-->

قمة الشراكة الافريقية-العربية: تعزبز لمكانة الجمهورية الصحراوية في افريقيا وفتح آفاق لمزيد من الاعتراف بها


بقلم: الديش محمد الصالح
لاشك اننا نعيش في ظرف تتصارع فيه الأحداث وتكثر فيه المفاجآت مما يترك الانطباع بأن العالم مقبل على متغيرات جوهرية مبنية على نظرة منطقية للتعايش السلمي والتحالفات والشراكة الإيجابية في ظل الأمن والاستقرارالذي يعتبر العامل الذي يتطلع له الكل. فما يحدث من انقلاب في السياسات التي كانت متبعة في الكثير من الأماكن والمفاجآت التي حملها الاستفتاء بخروج بريطانيا من الإتحاد الاوروبي ونتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة والتوقعات حول احتمال أن تكون الانتخابات الفرنسية القادمة مشابهة لها، كل هذا أصبح يؤكد أن العالم يتوجه نحو تشكيل تكتلات قوية يكون لها دور فعال في رسم السياسات الجو-استراتيجية القادمة. ولعل أفريقيا، التي تدرك انها ستكون شريكا فعالا باعتبار انها وجهة هامة للاستثمار العالمي، لا بد أن تكون موحدة ومجمعة على الاحترام التام لمبادئها التي قدمت من أجلها تضحيات جسام في اي نوع من الشراكة.
ان العالم العربي كان ولازال مستهدفا ليكون مسرحا لاختبار كل أنواع السياسات المدمرة للقدرة العربية رغم أنه يمتلك موارد اقتصادية هائلة لو أحسن توظيفها لكانت الدول العربية اليوم كلها في صف الدول النامية. فللاسف الشديد كانت الأنظمة، العربية صنيعة الاستعمار، هي من جلب للشعوب العربية المعاناة والألم والتخلف، وبحكم ان دولها مسلمة، فكانت مصدر للإساءة بالاسلام عندما تنكرت لحق إنساني عظيم إلا وهو حقوق الشعوب في الحرية والكرامة يحذوها في ذلك غرورها وتخلفها.
ان ما حدث في مالابو، عاصمة غينيا الاستوائية، خلال القمة الأفريقية العربية التي انعقدت يوم 23 نوفمبر 2016، يأتي في إطار رسم الاستراتيجية القادمة من خلال عزل أصحاب النظرة الضيقة الذين لا هم لهم إلا المحافظة على انظمتهم المتخلفة دون الاكثراث بطموحات شعوبهم التواقة للرحيل عن التخلف والالتحاق بركب العالم المتحضر، ومن هم أصحاب النظرة البعيدة المدى وخدام حقيقيون لدولهم وشعوبهم وللمبادئ التي تأسست عليها الإنسانية جمعاء. فالمجموعة التي انسحبت من قمة الشراكة الافريقية-العربية ابانت عن نظرتها المتخلفة لأفريقيا بانها فقيرة وبالامكان شراء مواقفها بالمال، في الوقت الذي تعتبر فيه أفريقيا نفسها موقعا استراتيجيا أن لم تكن هي من تملي الشروط على شركائها فلا أحد من شركائها يستطيع أن يملي عليها شروطه، خاصة إذا امتزج الحرص على المبادئ مع موقعها الاستراتيجي. فالمملكة المغربية، وعرابتها السعودية وما يجري في فلكها من الإمارات وقطر...الخ ساروا عكس التيار واخطأوا في التقدير والأكثر من ذلك أنهم جلبوا العار لشعوبهم وأكدوا للافارقة أن الخلفية من الشراكة معهم هو بهدف تدمير ما حققوه على طريق التحرير من أي قيد مهما كان شكله.
لحسن الحظ ان القضية الصحراوية، ذلك الشعب الأفريقي الصغير الذي لازال يعاني الاستعمار، كانت هي السبب في إنقاذ الأفارقة وبقية الدول العربية التي لم تنسحب من مؤامرة تريد من ورائها الأنظمة الممولة للإرهاب توفير الحماية لها، وعندما لم يتحقق مرماها حاولت إفشال القمة.
ان الذين حرصوا على إنجاح قمة الشراكة هذه، أثبتوا تشبتهم بالشرعية الدولية المبنية على احترام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وفي هذا الإطار فإن الدولة الصحراوية العضو المؤسس للاتحاد الأفريقي هي اليوم حقيقية يعترف بها الكل ومكانتها محترمة ومرحب بها، وبالمقابل تجاهلوا الطرح المغربي الذي أصبح من الماضي ولا يرقى إلى ما تطمح له شعوب العالم في العيش في احترام وسلام.
تأكد زيف الدعاية المغربية وعدم ترحيب الأفارقة بالمغرب بينهم مادامت مصرة على مخالفة المبادئ التي تأسس عليها الاتحاد الأفريقي والتي هي نتيجة تضحيات الشعوب الأفريقية التي عانت الأضطهاد والاستعمار لقرون. فهذه محطة تظهر ما سيؤول إليه طلب المغرب الانضمام للاتحاد الأفريقي والذي بالتأكيد سيكون بالرفض ليس من باب أن أفريقيا لا تريد أن تكون دولة أفريقية جديدة بينها ولكن أفريقيا ليست المكان الذي يعين الظالم على المظلوم.
كما أن ما حدث في مالابو، سيفتح آفاقا واعدة للجمهورية الصحراوية في أفريقيا والعالم العربي وما سيكون لذلك من صدى على على بقية قارات العالم. ان مواقف دول وازنة مثل مصر والسودان والكويت التي اختلفت مع مجموعة المغرب والسعودية إشارة إلى أن الصف العربي منقسم بين من يناصر الظلم ومن يناصر الحق، والحقيقة الصحراوية ساطعة كالشمس وتشق طريقها نحو النصر. 
لقد صنع الأفارقة الحدث في مالابو، وكانت رسائلهم قوية وواضحة، وهي انهم مجمعين على الدفاع عن الجمهورية الصحراوية ومصرين على تصفية الاستعمار منها مهما كلف ذلك من ثمن، كما أنهم يرفضون اي نوع من انواع الابتزاز الذي هو شكل من أشكال الاستعمار الجديد مهما كان نوع اللباس الذي يرتديه.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *