-->

كتائب تحمل مواصفات كتائب صاعقة أو دروع


فيلق الشهيد الناجم التهليل: شباب تطوع لحسم الحرب، فحسمه السلم ( الحلقة الثانية يتبع)
كتائب تحمل مواصفات كتائب صاعقة أو دروع
الشباب الصحراوي الذي تدرب تدريبا عسكريا في ليبيا عاد إلى المخميات معجبا بما كان يسمى كتائب الصاعقة. كتائب الصاعقة هي كتائب يتم تدريبها تدريبا خاصا شاقا صعبا في ظروف غير إنسانية كي تقوم بأي عمل مستحيل في الحرب. هذه الكتائب كان يتم تركها في الغابات لمدة أسبوع تقريبا محرومة من الأكل ومن الشرب، ويتم طلب منها أن تتغذى على كل ما تجد في طريقها من حيوانات وأفاعي ونباتات. كان أفرادها يأكلون الضفادع والفئران والعقارب والحيوانات السامة، وينامون في العراء تحت الأشجار، ومن يستسلم ولا يتحمل منهم يتم طرده من الجيش. الطرد من الجيش كان، في الخلفية الثقافية للرجل العربي، يعني إهانة أخلاقية لا يمكن نسيانها. كل هذا كان يجعل جيش الصاعقة القاسي يثير إعجاب الشبان الصحراويين الذين كانوا يلتحقون بالجيش. فما فعله الجيش المغربي الغازي من مجازر في حق الصحراويين المدنيين جعل الشباب الصحرواي يقتنع أن ما يصلح مع الجيش المغربي هو جيش الصاعقة الذي لا يرحم. في سنة 1984م دخل أول فوج من الشباب، على شكل فيلق، إلى المعركة ميدانياً، وبث الذعر في صفوف الجيش المغربي.. طبق ذلك الفيلق اسلوب فيالق الصاعقة، وهو ما جعل الجميع يتحدث عنه بإعجاب. فيالق الشباب التي التحقت بالتدريب والجيش في دفعتي سنتي 1985م وسنة 1986م، كانت تحلم أن تصبح هي الأخرى، مثل فيلق سنة 1984م، فيالق صاعقة تخوض الحرب المباشرة مع جيش العدو، لكن تطبق أسلوب كتائب الصاعقة التي لا ترحم، ولا تأسر الجنود الأعداء، لكن تقضي عليهم في الميدان. ورغم مثالية مبادئ وأسلوب وأخلاقيات الجيش الصحراوي ووزارة الدفاع الصحراوية التي تدعو دائما إلى خوض الحرب النظيفة وإلى العطف وعدم القسوة على جنود العدو وأسراه وجرحاه إلا ان الشباب الذي كان يلتحق بالجيش في السنوات الأخيرة، بسبب الغضب من جيش الاحتلال كان يسخر من كل تلك المبادئ المثالية. بالنسبة للفيالق الشابة ترى أن عدوا مثل الجيش المغربي لا يجب رحمته ولا العطف عليه. فخلال فترة التدريب الأولي الذي تخوضه الدفعات المستجدة في المدارس العسكرية يتم تلقين الشبان دروسا عن الرحمة بالعدو، وعدم معاملة الأسرى معاملة سيئة، واللطف بالجرحى وبالذين يستسلمون. لكن، في الحقيقة، الذي كان يدور في أذهان الشبان الجدد كان هو أسلوب الصاعقة: لا رأفة مع العدو. حسب منطق كتائب الشباب الذي كان يلتحق بالجيش إذا قسوت على العدو ولم ترحم الأسرى ولا الجرحى وقتلت الأسرى تجعل جيش العدو يهابك ويهرب من أمامك. فخلال الالتحام الميداني إذا شاهد جيش العدو أنك لا ترحم سيفر من أمامك، وتكسب المعركة بأقل ثمن، أمَّا إذا كان يعرف أنك ستعامله برأفة وتحسن أسره فسيستميت في القتال ضدك.
لكن مشكلة أولئك الشبان أنه لم تكن في بنية الجيش الصحراوي ولا في تدريباته الأساسية ما يسمى تكوين كتائب الصاعقة. لكن إذا لم تكن هناك كتائب للصاعقة كانت توجد كتائب الناقلات المدرعة التي دخلت حديثا إلى ميدان المعركة آنذاك. فالمدرعات كانت حاسمة في المعركة الحديثة، خاصة معركة الدفاعات التي يقيم العدو . فهذه الآليات المدرعة كانت تقوم بما تقوم به وحدات الصاعقة تقريبا. ففي المعارك التي شاركت فيها المدرعات، خاصة التي يقودها شبان، كانت تطحن كل ما تجد في طريقها، وبالتالي، أصبحت هذه الآليات معادلا فنياً في ذهن الشبان لكتائب الصاعقة، وفي ذهن جنود العدو أصبحت هي الموت المحقق. أصبح الشبان يقولون أنه إذا لم يكن التدريب على الصاعقة موجودا في التكوين العسكري الصحراوي، فيجب أن نتدرب على استعمال الآليات في الحرب. بدأت فكرة تخصيص ذلك الفيلق على الآليات تستحوذ على برنامج وزارة الدفاع الصحراوية وعلى أذهان أولئك الشبان الذين كان يدفعهم الحماس إلى المشاركة في الحرب. 
الشبان الذين التحقوا بمدرسة الشهيد الولي العسكرية في فيلق سنة 1986م كانوا، في البداية، معجبين بأسلوب كتائب الصاعقة وكتائب المدرعات. منذ أول يوم للتدريب تأكد لأطر مدرسة الشهيد الولي العسكرية ومدربيها أنهم أمام دفعة جديدة مُذهلة متميزة ومختلفة، أنضباطا وعقيدة، عن الدُفعات التي كانت تمر من تلك المدرسة. فأول نطباع تولد عند تلك المدرسة العسكرية وطاقمها هو أن عند تلك المجموعة عقيدة ثقافية وعسكرية وحماس زائد. في الحقيقة أنه بسبب التقارب الثقافي وتقارب العمر والسن كان أولئك الشبان ينتمون لجيل واحد تقريبا. فإذا كانت دورس التدريب النظرية والتطبيقية تتجه نحو الكلاسيكية، فإنه كانت لأولئك الشبان دروسهم الخاصة بهم، والتي كانوا يتداولونها في أوقات فراغهم. بالنسبة لأولئك الشبان الراغبين والمتحمسين لدخول الحرب بسرعة كان شعارهم هو اجتياز فترة التدريب الأساسي بنجاح وفي زمن قياسي. العادة في التدريب الكلاسيكي ان المتدربين يتهربون عنه، ويتهاونون فيه، لكن تلك الدفعة كان من أول دروس عقيدتها أن تتقن التدريب الأساسي وتجتازه في زمن قياسي. بدأؤوا يتدربون بجدية فاقت حتى جدية مدربيهم. كانوا يتدربون كأنما هم، فعلا، كتائب صاعقة. لم يقف أي عائق في وجوههم أثناء التدريبات. كانوا يتدربون بحماس فائق، وعكس ما كان يحدث أثناء أي تدريب أساسي، أين كان المتدربون يفعلون ذلك آليا، كان ذلك الفيلق يقوم بالتدريب بجد ونشاط لم يحدث من قبل في تلك المدرسة. ورغم أن مدرسة الشهيد الولي العسكرية لم يكن في برنامجها تدريب خاص إلا أن أولئك الشبان كانوا مقتنعين أنهم يستطيعون أن يجتازوا تدريب الصاعقة بنجاح لو طُلب منهم ذلك. بسبب المفأجأة التي خلقها ذلك الفيلق المتدرب، بدأت بعض الأخبار التي من الممكن أن تكون مجرد إشاعات فقط تصدر من هنا وهناك. " هذا الفيلق يمكن أن يذهب إلى التدريب الخاص بالخارج." هذا الفيلق يمكن أن يشكل نواة لناحية جديدة من الشباب"؛ "هذا الفليلق قادر أن يكون فيلق صاعقة." 
بدأ الفيلق يحصد بعض الشهرة في الداخل. وصلت أخباره إلى وزارة الدفاع الصحراوية وإلى المخيمات والنواحي. بدأ الجميع يتحدث عنه بإعجاب. في الأخير، بعد نهاية التدريب الأساسي، تم حسم الأمر من أعلى سلطة في الدولة: " هذا الفيلق يجب أن يتبع لوزارة الدفاع، ويجب الاحتفاظ به مجتمعا ولا يتم توزيعه على النواحي العسكرية مثلما جرت عليه اعادة من قبل."
ولم يتفوق الفيلق فقط في التدريب والعقيدة العسكرية، لكن، أيضا، تفوق في كل جميع الميادين. تفوق في الرياضة وفي مختلف فروع الثقافة، وأصبح وحدة متماسكة مسموع بها في المخيمات والنواحي. كان فيلقا مبهرا في كل شيء. كل مراحل التدريب وامتحاناته أجتازها بسرعة ويسر مذهلين. فالذهاب في مسيرات على الأرجل من قاعدة الشهيد هداد إلى ولاية الداخلة، التي كان المدربون يظنون أن المشاة تقطعها في أسبوع، قطعها ذلك الفليق في ظرف يومين ونصف. والمسير من حاسي بوكرفة إلى منطقة الترسال قطعها الفيلق راجلا في ظرف ثلاثة أيام تقريبا. كلما تقدم الفيلق في التدريب كان مستواه يتحسن ويفاجئ الجميع..

السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *