-->

في موقف الرباط من السويد

قرار الرباط ابراز التوتر في علاقاتها مع السويد ذر للرماد في العيون ، فلم تباشر
الحكومة السويدية تفعيل قرار برلمانها الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الى الان ، لكن القضية تبدو وكانها الشجرة التي تخفي الاقدار السيئة التي تنتظر المغرب ، اقدار نسعى من خلال هذا المقال الى ادراكها وملامستها .
اقليميا
واذا ما بدانا بالسياق الاقليمي فان الرباط قد خسرت وفي صمت معركة ظلت رحاها دائرة منذ الانقلاب على ولد الطايع لفرض استمرار سيطرة مخابراتها على النظام في موريتانيا ، وبعد سنوات من التسيب والفوضى قررت موريتانيا ولد عبد العزيز الحزم وفرض السيادة الفعلية والندية في علاقاتها مع الدول.
قرار لم تستسغه الرباط التي اعتبرت موريتانيا حديقة خلفية ، وممرا استراتيجيا للوصول الى شمال مالي لتسهيل تنفيذ خططها : ( التجسس والتامر على شعبنا في اللجوء، زعزعة استقرار الجزائر ، شحن انتاجها من الحشيش الى افريقيا والشرق الاوسط.....) . وعلى عكس الجهود المغربية لاعادة الامور الى ما كانت عليه فقد اعتبر ولد عبد العزيز اصرار الرباط على بقاء بنعمر على راس السفارة المغربية في نواكشوط محاولة للمس من سيادة بلاده وامنها . وامام استمرار الجمود في العلاقة قررت موريتانيا لعدة اعتبارات تغيير موقفها من النزاع وهو ما يفسر بالزيارة التي قام بها وفد برلماني الى الاراضي المحررة ولقاءه قادة عسكريين وانخراطها الجدي والفعال في الجهود التي يقودها روس لحل النزاع .
وفي الجزائر لم تكن اقالة الفريق محمد مدين "التوفيق" الذي ظل بعبع الرباط لسنوات الا لتفسر ان في الجزائر نظاما يحترم المؤسسات ، وله القدرة على تجديد سياساته وفق بعد استراتيجي براغماتي ورسالة الى من يهمه الامر ان في الجزائر رجلا اعاد لبلده هيبتها ومكانتها بين الامم ، وقبل ان تخلد ذكراه ميتا ، فان النخبة السياسية سعت ولاتزال الى الاستفادة من خبراته حيا . 
في مالي وشمالها فشلت سياسات الرباط ، فتوريط MNLA (الحركة الوطنية لتحرير الازواد) في الانقلاب على سلطة واغادوغو ـ واعادة نظام الدكتاتور كومباوري كان اخر سناريوهاته الفاشلة لاعادة تصدير سمومه ونفخ الروح في شبكاته الارهابية والاجرامية .
قاريا 
ان الجهود السياسية والديبلوماسية التي نهجها الطرف الصحراوي طيلة السنوات الماضية على مستوى العمق الاستراتيجي الافريقي اثمرت تحقيق اجماع بشان قضية شعبنا وبلورة افكار ومقترحات عملية دفعت بالمنظمة القارية الى تعيين ممثل خاص و ارسال وفد للضغط على المنظمة الدولية لتحديد رزنامة زمنية لتنظيم الاستفتاء . موقف جعل جهود المغرب وعلاقاته واستثمارته لدى بعض حلفائه في القارة السمراء دون قيمة .
وباتت مواقف دعم النظام المغربي التي كانت يتيمة في القمم القارية والاممية اليوم شبه منعدمة ، وحوصرت بقرار موحد شكل اجماعا افريقيا.
عربيا
اعتبر المغرب قبل وخلال غزوه واحتلاله للصحراء الغربية العالم العربي عمقا استراتيجيا وطرح قضية الصحراء الغربية من جانب واحد واعتبرها جل الاعراب قضية انفصال دون علم بالتاريخ والجغرافيا والبنية الاجتماعية ولا قرارات الامم ، وظلت تلك الدول داعما للمغرب بالمال والعتاد في حربه ضد شعبنا . وبعد مرور اربع عقود على الغزو والاحتلال تعيش اليوم تلك الدول حروبا باسم الدين والطوائف و باتت دول الخليج بفعل حمق ملوكها مهددة بالتقسيم وذهب الامر بمرشح الرئاسة في اميركا دونالد ترامب بوصف السعودية مثلا ب"البقرة الحلوب متى جف حليبها سنذبحها او نطلب من غيرنا بذبحها او نساعد مجموعة اخرى على فعل ذلك" مطالباً النظام السعودي بدفع ثلاث أرباع ثروته كبدل عن الحماية التي تقدمها القوات الأمريكية لآل سعود داخلياً وخارجياً. ولن ياخذنا الوقت للحديث عن قطر والامارات اللتان وجدتا نفسيهما جنبا الى جنب مع مملكة ال سعود للدفاع عن مصير عروشهم من خطر المد الشيعي الاثني عشري ، الزيدي او العلوي في شبه جزيرة العرب والهلال الخصيب بعد سنوات من تمويلها لحركات التطرف في افغانستان وباكستان والهند والنظام الملكي في المغرب .
دوليا
بعد مواجهة حشد لها النظام العلوي مؤسساته واحزابه واعلامه ضد روس واتهامه بالتحيز للبوليساريو ، ظن ساسة الرباط ان بامكانهم اعادة الجهود الاممية الى نقطة الصفر بما يشكله ذلك من طموح لزرع اليأس في صفوف الجماهير الصحراوية وافقادهم الثقة تجاه طليعة كفاحها ، خيبت القوى الدولية بما فيها فرنسا "مكرهة" تطلعات المغرب وجددت الثقة في الديبلوماسي المحنك وعاد من جديد الى المنطقة في زيارات لاتخلو من طابع التحدي بخاصة لقاءات عقدها مع مناضلي بوليساريو في العاصمة وفي السمارة والداخلة المحتلة .
وفند روس كل الدعايات التي روجها النظام المغربي ومرتزقة هشام العلوي بحلول وسط ، واكد انه لن يحمل مقترحات خارجا عن رغبة الشعب الصحراوي وحقه في تقرير المصير ، هذا الحق الذي شكل القاعدة القانونية لحل النزاع الذي عمر اكثر من اللازم بحسب المبعوث الاممي .
يعتقد روس والجهات التي تقف من وراءه ان فرنسا واسبانيا تقفان عائقا دون حل النزاع لاسباب تاريخية واقتصادية وان الاولى تملك قوة لعرقلة اي جهد يبذله ، ولم يكن يجهل اخطاء سلفه ومواطنه جيمس بيكر ولكن أقر بانه مدرسة سياسية بكل المعان وان خطته التي كانت عصارة سبع سنوات من الجهد يجب ان تكون قاعدة لايجاد الحل الذي اوصى به مجلس الامن لذلك فهو يعتقد انه من الواجب مفاوضة البلدين ايضا.
زار روس المنطقة بطريقة مغايرة شكلا حين وصل المخيمات في اولى المحطات دون المرور على الرباط ، الجزائر او نواكشوط ، وعاد الى اصدقاء الصحراء الاوربيين في جولة مكوكية .
وفي زيارته اليها تركت الرباط ردها على روس بين يدي الموظف الرابع في وزارة الخارجية المغربية . وفي المضمون ترك قنبلة موقوتة عنوانها يقرا في رد المغرب الهستري الذي افقده البوصلة ، فاحيا ازمة مع السويد ، و هاجم بشكل مبطن الامم المتحدة في خطاب امام الجمعية العامة وهددها برفض ما اسماه اي مغامرة غير مسؤولة بخصوص "الملف الاقليمي" واشار الى" المقترحات المغلوطة والتصورات البعيدة عن الواقع التي تم اعدادها داخل المكاتب والتي بزعمه لا يمكن الا ان تشكل خطرا على الاوضاع في المنطقة".
لقد تاكد لنظام الرباط ان اعادة سيناريو المواجهة مع روس والامم المتحدة من باب الابتزاز والضغط قد يكون غير ذي جدوى ، واذا كانت عوامل المواجهة الحاسمة قد تاجلت بغير رغبة الامم المتحدة والقوى الدولية حينما اشتعلت جبهة اليمن ، فانها عادت من جديد لتبرز لاسباب اقتصادية ( اعلان سان ليون عن كميات الغاز الطبيعي الواعدة بعد بئر العيون 4 ) وامنية (تقارير وزارة الخارجية الاميركية )
ان معالجة روس للقضية لم تكن بالبساطة التي يتوقعها -البعض – فلم تكن تجربته وخبرته في المجالات الامنية والديبلوماسية ليخونا حدسه في حل النزاع .
في السويد وايطاليا و الدنمارك والنروج والبرازيل والشيلي مؤسسات تشريعية تدرس مسالة الاعتراف بالدولة الصحراوية التي تتوفر على كل مكوناتها ، وفي بريطانيا لا يشكل الاعتراف بالصحراء فقط هم النظام المغربي بل ما يمكن ان تشكله حكومة الظل في الضغط السياسي قبل انتخابها لرئاسة الحكومة . ولذلك تم الاعلان عن قرار اقالة الشريفة للا جمالة من سفارة المغرب في لندن واستبدالها بالزناكي ياسر .
وقد يكون لانتخابات كاتالونيا والشعبية التي حازها حزبا "بوديموس" و" ثيودادانوس" في اسبانيا ضربة قاضية لطموحات الرباط عند "التوريروس" 
ولن نذكر بعمق الازمة بين الرباط وباريس التي لم توفي بوعد وزير داخليتها توشيح الحموشي ، لتؤكد بان للمصالح افاقا لكنها محدودة ولو بلطف لمنع ساسة مغاربة من زيارة عاصمة الانوار ، فلا مكان فيها للقتلة والجلادين .
لم تقم السويد باقل ما تقوم به الجزائر و جنوب افريقيا و نيجيريا وزيمبابوي و تنزانيا وفنزويلا وكوبا في دعمهم لشعبنا ونضاله ، فهل حشدت الرباط شعبها ضد سفارات تلك البلدان ؟ هل تجرأت على مهاجمة اميركا حين قدمت مشروع قرارها لتوسيع صلاحيات مينورسو ؟ ام انه قرار ياتي من قاعدة المثل :
اياك اعني واسمعي يا امم ؟ مواجهة الامم تبدأ من اكثرها ديمقراطية ؟
بقلم : احمد ابراهيم الطنجي

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *