-->

تقرير مؤسسة روبرت كينيدي: الرباط تخسر معركة حقوق الإنسان مع جبهة البوليساريو

تقارير حقوقية ـ لاماب المستقلة ـ مثل التقرير الصادر عن مؤسسة "روبرت كينيدي" في أعقاب زيارة وفد دولي لحقوق الإنسان إلى الصحراء الغربية ضربة قاسية للجهود الدبلوماسية التي بذلتها المملكة المغربية خلال السنوات الأخيرة للتعتيم على الوضع القائم في الأراضي الصحراوية المحتلة. التقرير الذي صدر في الثالث من الشهر الجاري فضح بالتفصيل الممارسات القمعية لقوات الاحتلال المغربية وجاء فيه أن جوا من الرعب يسود الأراضي الصحراوية بسبب تواجد الشرطة في كل مكان، وقد شنت الصحافة المغربية الموالية للقصر هجوما عنيفا على المنظمة غير الحكومية واتهمتها بالتحيز، وهو نفس الموقف الذي اتخذته الحكومة المغربية من تقرير المنظمة وزياة وفدها الذي ترأسته كيري كينيدي. والحقيقة أن تقرير مؤسسة "كينيدي" جاء ليعزز المطالب المتصاعدة بضرورة توسيع مهام بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية مينورسو لتشمل مراقبة وضع حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة، وليست مؤسسة "كينيدي" هي الوحيدة التي تنتقد الممارسات المغربية، فقبل نحو سنتين قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها أن الرصد الأممي لحقوق الصحراويين، يجب أن يشمل كل من الأراضي الواقعة تحت الاحتلال المغربي ومخيمات اللاجئين الصحراويين التي تديرها جبهة البوليساريو في تندوف، وأشارت إلى أن المينورسو هي البعثة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة التي لا يوجد لديها تفويض لمراقبة حقوق الإنسان، حيث أنشئت في سنة 1991 مع توقيع طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو على اتفاقية وقف إطلاق النار. وذهبت العفو الدولية آنذاك إلى حد مطالبة المغرب بإجراء تحقيق شامل في أحداث العيون المحتلة التي جرت في أواخر سنة 2010 وإخضاع المسؤولين عن التعذيب وسوء المعاملة لعشرات المعتقلين الصحراويين "لمحاكمة وفقا للمعايير الدولية للعدالة"، إضافة إلى اتخاذ إجراءات للحماية الكاملة للمعتقلين من التعذيب وسوء المعاملة "، ولاحظت أن عمليات قمع جرت على نطاق واسع شملت تعذيب المعتقلين الصحراويين (بما في ذلك الاغتصاب) أثناء تفكيك الأمن المغربي لمخيم المحتجين الصحراويين، كما ان السلطات لم تبلغ أسر المعتقلين عن أوضاعهم. هذه الموقف من جانب منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان تمثل دعما صريحا لمطلب جبهة البوليساريو التي تدعو إلى إعطاء المينورسو صلاحية مراقبة وضعية حقوق الإنسان، وقد رفض المجلس الأمن طلبا في هذا الاتجاه قبل سنتين، وانبرت الرباط إلى معارضة أي مراجعة لمهمة المينورسو وقد لقيت الدعم من حليفتها التقليدية فرنسا التي دأبت على إحباط كل مساعي مساءلة الرباط حول وضع حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة، وقد كان هذا الرفض رسالة خاطئة من جانب الأمم المتحدة التي شجعت بقرارها المغرب على التمادي في قمع الصحراويين، وهو ما تأكد عندما تضاعفت عمليات الاعتقال والقمع والتعذيب والتي بلغت ذروتها في شهر ديسمبر سنة 2010 عندما ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة في العيون المحتلة لما أقدمت على تفكيك مخيم "أكديم أزيك" واستعملت الذخيرة الحية في تفريق المحتجين الصحراويين وقتلت واعتقلت العشرات منهم . على مستوى آخر تمثل مواقف المنظمات غير الحكومية إدانة صريحة للأمم المتحدة التي رفضت أولا توسيع صلاحيات المينورسو ورفضت ثانيا التحقيق في مجزرة العيون، وهو ما يؤكد أن الشعور بالخيبة من الأمم المتحدة الذي يتحدث عنه الصحراويون باستمرار تتقاسمه منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان مع الشعب الصحراوي، وهو تأكيد من جهة محايدة لسلبية الدور الأممي في قضية الصحراء الغربية، وهو دور يتناقض تماما مع توجه المجتمعات الغربية نحو دعم القضية العادلة للشعب الصحراوي وكفاحه من أجل الحرية، فقد أصبحت قضية حقوق الإنسان أهم القضايا التي تركز عليها الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في أوروبا، ومن هنا فإن الدعم المتزايد الذي يلقاه كفاح الشعب الصحراوي من أجل التمتع بحق تقرير المصير يعود في جزء مهم منه إلى الاهتمام بمسألة حقوق الإنسان، وقد أثبتت المعركة التي خاضتها المناضلة الصحراوية أمينتو حيدر من أجل العودة إلى وطنها بعد قرار الإبعاد الذي اتخذته في حقها سلطات الاحتلال المغربي ، أن التعاطف الكبير الذي يبديه المجتمع المدني في الدول الأوروبية يمكن أن يشكل ضغطا كبيرا على الحكومات المتحالفة مع الرباط ويصحح التوازنات لصالح قضية الشعب الصحراوي، وقد كانت نهاية تلك المعركة نصرا كبيرا للقضية الصحراوية حيث اضطرت بعدها الرباط إلى عقد جولة جديدة من اللقاءات غير الرسمية مع ممثل الشعب الصحراوي من أجل امتصاص حالة الغضب المتصاعدة من السياسات القمعية المغربية، كما أن الدعوات إلى احترام حقوق الإنسان في الإقليم المحتل بقيت توجه إلى الرباط في كل مناسبة وقد جاءت هذه الدعوات على وجه التحديد من الاتحاد الأوروبي ومن الهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة فضلا عن المنظمات غير الحكومية التي تصدر تقارير مفصلة عن وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.الضغط الذي تمارسه المنظمات غير الحكومية على الأمم المتحدة والحكومات الغربية هو ثمرة للكفاح السلمي الذي خاضه الصحراويون خلال السنوات الأخيرة، وقد كان التحول الكبير هو دعوة المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس إلى توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة وضع حقوق الإنسان وهو ما أدى إلى نشوب معركة بين الرباط والمنظمة الأممية التي رفض أمينها العام استبدال مبعوثه رغم سحب الرباط ثقتها منه، وهي معركة أخرى خسرتها المملكة التي تسير نحو مواجهة غير محمودة العواقب مع المجتمع الدولي بخصوص هذا الملف.

Contact Form

Name

Email *

Message *