-->

نافـــــذة على المجلس الدستوري ـ الجزء الرابع


شرحت في الجزء الثالث اختصاصي المجلس المتمثلين في
1)ـ مراقبة مدى دستورية القوانين واللوائح التنظيمية.
2)ـ مراقبة مدى دستورية الإتفاقيات و المعاهدات الدولية.
كما تطرقت لاهم العراقيل التي تحول دون ممارسة المجلس لذينك الاختصاصين ولاحظنا ان اهم ما عرقل المجلس الدستوري عن اداء مهمتيه هو انه لم يتبلغ باي اخطار من السلطات المكلفة باخطاره دستورا وهي الرئيس ورئيس المجلس الوطني والوزير الاول واكدت انه لو قام رئيس المجلس الوطني باحترام الدستور في هذا الاطار لكفى ذلك كل من الرئيس والوزير الاول اذ المهم ان تقوم سلطة واحدة بالاخطار، وكان يجب احتراما للدستور وانطلاقا من مبدا المسؤولية التضامنية بين هاته الجهات ان يقوم رئيس البرلمان بعملية الاخطار لان عملية تشريع القوانين والمصادقة على الاتفاقيات الدولية عمليتان تتمان في البرلمان اولا واخيرا.
وفي هذا الجزء ساقوم بتحليل وشرح مدى قدرة المجلس الدستوري على تطبيق اختصاصاته الثلاثة المتبقية واهم العراقيل التي تواجهه من اجل القيام بمهامه ، وسنتطرق الى الاختصاصات الثلاثة التالية :
3)ـ مراقبة شرعية الانتخابات.
4)ـ الفصل بين السلطات فيما يتعلق بالنزاعات الناجمة عن تطبيق القانون الأساسي للجبهة أوالدستور.
5) ـ القيام بالدراسات المتعلقة بالدستور
3 ـ اختصاص المجلس الدستوري في مراقبة شرعية الانتخابات :
الاصل ان يقوم المجلس الدستوري بمراقبة مدى شرعية الانتخابات والاعلان عن نتائجها النهائية واستقبال مختلف الطعون لضمان الحرص على انتخابات نزيهة تحظى بكل مصداقية وشرعية .
وبالرغم من النص علي هذا الاختصاص في الدستور الصحراوي منذ 1999 الا ان المجلس الدستوري لم يقم الا في حالات قليلة بمراقبة مدى شرعية الانتخابات والسبب بكل بساطة يرجع الى البناء القانوني المتناقض احيانا والى عدم قيام نفس السلطات باحترام الدستور وتعيين المجلس الدستوري قبل انتخابات البرلمان لتمكينه من مراقبة تلك الانتخابات والعمليات الانتخابية الاخرى . وبالنظر الى النظام الداخلي للمجلس المصادق عليه 2009 والمعدل لنظامه المعتمد يونيو 2004 ، فان الفرع الثاني من النظام الداخلي يحتوي على اربعة مواد ناظمة لرقابة شرعية الانتخابات ، اذ تنص المادة 14 : يراقب المجلس الدستوري شرعية الانتخابات طبقا لما هو منصوص عليه في القانون الأساسي للجبهة والدستور . وتضيف المادة 15 : يستقبل المجلس الدستوري الطعون المتعلقة بالانتخابات . بينما تؤكد المادة 16 من نفس النظام الداخلي ان : للطاعن ان يقدم امام المجلس الدستوري كل الوثائق والأدلة والشهادات التي لها علاقة بموضوع الطعن . واخيرا نصت المادة 17 على ان : للمقرر او المقررين في القضايا الانتخابية إجراء التحقيقات لاستيفاء كل المعلومات المطلوبة لمراقبة شرعية الانتخابات ، ومع هذا وجب التذكير بان السلطات التي لاتحترم دستورها لن تحترم بكل تاكيد مواد النظام الداخلي للمجلس الدستوري والذي لديه الصفة القضائية حسب نفس النظام .
وهنا لابد من التذكير ان الانتخابات التي لدينا تتوزع كالتالي : 
أ ـ انتخابات المندوبين للمؤتمر العام للجبهة ،
ب ـ الانتخابات التي تجري في المؤتمر العام للجبهة ،
ج ـ انتخابات المجلس الوطني ،
د ـ انتخابات رؤساء الدوائر ،
هـ الانتخابات البلدية ،
وـ انتخابات الهيئات القيادية للمنظمات الجماهيرية ،
ز ـ انتخابات هيئات المجتمع المدني ،
أـ انتخابات المندوبين للمؤتمر العام للجبهة واللائحة القانونية المنبثقة عن اللجنة التحضسرية للمؤتمر : تجرى هذه الانتخابات عادة مرة كل اربع سنوات، وبالرغم من ان مضمونها يتعلق بانتخاب ممثلي الشعب في الهيئة التاسيسية وهي اعلى هئية للحركة والدولة وهي المؤتمر العام للجبهة وفيه يتم اعتماد القانون الاساسي ودستور الدولة وانتخاب القيادة السياسية التي ستدير زمام الامور لاربعة سنوات قادمة ، وبالرغم من ان 60 في المائة يشاركون في المؤتمر عن طريق الانتخاب الا ان هذه العملية الانتخابية لم تراقب اصلا من طرف المجلس الدستوري ، اكثر من ذلك يتم اقحام اعضاء المجلس الدستوري في اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر ، وان لم يكن ذلك عيبا في حد ذاته ، الا انه كان بالامكان اعتبار المجلس الدستوري كله عضوا في تلك اللجنة على ان يختص دون غيره في الفصل في كل الطعون الناشئة عن تلك العملية الانتخابية فنكون قد ضربنا عصفورين بحجرة واحدة .
هذا اضافة الى ان اللائحة القانونية التي تعدها اللجنة الوطنية التحضيرية لاتعرض اطلاقا على المجلس الدستوري لاصدار مايراه مناسبا فيها بالرغم من وضوح النص الدستوري ، ويتم الاكتفاء بعرضها على الامانة للاعتماد الرسمي . وبالنتيجة فان المجلس لا يمكن { برفع الياء وفتح الميم وتشديد الكاف } من مراقبة هذه العملية الانتخابية .
ب ـ الانتخابات التي تجري في المؤتمر العام للجبهة : تجرى في المؤتمر عمليتين انتخابيتين لهيئتين قياديتين هما :
ـ الانتخابات الرئاسية او مايعرف ايضا بانتخابات الامين العام ، لارتباط منصب الرئيس بمنصب الامين العام للجبهة .
ـ وانتخابات الامانة الوطنية للجبهة .
وتشرف لجنة انتخابات من المؤتمرين تقترح من رئاسة المؤتمر على مجريات العملية الانتخابية في المؤتمر وتعين من بين اعضائها لجنة للطعون الا ان الغريب في الامر ان قرارات لجنة الطعون نهائية ؟ في تناقض صارخ مع القانون وفي محاولة مكشوفة لاعطاء صلاحيات المجلس الدستوري المنصوص عليها دستورا الى هيئة اخرى مؤقتة عمرها 48 ساعة فقط ؟
كما نلاحظ هنا من خلال نصوص القانون الاساسي، استبعاد المجلس الدستوري من القيام بمهمته في مراقبة مدى شرعية هاته الانتخابات بالرغم من ان النص الدستوري واضح في هذا الشان ، والحق الذي اعطاه الدستور للمجلس الدستوري في مراقبة شرعية تلك الانتخابات نزعه القانون الاساسي تماما من خلال نصوص اخرى ، وهو ما يوضح عدم وجود اي تناسق بين الوثيقتين اللتين تتناقضان في كثير من احكامهما ، وانا لست ضد النص على اللجنة الانتخابية التي تنشا في المؤتمر او لجنتها للطعون او اختصاصاتهما ، اذ لابد منهما معا ، انما ضد استبعاد الهيئة الدستورية التي وافقنا عليها جميعا من اي مهمة لمراقبة شرعية انتخابات المؤتمر وكان الاجدر مثلا من اجل المواءمة بين القانون الاساسي والدستور ان يتم النص في القانون الاساسي على حق المترشحين لكلا المنصبين في الطعن ضد قرارات لجنة الطعون في المؤتمر امام المجلس الدستوري على ان توثق مباشرة خلال مهلة اعلان الطعون وترسل الى المجلس الدستوري الذي يبت فيها في غضون مدة محددة وسريعة من تاريخ انتهاء اشغال المؤتمر وهذا الامر يتطلب تمديد ولاية المجلس الدستوري لتكون 5 سنوات وليست اربعة حتى لانصطدم بحالة شغور المجلس التي تعرقله دائما عن اداء مهمامه و اختصاصاته . 
امر اخر وهو ان نتائج تلك الانتخابات تسلم الى الامين العام للجبهة مباشرة بعد انتهاء اشغال المؤتمر ضمن اشغال ووثائق المؤتمر ، وكان الاسلم تسليم النتائج الى المجلس الدستوري للقيام باختصاصه في مراقبة الانتخابات وان يعلن كهيئة دستورية عن النتائج النهائية لانتخابات المؤتمر من اجل تحصين تلك النتائج سياسيا وقانونيا ودستوريا . وايضا من اجل تحديد حالات الشغور التي تطرا من حين لاخر واقتراح ملئها على الرئيس بالموالي في ترتيب نتائج العملية الانتخابية .
وبيت القصيد هنا ان نوضح ان يد المجلس الدستوري مغلولة لمراقبة مدى شرعية الانتخابات الرئاسية وانتخابات الامانة الوطنية التي تجرى في المؤتمر وهي في اعتقادي اهم عملية انتخابية كان يجب ان يشرك فيها المجلس الدستوري للبت في مدى شرعيتها طبقا للدستور.
ماذا بقي اذن ؟
ج ـ انتخابات المجلس الوطني : ينص الدستور على ان تتم انتخابات المجلس الوطني في غضون 90 يوما من انتهاء اشغال المؤتمر ، وكانت انتخابات المجلس الوطني قبل تعديل القانون الاساسي في المؤتمر 14 للجبهة تتم مرتين ما بين مؤتمرين ، الا انها الان ستكون مرة واحدة بين مؤتمرين ، ومنذ انشائه دستورا في 1999 لم يقم المجلس الدستوري بمراقبة مدى شرعية انتخابات المجلس الوطني الا في العهدة الثانية للبرلمان ، وقد قام بالفصل في طعون قدمها مرشحون بعد استبعادهم من قبل اللجنة الوطنية المشرفة على الانتخابات البرلمانية وقبل المجلس الدستوري ملفاتهم واصدرا قرارا باضافة مرشح في دائرته الانتخابية ، كما توصل المجلس الدستوري بطعون اخرى في نتائج العملية الانتخابية ورفضها لعدم التاسيس وانعدام الادلة . وقد اثار تدخل المجلس الدستوري كثيرا من الارتياح انذاك عند مختلف الهيئات بما فيها اللجنة الوطنية المشرفة على انتخابات المجلس لانه اصبح لديها سندا دستوريا في اعتماد النتائج النهائية .
اما بالنسبة للعهدة الاولى بعد المؤتمر مباشرة فلم تتم مراقبتها من قبل المجلس الدستوري اطلاقا ويدفع البعض باستحالة ذلك لان المجلس يكون في حالة شغور وبالتالي لايمكنه ممارسة اي رقابة ، واقول لو ان السلطات المكلفة بانتخاب او تعيين اعضاء المجلس الدستوري قامت بواجباتها القانونية مباشرة بعد المؤتمر فلن نكون امام هذه الاشكالية .
ولو قام رئيس الجمهورية بتعيين رئيس المجلس الدستوري وعضوي المجلس الاعلى للقضاء كما راينا سابقا ، مباشرة في قائمة تعييناته السياسية والتنفيذية والدبلوماسية والتقنية ، وقام المجلس الاعلى للقضاء بانتخاب عضوي المجلس الدستوري لامكن للمجلس الدستوري الانعقاد باغلبيته البسيطة بثلاثة اعضاء والمشاركة في القيام باختصاصه في مراقبة مدى شرعية الانتخابات البرلمانية ، الا ان هذا لايحدث غالبا ونصبح حينها امام حالة شغور للمجلس الدستوري ليستحيل معه اداؤه لمهامه ونلقي اللوم على النصوص بدل تعديلها والبحث عن معالجات ملائمة توفق بين المتطلبات المختلفة لنصوص الدستور .
وتوضح مختلف الشكاوى والطعون التي تمخضت عنها الانتخابات البرلمانية الاخيرة في مارس 2016 خاصة مع البون الشاسع بين مختلف القانونيين في التفسيرات المتعلقة ببعض الطعون ، اذ تم قبول طعن معين لسبب ما في ولاية اوسرد مثلا وتم رفض نفس الطعن مؤسسا على نفس السبب في ولاية العيون مثلا ، وهنا كان الافضل الرجوع الى هيئة واحدة وهي مكلفة دستورا بالقيام بذلك وهي المجلس الدستوري للفصل في مختلف الطعون الانتخابية واعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية ، لان ذلك من شانه اعطاء حصانة دستورية لنتائج اشغال اللجنة الوطنية المشرفة على الانتخابات البرلمانية ، وهو ما يحصل في غالبية الدول الديمقراطية ، الا انه للاسف لايحصل عندنا بالرغم من اننا جمهورية عربية صحراوية ديمقراطية ؟

د ـ انتخابات رؤساء الدوائر : تم الغاء هاته الانتخابات في التعديل الاخير على القانون الاساسي الذي اعتمده المؤتمر 14 للجبهة ومن الان فصاعد ا سيتم تعيين رؤساء الدوائر وطبعا من قبل السلطة التنفيذية، فنحن موبوؤون بمنح السلطة النفيذية دائما اختصاصات اضافية لما لديها دون تفكير عميق او وضع قيود على ممارستها لتلك الاختصاصات او تقييدها باخذ موافقة ممثلي الشعب حتى وان كان ذلك شكليا الا انه مهم في تشكيل الوعي الجماعي بان في السلطة المطلقة مفسدة مطلقة .
وهنا ادعو نواب البرلمان الى التدخل من اجل التقدم بمقترح قانون لتعيين رؤساءالدوائر قبل ان يساء استخدام هذا الحق اضافة الى ضرورة تحديد المعايير والشروط الموضوعية والمقاييس الدنيا لتقلد منصب رئيس دائرة ومختلف السلطات المكلفة بالاقتراح والتعيين بدءا بالولاة ووزير الداخلية ومسؤول امانة التاطير في مركزية الفروع وانتهاءا بالوزير الاول والرئيس وضرورة اشراك البرلمان في هذه العملية حتى تكون عملية شفافة القصد منها وضع الرجل { او المراة } المناسب في المكان المناسب .
وبالرغم من ان هاته الانتخابات كانت قبل 2015 تجرى مرتين بين مؤتمرين منذ المؤتمر العاشر اي منذ سنة 1999 الا ان اللائحة القانونية المنظمة لها انذاك كانت تعطي الحق للمجلس الدستوري باستقبال الطعون والبت فيها ، وتصدى المجلس الدستوري لبعض القضايا في هذا الاطار وبت فيها بشكل نهائي وتم الالتزام بقراراته من قبل السلطة التنفيذية . واعتقد ان المجلس الدستوري استقبل اخطارا بحالتين من الطعون الخاصة بانتخابات رؤساء الدوائر من قبل الوزير الاول انذاك .
هـ الانتخابات البلدية : هذه الانتخابات كانتخابات رؤساء الدوائر ولكنه لم يتم الغاؤها ، ويتم عادة تشكيل لجنة وطنية للاشراف عليها ، ولم يقم المجلس الدستوري بممارسة حقه الرقابي على هاته الانتخابات بالرغم مما يشوبها من شرعية .
وـ انتخابات الهيئات القيادية للمنظمات الجماهيرية : هذه الانتخابات ايضا تجرى في مؤتمرات المنظمات الجماهيرية الاربعة وهي :
ـ العمال 
ـ النساء
ـ الشباب
ـ الطلبة
ويتم تعيين لجنة داخلية في كل مؤتمر هي التي تشرف على كل عملية انتخابية . ولم ينظر المجلس الدستوري او يراقب ايا من تلك العمليات الانتخابية ، بالرغم مما شاب بعض تلك العمليات الانتخابية والجميع يتذكر ماحدث خلال انتخابات الشبيبة وانتخابات الطلبة وربما مستقبلا في انتخابات العمال . 
ز ـ انتخابات هيئات المجتمع المدني :
نجرى انتخابات من نوع اخر لهيئات المجتمع المدني ، كانتخابات الهيئة القيادية لافابراديسا واتحاد الحقوقيين واتحاد الكتاب والصحفيين واتحاد المهندسين واتحاد الحرفيين ، وغيرها من الاتحادات المهنية ، وبما ان النص الدستوري جاء عاما ، فان هذه الانتخابات لم تشهد اي اشراك للمجلس الدستوري لمراقبتها .
وكخلاصة نلاحظ انه لو كانت هناك نية وارادة سياسية صادقة في منح المجلس الدستوري دوره الحقيقي كان من المفترض ان يقوم طبقا للقانون الاسمى في الدولة بمراقبة مدى شرعية كل هاته العمليات الانتخابية والاعلان النهائي عن نتائجها على غرار ما تفعله بقية الدول المتحضرة وهذا لاينفي مسؤولية اللجان الوطنية او الانتخابية عن اعلان النتائج الاولية والاشراف العام على سير العملية الانتخابية برمتها بشكل عام سواءا في المؤتمر او خلال انتخابات البرلمان او الانتخابات البلدية او فيما يتعلق بانتخابات المنظمات الجماهيرية او انتخابات هيئات المجتمع المدني .
غير انه وكما شرحنا انفا فان المجلس الدستوري لم يقم بمراقبة مدى شرعية الانتخابات الا في حالات قليلة ، ناهيك عن حق المجلس الدستوري في دراسة كل اللوائح القانونية التي تعدها اللجان الوطنية للانتخابات لنزع اي عوار قانوني مفترض قد يشوب اللائحة المنظمة للعملية الانتخابية ، وما اكثرها لو قمنا بعملية مراجعة وتحليل لعض نصوص تلك اللوائح بشكل متان. .
وبالنتيجة فقد وضحنا هنا ان يد المجلس الدستوري مغلولة لمراقبة مدى شرعية الانتخابات بشكل عام ؟
4 ـ اختصاص المجلس الدستوري في الفصل بين السلطات فيما يتعلق بالنزاعات الناجمة عن تطبيق القانون الأساسي للجبهة أوالدستور
باعتبار المجلس الدستوري جهة فصل في كثير من القضايا الحساسة اسند له الدستور ايضا اختصاص الفصل بين السلطات فيما يتعلق بالنزاعات الناجمة عن تطبيق القانون الاساسي للجبهة والدستور .
وكثيرا ما تفسر نصوص القانون الاساسي او الدستور بتفسيرات مختلفة اثناء التطبيق من قبل هاته السلطات وحرصا على ان يكون مصدر الاجتهاد المؤسساتي واحد انيط المجلس الدستوري بالفصل بين السلطات اذا حدثت مثل هاته النزاعات ، او اختلفت التفسرات لدى كل سلطة لنفس الموضوع .
ونتذكر جميعا مثلا الجدل الواسع الذي اثاره تقديم الحكومة انذاك لمشروع قانون التعدين والذي رات انه لايناقض الدستور بينما رفضه البرلمان مرتين لانه في تصوره مناقض لاحكام مادة دستورية ، وكان واضحا ان هناك نزاع نشب بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ناجم عن تطبيق الدستور ، وكان الاولى بالمؤسستين ان يحتكما في تنازعهما ذلك الى الهيئة التي اناطها الدستور بالفصل في مثل هاته النزاعات وهي المجلس الدستوري.
وبدل احترام النصوص الدستورية في هذا الاطار ، تمسكت كل سلطة برايها ولم تبادر ايا منهما الى تطبيق الدستور وعرض الخلاف الناجم بينهما على المجلس الدستوري ، بالرغم من ان بعض البرلمانيين طالبوا بالامر غير ان رئيس المجلس الوطني والذي اقسم يمينا غليظة على احترام الدستور رفض احالة الخلاف لاخذ تفسير وراي المجلس الدستوري .
كما ان اللوائح التي يصدرها الجهاز التنفيذي لم تعرض قط على المجلس الدستوري والتي طالما اثارت جدلا بسبب تعارضها مع نصوص قانونية واضحة في القانون الاساسي او الدستور او القوانين العضوية او العادية .
وللقارئ ان يتذكر مثالا لذلك اللائحة القانونية الاخيرة المنظمة لانتخابات البرلمان وما اثارته من لغط واجتهادات من هنا او هناك اضافة الى الهوة الواسعة التي اظهرتها تفاسير مختلف لجان الطعون لنفس وجه الطعن المرفوع امامها فتباينت ردودها من ولاية لاخرى حسب فهم كل لجنة للنص القانوني ، حتى ان القانونيين انفسهم لهم تفسيرات متباينة كما اوضحت سابقا .
وكان الاسلم والاصح اعادة الامور الى نصابها ورفع الامرالى المجلس الدستوري للفصل في المسالة بقرار وتفسير واضح يلتزم الجميع بتطبيقه بدل ان نفرخ عشرات الاستشارات القانونية المختلفة لنفس الموضوع فيلقي الامر بظلاله السلبية على رؤية المجتمع لبنية النظام بشكل عام ، وكان الاصل ان نرجع للهيئة التي اسسها الدستور لاخذ رايها في الموضوع بدل ان نحول اشخاصا الى هيئات دستورية ونعطي لهم حق الفصل في كل شاردة وواردة هي اصلا ليست من اختصاصهم .
كان يفترض ان نتذكر جميعا ان لدينا مؤسسة دستورية اسمها المجلس الدستوري وهي مختصة طبقا للدستور بالفصل بين السلطات فيما يتعلق بالنزاعات الناجمة عن تطبيق القانون الاساسي للجبهة والدستور الصحراوي .
الخلاصة ان اطرافا في النظام لاترغب في ان ياخذ المجلس الدستوري مكانته الطبيعية كجهة فصل بين السلطات في تنازع حول القانون والدستور بشكل عام وفي غياب ذلك يتحول اشخاص اخرين الى القيام بدور المجلس الدستوري تحت مسميات مختلفة كمستشارين قانونيين مثلا ؟ لذلك ظلت يد المجلس الدستوري مغلولة لمارسة هذا الاختصاص الدستوري الواضح .
5) ـ اختصاص المجلس الدستوري بالقيام بالدراسات المتعلقة بالدستور
حاول الجلس الدستوري وخاصة رئيسه في بداية عهدته ان ينظم ملتقيات حول الدستور لمناقشة مختلف الجوانب المرتبطة بالدستور تطبيقا لهذا الاختصاص واجتهد الرجل بكل جد وتم القيام باعداد اوراق قيمة في هذا الاطار من قبل رئيس المجلس الدستوري وبعض اعضائه ، غير ان ذلك الزخم لم يواكبه دفع قوي من قبل السلطة التنفيذية ومنذ ذلك الحين بدات العراقيل توضع امام المجلس الدستوري كلما اراد تنظيم ورشة او ندوة او ملتقى فكريا .
هذه هي الحقيقة المؤسفة التي ربما لايعرف عنها الكثيرون ، حتى ان بعض الهيئات لاتجد غضاضة في التعبير عن عدم جدوى الملتقيات التي يطالب بها المجلس الدستوري متناسين انهم قد حلفوا يمينا غليظة على احترام نصوص الدستور التي تنص احداها على مثل هاته الملتقيات لجمع المختصين واهل الشان العام لدراسة بعض الاشكالات التي يثيرها تطبيق بعض النصوص الدستورية .
