-->

ما الذي تخشاه موريتانيا من المغرب

قد لا يجادل البعض أن موريتانيا أكثر الدول العربية التي عرفت انقلابات عسكرية منذ
استقلالها والسبب في ذالك هو المغرب ،لكن ما أكثر المحتجين ولهم حججهم القاطعة عندما يدعي المغرب أن موريتانيا امتداد له ، على لسان حزب الاستقلال المغربي ، وعندما يقول المقبور الحسن الثاني أن بلاد شنقيط ارض مغربية لا جدال فيها ، وان القبائل الموريتانية سلالة من قبائل مغربية تربطها بيعة بملوك المغرب ، وان وزير الخارجية الموريتاني الأسبق حمدي ولد مكناس طلب منه ضم موريتانيا إلى الوطن الأم"المغرب" ، إذن إذا كان هذا هو لسان حال المغرب فما تخشاه موريتانيا من هذا الأخير وما تخاف عليه بعد هذا؟، كما لا يستبعد ولا يستغرب مطالبة المغرب بموريتانيا في المستقبل، فيجب الحيطة والحذر، فهو بلد توسعي مازال لا يعرف حدود بلاده الجغرافية. 
من الطبيعي أن اكتب مرة أخرى عن هذا البلد الذي تربطنا به أكثر من صفة، تشابه مطلقا في كل شيء ، حتى يكاد المرء لا يفرق بين الشعبين الشقيقين ،لكن للأسف الشديد مازال معظم الأخوة الشناقيطة لم يستوعبوا ذالك ولم يفهموا للعبة التي يريد المغرب استدراجهم لها ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل شعب موريتانيا الشقيق يستحق ما هو فيه من هذيان وفقدان للذاكرة؟ جعلته يتناسى أن المملكة المغربية ظلت حتى نهاية ستينيات القرن الماضي ترفض الاعتراف بموريتانيا وتنظر إليها كجزء لا يتجزأ من الإمبراطورية المغربية التي مازالت لا تعرف حدود بلادها ، وحتى بالرغم من أن المغرب اعترف رسميا باستقلال موريتانيا،إلا انه مازال يمارس بعض الاستعلاء غير المبرر، تصريحا وتلميحا من بعض المسؤولين السياسيين ورؤساء الأحزاب المغربية التي تطالب بضم موريتانيا لمملكة( أمير المؤمنين)،في تحد للواقع وفي استخدام غير منصف لحجج تاريخية واهية تقول أن بعض القبائل الموريتانية بايعت سلاطين المغرب في مرحلة ما قبل تشكيل الدولة، اعتقادا منهم أن هذا دليل على مغربية موريتانيا.
أطماع المغرب التوسعية لم تكن مقتصرة على الصحراء الغربية فقط بل تجاوزتها إلى موريتانيا والسنغال وحتى الصحراء الشرقية الجزائرية ، الشيء الذي قد لا يفهم من طرف المؤرخين والمتتبعين، كيف للمغرب أن يطالب بأراضي لمجرد عبور قافلة أو سلطان أو شيطان ،أو لروابط بيعة وهمية من قبيلة أو شيخ أو عراف دون استشارة أهل الأرض وبرضاهم ودون أي مواثيق دولية وتاريخية تأكد ذالك ، فعندما عملت فرنسا أثناء انسحابها من مناطق نفوذها الاستعماري في إفريقيا على إجراء استفتاء للشعوب و الأقاليم التابعة للاتحاد الفرنسي للاختيار بين البقاء ضمن النظام الفرنسي الجديد،أو الاستقلال ، حيث فضلت بعض الدول البقاء ضمن المجموعة الفرنسية وطالبت أخرى بالاستقلال عنها ، وعندما قررت موريتانيا الاستقلال عن فرنسا ، سارع المغرب كعادته إلى المطالبة بها مدعيا أنها جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي ، تماما مثل ما فعل مع الصحراء الغربية عندما قررت اسبانيا الانسحاب منها و كذالك عندما انتهت الجزائر من حربها مع فرنسا هاجمها المغرب في ما يعرف بحرب الرمال مدعيا أن الصحراء الشرقية الجزائرية أراضي مغربية ،فهو بلد مزعج لكل جيرانه، إلا أن الشناقطة كانوا أكثر حظا من أشقائهم الصحراويين ، لان فرنسا قررت احترام رأي الشعب الموريتاني ، أما اسبانيا فتآمرت على مستعمرتها وسلمتها على طبق من ذهب لمستعمر أخر اشد فتكا وهمجية دون اعتبار رأي سكان الصحراء الغربية، 
عندما حصلت موريتانيا على استقلالها من فرنسا في 28 نوفمبر 1960، حاول المغرب مباغتتها لاحتلالها بالقوة ،في سنة 1963 عن طريق الحدود الجزائرية ، مقابل محاولة دنيئة لاستدراج الجزائر و مساومتها بتسوية المسائل الحدودية معها إذ هي سمحت للجيش المغربي بعبور حدودها ، إلا أن بلد المليون ونصف المليون شهيد رفضت أن تسمح باستخدام تندوف كمعبر للجيش المغربي لاحتلال موريتانيا ، ولم يعترف المغرب بموريتانيا كدولة مستقلة إلا بعد نجاح الوساطة التي قام بها بومدين في 1966، حيث اعترف المقبور الحسن الثاني بموريتانيا بعد استقبال الرئيس ولد داده أثناء استضافة المغرب لأعمال أول مؤتمر إسلامي انعقد بالدار البيضاء تلاه مباشرة توقيع اتفاقية الصداقة بين البلدين في يونيو 1970.
لم تستمر العلاقة المغربية الموريتانية كثيرا لان ما بني على باطل فهو باطل، حيث عرفت عدة محطات في تطورها اثر تدخل المغرب المستمر في شؤون موريتانيا الداخلية، مما جعل الشناقطة في تخوف دائم ، لان المخزن المغربي مازال يعتبر نفسه الوصي الفعلي على قبائل موريتانيا التي يدعي أنها كانت تعترف لسلاطين المغرب إما بسلطتهم الدينية أو الدنيوية، كما سبق ذالك عدة محاولات أراد من خلالها المغرب أن يكون وصيا على موريتانيا من خلال اعتبار قادة جيش "التحرير المغربي" أن المقاومة الموريتانية امتداد لهم وصولا إلى محاولة المخزن استدراج الموريتانيين من خلال محاولة إقناعهم باستحالة قيام دولة موريتانية مستقلة عن المغرب ، بالضبط كما يفعل الآن مع بعض المتساقطين الصحراويين ، وان مسالة تبعية موريتانيا للمغرب أمر ثابت تاريخيا و لا يحتاج للكثير من المراجع أو العديد من الشرح و التفسير حسب وجهة النظر المغربية، 
بعد محاولة المغرب الفاشلة قتل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز : وتدهور العلاقات بين البلدين ،وسحب موريتانيا لسفيرها من المغرب وتشبث المغرب بسفيره في نواكشوط ، عبد الرحمان بن عمر،الشيء الذي أثار الكثير من الجد حول إسرار المغرب على إبقاء سفيره في نواكشوط ، رغم أن موريتانيا رفضت تعين سفيرا لها في الرباط في ضوء الأزمة بين البلدين منذ أزيد من ثلاثة سنوات، كما يجهل حتى الآن سبب تغاضي السلطات الموريتانية عما يقوم به هذا السفير الذي يشترك مع الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز ذات الأصول القبلية ، من تجمعات مع أعضاء من المعارضة الموريتانية من ذوي القربى أمثال اعلي ولد محمد فال ومحمد ولد بوعماتو اشد خصوم الرئيس الحالي ، لكن المستغرب أيضا و باستهجان هو غض النظر عن للوبي الإعلامي التابع للمملكة المغربية في نواكشوط وعملائها الذين يتحينون الفرصة للانقضاض على السلطة في بلد المليون شاعر. 
لهذه الأسباب وغيرها لم يعد احد من المسؤولين المغاربة يهاب موريتانيا أو يحسب حسابها أو يحترمها أو يخشى رد فعلها ، لأنها لا تشكل حاجزا أمام ما يريد المغرب فعله ،فهي ليست رقما صعبا في المعادلة المغاربية ولا تميل ولا تعدل حسب رأي المسؤولين المغاربة ، ولا تهدد امن المغرب القومي ، وهذا ليس كلامنا بل كلام ضابط المخابرات المغربي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني الدكتور عبد الرحمان مكاوي ،الذي أكد أيضا ما قاله سيده بأن شنقيط امتداد تاريخيا و بشريا ودينيا للمغرب وان هناك قبائل موريتانية حسب قوله مازالت تؤمن بالوحدة الاندماجية مع المغرب في المستقبل وبصفة إرادية وحرة ، قبائل لها علاقة بيعة مع سلاطين المغرب في زمن بعيد قبل الاستعمار الفرنسي .
تخبط موريتانيا في اختيار الحليف ، وتغريدها خارج السرب واستخفاف المغرب بها جعلها لا تعرف الصديق من العدو ،ولا الشقيق من التوأم ،ولا تميز بين الخطأ والصواب، للأسف استطاع المغرب لجمها عن قول الحقيقة ،وإنصاف أبناء جلدتها .
على الشعب الموريتاني الطيب الشقيق تحمل مسؤولياته التاريخية وإجبار حكام نواكشوط على مراجعة علاقة بلدهم مع الدولة الصحراوية، نحن لا نطالبهم بأكثر من الحياد الحقيقي وليس الشعار الذي حمله ولد الطايع" الحياد الايجابي" رغم أننا كنا ننتظر من أشقائنا الكثير ، وعلى حكام موريتانيا أن يعرفوا أن الخطر الحقيقي على امن موريتانيا قادم من المغرب لا محال ، فلقد أعطى المغرب للجوء السياسي للمعارض الموريتاني المتورط في الإرهاب والوساطة في الكثير من عمليات الخطف في الصحراء والساحل التي قامت بها جماعة الدعوة والجهاد صنيعة المخابرات المغربية ، مصطفى ولد الشافعي وكذا لمعارض محمد ولد بوعماتو، وأطلق لهما العنان ليهددا استقرار موريتانيا النسبي ، فالمغرب يخفي ما لا يعلن ويعلن ما لا يخفي .
وإنه لعذر أقبح من الذنب أن يستقبل وزير الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك من طرف رئيس الدولة الموريتانية محمد ولد عبد العزيز في بلد يعترف بالدولة الصحراوية ولا يقيم معها علاقات دبلوماسية، في تناقض تام مع مفهوم م الأعراف الدبلوماسية، يرفضه المنطق ويرفضه الشعب الصحراوي مادامت موريتانيا لم تسمح بفتح سفارة صحراوية في نواكشوط أو إغلاق السفارة المغربية هناك ، لذا على الأشقاء أن يتحملوا مسؤولياتهم- التاريخية تجاه بني جلدتهم في الصحراء الغربية فالتاريخ لا ينسى ولا يرحم ،و يوم لك ويوم عليك 
بقلم الغيث امبيريك

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *