-->

خواطر

لا شئ في دولتنا في مكانه ... لا يوجد ايا كان ، ذكرا أو أنثى في الموقع الذي يجب ان يتبوؤه أو يحتله...
فوضى عارمة ...خلبطة لا تتصور ...نتاج واضح لصراع أناني مقيت بين إرادات لا يحكمها العقل ولا المنطق ...دافعها وسر استعارها ووقودها المتواصل حربا مفتوحة ، لا تعرف أخلاقيات ولا قيم ولا وازع من اجل السلطة والثروة ، بأي ثمن كان..
في وقت معين اعتقد احد قادتنا "اللامعين " الذي كان يتحكم في صيرورة الثورة والمؤتمن علي مستقبلها ، إن ممارسة السياسة يقتضي العمل بتعاليم " ماكيافيل "... والمؤسف في الأمر انه اختزل هذه الأخيرة في مقولة " الغاية تبرر الوسيلة " وان سلطان الأمر يتوقف على القضاء على كل الأمراء في أسوء الأحوال وفي أحسنها ترويضهم وإخضاعهم الجبري والقسري لسلطانه ونسي صاحبنا .
إن الهدف الحقيقي "لماكيافيل" ليس تقوية حكم أمير أوإغداق النصائح له من اجل ذلك ولكن "ماكيافيل" الغيور على وطنه كان كل همه هو أن يجد حاكما يستطيع ان يوحد ايطاليا وبذلك يحصنها ضد أطماع فرنسا والنمسا الدولتان اللتان جعلتا منها حقل تجارب لاختبار قواها وتوسيع نفوذها في المنطقة .
ترتب عن سياسة قائدنا العمياء أن اتحد الأمراء ضده كي ينجون بأنفسهم من مقصلة تنتظرهم ويصونون ما اكتسبوه من امتيازات وسلطان ، فكانت الكارثة والتشرذم والفرقة والنزيف الذي طال المنظمة ودفع بالعشرات من أطرها وكوادرها إلى الارتماء في أحضان العدو المغربي الغاشم ....
لا أريد وأنا أتعرض بعجالة لهذه الأحداث أن اكتب تاريخ الحركة أو ان اترك القارئ يتصور ذلك او يخطر بباله ، كل مبتغاي أن أقول بصريح العبارة انه اذا كان السيل قد وصل اليوم الزبى وتأكدت أغلبية الصحراويين من ذلك ان مرد هذه الأزمة المتفاقمة وسببها الحقيقي هو تخلي الحركة عن مبادئها وقيمها ورفض قيادتها التأسيس للجنة رقابة محايدة ومستقلة تقف عند الهفوات والأخطاء الجسيمة وتردع كل مقصر أو سفيه يخل بسمعتها أو ينال من مصداقيتها ، الشيء الذي له أسوء العواقب كما يلاحظ اليوم ، إذ ساهم في تقويض بنيان الدولة وزرع الشك والريبة حول طبيعة مستقبل الصحراويين ، ودفع بعضهم إلى الاعتقاد ان دولة العدل التي يحلمون بها والتي من شأنها أن توفر الكرامة التي يتعطشون لها أصبح هدفا بعيد المنال .
لقد كان الصحراويون يعتقدون جازمين أن الدولة التي هم بصدد تأسيسها ستفتح الأبواب أمام القدرات والكفاءات الصحراوية التي تسعى لترسيخ دعائمها على أساس الحق والنزاهة والشفافية وان هذه القدرات والكفاءات هي التي ستكون وسيلتهم لتأسيس وبناء مؤسسات تجسد الصالح العام وتعمل على حفظه وتمكنهم بالتالي من التخلص من الإطارات القبلية والعشائرية التي ظلت تحول أمام وحدتهم الوطنية الفعلية .
ولأن دولتنا في حلتها الحالية تجاهلت ومنذ زمن كل هذه المقاييس وأخرى غيرها لا تقل أهمية عنها واستبدلتها باعتبارات قبلية ، عشائرية صرفة ، خربت المؤسسات وغذت الشك والريبة في العقول حول الأهداف المتوخاة ، واختلط فيها الحابل بالنابل وفقدنا بذلك بوصلة الرشاد والحكمة ، وأصبحت المحاصصة القبلية وتقسيم " لكرع" هي الشغل الشاغل للنظام للحفاظ على ديمومته وبقائه ، وأصبحت حسابات السياسة الداخلية هي التي تحدد وتنظم طبيعة فعلنا الخارجي، ولو أن الخطاب الرسمي في ظاهره خطابا نضاليا ، ووطنيا فنسي الذين يصوغونه أن طبيعة كل أزمة سياسية مرجعها إلى الهوة بين الخطاب والواقع وانه كلما اتسعت هذه الهوة كلما استفحلت الأزمة وتعمقت وصار من الصعوبة بمكان علاجها.
إن غياب القيم والمبادئ الواضحة والمقاييس المحددة التي كان يجب ان تحدد السياسات العامة ويحتكم إليها المواطنين للتغلب على الصعاب وإشكاليات التعايش المتناغم والمتعاضد داخل الجسم التنظيمي أفضت الى أن يكون المسئول عن الشأن العام يتصرف فيه وكأنه ملكه أو ارث أجداده ، وأبشع دليل على هذا الواقع المزري هو تصرفات عيشتو رمضان ، عفوا محمد سالم ولد لعبيد ، هذا الفرعون ذو الأوتاد الذي ينفث سمومه من داخل ملحفة ما تدعى عيشتو رمضان والذي جعل من التلفزة الوطنية الصحراوية حقلا عموميا لتجارب غلظته وكبريائه وغباوته ، يقيل من يشاء من الصحفيين ويحيل للبطالة والتقاعد القسري كل من يرى فيه منهم تهديدا لعرشه أو خطرا على ملكه .
من أين أتت عيشتو رمضان ؟ عفوا محمد سالم ولد لعبيد ؟ متى التحق بالحركة وفي اية ظروف وتحت اي غطاء ؟
كيف يعقل أن يكون المؤتمن على التلفزة الوطنية الصحراوية هو الذي يتستر وراء خمار امرأة مجهولة ليبث دعايته السامة ضد صحراويين من بني جلدته ويسوق ضدهم الاتهامات الباطلة التي تصل درجة التخوين والعمالة للعدو ؟
كيف يقبل أن يكون المشرف على تسويق الخطاب الرسمي للدولة الصحراوية (مسئولا ) في واضحة النهار وهو الذي يفترض فيه الصدق والأمانة وأن يتقمص ليلا جلباب امرأة لكيل الاتهامات الباطلة لرفاقه ويجعلهم مرمى لشتائمه الوقحة وأكاذيبه وافتراءاته.؟
صورة عيشتو رمضان ـ محمد سالم لعبيد ـ تكفي لأن تبين لنا حجم وخطورة الدراما اليونانية التي صارت الواقع المفروض علينا من طرف نظام تنكر لأبسط الأخلاقيات والقيم .
لمثل هذا يذوب القلب كمدا إن كان في القلب إيمان وإسلام
بقلم: د. بابا مصطفى السيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *