-->

مهمة الرئيس الجديد إما أن تكون غاية في السهولة أو غاية في الصعوبة


بداية يجب ان نعترف للرئيس الجديد، براهيم غالي، انه رجل شجاع بما فيه الكفاية. هذه المرة الثانية التي يقبل فيها التحدي، ويقبله بشجاعة. في سنة 1973م أسس براهيم غالي ورفاقه جبهة البوليساريو، وأثناء المؤتمر، حين التفت الرفاق يمينا ويسارا يبحثون من يستطيع أن يقود تلك الحركة التفتوا كلهم إلى براهيم غالي وانتخبوه أمينا عاما في ظروف كانت شبه مستحيلة بسبب الصعوبات التي كانت قائمة أنذاك. قبِل الرجل المهمة الصعبة وقاد أول علمية عسكرية في الخنكة، والتي حرر فيها الولي ورفيقه الذي كان معه في السجن يوم 20 مايو 1973م.
أثناء حرب التحرير اشرف براهيم غالي على أهم وزارة في الجمهورية الجديدة، وهي وزارة الدفاع، وشارك في كل المعارك الكبيرة التاريخية.
بعد وفاة الرئيس عبد العزيز، بعد حوالي 40 سنة إلا ثلاثة أشهر، يبدو ان الرفاق عادوا من جديد يبحثون من بينهم عن من يستطيع أن يخلف محمد عبد العزيز. ومثلما حدث لهم سنة 1973م عندما التفتوا يمينا وشمالا يبحثون بينهم عن من يستطيع قيادة الحركة لم يجدوا غير براهيم غالي. مرة أخرى يقبل براهيم غالي التحدي. ورغم أن الذين يعرفونه يقولون أنه لا يحب السلطة وانه زاهد فيها، إلا أنه قبِل التحدي للمرة الثانية. لماذا نقول الآن أنه قبِل التحدي؟ ببساطة لإنه وجد أمامه مستنقعا راكدا سياسيا منذ حوالي 40 سنة، ووجد أمامه إطارات أصبحت مقتنعة، معنويا، ومريضة نفسيا، بسبب التواجد الطويل والمريح في السلطة، أنه عليها أن تقاتل من أجل مناصبها حتى لو كلفها ذلك القيام بإضراب عن الطعام أمام الكتابة العامة. من جهة أخرى سيجد براهيم غالي أمامه فلسفة الرئيس الراحل التي كان يختصرها شعار: نفضل ان يسرق إطاراتنا كل أموال اللاجئيين الصحراويين، مقابل أن لا نخسر صحراويا واحدا." وإذا كان الرئيس الجديد سيجد هذا الوضع السياسي الراكد، وهذه الفسلفة من سلفه فإنه، بالمقابل، سيجد شعبا ينتظر منه إعادة الأمل له ولو على مستوى التسيير؛ شعبا يهتف كله بكلمة التغيير في التنظيم وفي التسيير وفي الأشخاص.
قد نكون ارتكبنا خطأ كبيرا في حق الرئيس الجديد لإننا طلبنا منه أن يصبح رئيسا في وقت صعب، لكن لم نعطيه الفرصة كي يترب قطع شطرنجه ويختار رجاله هو الذين يتفاهم معهم، وله سيطرة عليهم، كما لم نعطه الفرصة كي يفكر في التغيير الذي يريد هو. الآن الرجل سيجد نفسه محاطا برجال غير رجاله، وبإطارات هي إطارت سلفه الذي كان يعرف كيف يتعامل معها ويحركها كيفما يشاء.
إذن، الرئيس الجديد أماه خياران: الأول إما أن يصبح " مانطة" ويبقى يغطي الوضع والواقع الذي وجد أمامه وورثه، ويحاول ان يتقمص شخصية وفلسفة سلفه ويتأقلم مع الوضع ويتركه كما كان يسير، أو يكون رئيسا حقيقيا، ويبدأ التغيير الذي يطالب به الشعب، لكن لا يستطيع التعبير عنه علانية خوفا من أن يستغل العدو ذلك. فإذا كان الرجل قد كان شجاعا وقبِل الرئاسة في هذا الوقت الصعب داخليا، وقبل التحدي فإنه تنتظره خطوة أخرى أكثر شجاعة وهي ان يكون رئيسا حقيقيا ولا يكون "مانطة" تغطي وضعا مرفوضا ظل يتراكم حتى وصل إلى ما وصل إليه. يكون رئيسا حقيقيا يعني أن يأتي بالتغيير ويُحدث فلسفة المؤسسة والتناوب والديمقراطية والعدالة، ويقطع الجسر مع كل ما كان يتذمر منه الناس. الكثيرون يتصورون أن الرجل يستطيع أن يقوم بذلك بذكاء، وانه لا يوجد ما يمنعه من ذلك. فهو حسب هؤلاء بلا دار وبلا عقار وبلا إبل ولا يصطف مع لوبي معين، وهذه، كلها، مميزات تجعله يمكن ان يتصرف بحرية بعيدا عن ضغط اللوبيات.
هذا يجعلنا يجعلنا نقول أن مهمة الرئيس الجديد ستكون سهلة في حالة واحدة وهي أن يكون " مانطة" تغطي الوضع " العادي" عن الشمس، لكن إذا نخشى أنه إذا فعل ذلك سيمحو كل المآثر التي يسجل له التاريخ، ويفقد الاحترام الذي يكن له الصحراويون منذ سنة 1970م.
أما إذا كان سيكون رئيسا حقيقيا، كامل الصلاحيات التي كان يتمتع بها سلفه، ويقطع الجسر مع كل ممارسات الماضي ويقوم بالتغيير فإن مهمته لن تكون سهلة وتتطلب شجاعة أخرى مثل شجاعة تحمله للمسئولية في الوقت الصعب، لكن حتى لو فشل فيها فإنه سيدخل التاريخ من جديد من بابه الواسع مثلما دخله من قبل ودخله الآن بعد قبوله المنصب. 
السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *