-->

تغطية إعلامية غير مسبوقة حول الاحتلال المغربي للصحراء الغربية في الدنمارك


كوبنهاغن (الدنمارك)26 ماي 2016. شهدت وسائل الاعلام الدنماركية وخاصة جريدة "انفورماشيون" تغطية إعلامية غير مسبوقة سلطت الضوء على الاحتلال المغربي اللاشرعي للصحراء الغربية أخر مستعمرة في افريقيا. حيث ركزت جريدة "انفورماشيون" من خلال سبعة مقالات تناولت مختلف أوجه الاحتلال المغربي للإقليم أعدها صحافييها الذين زاروا مؤخرا مخيمات اللاجئين الصحراويين وتم قبل ذلك طردهم من قبل المغرب بالقوة من العاصمة العيون.
وشهد الصحفيون الدنماركيين بأنفسهم على الحصار الأمني الذي يفرضه المغرب على الإقليم في وجه المراقبين الدوليين والصحفيين ومنظمات حقوق الانسان والنشطاء الراغبين في التعرف من قرب على الوضع الذي يعانيه الشعب الصحراوي في سجنه الكبير وفي بلده المحتل. فوقف إطلاق النار بين الصحراويين والمغرب الذي وقع سنة 1991 بإشراف من الأمم المتحدة تم من أجل تحقيق وعد الاستفتاء ولكن الاستفتاء لم يتم تنظيمه إلى حد الساعة.
وبالرغم من أن الصحراء الغربية توجد على مسافة بعيدة من الدنمارك إلا أن هناك ما يربطهما، فقد كتبت صحيفة "انفورماشيون" يوم 22 مارس 2015 أن 15 صندوق من صناديق التقاعد وخمسة بنوك دنماركية تستثمر في شركات متورطة في استخراج النفط والغاز أو استيراد الفوسفاط من المنطقة. وهو استغلال يأتي مخالف للقانون الدولي ويطيل حسب مراقبين أمد الاحتلال.
وتعتبر الموارد الطبيعية في الإقليم المحفز والممول للاحتلال المغربي. ومن المؤكد أن الأموال لا تأتي للاحتلال من الدنمارك وحدها فالاتحاد الأوروبي دخل منذ سنوات عدة في اتفاقيات سمحت للمغرب ببيع الموارد الطبيعية للصحراء الغربية، ومكنت الصيادين الأوروبيين من اصطياد السمك على طول السواحل الصحراوية. السمك الذي كان مصدر عيش الصحراويين تقليديا والذي كان من الممكن أن يساهم في محاربة معدلات سوء التغذية المرتفعة بين أطفال الصحراويين في مخيمات اللاجئين.
التصعيد المغربي الأخير
على إثر وصف الأمين العام للأمم المتحدة لضم المغرب للصحراء الغربية بالاحتلال أقدم المغرب على طرد قرابة 80 عضو من المكون السياسي لبعة المينورسو وأغلق مكتب التنسيق التابعة لها بمدينة الداخلة المحتلة. وحذر المتحدث باسم الأمين العام الأممي من خطر عودة الصراع، كما حذرت جبهة البوليساريو من هشاشة اتفاقية وقف إطلاق النار. وعلاقة بذلك قال وزير الخارجية الصحراوي في تصريح لوكالة رويترز "إن المغرب بطرده لموظفي الأمم المتحدة فهو يضع بذلك وقف إطلاق النار في خطر. ووقف إطلاق النار والاستفتاء لا يمكن الفصل بينهما".
خطر حرب إقليمية
أثارت التطورات الأخيرة انتباه مراقبين من الدنمارك حيث يعتقد الرئيس السابق لبعثة الامم المتحدة في الصحراء الغربية (مينورسو) الميجر جنرال كورت موسجارد أن الأمم المتحدة يجب أن تعمل وبوجه السرعة باتجاه حل للنزاع، وذلك لتجنب الحرب. وقال كورت موسجارد "أنا لست مرتاح لهذا الوضع. إذا كانت مفاوضات تكليف المينورسو في أبريل لا تتحرك نحو الحل، بل على العكس، فإن خطر نشوب حرب جديدة يبقى مرتفع جدا، على الرغم من البوليساريو والمغرب لا يريدون ذلك".
وأضاف "الحرب لن تكون بالضرورة مقتصرة على منطقة الصحراء الغربية فالخطر ماثل في وصول هذه الحرب إلى المنطقة مع سقوط المزيد من الضحايا وصعوبات مالية أكثر وتدفق للاجئين. من الصعوبة بما كان القول بان المجتمع الدولي قد مارس "بالاجتهاد الكافي" فقد شهد رغبة في غير محلها لاسترضاء الأنظمة من بين أمور أخرى في محاولة لضمان الاستقرار والتجارة في المنطقة".
وصرح الرئيس السابق لبعثة المينورسو قائلا "يرى مراقبون أن مجلس الأمن قد قلل من خطر انهيار وقف إطلاق النار بين حركة استقلال الصحراء الغربية جبهة البوليساريو والمغرب وهو ما حذرت الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي وجبهة البوليساريو من حدوثه".
حقوق الانسان
وخففت فرنسا هذه المرة من وطأة انتقادات مجلس الأمن وعرف هذا البلد تقليديا بإجهاضه لمحاولات أكثر صرامة في انتقاد المغرب على مستوى الأمم المتحدة.
ومن بين الانتقادات الموجهة لفرنسا تهديها باستخدام الفيتو ضد أي محاولة لتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة انتهاكات حقوق الانسان في الصحراء الغربية المرتكبة من قبل السلطات المغربية بما في ذلك وحشية الشرطة والاحتجاز التعسفي والتعذيب، وجميع الأمور التي تم توثيقها جيدا. وقد أوصت الأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة بإضافة إمكانية مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان ضمن صلاحيات بعثة الأمم المتحدة. ولاتزال بعثة المينورسو، حتى بعد تصويت مجلس الأمن هذه السنة، البعثة الأممية الوحيدة في العالم التي لا تتمتع بصلاحية مراقبة حقوق الانسان.
محاولة المغرب للتأثير على الأمم المتحدة بخصوص صلاحية حقوق الانسان
تم سنة 2015 تسريب تقرير للأمم المتحدة لفائدة جريدة الغارديان يكشف كيف حاول المغرب التأثير على الأمم المتحدة للامتناع عن تمكين بعثتها في الصحراء الغربية من صلاحية مراقبة حقوق الانسان.
وحدد التقرير من خلال المراسلات المغربية الداخلية أن المغرب تمكن من الولوج إلى الاتصالات الداخلية للأمم المتحدة من بين أمور أخرى وأنهم حاولوا التأثير على وجهة نظر الأمم المتحدة فيما يتعلق بصلاحية حقوق الانسان مع وعود بتقديم تبرعات مالية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان.
وأخبرت منظمة العفو الدولية صحيفة الغارديان أن الأمم المتحدة بحاجة لمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. وقالت الباحثة في شمال افريقيا بالمنظمة نيسرين راشد "من الصعب أن نفهم الفائدة من تواجد قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة في حين تفشل في رصد انتهاكات حقوق الانسان. من الممكن أن أولئك الذين يواجهون التعذيب والاعتقال بسبب مطالبتهم باستقلال الصحراء الغربية يشعرون كما لو أن الأمم المتحدة تقف مكتوفة الأيدي في وجه انتهاكات تشهد عليها".
ويتفق كورت موسجارد مع أن بعثة الأمم المتحدة ينبغي أن تتمتع بصلاحية حقوق الإنسان، وأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى الضغط لإيجاد حل للنزاع، ولكن التحدي الأول هو إعادة هذه البعثة إلى القيام بمهامها كاملة حسب قوله.
وفي السنوات الأخيرة ضيق المغرب المجال أمام الصحفيين والانتقادات وقد اختبر صحفيو جريدة "انفورماشيون" ذلك بأنفسهم عندما تم ترحيلهم من قبل السلطات المغربية قبل أن يمضي عليهم نصف يوم في المناطق المحتلة.
الاستغلال اللاشرعي للثروات الطبيعية
تم انتقاد بلدية كوبنهاغن بسبب استثمارات غير أخلاقية. على الرغم من أن بلدية كوبنهاغن لا تقوم باستثماراتها إلا على ضوء اتفاقيات الأمم المتحدة وحقوق الانسان، إلا إنها استثمرت في شركات تنتهك القانون الدولي في الضفة الغربية والصحراء الغربية وفقا لبعض المنظمات
يقول الرئيس السابق لبعثة الامم المتحدة في الصحراء الغربية، كورت موسجارد "يمكن للاستثمارات أن تضفي الشرعية على الاحتلال المغربي وتجعل من الصعب إيجاد حل للصراع". ويضيف "يمكن إطالة الصراع، عندما يختلط بهذه المصالح الاقتصادية الكبيرة، وبهذه الطريقة يتم الاعتراف بقوة الاحتلال، وبالنسبة للعالم الخارجي الميثاق الدولى يبدو على ما يرام، لذلك يمكنك التسوق على أي حال".
والصحراء الغربية تقبع تحت الاحتلال المغربي لأكثر من 40 عاما، واستغلال الموارد الطبيعية يتعارض مع رغبات الشعب الأصلي. يقول المستشار القانوني السابق للأمم المتحدة هانز كوريل أن الشركات العالمية والمستثمرين واجب عليهم الالتزام باحترام حقوق الإنسان.
ويوضح هانس كوريل "إن عقود استغلال الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية من قبل الحكومة المغربية يجب أن يكون بإذن من الشعب الصحراوي، الذي يجب أن يستفيد أيضا من هذه الصفقات. إذا لم يتم استيفاء ذلك، فإن هذه العقود تشكل بوضوح انتهاكا للقانون الدولي".
وقال وزير الشؤون الخارجية الدنماركي في رسالة الكترونية إلى صحيفة "انفورماشيون": "يجب على الشركات والمؤسسات العامة توخي الحذر بشأن أنشطتهم في هذا النوع من الأراضي غير المتمتعة بالحكم الذاتي. فوفقا للقانون الدولي، ينبغي أن يكون استغلال الموارد الطبيعية في تلك المناطق في مصلحة الشعب".

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *