناء ينضح بما فيه، ولن تزرع الشوك وتجني العنب حتى وإن إستعنت بأحدث الأسمدة. وهنا ننبه إلى أن الوضع إذا كان صعبا ومعقدا كما وصفته الأمانة الوطنية، وحاسما ومفصليا كما كان دائما فهو حتما يحتاج ليس فقط إلى التفكير ولجنة عمل بل يحتاج إلى خطوات تعكس الإرادة الفعلية للتنظيم الوطني الثوري للخروج من المنعطفات بسلام، ووضع حد للتردي الموجود سواء في الخدمات أو في الأداء السياسي وايضا في التعاطي مع الأمر الأكثر أهمية وهو إنهاء مسألة التحرير والوفاء بالوعد الذي وُجد التنظيم السياسي من أجله سواء بإنتزاع الحق في تقرير المصير أو تحقيق الحرية والإستقلال باي أسلوب كان. والأمر بلا ريب يحتاج إلى وصفة خاصة تليق بالمقام وتحتوي على التركيبة المناسبة التي ستعطي ثمرة تسهم في إصلاح الوضع وترتيب الأمور بما يضمن تحقيق المقصد. عنوان هذا الإسهام يدفع القارئ الكريم إلى إختيار مسار من الإثنين المُشار إليهما ومعناهما لمن لا يدري نتيجة أو محصلة ضيئلة لا تتناسب مع المصدر، أو بدون تعليق فاقد الشئ يستحيل أن يمنحه. وندعو الله الذي لا يخيب لديه رجاء أن تحدث معجزة وتخيب المجموعة ظننا وتُثمر أعمالها واشغالها عن إسكير يبعث فينا الأمل والحياة.
حمادي البشير

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *