نهاية الطريق....!
منذ تسجيل الامم المتحدة سنة سنة 1963 للصحراء الغربية ضمن الأقاليم التي لا تتمتع
بحكم ذاتي، ومسلسل تصفية الاستعمار منها لم يعرف نهايته بسبب تجاذبات المصالح في المنطقة. وبالرغم من القرارات الدولية الواضحة بخصوص حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، ورغم المتغبرات الكبيرة التي شهدها العالم باتجاه تكريس قيم الديمقراطية واحترام حقوق الشعوب، الا ان هذه المصيبة ظلت تلاحق الصحراويين وكلما شعروا باقتراب الحل تخيب آمالهم من جديد. فهل لهذا الطريق نهاية؟
ٳن الامر يتعلق بقوة كل طرف وبموازين القوى التي تتٲثر طبعا بتجاذبات الاوضاع الجهوية والدولية. كان التوقيع سنة 1991 على خطة التسوية التي تبنت في مضامينها كل شروط جبهة البوليساريو امرا منطقيا حينها نظرا لتفوق الطرف الصحراويين عسكريا، لكن حسن النية الذي طبع تعاطي هذا الاخير مع مسلسل السلام واستمراره في تقديم التنازلات، لم يقابل للاسف الشديد بالمثل من الطرف المغربي بل واعتبره هذا الاخيرنوع من الضعف. لقد استغل المغرب غياب اصوات المدافع، التي كانت ستسبب في هزيمة نكراء له، ودعم حلفائه في مجلس الامن وصعوبة الاوضاع الدولية والجهوية بالخصوص، ليظهر وكانه هو المنتصر، فتملص من جميع التزاماته وراح يجسد سياسة الامر الواقع بٳحكام قبضته الحديدية على المواطنين الصحراويين في المناطق المحتلة ونهب ثروات الاقليم الطبيعية. لقد ساعد في الرجوع الى نقطة الصفر عجز الامم المتحدة عن تحمل مسؤولياتها في تنفيذ مهمتها المتمثلة في تنظيم استفتاء حر، عادل وشفاف لتقرير مصير الشعب الصحراوي، بل وتحولها الى راع لوقف اطلاق النار لايهمها في شئ استمرار معاناة الشعب الصحراوي.
لقد اجمع الكثير من المحللين بعد تقديم الامين العام للامم المتحدة لتقريره لسنة 2014، الذي عبر فيه عن قلقه الشديد من استمرار حالة الجمود والمطالبة بمراجعة شاملة لقاعدة العمل منذ 2007 ، ان القضية تتجه نحو الحسم لصالح الصحراويين نتيجة لاعتبارات موضوعية اولها: عدم الاستقرار الذي تشهده بعض دول المنطقة واستغلالها من طرف الارهاب الذي تنامى بشكل كببرفي الساحل الافريقي. وثانيها: الخوف من ان يقود عدم حل القضية ااصحراوية الى ردة فعل غير متوقعة من طرف الصحراويين خاصة مع تنامي خيبة ٲملهم في المنتظم الدولي وتزايد خروقات خروق حقوق الانسان في الجزء المحتل وهو ما سيجعل الامور تخرج عن زمام السيطرة. وثالثها : درجة الضغط التي اصبحت تمارسه حركة التضامن العالمية الواسعة مع حق الشعب الصحراويفي تقرير المصير والاستقلال والتي تعززت بموقف الاتحاد الافريقي كقوة اقليمة فرضت حضورها في عملية تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في افربقيا.
يٲتي محتوى تقريرالامين العام لهذه السنة بعيدا كل البعد عن ما خلص اليه تقرير السنة الماضية ومتناقضا مع كل التحاليل، الامر الذي قاد الى طرح العديد من التساؤلات حول اسباب هذا التراجع ومن ابرزها نزول الامين العام عند رغبة المغرب بهذا الشكل وبهذه البساطة، رغم ان هذا الاخير تمرد على الشرعية الدولية من خلال التهديد بقطع العلاقة مع الامم المتحدة وعرقلة جهود مبعوث الامين العام الشخصي وممثله الخاص لما يقارب من تسعة شهور. فخلفية هذا التراجع لا يمكن تصنيفها الا في اطار ان الامين العام وصلت به الجرٲة في المرة الماضة للوصول لتلك الخلاصات التي لا ترضي الكبار متناسيا انه مٲمور وليس آمر، وعليه الان ان يستدرك خطٲه ويلغي ما كان يفكر به.
كل ما يحدث من متناقضات في قضية الصحراء الغربية مرده بالاساس الى قوة تٲثير حلفاء المغرب على قرارات مجلس الٲمن خاصة فرنسا التي لم تتغير سياساتها في المنطقة والتي تبقى حجر عثرة امام انخراط المجتمع الدولى في مجهود جاد لحل هذه القضية التي تعتبر مسٲلة تصفية استعمار لا ٲكثر واقل.
انطلاقا مما سبق ذكره، فٳن الوقت قد حان للقيام بمراجعة شاملة لمسالة التعاطي مع الامم المتحدة لمعرفة مكامن قوتنا وضعفنا. فالتحدي بالنسبة للصحراويين اليوم هو انهاء فصول هذه المسرحية الهزيلة وبالتالي انهاء الاحتلال المغربي، وهذا لن يتٲتى الا من خلال فعل ذاتي قوي في المشهد العام للقضية من خلال تعبئة شاملة لكل جهودنا لصنع اوراق قادرة على فرض الحل الذي يلبي طموحات شعبنا في تقرير المصير والاستقلال.
بقلم: الديش محمد الصالح