-->

التحديات التي تواجهها المنظومة الامنية اول اختبار يضع الرئيس الجديد على المحك


الصحراء الغربية 23 أكتوبر 2016 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)- رغم نجاح عملية “أفريجات” الأخيرة الا ان ذلك لم يكن الا نوعا من إبراز الواقع الحقيقي للوضعية الأمنية العامة التي لا نحسد عليها ، عملية نوعية يتيمة أباءها كًثر تشير كل تفاصيلها الى ان العصابات التي جاء أفرادها من بعيد لازالت تشعر بسهولة مهامها داخل ترابنا المحرر، و انها باستطاعتها ان توصل و تجول كيفما تشاء و حيثما أرادت، و الا لما كانت المجموعة قد جاءت من الاف الأميال و بسيارتين مدججتان بالسلاح مخترقتا كل تحصيناتنا الأمنية لشحن حمولتها من المخدرات المغربية، و يستريح أصحابها لشرب الشاي قبل ان يهموا بالمغادرة دون ادنى إعتبار، إن النجاح في عملية “افريجات” و الذي يتبناه كل القادة الأمنيين هو عنوان آخر لفشلنا المتكرر و إنعكاس لإخفاقنا في السيطرة على الوضع الذي أصبحت فيه الكلمة الأولى لعصابات المخدرات و الجريمة، و ما قضية مركز الشهيد رشيد الأمني الا دليلا آخراً على ذلك.
التساؤل الذي يطرح بإلحاح هو ما دور كل وحداتنا و أجهزتنا الأمنية في ظل هكذا وضع؟
و هل المشكل في الأداة ام في القادة ؟! ، كل المؤشرات تدل على ان ترنح المشاكل و انعدام الحلول لكل المعضلات الأمنية التي نتخبط فيها منذ فترة لم تكن نتيجة ضعف عام او قلة إمكانيات او غياب التنظيم السياسي كما يروج البعض او كما قيل في توضيح كتابة الدولة للتوثيق و الآمن ، و هي مبررات واهية يعلق عليها المسؤولين فشلهم في كل مرة، بل ان غياب الإرادة و قلة الشجاعة في مواجهة المشاكل و محاولة الهروب من اتخاذ القرار لدى القادة المباشرين هي السبب الأول في تدهور الاوضاع و هو ما أوصلنا الى ما نحن عليه اليوم.
منذ اقل من خمس سنوات تناوب على جهاز الدرك الوطني مثلا اكثر من ثلاثة قادة من قيادات الخلف العسكري، وكانوا اكثر سوءا ممن سبقهم في هذا المنصب، و لازال الجهاز يعاني الى اليوم من مشكل في رأس الهرم رغم وجود الكثير من الكفاءات من أعوان و قيادات متوسطة مخلصة بعيدة عن الرشوة و الفساد الذي ينخر الجهاز الذي فقد بوصلته بين وزارة الدفاع و الداخلية باعتبار الأخيرة هي المكلفة بتسيير الخلية الأمنية ، و ليس جهاز الشرطة الوطنية احسن حظا من نظيره العسكري رغم انه لا احد يعول كثيراً على جهاز الشرطة لحل او التدخل في المعضلات الأمنية الكبيرة للأسباب المعروفة و التي أهمها طبيعة القوة البشرية المكونة للجهاز الذي يبقى بلا دور حتى الان رغم الإمكانيات الكبيرة التي تصرف عليه.
أما ام المؤسسات الأمنية وهي كتابة الدولة للتوثيق و الامن فليست أفضل حالا بعد ان كانت اخر حصون هيبة الدولة نظرا للعمل الكبير الذي قامت به خلال العقود الماضية و لكن و منذ ترقيتها لكتابة للدولة فان الملاحظين يعتبرون ان قيادات المؤسسة الأمنية العتيدة فشلوا في القيام بالدور الذي كان يفترض بهم القيام به و تحول دور مؤسسة المخابرات الى وكالة بريد للأسف، و تمت إضافة جيش من الأفراد غير مؤهلين من خلال تعيينات عشوائية اعتمدت في اقلبها على الولاءات ، كيف لا و قد اثبتت فشلها في قيادة الخلية الأمنية قبل تحويل مسؤوليتها الى وزارة الداخلية بعد ان عجزت كتابة الدولة عن تسيير الخلية التي أسست لتكون الجامع لكل القوى الأمنية و راسم لمخططاتها و محددا لمهامها ، و بعد حادثة مركز “الرشيد” و الشعور بالخيبة لدى عامة المواطنين في جهاز “مخابرات الدولة” الذي هوجم في اعتى حصونه، و رغم التبريرات غير مقنعة التي صاغها البيان التوضيحي و منها تشكيل لجنة تحقيق من غير المختصين لكشف الملابسات !! و غياب ثقة المواطن في مؤسساته الأمنية التي يحكى عن تورط بعضها في التستر على المجرمين و ضياع قطع سلاح من مقراتها بالإضافة الى مساعدتها للمجرمين على الفرار فان المواطن ينتظر خطوات ملموسة ترقى الى مستوى تطلعاته في رؤية اجهزته أمنية قادرة على حماية نفسها قبل حمايته و حماية مؤسسات الدولة التي تبقى رأس المال الوحيد المتبقي من سنوات نضال رجال و نساء هذا الشعب، ان المطلوب في ظل واقع المؤسسة الأمنية ليس دعوة لتدوير المناصب كالمعتاد بل ضرورة عزل القيادات الأمنيين الفاسدة و استبدالهم برجال أكفاء قادرين على تحمل المسؤولية وهذا لاسترداد الثقة المفقودة لدى المواطن في مؤسساته الأمنية.
المشهد الداخلي مرآة للسياسة الامنية
إذ لا يمكن لأيّ متابع للمشهد الداخلي إلا أن يقرّ بأنّ السياسة المتبعة في المجال الأمني تعد أحد الأسباب الرئيسية في تفاقم الظواهر المشينة و توفير البيئة الحاضنة للفوضى و العنف و حماية الفساد وهي حقيقة تعزز التدهور الأمني الذي لم يعد ضربا من التهويل ،وإنما واقعا مر علينا التصدي له إن أردنا الحفاظ على المكاسب و وحدة الشعب و دعم الاستقرار في المنطقة و إعلاء كلمة القانون.
وهو ما يدفعنا إلى تسلّيط الضوء أكثر على جانب من السياسة الأمنية ودور أجهزتها المختلفة في استتباب الامن و محاربة الخارجين عن القانون و التطرف و تهريب الممنوعات ،في ظل مستجدات أملتها الظروف و إخفاقات أمنية أسس لها غياب القرار السياسي السليم الذي يستند إلى خطة أمنية قوية تتصدي لكل الظواهر و السلبيات، رغم الجهود الضعيفة التي تبذلها المؤسستان الأمنية والعسكرية ،خلال السنوات الأخيرة ،لمحاولة تدارك الوضع ،اعتبارا من الإحساس المجمع على أن تدهور الحالة الأمنية أمر مرفوض وأنّ الحالة التي وصلنا إليها كانت ،نتيجة اختلالات واسعة شهدتها الساحة الأمنية أسس لها غياب الوعي بخطورة المرحلة و ضربات العدو و مخططاته المكشوفة و الهادفة إلى النيل من إرادة الشعب و التأثير على صموده.
ورغم أن كل الظواهر المتفشية و التي لم تسلم منها أعرق و أقوى الدول في العالم ،يراهن الكثيرون على حتميتها عبر التعايش معها و كأنها قدر مكتوب إلا أن ذلك و بالنظر إلى واقعنا و تعدادنا السكاني يجعلها كلمة حقّ أريد بها باطل.
الاجهزة الامنية وضرورة المراجعة الشاملة
فالشرطة التي تعد أقرب الاجهزة تماسا مع المواطن تعيش في ظل انعدام الخبرة و غياب التأهيل العلمي لغالبية المنتسبين إليها و انحطاط دورها مع موجة انخراط بعض المنحرفين و المتخلفين دراسيا إلى صفوفها و تورط أفراد منها في أحداث تتعارض و أسباب و دواعي و ماهية الجهاز أصلا إلى جانب عدم اهتمام السلطة بتطويرها في السنوات الماضية و انعدام رؤية أمنية مستقبلية محكمة تعزز مفهوم الدولة و منطق القانون و العدالة، كل ذلك أثر بشكل سلبي على دورها في حفظ الأمن و التصدي للمخاطر المحدقة .
أما الدرك الوطني الذي كان يحافظ على جزء من مكانتة عند المواطن رغم أنه يعيش في ظل جل المعوقات و السلبيات التي تعاني منها الشرطة الوطنية إلا ان تورط بعض قياداته إبان موجة التهريب و المخدرات في حماية ارباب المهربين و الخضوع لأوامرهم، وتوقيع عناصر منه لصفقات احتيال مشبوهة قللت من هيبته و تراجع دوره كحال الشرطة و إن كان الدرك يحظى بأهمية اكثر عند السلطة.
الجيش الوطني الذي ظل بعيدا عن أتون الصراعات و المشاكل الداخلية أكره في السنوات الأخيرة على الدخول في المعترك الأمني في سياسة غير موفقة تستند إلى الكم من خلال كثرة الأجهزة الامنية و تفتقد إلى النوع الذي يبقى المطلب الأساس في عمل اي جهاز أمني و لعلى ذلك التداخل بين الاجهزة خلق نوع من التصارع و الاتكالية و تشابك الادوار . 
و بعيدا عن ذكر إخفاقات الأجهزة و نجاحاتها يبقى القاسم المشترك بين الاجهزة وجود التنافس الضار بين مختلف أجهزة الدولة و غياب التنسيق بينها ،إلى جانب عدم قدرة الدولة على توفير أمن المواطن وانتشار الفساد والظلم و التعاون مع جماعات المصالح ضد النظام و انتشار ظاهرة الاستقطاب في الصراعات الاجتماعية والقبلية.
وضعف الدولة في حماية العاملين بالاسلاك الامنية والخوف الذي اصبح يراود بعضهم من انتقام المجرمين وردات الفعل التي تحدث احيانا وتثير النعرات والتحشدات العائلية مما يجعل رجل الامن خائفا على نفسه من هذا المصير في ظل تقاعس الدولة عن حماية رجال الامن وحفظ كرامتهم الجسدية والمعنوية من السفهاء والمجرمين.
الاعلام سلاح ذو حدين في السياسة الامنية
وبالنظر لدور الإعلام وعلاقاته بالأمن نجد أن الإعلام هو المرآة التي تبرز ضعف المشاركة الشعبية وقوتها كما أن الإعلام هو أحد المحركين لتقوية الشعور والإنتماء، كما أن جماعات المصالح هي في أحيان كثيرة تحرك الإعلام . بحسب غلبة مصالحها وإتجاهاتها، وتعتبر الصحافة هي رأس الرمح في توضيح الأهداف وإزالة تناقضها.
وإذا كان الإعلام هو الوسيلة الاصيلة للترويج للدعاية المضادة ونفي الشائعات كما أن الصحافة غير الهادفة من الممكن أن تكون مهدداً أمنياً على الدولة فإن غياب الدور النوط به في التحذير من التخريب و كل المهددات يشكل تحديا أكبر يفرض ضرورة التعاطي الايجابي للأجهزة الأمنية مع الوسائل الاعلامية المختلفة لمنع الشائعات و لعب دور التوجيه و إن كان هنا تفهما يلوح في الأفق.
ان التركيز على ضمان أمن المواطن ينبغي ان يظل مسألة محورية ومنطلقا لا غنى عنه، وحين يستخدم أي جهاز أمني لحماية غير المواطن فإن ذلك يعد ضوءا أحمر ينبه إلى ان ثمة انحرافا لذلك الجهاز الأمني يتعين المسارعة إلى وقفه، حتى لا نغفل عن التحديات التي تهدد الشعب ومصيره.
كتابة الدولة للتوثيق والامن والدور الغائب
ومع غياب اي دور لكتابة الدولة للتوثيق والامن سوى عرض بعض المحجوزات التي تستدعي لها الاعلام لتثبت تورط الاحتلال المغربي في استهداف المنطقة بالمخدرات وجرها للفوضى وعصابات التهريب، دون عمل يذكر في التغلب على الاضطرابات ومعالجتها بطريق سليمة تحفظ للمواطن حقوقه وللدولة هيبتها.
وضعف دورها كمؤسسة امنية في التاثير الايجابي بالتحسيس بدور المواطن في حفظ الامن من خلال الحس الامني واشراكه كفاعل اساسي في عملية حفظ الامن والشعور بالمسؤولية عن المحيط الذي يعيش فيه حتى لا نصل الى مرحلة التستر على المجرمين وحمايتهم والاستماتة في الدفاع عنهم على اعتبارات عائلية .
كما ان غياب الدراسات والبحوث والندوات التحسيسية سواء في وسائل الاعلام الوطنية او من خلال تنظيم ايام دراسية تقرب الاجهزة الامنية من المواطن، وتعطي الصورة الحقيقية للاجهزة الامنية ومالها وما عليها والاستماع للشركاء بما فيهم المواطن الذي يمكنه لعب دوره المحوري في مساعدة هذه الاجهزة التي تحفظ امنه وتسهر على سلامته، والاخذ بمقترحات المواطنين حول النهوض بالجهاز الامني حتى يحقق الغايات المنوطة به في حفظ الامن والاستقرار
في الاخير يبقى ان نسأل؟
اين تتجه الامور في ظل عدم استفادة الاجهزة الامنية من اخطائها وتراكم الاخطاء التي تؤدي الى الانفجار، ولماذا تترك هذه الاجهزة من دون تدريب وتكوين، ومدها بالوسائل والامكانيات التي تسهل عملها وتحد من التصرفات المخالفة للقانون، لماذا تغيب الارادة السياسية في معالجة المشكل وفق ما يحدده القانون لا رغبة الاشخاص، والمحتجين، وعدم الاحتكام لسلطة القبيلة. وتدريب الاجهزة الامنية على الاساليب الحضارية في التعامل مع المواطنين وتطهيرها من الاشخاص الفاسدين، واصحاب المصالح، حتى تقوم بدورها المنوط بها في حفظ الامن وبعث الاستقرار لا توريط الدولة والشعب في منزلقات قد تعصف بما تبقى من حلم الصحراويين في دولة حرة مستقلة مرهوبة الجانب يحكم فيها بالقانون.
المصدر: المستقبل الصحراوي + لاماب المستقلة.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *