-->

لماذا نحن عنصريون؟


بقلم : احمد علين.
كلكلم لأدم و أدم من تراب .هذا قانون البداية اما قانون النهاية فهو …كلكم اتي يوم القيامة فرداً.
أجرينا تحقيقاً داخلياً لنعرف من خلاله كيف حدث ما حدث، المثير في الأمر ليس نتيجة التحقيق، وإنما ما قادنا إليه، وهو شيء لم يكن في البال منذ البداية، ألا وهو: هل هناك خلل في فهم معنى العنصرية و العبودية في مجتمعنا الصحراوي؟.
التعريف الأكاديمي للعنصرية هو: “الاعتقاد بأن هناك فروقاً وعناصر موروثة بطبائع الناس أو قدراتهم، وعزوها لانتمائهم إلي جماعة أو لعرق ما، وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين إلى هذه الجماعة بشكل مختلف اجتماعياً وقانونياً”.
ظاهرياً، يمكن لأي أحد منا أن يقول بملء فمه: “أنا لست عنصرياً وهذا التعريف لا ينطبق علي”! لكن الواقع مختلف تماماً. فالعنصرية المباشرة واضحة ولا يختلف عليها اثنان، ومع ذلك فهي موجودة في مجتمعنا. حيث تقول إحصائيات منظمة World Values Survey إن هناك 10 مجتمعات و من ضمنها مجتمع ” البيظان ” تقع ضمن قائمة أكثر 25 دولة عنصرية في العالم. لكن الكارثة الأكبر تكمن في العنصرية التي لا نفهمها ولا ننتبه إلى أننا نمارسها دون أن ندري. و أصفها بالكارثة لأنها منتشرة بيننا أكثر من العنصرية المباشرة.
فعلى سبيل المثال، وليس الحصر، يهان “لمعلم” و يسب و ينعت بأشنع الصفات و الالقاب لا بل تؤلف عليه قصص توصفه بالشراهة و حب المال و الجبن..و يشرد العبد الاسود لمجرد اعلانه التمرد على العبودية المقيتة و يوصف هو الاخر بالبخل أو الغباء أو الطمع… إلخ. و هذه عنصرية؛ لكننا تعودنا عليها فلم نعد نشعر بها. حتى إننا نسمع النكت التي يكونها عن أنفسهم ويضحكون منها دون أن ينتبهوا أو ننتبه إلى العنصرية الكامنة فيها. وإذا حصل وانتبهنا إلى هذه العنصرية أو واجهنا أحد بها فسيكون جوابنا بكل بساطة: “كنا نمزح فقط ولم نقصد أن نكون عنصريين”.
قد يبدو الأمر بسيطاً للوهلة الأولى، لكنه في الواقع لا يقف عند هذا الحد؛ فكلمة من هنا، ووصف من هنا، ودعابة من هناك، وفجأة نجد أنفسنا تقسمنا إلى “أنا”، و”أنت”، و”نحن”، و”هم”. تقسَّمنا إلى معسكرات وطوائف وفئات صغيرة تكره بعضها وتواجه صعوبات كبيرة في تقبّل بعضها وتقبّل العالم من حولها.
العبد لا يتقبل العربي، و لمعلم يرى نفسه أذكى من (البيظاني)، والبيظاني يعتقد أنه متأصل في العروبة أكثر من لمعلم و لعبد و ازناگي ، والقائمة تطول. وهذا ليس سراً، وكلنا مذنبون في حق بعضنا ولكننا لا نعترف. وقد كشفت مواقع التواصل الاجتماعي الكثير مما كنا نخفيه ونتداوله في مجالسنا أو على الأقل يدور في أذهاننا.
ومذنبون أيضاً في حق غيرنا من الطبقات؛ فالبيظاني يرى لمعلم وا العبد ووو أقل منه شأناً ومرتبة. ولا يتردد في السخرية منه أو الإساءة إلى اصله و اهله وطريقته في العيش.
نحن جميعاً نتعرض للعنصرية ونعاني منها، ومع ذلك نمارسها يوماً بعد يوم، وهناك أجيال قادمة ستدفع ثمن ما نفعله الآن أو على الأقل ما نسكت عنه، وهذه وحدها جريمة.
الصحراويين هم أكثر أهل الأرض حاجة إلى نبذ العنصرية، لاننا نعاني منها الآن أكثر من أي وقت مضى، حيث لا يكاد يمر أسبوع إلا ونسمع ممارسة عنصرية ضدنا في مكان ما من هذا العالم، ناهيك عن الصورة النمطية المترسخة عنا وربطنا بالتخلف و الفساد ، وأعتقد أن هذا سبب كاف يدعونا إلى أن لا نجرح الآخرين بالسكين ذاتها التي جرحتنا وما زالت تجرحنا.
إذا كان الآخر “لا ينتمي إلينا” فهذا لا يعني أنه من حقنا أن نقول عنه ما نشاء، وأن نصنّفه ونضحك منه ونسخر من كل ما يمثله، حتى وإن كان ذلك على سبيل المزاح والدعابة. فالدعابة التي تبدو بسيطة الآن قد تكون هي الشرارة التي تشعل نار الكراهية، وسنكون نحن أول من يكتوي بها.
إن هذا المقال لا يهدف إلى إلقاء اللوم على مجتمعنا والتظاهر بأننا ملائكة لا نخطئ، فنحن جزء من هذا المجتمع ونحن أولى بإصلاح بيتنا قبل أن نشير إلى بيوت الآخرين. لقد أخطأنا حين نشرنا ذلك المقال، وربما سنخطئ مجدداً في المستقبل، لكن ما هو مؤكد أننا سنبذل كل ما في وسعنا للحفاظ على قيمنا ومبادئنا والارتقاء بها، وأن تكونوا عاملاً هاماً في نبذ هذه الظاهرة المقيتة.
يقول نيلسون مانديلا: “لا يوجد إنسان ولد يكره إنساناً آخر بسبب لون بشرته أو أصله أو دينه. الناس تعلمت الكراهية، وإذا كان بالإمكان تعليمهم الكراهية فإذاً بإمكاننا تعليمهم الحب”.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *