-->

النص الكامل لكلمة مندوب فنزويلا بالأمم المتحدة السيد “رافاييل راميريث ” امام جلسة مجلس الامن حول الصحراء الغربية


فيما يلي النص الكامل لكلمة مندوب فنزويلا بالأمم المتحدة السيد “رافاييل راميريث ” امام جلسة مجلس الامن حول الصحراء الغربية 
لقد صوتت جمهورية فنزويلا البوليفارية معارضة لاعتماد القرار 2285 ) 2016 ( بشأن تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، لأسباب موضوعية وإجرائية تبعث على قلقنا البالغ. فقد اتسمت هذه العملية برمتها بانعدام شديد للشفافية، مما جعل من الصعب علينا التوصل إلى تحقيق الهدف المشترك المتمثل في توافق الآراء. وتشكل نتائج التصويت صباح هذا اليوم رسالة واضحة مفادها أن عددا كبيرا من أعضاء مجلس الأمن يرى أن هناك شرخا واضحا في المواقف المختلفة لأعضاء المجلس بشأن كيفية حل هذه المسألة. أولاً، أود الإشارة إلى أن مناقشة هذه المسألة سبقتها سلسلة من الأحداث التي حددت أسلوب التعامل مع المسألة في مجلس الأمن. وأعود بذاكرتي إلى 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2015،
ففي إطار بند “ما يستجد من أعمال” دعونا إلى مناقشة في مجلس الأمن بشأن الصعوبات الجمة التي كان يواجهها السفير كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام، في تنفيذ مهمته الدبلوماسية على أرض الواقع. وفي ذلك الوقت، حذرت
فنزويلا من مغبة محاولة أحد الطرفين – الجانب المغربي – عرقلة عمل المبعوث الخاص. ولكن لم نحظ بدعم من مجلس الأمن بالنظر إلى هواجسنا تلك، إذ توقعنا تضارباً في الموقف فيما يتعلق بولاية المجلس. وبالمثل، عندما حاول الأمين العام في
مناسبات مختلفة زيارة الصحراء الغربية، فقد واجه العديد من العراقيل التي أثارتها الحكومة المغربية، حيث وضعت شروطاً مسبقة وتحفظات. وطالبت بلادي في المجلس بأن نعبر عن دعمنا للأمين العام في القيام بواجباته. مع ذلك، لم نتوصل إلى
أية عناصر، أو حتى بيان للصحافة، بشأن دعم المجلس للأمين العام. وأخيراً، وبعد زيارة الأمين العام إلى أراضي الصحراء الغربية، ونتيجة للعدد الهائل وغير المسبوق من العوائق التي واجهها في أداء واجباته، طالبت فنزويلا مرة أخرى مجلس الأمن
بتحليل الموقف وإصدار بيان بهذا الشأن، ولم يكن ذلك ممكناً أيضاً. وبعبارة أخرى، فإن المجلس لم يتوقع موقفاً من قبيل ما اتخذ في وقت لاحق من إقدام المغرب على طرد العناصر المدنية في بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية.
وفي هذا الصدد، فإن مجلس الأمن قد خضع لضغط كبير من جانب بعض أعضائه، فضلاً عن قدر لا يصدق من الضغط من قبل المغرب، حتى لم نعد قادرين على النهوض بالمسؤوليات الملقاة على عاتقنا لمنع نزاعات مثل ذلك النزاع الكامن في منطقة الصحراء الغربية. وبعد طرد أفراد العنصر المدني في البعثة، وهو ما حدث منذ شهر بالفعل، لا يزال المجلس عاجزاً عن الإعراب عن موقفه من رفض ذلك الموقف غير المسبوق الذي سارع باتخاذه بلد كان ينبغي له إيلاء الاهتمام بتنفيذ ولاية بعثة حفظ السلام وحمايتها وتسهيل عملها.
وفي السابق، أعربنا أيضاً عن انزعاجنا الشديد وخيبة أملنا لأنه، خلافاً للمتبع في حالات أخرى، لم يكن من الممكن أن يسبق المشاورات المغلقة بشأن تلك المسألة تقديم إحاطة
إعلامية لمجلس الأمن، كان يمكن من خلالها أن نستمع، هنا في القاعة هذه وعلى مرأى من المجتمع الدولي بأسره، إلى آراء رئيس البعثة، السيدة كيم بولدوك، والمبعوث الخاص كريستوفر روس، وكذلك الرئيس السابق يواكيم شيسانو، مبعوث الاتحاد
الأفريقي الخاص للصحراء الغربية. ونذكر أنه في العام الماضي، عندما صوتنا واتخذنا القرار بشأن البعثة طلبنا أن يأخذ الكلمة الرئيس السابق شيسانو، وهو بطل أفريقيا
وعمليات إنهاء الاستعمار. ولكن ذلك لم يكن ممكناً، لأن أعضاء في مجلس الأمن حالوا دون ذلك، مرة أخرى.
قصدت بكل ذلك أن أقول إن تلك العملية سبقتها مجموعة من العراقيل والمخالفات والمواقف التي أوجدت حالة من الغياب التام للشفافية. والأخطر من كل ذلك، في اعتقادنا، أن ثمة إجراءات كثيرة الغرض منها محاولة تغيير ولاية البعثة بحكم
الأمر الواقع – كما حدث على أرض الواقع. فالبعثة، بدون العنصر المدني، لا يمكنها ببساطة أن تتخذ الخطوات اللازمة لتنفيذ الاستفتاء، وهو في واقع الأمر الولاية التي أنشأها مجلس الأمن. ولا بد أننا نذكر أن إجراء استفتاء هو ما سمح بالتوصل
إلى اتفاق بين الطرفين، وإنشاء وقف إطلاق النار. فقد وضعت الأطراف ثقتها في مجلس الأمن، وصمد وقف إطلاق النار لمدة
25 عاماً، ما من شأنه أن يفضي إلى إجراء استفتاء. ويبدو أن آفاق ذلك الحل تزداد أفولاً، بالنظر إلى النية المبيتة بطريقة تعسفية ومخالفة لولاية المجلس إلى إسدال ستار النسيان على الاستفتاء، الذي يرى الشعب الصحراوي أنه الحل.
وفي ظل تلك الخلفية من الازدراء الواضح، وعند الساعة الثالثة والنصف من مساء الأربعاء الماضي، قدم لنا مشروع قرار وعلى ما يبدو، فقد نوقش في إطار مجموعة الأصدقاء. غير أن بقية الأعضاء لم يتمكنوا من المشاركة في المناقشة. وبفضل الجهود التي بذلها رئيس مجلس الأمن، أمكن تأخير النظر في مشروع القرار يوماً إضافياً.
والبارحة، عقد الاجتماع الأول والموضوعي الوحيد لمناقشة المسألة، ولم يفض إلى تحقيق توافق في الآراء.
علاوة على ذلك، فإن النص المعروض علينا، الذي اعتمد في القرار 2285 ) 2016 (، لا يستجيب للشواغل والمقترحات المشروعة للعديد من البلدان المعنية بتلك المسألة
الهامة، بما في ذلك فنزويلا. والقرار يتجاهل الوضع الحالي على الأرض، والذي كان موضوعاً لاجتماعات مغلقة للمجلس وأثار قلقاً عميقاً بين الدول الأعضاء. ولا يكفي الاحتجاج على الموقف المتخذ إزاء البعثة، كما يفعل القرار؛ بل كان ينبغي أن يدين القرار بشدة طرد المغرب للموظفين الدوليين من جانب واحد وأن يطالب بعودتهم فوراً. وثيقة صادرة عن مجلس الأمن غير قادرة على أن تذكر بوضوح من طرد العناصر المدنية للبعثة، أو لماذا يهدف النص إلى تجاهل الواقع في الصحراء الغربية عمداً. نعتقد أننا أهدرنا فرصة ممتازة لكي يعرب مجلس الأمن، من خلال ذلك القرار، عن رفضه
المطلق لطرد الموظفين المدنيين التابعين للبعثة، والذي لا يشكل مجرد ضربة قاسية لعملية التفاوض السياسية ولكن أيضا سابقة مؤسفة للمجتمع الدولي.
وإلى جانب ذلك، فقد استرعى انتباهنا بشكل صارخ أن القرار لا يتضمن أي تدابير تكفل عودة الموظفين المدنيين التابعين للبعثة إلى منطقة العمليات. وللأسف، لا بد لنا أن نقر أنه لو كان الأمر يتعلق ببلد أضعف لا حلفاء له في المجلس، ما كان مجلس الأمن سيتردد في فرض جزاءات صارمة، وكثيراً ما يفعل ذلك مع العديد من الدول الأفريقية الشقيقة. وهانحن نوجه رسالة إلى المجتمع الدولي بأنه يمكن للدول الأعضاء
انتهاك قرارات مجلس الأمن دون أن تخشى العاقبة. لم يكن من الممكن حتى إدراج حكم في القرار يرمي إلى تحديد فترة 30 يوماً كفترة مشاورات ينظر خلالها مجلس الأمن في المسألة دورياً. وكما يرد في نص القرار المتخذ، سيكون هناك 90 يوماً أمام الأمين العام، الذي يوشك موعد تغييره بحلول ذلك الوقت، يقدم خلالها إحاطة إلى مجلس الأمن عما حدث بالنسبة للموظفين المدنيين التابعين للبعثة. وتجدر الإشارة إلى أنها ستكون مجرد “إحاطة”، ولا يتوقع أي إجراءات ملموسة.
وهنا يبدو التناقض: طرد مكون أساسي للبعثة برمته في غضون 72 ساعة فقط، ولم يبد المجلس أي إرادة للاجتماع مرة واحدة كل شهر للنظر في تطورات الوضع في الميدان. وما هو أكثر من ذلك، أن نص القرار لا يتناول حتى التطلعات العادلة للسكان الصحراويين، الذين يعيشون في أرض لأكثر من 40 عاماً في ظل عملية إنهاء الاستعمار المعلقة، أو يتناول المخاوف القائمة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، بينما يأخذ بعين الاعتبار التوصيات التي قدمها الأمين العام في تقريره .
إننا نعتقد أن الوضع الراهن فيما يتعلق بالصحراء الغربية لا يُحتمل فعلاً. وبالتالي، فإن الصياغة الغامضة للقرار ترسل إشارة سلبية وتعكس رسالة محبطة. وينبغي ألا يغيب عن بالنا أن ولاية البعثة قد أنشئت، بداية، في القرار 690 ) 1991 (، الذي حث البعثة على بذل كل جهد ممكن لتحقيق حل عادل ودائم من خلال إجراء استفتاء على تقرير المصير للشعب الصحراوي. إن ذلك الشعب هو من ينبغي أن يختار بين الحكم الذاتي والاستقلال. وفي تعاملنا مع قضية الصحراء الغربية، ينبغي أن يتصرف المجلس بثقة وعزيمة وشفافية، ووفقا للقانون الدولي. ونحن نواجه موقفاً يخاطر فيه مجلس الأمن بعدم الوفاء بولايته، وسيكون من الصعب للغاية الآن الامتثال للمادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تعهد إلى المجلس بالمسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين نائباً عن الدول الأعضاء.
وفي الماضي، كانت هناك أوجه قصور جسيمة في هذا الصدد، بما في ذلك الحالات التي قامت فيها دول دائمة العضوية في المجلس بانتهاك الميثاق. ويجب أن تنتهي الانتهاكات لسيادة القانون الدولي وأن يضطلع المجلس بمسؤولياته.
وإذا لم يُكفل حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره وسُمح للمملكة المغربية بالاستمرار في احتلال الأراضي، ستكون هذه المرة الأولى منذ تأسيس الأمم المتحدة التي يقبل فيها المجتمع الدولي بحكم الأمر الواقع ضم إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، ومعترف بأنه يمر بعملية إنهاء الاستعمار، قسراً دون موافقة الشعب.
وجمهورية فنزويلا البوليفارية تقر وتدعم دور البعثة الهام في الإشراف على وقف إطلاق النار، والحد من خطر الألغام والذخائر غير المنفجرة وتعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين بهدف إجراء الاستفتاء، الذي يمثل ولايتها الرئيسية. وتصويتنا ضد
قرار اليوم لا يعني بأي حال من الأحوال أننا ننكر الجهود الكبيرة التي يبذلها الموظفون المدنيون وغيرهم من موظفي البعثة، الذين يحاولون أداء مهامهم في الميدان حتى في أصعب الظروف.
كما أننا لا نغفل عن جهود الأمين العام للقيام بدور الوساطة والتيسير، ونعرب له عن دعمنا الكامل في هذا الصدد، وكذلك مبعوثه الشخصي كريستوفر روس والسيدة بولدوك، في إجراء محادثات مباشرة بنية حسنة بين أطراف النزاع. وينبغي للبعثة
أن تستمر في التعاون واستعادة قدراتها العملياتية والسياسية على الفور لضمان أن تتمكن من الوفاء بولايتها، وحتى يمكنها التعامل مع الحالة الصعبة التي يواجهها النازحون والأسر الصحراوية التي تفرق شملها وتمكينهم من العيش بكرامة على أرضهم، في بلدهم.
إن تقاعس مجلس الأمن عن العمل بشأن هذه القضية الملحة والخطيرة أمر غير مقبول. قلنا ذلك لأعضاء المجلس الآخرين في جلساتنا المغلقة، وما فتئنا ندين هذا الموقف ولا نقره. الوضع المتعلق بمعاملة المغرب للبعثة وولايتها غير سليم تماماً، وقد أُقر به في قرار ضعيف لمجلس الأمن، وهو ما نرفضه.
نحن بذلك ضيعنا الفرصة لتوجيه رسالة قوية إلى الأطراف نطالبها بعودة عناصر البعثة من المدنيين الذين ندعم عملهم ونقدره كوسيلة وحيدة لضمان الحفاظ على وقف إطلاق النار خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية وأكثر. كما نطالب باستئناف المفاوضات بغية إجراء استفتاء على تقرير المصير.
أخيراً، تعرب جمهورية فنزويلا البوليفارية عن أسفها لإهدارنا فرصة إعادة تأكيد مسؤولية مجلس الأمن للعمل من أجل التوصل إلى حل عادل ما فتئ شعب الصحراء الغربية ينتظره زهاء 40 عاماً حتى يتمكن من التغلب على وضعه كآخر مستعمرة متبقية في قارة أفريقيا الشقيقة.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *