-->

نافـــــــذة على المجلس الدستوري ـ الجزء الثالث


راينا في الجزء الثاني اهم اختصاصات المجلس الدستوري والسلطات المكلفة باخطاره خاصة بالقوانين والمتمثلة في : الرئيس ، رئيس المجلس الوطني والوزير الاول ، ، وقد راينا ان اختصاصات المجلس الدستوري خمسة هي :
1)ـ مراقبة مدى دستورية القوانين واللوائح التنظيمية.
2)ـ مراقبة مدى دستورية الإتفاقيات و المعاهدات الدولية.
3)ـ مراقبة شرعية الانتخابات.
4)ـ الفصل بين السلطات فيما يتعلق بالنزاعات الناجمة عن تطبيق القانون الأساسي للجبهة أو الدستور.
5) ـ القيام بالدراسات المتعلقة بالدستور.
وانطلاقا مما سبقت الاشارة اليه سنبين في هذا الجزء الثالث من المقال الاختصاصين الاولين على حده لنرى ما اذا كان قد تم احترام الدستور في هذا الاطار من قبل السلطات لتمكين المجلس الدستوري من ممارسة مهامه الدستورية .
وما ان كان المجلس قد قام بتطبيق ذينك الاختصاصين كما نص عليهما الدستور وماهي العراقيل التي تحول دون قيامه باختصاصه وسنركز هنا على :
ـ اختصاص مراقبة دستورية القوانين واللوائح التنظيمية ، 
ـ واختصاص مراقبة مدى دستورية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية .

1 ـ اختصاص المجلس الدستوري في مراقبة مدى دستورية القوانين واللوائح التنظيمية :
يعتبر هذا الاختصاص هو الاختصاص التقليدي للمجالس الدستورية ، فوظيفة المجلس هي مراقبة مدى دستورية القوانين واللوائح التنظيمية ، اي مطابقة القوانين ومختلف اللوائح القانونية والتنظيمية مع نصوص الدستور حتى يكون النص خاليا من اي عوار دستوري او قانوني .
ولتاكيد هذا الاختصاص نصت المادة ( 118 ) من الدستور :{ يخضع القانون العضوي لمراقبة مطابقة النص مع الدستور }.وتنص العارضة الاولى من نفس المادة : { إضافة إلى المجالات المخصصة للقوانين العضوية بموجب الدستور، يشرع المجلس الوطني بقوانين عضوية في المجالات الآتية:
تنظيم السلطات العمومية وعملها.
القانون الأساسي للقضاة والمجلس الأعلى للقضاء.
القانون المتعلق بالأمن الوطني.
قانون الإنتخابات.
قانون المحاماة} .
كما جاء محتوى النص الدستوري للمادة( 88 ) مؤكدا لضرورة مطابقة القوانين واللوائح مع الدستور اذ نصت علي :{ يحدد قانون عضوي تنظيم المجلس الوطني وعمله وكذا العلاقة الوظيفية بينه والحكومة . يعد المجلس الوطني على ضوء الدستور و القانون العضوي نظامه الداخلي ويصادق عليه. يخضع النظام الداخلي للمجلس للمطابقة مع الدستور}.
ولعل السؤال الذي يتبادر الى الاذهان حالا هو كيف تكون مطابقة القوانين واللوائح مع الدستور ؟ او بعبارة اخرى كيف يمكن للمجلس الدستوري القيام بهذه المهمة ؟
لايمكن للمجلس الدستوري حسب الدستور القيام بوظيفته هاته الا في حالة واحدة ، وهو اخطاره من قبل احدى السلطات المنوه عنها في المادة 143 وهي : الرئيس ، رئيس المجلس الوطني والوزير الاول .
وقد قام المجلس بدراسة عدد قليل من القوانين التي تمت احالتها اليه واصدر فيها اجتهادات اقل مايقال عنها انها قيمة حقا واجتهاداته فيها كانت يجب ان تكون محل اعجاب ودراسة واشهار ،بالرغم من ان الغالبية لايدرون عنها شيئا . وقد نظر المجلس مثلا كل القوانين العضوية التي صادق عليها المجلس وكان يتم اخطاره من قبل رئيس المجلس الوطني .
الا ان الجزء الاكبر من القوانين مر مباشرة بعد مصادقة المجلس الوطني عليه الى رئيس الجمهورية للتوقيع عليه واصداره دون حتى اخطار المجلس لممارسة اختصاصه الدستوري ، فلا الوزير الاول كلف نفسه عناء اخطار المجلس الدستوري اثناء اعداد القانون لياخذ رايا قبل احالته للبرلمان ، ولا رئيس المجلس الوطني احترم الدستور واحال القوانين المصادق عليها من قبل البرلمان الي المجلس الدستوري للحكم بمدى مطابقتها مع الدستور ، ولا رئيس الجمهورية استعمل صلاحياته الدستورية في الاحالة على المجلس الدستوري بالرغم من انه اخر حلقة في سلسلة اعداد القوانين، ولو سهر كل من الوزير الاول ورئيس البرلمان على تطبيق نص المادة 143 المتعلقة باخطار المجلس الدستوري، لكفى ذلك الرئيس من استخدام صلاحيته تلك لان المهم ان تقوم احدى تلك السلطات بالاخطار حتى تتمكن الهيئة الدستورية من القيام بمهمتها .
وحسب الاحصاءات المتوفرة فان الرئيس لم يقم ابدا باخطار المجلس الدستوري باي قانون او لائحة او مرسوم ، ونفس الامر بالنسبة للوزير الاول ، وسجلت مختلف الاخطارات من طرف رئيس المجلس الوطني لكن بانتقائية غير مبررة اذ تعلقت الاخطارات بالقوانين العضوية فقط مع ان النص واضح في ان المجلس الدستوري له اختصاص مراقبة دستورية القوانين كل القوانين العضوية والعادية ، وان على السلطات المنوه عنها اخطاره بكل القوانين التي يصادق عليها المجلس الوطني حتى يمارس وظيفته الدستورية .
اما اللوائح وبالرغم من سعي السلطات مؤخرا لاستعمال هذه الالية خاصة في العمليات الانتخابية فانه حسب علمنا لم يتم اخطار المجلس الدستوري باي لائحة مهما كان نوعها او موضوعها لمطابقتها مع الدستور ؟؟؟
لهذا السبب كانت يد المجلس الدستوري مغلولة في مراقبة مدى دستورية القوانين واللوائح التنظيمية ؟
2 ـ اختصاص المجلس الدستوري في مراقبة مدى دستورية الإتفاقيات و المعاهدات الدولية :
هذا الاختصاص ايضا من الاختصاصات التي درجت الدساتير على منحها للمجلس الدستوري ، وهو مراقبة مدى دستورية الإتفاقيات و المعاهدات الدولية ، اذ ان الدولة تقوم بالتوقيع او التصديق على الاتفاقيات الدولية من خلال عرض تلك الاتفاقيات على الحكومة والبرلمان ومن ثم تصبح جزءا من التشريع الوطني .
وهنا اقر المؤسس الدستوري ضرورة مراقبة مطابقتها مع الدستور منعا لاي تعارض محتمل بين الدستور وتلك المعاهدات والاتفاقيات الدولية، اضافة لما ينشا عنها من حقوق والتزامات بموجب القانون الدولي .
قامت الدولة الصحراوية بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية خاصة في الاتحاد الافريقي اذ تمت المصادقة على اكثر من 10 اتفاقيات واتفاقيات جنيف على سبيل المثال لا الحصر ، ومع هذا فان المجلس الدستوري لم يتمكن من مراقبة مدى دستورية ايا من هذه الاتفاقيات لسبب بسيط مرة اخرى وهو ان السلطات الثلاثة المكلفة باخطاره وهي الرئيس ورئيس المجلس الوطني والوزير الاول لم تقم بذلك جهلا او قصدا.
وبالنتيجة لم يحترم الدستور ولم يمكن المجلس من القيام بوظيفته الطبيعية . فالنظرة السائدة ان اخطار المجلس الدستوري ليس مهما وللسلطة التنفيذية ان تفعل ما تراه مناسبا دون المرور حتى على المجلس الدستوري وهذا يضعنا مرة اخرى امام اشكالية مدى وعينا بضرورة ثقافة احترام الدستور ونصوصه ، وان كان الامر يتم على هذه الشاكلة في ابو القوانين، الدستور، فلكم ان تتخيلوا ما يحدث في القانون العادي اعدادا او اصدارا وتطبيقا .
وان كانت هاته السلطات الثلاثة خاصة تدوس على الدستور في وضح النهار دون ان يحرك ذلك ساكنا ، في خرق سافر لنصوص دستورية صريحة ، ويمر الامر دون حسيب او رقيب فالاولى بنا ان لانتحدث عن دولة يسود فيها حكم القانون ؟
فلا احد في الحكومة يسائل الوزير الاول عن سبب عدم اخطاره للمجلس الدستوري ؟ ولا حتى البرلمان ؟ فتطبيق برنامج اي حكومة ينطلق من التزامها بتطبيق احكام الدستور والقانون وبالتالي تجب مساءلتها عن اي تقصير في هذا الاتجاه .
ولا نواب الشعب يستفسرون رئيس البرلمان عن السبب وراء عدم احترامه للنصوص الدستورية وهو واجهتهم وممثلهم القانوني ؟ ويرجع الامر في بعضه الينا نحن لاننا نحن من جعلناهم كذلك بصمتنا وخوفنا وسكوتنا عن الجهر والمطالبة باحترام القانون ، واعلاء كلمة الحق ، وامل ان لايستمر هذا الامر مستقبلا . يجب ان نكرس فعلا وقولا مبادئ قداسة القانون واحترام الدستور باعتبارهما خطا احمر يفصل بين التمدن بروح العصر لبناء مؤسسات قوية والفوضى التي تقدس الاشخاص لا القوانين .
لهذا السبب كانت يد المجلس الدستوري مغلولة مرة ثانية في مراقبة مدى دستورية الإتفاقيات و المعاهدات الدولية برغم النص الدستوري الصريح ؟
يتبع .........
بقلم : ابن البوليساريو

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *