-->

نجاحات الفشل الكبير .. !!؟؟

أكتب حروفي وكلماتي وانا أعلم بأن آلة التخوين والتخويف ستنطلق في طريقي مسرعة
لتلحق بي الهزيمة النفسية والمعنوية ولما لا التصفية، تصفيتي كمواطن يتمتع بكامل المؤهلات العقلية والنفسية على الاقل ليتكلم حتى وإن كان على خطأ، تلك الآلة التي تشتغل ويا للغرابة والمفارقة بأقصى سرعتها كلما اقترب موعد لممارسة الديمقراطية وكلما حق لنا ان نتحدث ونكتب بكل حرية. ورغم ان المحطات الديمقراطية في الدول والحركات التي تحترم نفسها ومواطنيها هو موعد ليحاسب الشعب قيادته، وليوجههم، وحتى ل "إطَيَرْهُمْ" عن طريق صناديق الاقتراع وربما حتى ليحاكم الذين اقترفوا ذنبا او فسادا في حقه بعد ان ينزع عنهم تلك الحصانة المَقيتة، ورغم ان الموعد فرصة ليتكلم المواطن بكل حرية دون ان يُتَهَم بالخيانة والعمالة، و دون ان يتم التشكيك في مؤهلاته، و دون ان يتم تشويه سمعته وسمعة من خلفوه، رغم كل ذلك ما نراه اليوم هو العكس تماما .. ما يحز في النفس هو أن الذين فشلوا في تحقيق النجاح الكبير، هؤلاء الذين كان بيدهم فعل شيء، هم انفسهم ومن يدور في فلكهم من قبليين ومدافعين عن الاشخاص وعن الامتيازات من الذين خدمهم ويخدمهم الواقع الراهن والمستفدين من بقاء هذا الواقع، هؤلاء وفي غياب المواجهات الكبيرة وحضور المواجهات الصغيرة والجبانة والتافهة، هؤلاء اليوم وبعد أن اقترب موعد المؤتمر وفقط في سبيل المنصب والنفوذ، هؤلاء بإسم الوطن الذي يضيع وباسم الوحدة التي شتتوها وباسم الشهداء، باسم كل الشعارات الحماسية، هؤلاء ومن يدور في فلكهم من متمصلحين ومنافقين وشياتين و"متلونين" يشنون حملة يرجى منها تحقيق نجاحات حتى وإن كانت تبدو وللأسف صغيرة وتافهة على حساب مواطنين يشاركونهم نفس الوطن ونفس الوحدة والقضية غير أنهم يختلفون معهم في وجهات النظر ليس إلا، نجاحات تبدوا كبيرة وإنجازا عظيما بالنسبة للذين فشلوا في صناعة نجاح مشرف، هكذا ببساطة حتى يقزموك ولتصغر يا بلدي في عيون الكثيرين .. يا سادة .. نحن على ابواب موعد تحاسبنا فيه قيادتنا الحكيمة مدججة بجيش من المشوشين المدافعين عن المصالح وعن الاشخاص، أطلق لهم العنان ليتكلموا بإسم الشعب وبإسم الوطنية وليحاسبوا الناس لا لذنب سوى انهم مواطنين في بلد لا يؤمن بالتغيير ويخاف ويهاب اي بديل تماما كالخوف من حرية الرأي والتعبير، نحن على موعد مع الصمت لا مع التعبير، على موعد مع الإختباء لا مع الظهور، على موعد مع نسيان كل المخاوف خاصة تلك المتعلقة بالمصير، علينا نسيان همومنا ومعاناتنا اليومية الى ان ينتهي المؤتمر .. يحدث ذلك في وقت بدأ البعض وفجأة يتذكر ان ثمة قضية ومصير ينتظر التقرير منذ أكثر من اربعين سنة، فمع اقتراب موعد المؤتمر تكثر الاتصالات والنقاشات الهامشية والاحاديث الجانبية، يزدهر سوق الافكار والمشاريع والسيناريوهات، تكثر التجمعات القبلية وغير القبلية، وينشط سوق الكلام "آسواقة" والقيل والقال، تكثر النميمة والكذب والخداع، يكثر التشويه والتحريف، وسيتم توجيه الناس وسيكثر كلام الحق الذي يراد به باطل، وستعلوا لغة الخشب وتطقى وسينصب الصيادين في الماء العكر سناراتهم وستكثر الطعنات من الخلف ومن الامام .. حين يقترب موعد ممارسة الديمقراطية وإن على طريقة المؤتمر كما نعرفها سيكثر الحديث عن المؤامرات وسيغيب الحديث عن الديمقراطية وحرية الاختيار وعن ضرورة التوقف والمراجعة كي نمضي قدما بشكل افضل، سيغيب الحديث عن الاخطاء المرتكبة في ادارة المشروع الوطني، وسيتم إلهاء الناس عن الامور الكبيرة وتحويل انظارهم الى الاشياء السخيفة، وستكثر الشعارات البراقة وسيقتصر الحديث وفقط على من سيكون في المنصب الفلاني بعد المؤتمر وهل سيغادر فلان الوزارة الفلانية والى اي وزارة، حين ذاك سيغزوا الخوف من التغيير عقولنا وسيسيطر القلق من اي بديل محتمل على مشاعرنا، ووسط الخوف او المخاوف من فشل مزعوم لمؤتمر يعقد بين خيامنا وتحت اشعة شمسنا الحارقة ستتراجع حرية التعبير العدوا الاول على ما يبدوا الى الخلف الى ان تنقرض تقريبا .. حين يقترب المؤتمر سيلبس المسؤول جلباب الوطنية وسيظهر نفسه وكأنه الحارس الامين على مصالح الشعب والوطن، هو المخلص والمناضل والمضحي برفاهيته وايام عمره من اجلنا وفي سبيلنا وهو الوفي المجسد لكل طموحاتنا وآمالنا وأحلامنا، وستلصق تهمة التقصير وحتى الخيانة والعمالة بالمواطن العادي إذا هو تكلم او تحدث بعكس ما يقولون او بالأحرى يَتَوَهَمون .. في آونة المؤتمر سيبدأ المسؤول الذي يملك ما يخاف عليه من الضياع، سيبدأ وقبل كل شيء العمل على التجديد لمنصبه بكل الطرق والوسائل، وسيضغط بكل ما يملك من قوة ومال ونفوذ وكلاما معسولا وخبرة سنين سعيا وراء ذلك الهدف الذي لا انجاز فوق تحقيقه ولا تحته .. حين يقترب المؤتمر تظهر الاسماء المستعارة والحسابات المستعارة والوجوه المستعارة، وسيختبيء الكثير خلف الشعارات لحماية مصالحه او خوفا على ضياع المنصب او النفوذ، لا شيء على حقيقته مطلقا، كل شيء مستعار وحتى الشخصية اللطيفة والمتفهمة والحزينة والبرئية التي يبدوا عليها البعض ليست سوى شخصية مستعارة الى حين .. رغم كل ذلك هناك حديث عن ان المؤتمر سيشهد انجازا تارخيا، فبربكم عن اي انجاز يتحدثون؟، اي انجاز؟ والفشل الكبير تتم تغطيته "بنجاحات صغيرة" من خلال تخوين الناس واتهامهم بالعمالة، نجاح يصنع بتتبع هفوات وأخطاء وعيوب وخصوصيات المواطنين العاديين الذين لا يد لهم في ما طُبِخَ ويطبخ حول هذه القضية، عن اي انجاز يتحدثون وما نراه ونسمعه ليس سوى نقاشا عقيما تافها حول من تكون انت او من كان هو او كيف كان فلان وكيف اصبح علان ؟؟ .. كيف سيكون شكل ولون وطعم هذا الانجاز التاريخي واين صنع وفي اي ارض او سماء او بحر يحفظ وأي نوع من الاقفال وضع عليه ومن يحرصه حتى ذلك الحين، اين هو هذا الانجاز ومن صنعه وكيف؟ وما نراه اليوم مجموعة من الاشخاص يجتمعون كل يوم من مطلع الشمس الى مغربها يفكرون نيابة عن الشعب، ونقاشا عقيما يدور خارج اروقة مقر البرلمان في مواقع التواصل الاجتماعي وفي جلسات الشاي، بعد ذلك سيكون هناك من سيقرر السياسات نيابة عن الشعب ايضا، نفس الاشخاص ايضا سينتخبون بالنيابة دائما عن من خلفونا من سيقود وينفذ تلك السياسات، ثم سينتهي كل شيء تماما كنهاية كل المؤتمرات السابقة بدعاء أن يكون المؤتمر القادم في مدينة العيون المحتلة على ترابنا الوطني حرا محررا متبوعا بتصفيقات حارة وزغاريد مدوية. بعد ذاك ستختفي الحسابات المستعارة والوجوه المسعارة والشخصيات المستعارة وسيظهر الجميع من جديد على حقيقته، السارق يسرق، والخائن يخون، والمتكاسل يتكاسل والبائع يبيع، والمتعجرف يتعجرف، وسيعود المسؤول الى الكرسي، الرئيس الى رئاسته وعضو الامانة الى "أمانته" والوزير الى وزارته والسفير الى سفارته والمدير الى مؤسسته، سيعود الشيات الى ممارسة الشيتة والمنافق الى نفاقه والحزار الى "تحزاره" والشكام الى "تشكامه" .. في النهاية ايضا سيعود الشعب الذي لم يبرح مكانه منذ أكثر من اربعين سنة والذي لم يتظاهر ضد اي فساد او فشل او سرقة او تقاعس ولم يلجأ الى اي نوع من انواع العنف او القسوة في التعبير عن الخيبة وفقدان الثقة في كل شيء والذي ظل دائما يكبت ويخبيء و"إفش اطعاينوا في نفسو" طوال كل تلك العقود والذي يؤمن بقضيته وبمبادئه والذي دفع ويدفع الثمن فعلا هنا في مخيمات اللاجئين وفي المناطق المحتلة والشتات والذي لا يشكوا قلة الحيلة إلا الى الله والذي لا يملك سوى كلمة "ومزالوا مستخسرينها فيه" والذي سيفكر الف مرة قبل ان ينطقها او يكتبها، سيعود الى حياته اليومية وهمومه وآلامه بعيدا عن الوطن او قريبا من المحتل، سيعود الى يومياته الروتينية بعيدا عن ضجيج المؤتمر ونقاشات المؤتمر، وسيسترجع المواطن نفسيته وسيستنشق هواءا يملأه الغبار لكنه افضل وانقى وأكثر تاثيرا على يومياته الحزينة من كل ذلك الغبار والدخان المتصاعد الذي أحدثه ويحدثه كل هذا الضجيج الفارغ والحراك العقيم والحديث الممل والمعاد والمكرر .. وفي الاخير وفي غياب صوت الرشاشات والمعارك الكبيرة والمشرفة ترتفع الاصوات الفارغة والتافهة وتكثر بيننا المعارك الصغيرة والجبانة والمصطنعة، ووسط أجواء وظروف تعيسة كهذه يبقى العدو وعلى ارضنا متفرجا يرقص على انغام سخافتنا وضعفنا وسذاجتنا وقلة حيلتنا، يقمع ويقطع الارزاق ويسجن أبنائنا واحدا تلوى الآخر، مقاطعا الوسيط الاممي وضاربا عرض الحائط كل القرارات والمواثيق الدولية، ينهب الثروات ويكرس ويقوي احتلاله للارض والإنسان فيما نصبح نحن مادة للسخرية متوهمين عدوا يسكن بيننا، ولتصبح حكايتنا شيئا فشيئا كحكاية "الدون كيشوط" الذي يصارع الطواحين الهوائية متوهما وجود عدو شرير يجب مقاتلته وليخوض معارك طاحنة دفعا لشر هذا العدو الوهمي ونصرة للحق والعدل الوهميين، نتجادل بشكل مثير للشفقة والاشمئزاز وبكل قوة وحقد وضقينة وقبلية وسخافة حول من هو الخائن ومن المقصر ومن المسؤول عن كل فشل وقع او سيقع، هل ذلك الذي حمله الشعب الامانة والذي يقود وبيده كل شيء ولم يحقق أي شيء اللهم ما شيده من بنيان بعيدا عن خيم الصحراويين القماشية وبيوتهم الطينية اوما زاد على رصيده المالي لا النضالي وما اكتسبه هو ومن خلف من جنسيات ووثائق اقامة وسفر، ام ذلك الذي ما بيده سوى كلمة يقولها حتى و إن كانت مؤلمة، لقد اصبحنا أضحوكة كل واحد منا عدوا للأخر، اذا تحدثت عن الأخطاء فأنت عدو للوطن وللقضية وللوحدة الوطنية واذا اخترت أو أجبرت على الصمت خوفا من ثقل وهول الإتهام الذي ينتظرك فأنت عدو للشعب وللحقيقة وللحاضر والمستقبل ولأجيال بأكملها ستأتي من بعدك بل وأكثر من ذلك لن تكون وأنت الساكت عن الحق إلا كما يقال شيطان أخرص، فبالله عليكم فهمونا من هو العدوا والخائن والمقصر والمسؤول عن ما آل اليه حالنا وما قد يصبح عليه واقعنا .. من هو؟؟؟ يأخذ الزمن من ايامنا ويزيد في ايامهم ومن آمالنا وزيد في طموحاتهم، واخشى ان يسطو هذا الواقع التافه والسخيف والرديء على ما تبقى من أحلامنا المتوارية بعيدا في اذهاننا عن وطن للجميع وقضية مقدسة أسما من الاشخاص وحرية أكبر من كل الحواجز والمخاوف وهدف يعلوا عن اي تقزيم، وتغدوا يا بلدي كابوسا بعد ان كنت أحلا واجمل وانقى الاحلام منذ الصغر .. ولعمري ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن احلام الرجال تضيق .. 
بقلم عبداتي لبات الرشيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *