-->

ملك المغرب لا يحضر ويخشى شئيا ما..

لماذا لا يحضر الملك المغربي دائما إلى الجمعية العامة وإلى المنتديات الدولية الكبيرة
التي يحضرها الرؤساء الذين لديهم قضايا أو تصورات ؟ الكثيرون يعتقدون أن ملك المغرب لا يحضر استخفافا بالمجتمع الدولي، وأحتقارا له، وأنه يتعالى على الأمم المتحدة وينظر إليها من فوق تحت نظاراته.. فالأمم المتحدة يحضر إلى جمعيتها العامة كل الرؤساء المحترمين الذين لديهم قضايا وأنشغالات ويسعون إلى تطوير ميكانيزمات عمل المجموعة الدولية. وبسبب مشكلة الصحراء الغربية التي يعتبر منبر الجمعية العامة مسرحها وميدان معركتها، كان على الملك المغربي أن يحضر هو شخصيا ليقنع المغاربة أن لديه قضية في الأمم المتحدة يجب الدفاع عنها..
للقضية جذور تاريخية وهي أنه منذ أن أصبحت قضية الصحراء الغربية قضية تصفية أستعمار منذ الستينات لم يعد ملك المغرب الحسن الثاني آنذاك يحضر، فحضوره وتجديفه ضد أمواج التاريخ وضد القانون الدولي كان يعرضه للكثير من الأنتقادات، وبالتالي أصبح يستنجد بالغياب وببعث من ينوب عنه ويلقي خطابه.. بعد سنة 1975م، بعد الاحتلال مباشرة، زادت نقمة المجتمع الدولي على المغرب، فأنقطع الحسن الثاني تماما بسبب ذلك الخطأ- الغزو- عن الأمم المتحدة وعن منظمة الوحدة الإفريقية واعتكف في قصره.. إذن، تغيب ملك المغرب عن المنتديات الدولية راجع بالدرجة الأولى إلى خشيته من الانتقادات وتعرضه للانتقاد وحتى التهجم بسبب استعمار بلده للصحراء الغربية. أما الاستخفاف بالمجتمع الدولي فهو ليس مؤهلا له، فالرئيس الذي يستطيع أن يستخف بالمجتمع الدولي هو أوباما أو ميركل أو هولاند وليس ملك المغرب الذي لا يخرج من قصره إلا وهو لابسا درعه.
ففي دورة الجمعية العامة الأخيرة- 2015م- لم يحضر ملك المغرب كعادته، وبقى في قصوره يمارس رذائله وبعث شقيقه إلى نيورك ليقذف بخطاب هو أشبه بفضيحة منه من خطاب.. كان من الأفضل أن لا يتم إلقاء أي خطاب نيابة عن المغرب بدلا من هذه الكلمة التي يبدو أن صاحبها كتبها وهو مخمور وفي حالة سكر متقدمة.
فالذي جعل الملك يكتبها بهذا الشكل الردئ الركيك هو أنه، ربما، يحس بالكثير من النرفزة وعدم التحكم في الأعصاب، وأظن أن لو كان جاء هو وألقى الكلمة كان سقط مغشيا عليه أمام المنبر.. في الحقيقة يوجد في الكواليس ما يجعل ملك المغرب لا يحضر إلى الجمعية العامة. ففي ردهات مبنى الجمعية العامة يحس ملك المغرب أنه محاصر ومنبوذ والكل يكرهه. فهو ملك يعاند القانون الدولي ويخشاه على الصعيد العالمي، وفي الداخل المغربي هو ملك مفترس يستغل بلدا بكامله لخدماته ونزواته، وباتالي فحضوره إلى الأمم المتحدة يشكل له مصدر إحراج كبير.. فبكل تأكيد، لو حضر ملك المغرب وألقى خطابا كان الكثير من الرؤساء الحضور سيضيف فقرة لخطابه يطلب من ملك المغرب مغادرة القاعة لإنه يعاند القانون الدولي ويجب أن يُطرد.
