-->

المـــــــــؤتمر 14 : الأمل في اتخاذ القرارات المناسبة

لقد ظلت مؤتمرات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب محطات للتقييم
واتخاذ القرارات الهامة ووضع الاستراتيجيات في جوانب التحرير والبناء. وباعتبار ان الجبهة الشعبية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي والحاضن لتطلعاته في الحرية والاستقلال، فان الجميع يعلق آمالا كبيرة على النتائج التي سيخرج بها المؤتمر الرابع عشر الذي تفصلنا ايام قليلة عن انعقاده لوضح حد لحالة الجمود التي تعتري الحل السلمي الذي ترعاه الامم المتحدة من جهة ومن جهة اخرى الرحيل عن واقع الفساد واللامبالاة وعدم المسؤولية الذي ينخر جمسنا الوطني.
ان المؤتمر الرابع عشر ينعقد في ظل ظروف جد معقدة:
اولا: عالم تتجاذبه المصالح، الكبار فيه هم الذين يوجهون السياسة الدولية حسب مصالحهم ويتحكمون في الهيئات الدولية لكسب شرعية أفعالهم ويشعلون النار ويخمدونها انطلاقا مما سيجنونه من ارباح، لهذا فان الضعيف لا مكان له في هذا العالم الغريب وسيبقى الحال هكذا ما لم يحدث تغيير في موازين القوى الدولية. ورغم ان القرارات الدولية تقر بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، الا ان غياب ارادة لفرض ذلك تبقى متوقفة على رغبة الكبار الذين لا يعتبرون القضية الصحراوية من اولويات اهتماماتهم الحالية، ولهذا فان التسريع بالحل مرهون بسخونة الوضع في المنطقة واهتمام الكبار بها.
ثانيا: العدو ثبت انه لا يبحث سوى عن تشريع احتلاله للصحراء الغربية واستمرار معاناة شعبها واستغلال مواردها الاقتصادية، في ظل غياب ضغط كافي يفرص عليه القبول بالحل الذي يتماشى مع الشرعية الدولية وهو احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال. لقد وجد المغرب في مسلسل الحل السياسي وضعف الامم المتحدة بابا مفتوحا على مصراعيه للمراهنة على عامل الوقت في اضعاف قوة المقاومة والمس من المكاسب التي حققها الشعب الصحراوي. فالنظام المغربي، نظام متغطرس يرثه الابن عن الاب، همه الوحيد هو استقرار عرشه ولا يبالي بمعاناة شعبه ولا شعوب المنطقة، وحلمه بتوسيع نطاق حكمه جعله دوما وراء كل المصائب التي عانت منها هذه الشعوب.
ثالثا: وطنيا، اخفاق في تقدير مدة استمرار حالة اللاحرب واللاسلم، وليس هذا فحسب، بل اخفاق ايضا في استغلال الوقت الطويل الذي وفرته هذه الوضعية في البحث عن ما من شأنه دعم مقومات الصمود، خاصة انها كانت فرصة لبناء القوة الذاتية وتطوير اساليب القيادة والتسيير وإعمار المناطق المحتلة لتجسيد مظاهر السيادة الوطنية بإقامة مؤسسات الدولة الصحراوية على ارض الوطن. لقد تخلل هذه الفترة ضعف شديد نتج عنه انتشار الفساد وغياب العمل بقيم واخلاق ثورة من اجل تحرير الوطن وبناء الدولة المنشودة، الدولة التي ينعم كل الصحراويين في ظلها بالامن والعدالة والاستقرار. لقد سمحت حالة اللا حرب واللاسلم بالرجوع الى التعاطي مع القبلية وضربت عرض الحائط المبادئ التي اسست لها الثورة الصحراوية عندما تم الاعلان عن الوحدة الوطنية ، وحدة الشعب من اجل االتحرير وبناء مجتمع حضاري في ظل الدولة الصحراوية المستقلة، وهذا ما اثر على آداء مؤسسات كثيرة هامة وأدى الى تدني الخدمات في مخيمات اللاجئين بل والقى بظلاله ايضا على العمل النضالي في المناطق المحتلة، واشاعة سلوكيات الاهمال واللامبالاة وقلة الانضباط، واصبحت بعض المؤسسات ملكا للأشخاص. ان هذا يحدث في ظل غياب تام للرقابة والمحاسبة وعدم احترام انشغالات القاعدة الشعبية وآرائها المعبر عنها، وهو ما خلق هوة بين القيادة والقاعدة من جراء تقلص الثقة بينهما. 
رابعا: اكثر من اربعين سنة من الكفاح ضد المحتل المغربي تمر والصحراويون صامدون ، رغم ضبابية الافق واستيائهم من الواقع المعاش، في مقاومة الاحتلال المغربي وعازمون على استمرار كفاحهم ومستعدون لمزيد من العطاء من اجل فرض خياراتهم في الحرية والاستقلال. إن الانسان الصحراوي، الذي هو زاد هذه الثورة الاول، قد برهن على تحديه لكل الصعاب ولازال يبرهن على ذلك في المواقع القتالية الامامية وفي مخيمات العزة والكرامة وفي المناطق المحتلة وجنوب المغرب من خلال انتفاضة الاستقلال المتصاعدة وداخل سجون العدو وفي المهجر. هذه العزيمة وهذا التحدي يوازيه ايضا ثبات حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير ومساندة دولية واسعة لهذا الحق، والذي يقابله استنكار كبير لسياسات الغازي المغربي الاستعمارية في الصحراء الغربية.
ان هذا الوضع بما يحمله من مرارة، يضع المؤتمر العام الرابع عشر للطليعة الصدامية للشعب الصحراوي، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، امام مسؤوليات تاريخية في اتخاذ القرارات التي ترقي الى تحقيق آمال الصحراويين وتطلعاتهم في الحرية والاستقلال:
اولا: لابد من بحث عميق في اسباب الضعف الذي يعتري قيادة وتسيير الحركة، ومعالجته بإنصاف و شفافية وصدق وبعيدا عن المصلحة الضيقة والقبلية. هذا مصير شعب، ولا احد يمتلك الوصاية عليه غيره، وليس محل إرضاء اشخاص او قبيلة على حساب معاناته؛ فالمطلوب اختيار قيادة مثالية تلتزم بمبادئ الثورة وقيمها، قيادة قادرة على ادارة المعركة مع العدو بكل ذكاء وحزم، قيادة تأخذ على عاتقها بناء مؤسسات الدولة الصحراوية وبناء مجتمع متميز، قيادة قادرة على تحقيق العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، قيادة قادرة على احداث قطيعة نهائية مع القبلية والفساد والانتهازية، مع اللامبالاة وعدم الانضباط، قيادة تحاسَب وتحاسِب ولا احد فوق القانون...
ثانيا: الرقابة والمحاسبة، التي لطالما طالبت بها القاعدة، ظل غيابها يعيق كل خططنا وبرامجنا ووجد في هذا الغياب الانتهازيون والقبليون فرصتهم في افساد المجتمع ومؤسسات الدولة، وخروج المؤتمر بقرارت واضحة في هذا المجال ستكون لها انعكاساتها الايجابية لامحالة. ان بناء دولة المؤسسات والقانون التي يتطلع لها الصحراويون، والقادرة على توفير العدل والاستقرار والطمأنينة للمواطن، مرهونة بنجاح المؤتمر في تفعيل الرقابة والمحاسبة وليس الاجهزة لوحدها بل ووضع الشروط التي تضمن المصداقية للمنتسبين لها. 
ثالثا: المؤتمر مطالب بالخروج برؤية واضحة حول الاستراتيجية التي ستوجه مستقبل القضية، اخذا بعين الاعتبار ان طول الوقت ليس في صالحنا، وهو ما يراهن عليه الاعداء. الكل مجمع على انه لابد من فعل ذاتي يسخن الوضع ويشكل ضغطا وطنيا على العدو وعلى الامم المتحدة للتسريع بالحل؛ ما الذي نفتقده نحن الصحراويين حتى نغير من موازين القوى ونفرض الحل الذي يرضينا وهو الاستقلال التام؟ ذلك ما نتمنى ان يجد المؤتمر الاجابة الشافية عليه.
نتمنى النجاح لهذا الاستحقاق الوطني الهام، وكل عام والشعب الصحراوي بخير، وما ضاع حق وراءه مطالب.
30 نوفمبر 2015
بقلم: الديش محمد الصالح

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *