-->

هكذا هي الاقدار تلميذا اصبح استاذ

بقلم الاستاذ غالي احمد لعبيد 
كلما التقيت بأحد أساتذتي الذين درّسوني في أيام الصّبا، مرّت عليّ كلمح البصر تلك اللحظات التي عشتها معهم في القسم بحلوها ومرّها، ويومها كنت أقول في نفسي تخيل نفسك مكان هذا الأستاذ ما كنت صانعاً؟
أصارحكم القول فقد مرّت عليّ لحظات عصيبة مع بعض الأساتذة فربما وصل بالبعض منهم أن يغضب غضباً شديدًا من تصرفات بعض المراهقين حتى ترى عينه تحمرّ وتكاد تدمع، يتفنّن في أنواع العقاب وأنواع الشتائم، يحبّ بعض الطلبة ويتغاضى عن زلاتهم ويقف موقفا حازما صارماً مع الآخرين، يضربهم لأتفه الأسباب لا لشيء إلا لأنه ربما قيل له من الإدارة أو من زميل مثله أن ذلك التلميذ مشاغب فوضويّ احذر منه
ولكن هل ينتهي المشكل عند هذا الحد ؟؟، كلاّ ففي الحصة الموالية يتكرر نفس الموقف، فربما وصل الحال به أن يُخرج نصف القسم حتى يتسنى له شرح الدرس، أو يتذمّر من وظيفة التعليم ويترك القسم ويخرج ذاهباً إلى المراقبة شاكياً، فلا يلبث المراقب أن يعوّضه في القسم لا ليشرح الدرس ولكن ليوبّخ ويهدّد الجميع، الصالح والطالح، ولكن وما ذنب التلميذ المجدّ المهتمّ، طبعاً يصيبه الغمّ
فأقول في نفسي مسكين هذا الأستاذ، متى يُعرف له حقّه من التلاميذ ومن المجتمع ومن ....
فأعود وأقول ربّما هو كذلك قد جنى على نفسه، اُنظر ذلك الأستاذ الفلاني الكلّ يحبّه ويجلّه طلبته يتهافتون إليه داخل الحصة وخارجها؟ فكنت كأي واحد منهم أتمنى أن تصل حصّته، أتساءل لماذا يا ترى؟ فأجد الجواب وبكل بساطة لأنّه متواضع، مبدع، يبادل طلبته الحبّ بالحبّ، يساعد الضّعيف منهم، ويشجّع المجتهد، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، يشركهم في القسم وفي الدّرس، يستمع لانشغالاتهم ومشاكلهم داخل المدرسة وخارجها ويحاول أن يجد لها حلاّ، بربّكم كيف لا يجد مثل هذا الأستاذ احتراما وتقديراً وحبّا من طلبته ومن أوليائهم.
وتمرّ الأيام والسّنون لأجد نفسي وقد قادتني الأقدار لأقف أمام طلبة في قسم لأشرح الدّرس، فماذا أنا صانع؟ هل أكون مثل الأستاذ الأول أم الثاني؟ أكيد الكلّ يشاطرني الرّأي ويجيب على الفور " الثاني " فأقول لهم مهلاً فقد تغيّر الزّمن وتغيّر الطلبة فما صاروا مثل الماضي، " ربّوا أبناءكم لزمان غير زمانكم " فلا يكفي أن تقلّد فلانا أو علاّن ولكن أبدع وكن أنت لا غيرك،
فلأترك للأيام وللطلبة أنفسهم الحكم والتقييم، وليضعوني في الموضع الذي يشاؤون، فأنا أؤمن أنّ التعليم ليس مصنعاً للقالب، ولكنّك يا أخي الأستاذ تتعامل مع أنفس وطبائع ومشاعر وأحاسيس وأذواق ....

Contact Form

Name

Email *

Message *