في الخطاب الذي تلاه شقيقه قال محمد السادس ان بلاده "سترفض أي مغامرة غير مسؤولة بخصوص الخلاف الإقليمي حول الصحراء الغربية، موضحا أن العديد من القوى الدولية تدرك تماما، بأن التصورات البعيدة عن الواقع التي تم إعدادها داخل المكاتب، والمقترحات المغلوطة، لا يمكن إلا أن تشكل خطرا على الأوضاع في المنطقة. "
جملة تجعل أجراس الإنذار تُدق في المغرب كله، وهي واضحة بما فيه الكفاية: مغامرة غير مسئولة ستخرج من ردهات الأمم المتحدة. التصورات البعيدة عن الواقع التي تم إعدادها داخل المكاتب والمقترحات المغلوطة؟"
هذه الجملة التي خرجت من فم شقيق الملك جعلته يتلعثم وهي يقرأ الجملة التي تلتها..
لكن، حين نرجع إلى أرضية الميدان السياسي هل فعلا هناك في دهاليز الأمم المتحدة ما يُطبخ في غير صالح المغرب؟
على صعيد الدول الكبيرة لا يوجد أي شيء ظاهر يجعلنا نظن أن بعض المواقف تغيرت. في أمريكا، البلد الوحيد القادر على حل قضية الصحراء، الناس يستعدون للأنتخابات وفي حالة فوز الجمهويين سيستريح المغرب لعدة سنوات مثلما جرب بذلك العادة- الجمهوريون حلفاء تقليديون للمغرب- وفي حالة فوز هيلاري كلينتون، هي أيضا صديقة للمغرب ولن تفعل أكثر مما فعل أوباما.
إذن، الذي يمكن ملاحظته هو أن الأتحاد الإفريقي خاصة الحضور المميز في الواجهة، لكل الرؤساء الكبار من رئيس جنوب إفريقيا إلى رئيس نيجريا إلى بقية الرؤساء الذين كانوا يتصدرون المشهد في دفاعهم عن قضية الصحراء. فالاتحاد الإفريقي يحس بالغبن من أنتزاع المبادرة منه من طرف الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتهميش دوره كفاعل في قضية الصحراء، ويريد الآن استعادة المبادرة وتبني قضية الصحراء كقضية جوهرية فشلت الأمم المتحدة في معالجتها.
هذا من جهة، من جهة أخرى لا يوجد على الطاولة الآن أي مشروع يمكن أن يجعل المغرب يربح مزيدا من الوقت، فالحكم الذاتي فشل وداعمه الأكبر – الولايات المتحدة – تخلت عنه برحيل بوش لإن المغرب لم يستطيع تلبية الطلبات الأمريكية المتمثلة في خروج مشروع حكم ذاتي ترضى عنه البوليساريو وتكون هي اللاعب الرئيس فيه، أو تقبل الجزائر التفاوض بشأنه مع المغرب..
التخوف المغربي الآخر ناتج عن تحرك في الخفاء يريد العودة إلى خطة بيكر- استقلال ذاتي لمدة خمس سنوات- تكون متبوعة باستفتاء. هذه الخطة قبلتها البوليساريو وقبلتها الجزائر وهي خطة أمريكية بالدرجة الأولى لكن رفضها المغرب، والكثيرون يعتبرونها هي الخطة الوحيدة التي لا غالب فيها ولا مغلوب: تضمن للمغرب الحكم الذاتي لمدة خمس سنوات؛ تسمح بمشاركة مستوطنيه فيها، وتعطي للأمم المتحدة فرصة التخلص من قضية الصحراء بعد تنظيم استفتاء مثلما تطالب بذلك الجمعية العامة والبوليسايو..

الآن من حق المغرب أن يدق أجراس الإنذار فهو يعرف أنه ماطل أكثر من اللازم، وناور ولم يربح أي شيء.. 
بقلم: السيد حمدي يحظيه
www.blog-sahara.blogspot.com.es

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *