-->

أحجية لجان التفكير

اللجو للإرادة العامة، ثم الإحتكام للضمير الوطني، والتحرك بهذا الإتجاه،خاصة في مثل
هذه الظروف هي خطوة لم يعد عسيرا فهم أهميتها،وظهور لجنة بطابع وطني للتفكير بأشياء ترتبط بالمصير تبدو لي ـ كما لغيري ـ منطق عقلاني،بل طريقة شفافة لتحديد المصير السياسي في ظروف إستثنائية رغم الأحكام الشعبية المتناثرة التي يلغي بهاالرآي على عمها
أحيانا كثيرة،تكون الإجابة عن الأسئلة المصيرية غير ممكنة،على الرغم من بساطتها،خاصة عندما تكون البلبلة وإنحصار الرؤية أحد سمات المشهد السياسي،حيث تحول فوضي التفاسير،المشكل المطروح والإجابة عليه إلى مجرد لغزا ضائعا عصيا على الفهم والحل.المواطن العادي في هذه الحالة،يعتبر النظام مسوؤلا عن كل مشكلاته بمقام أول وبالتالي،يفسر ظهور لجنة عناصرها من أطر النظام،خطوة غير بريئة،الغرض منها الإلتفاف على يقظة الناس العاديين،الذين يملأ صوتهم الشارع،أكثر من كونه رغبة صادقة من النظام لتجهيز البلاد لمرحلة القطيعة النهائية مع الديمومة السلبية،والتي كرست وثبتت روؤس فساد كثر كجزء لا يتجزأ من المشهد السياسي الصحراوي،دون أن ننسى أن مجمل السياسات الفاشلة،التي طبقت على مدى عقود،كانت قد شكلت حاضنة لسخط شعبي من الصعب إمتصاصه
ومع ذالك كله،تبقى هناك دائما فرص متاحة للتغيير،وأخرى للنجاح إذا ما توافرت الإرادات وتحسنت النوايا،بشرط القطيعة مع الماضي،الذي نراه في سقوط أقنعة كثيرةـ وبالتخلي عن معاركنا الخاصة،تتوفر عناصر الألتقاء من تلقاء نفسها،وتتجمع لدينا ظروف القدرة على التحرك من جديد فيما يشبه تصحيح التصويب نحو الهدف.وبما أن التجربة الوطنية قد سبق لها وأن أبانت في مناسبات عدة أن المبادئ لاتدوم إلى الأبد لدى البعض،فإنه علينا عدم ربط مصير القضية بأشخاص معينين،كشرط لإستمرار هذه القضية،بل علينا ،ونحن في هذا الظرف أن نفكر في كيفية تحويل قرن من الصمود والثبات والأنسجام والتماسك إلى عملة قابلة للاستمرار،وذالك باستحضار العوامل السياسية والعسكرية وحتى الإجتماعية التي مكنت الثورة من الصمود إلى غاية اليوم
تاريخيا،في عام1976،كانت البوليساريو مجرد خارطة لمشروع سياسي،كان عليه أن يرى النور،وكان ظهور دولة صحراية أمر محفوف بمخاطر لاتعد ولاتحصى،ولم تكن قد مضت ثلاث سنوات على ظهور الثورة الصحراوية حتى تلقت ضربة موجعة، تمثلت في إستشهاد زعيمها،بيد ان الصحراويين المدججين بقوة الإيمان بعدالة قضيتهم،أيقنوا في ذالك الوقت بأن ثورتهم عليها أن تستمر ولو بشكل مختلف، وبعد أن نجحوا في تحديد الأهداف بوضوح،أختاروا الطريق الصعبة لبلوغها وهي طريق الكفاح المسلح،وبإعتمادهم على جيل من الثوار المقاتلين،إتسموا بالجرأة والرغبة في الشهادة،حصدت الثورة الصحراية نتائج أسطورية ستبقي محفورة في أذهان كل الصحراويين،ولا بد أن أمور كثيرة قد إلتوت وتعقدت،خاصة في الأربعين يوما الأولى على رحيل الولى،حتى جاء محمد عبد العزيز ليقود لجنة تنفيذية،تولت قيادة الحركة،ويبدو واضحا أن هذه الأخيرة لم تلتفت لمغريات الطريق في بادئ الأمر،مما ساعد المنظمة على أن تكبر قبل الأوان،وتصل إلى قمة عطائها العسكري أساسا مع مطلع ثمانينات القرن الماضي،وحتي هذا الظرف لم تكن المنظمة قد عرفت آي نوع من النزال السياسي بسبب الرغبة في السلطة،رغم العيوب النظرية والفكرية أحيانا التي ميزت تلك الفترة،ويعود مرد ذالك بالأساس إلى نوعية الأشخاص الذين أنيطت بهم مهام كبيرة داخل صفوف المنظمة،حيث تم إرتكاب الكثير من الأخطاء التي سببت لاحقا نوع من التداعي العصبي لدى العديد من الناس،بحيث لايزال يلغي بظلاله على النفسية العامة حتى اليوم،صحيح أن الماضي قد لايصلح لعلاج الحاضر،لكن تمكن الأستفادة من العبر،التي يزخز بها.
بقلم: ازعور ابراهيم

Contact Form

Name

Email *

Message *