يتقدم الجيران ونتراجع نحن :
في التعديل الدستوري الاخير الذي اعتمدته الجزائر ، تمت دسترة حق المعارضة في اخطار المجلس الدستوري فيما يتعلق بالقوانين وذلك طبقا للمادة 166 فقرة 2 و 3 ، كما خول التعديل الجديد الحق للاشخاص العاديين في اخطار المجلس الدستوري ، فاين نحن من تقدم جيراننا ولماذا نتراجع في هذا الاطار ؟ اسئلة نترك الاجابة عليها للمختصين القانونيين وللسلطات المختصة .
خاتمة :
في نهاية هذا المقال باجزائه الاربعة اردت تبيان التاسيس القانوني لمؤسسة المجلس الدستوري وتثقيف القراء باهميتها وبمختلف الاختصاصات التي كلفت بها دستورا ، وقد رايت ان شطرا كبيرا من عدم قيام المجلس بمهامه يرجع بالدرجة الاولى الى عدم فهم مختلف السلطات لاهمية التعاون في بناء المؤسسات الدستورية للدولة الصحراوية التي نطمح ان تكون دولة متحضرة يسود فيها حكم القانون .
منطلقات المقال :
ينص الفصل الثاني: الحقوق، في مادته (12) ان : لكل مناضل في صفوف الجبهة الحق  بالمطالبة بـ :
- تطبيق مقررات مؤتمر الجبهة.
- احترام القانون الأساسي ودستور الدولة وتنفيذ قرارات وتوجيهات الهيئات الوطنية.
- الإدلاء برأيه شفويا أو كتابيا.
امتثالا للقانون الاساسي للجبهة وتاسيسا على المادة المشار اليها اعلاه ادلي برايي هذا كتابيا مطالبا باحترام مقررات مؤتمر الجبهة والاحتكام الدائم للقانون الاساسي ودستور الدولة ليس فيما يتعلق بالمجلس الدستوري فقط بل بشكل عام وفي المجالات كافة كي نؤسس لدولة لاتزول بزوال الرجال يسود فيها حكم القانون اولا واخيرا كما قال الزعيم الجزائري هواري بومدين رحمه الله . لنصل في النهاية الى تحقيق ما قاله مفجر ثورة العشرين من ماي الشهيد الولي مصطفى السيد رحمه الله حينما قال " ان الغاية الكبرى التي نطمح الوصول اليها هي : شعب ، منظم ، ملتحم ، قادر ، محترم وفوق ارضه ".
واخيرا وجب علي التذكير بنص القسم الذي اداه اعضاء الامانة الوطنية في المؤتمر لتذكيرهم بضرورة احترام القانون :
تنص المادة المادة (88) من القانون الاساسي للجبهة على مايلي :
مباشرة بعد انتخابها تؤدي الأمانة الوطنية فرادى اليمين القانوني التالي أمام المؤتمر: 
اقسم بالله العلي العظيم، أن احترم الدين الإسلامي، واحترم القانون ،وأتـقيد بثوابت الجبهة، وأن ابذل كل طاقتي من اجل تجسيد إرادة الشعب في الحرية والعدالة وتطبيق اختياراته وتحقيق أهداف كفاحه المتمثلة في الاستقلال وان أتعهد بالوفاء للشهداء، وان أحافظ على الانسجام داخل هيئتي وداخل جميع هيئات الجبهة وان اسهر على حماية حقوق المناضلين وحريات المواطنين وان أتحمل مسؤوليتي بكل جدية وصدق، وان أتحلى بالمثالية والنزاهة والخلق الحسن وان أصون الممتلكات العامة وان ابتعد عن مزاولة أي نشاط أو اعتناق أي فكر يتناقض مع خط الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وأخلاق المجتمع وان أضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار والله على ما أقوله شهيد".
وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين ، فهل تعي السلطة هذه الذكرى . ذلك ما اتمناه بكل تاكيد 
ولاية السمارة
4 ابريل 2016 .

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *