وثائق مسربة تكشف اسرار سعوديي "داعش"
عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، حصل السعودي، أبوالدحداح الشرقي، على تزكية من الناشط السعودي في العالم الافتراضي، أبو ليث الجزراوي المعروف بـ"السمبتيك"، للالتحاق بتنظيم (داعش) الارهابي.
وتوجه الشرقي إلى سوريا، عبر الحدود التركية، التي دخلها بجواز سفر شقيقه، تاركا خلفه عائلة مكونة من زوجة وطفل في مقتبل عمره. وبينما عاد "السمبتيك" إلى بلاده، هارباً من "داعش"، في يناير/كانون الأول من العام 2014، بعد "اكتشافه انحراف فكر التنظيم واستخدامه لحسابه في تويتر لأغراض ترويجية" كما قال، فإن أبو الدحداح لا يعلم أحد مصيره، وما آل إليه هو و361 منتسبا للتنظيم الارهابي، في الفترة من منتصف العام 2013، وحتى نهاية العام 2014، بحسب استمارات التنظيم المسماة بـ"بيانات مجاهد"، والتي تضم 282 سعودياً اختاروا تصنيف أنفسهم ضمن فئة "المقاتلين" في صفوف التنظيم، و48 من "الاستشهاديين"، و32 كـ "انغماسيين".
كشف المستور
تضم استمارات عضوية تنظيم "داعش" المسرّبة، معلومات تفصيلية عن منتسبي الجماعة، تقع في 23 خانة، معنونة بـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام"، (تغير الاسم في العام 2014 وأصبح "الدولة الإسلامية" بعد إعلان "خلافة" أبو بكر البغدادي)، ثم عبارة الإدارة العامة للحدود، وتبدأ المعلومات التي يملؤها الراغبون في الالتحاق بالتنظيم، بالاسم واللقب ثم الكنية، واسم الأم، وفصيلة الدم، وتاريخ الولادة والجنسية، والحالة الاجتماعية، والعنوان ومكان الإقامة، والتحصيل الدراسي، والمستوى الشرعي، والمهنة، والبلدان التي سافر إليها وكم لبث فيها والمنفذ الذي دخل منه والواسطة، وتاريخ الدخول، وهل سبق له الجهاد وأين، ونوع التخصص هل مقاتل أم استشهادي أم انغماسي، والاختصاص (مقاتل، شرعي، أمني، إداري)، ومكان العمل الحالي، والأمانات التي تركها.
ويتضح من الاستمارات التي حصلت "العربي الجديد" عليها من خلال موقع "زمان الوصل" السوري، ضآلة التأثير لعمليات تجنيد السعوديين عبر موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، إذ لم تتجاوز حالات التزكية عبر الموقع 4 أفراد. وتكررت وبشكل ملحوظ، عمليات انتحال منضمين إلى "داعش"، لشخصيات أخرى، من أجل السفر إلى سوريا إذ أقر بعض العناصر السعوديين، باستخدامهم جوازات سفر تعود لأحد أقاربهم، أو أصدقائهم، إذ يُكتب في الاستمارات أن الجواز لـ "شبيه" للعنصر المنضم إلى "داعش".
من أين جاء سعوديو داعش؟
تكشف بيانات سعوديي "داعش" تنوعا مناطقيا لافتا، إذ انضم سعوديون من مختلف مناطق المملكة إلى التنظيم، فيما زادت الكثافة العددية للعناصر الملتحقة بداعش من مناطق وسط المملكة (الرياض والقصيم وحائل)، والمنطقة الغربية (مكة المكرمة والمدينة)، والمنطقة الشرقية. ووفقا لما رصده معدّا التحقيق، عبر الاستمارات، فإن غالبية العناصر الملتحقة بالتنظيم من هذه المناطق (313 داعشيا أي ما يوازي 86% من إجمالي الاستمارات)، جاؤوا من المدن الكبرى مثل الدمام والرياض ومكة وجدة وبريدة.
وتأتي الرياض على رأس قائمة المناطق التي التحق منها عناصر بتنظيم "داعش"، إذ ملأ 115 شابا استمارات عضوية، وتليها القصيم بعدد 75 سعوديا، غير أن اللافت في منطقة القصيم هو أن بريدة، وهي أكبر مدن القصيم، التحق منها 60 شابا أي ما نسبته 80 %، وهو ما يراه عبدالعزيز الخضر، مؤلف كتاب "السعودية سيرة دولة ومجتمع"، رقما لافتا، مرجعا الأمر إلى ما يسميه "تراكمات ما بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن"، والتي يعني بها تأثر شباب القصيم بشكل عام، بشخصيات متطرفة ومحورية من قيادات تنظيم القاعدة، مثل يوسف العييري، والذي نشط في المنطقة، ما انعكس على الوضع الأمني في بريدة. ويعتبر العييري من القيادات البارزة للقاعدة، وقُتل في مواجهات مع رجال الأمن في السعودية في العام 2003.
ووفقا للاستمارات، تقلّ أعداد الشباب السعودي المنضمين إلى التنظيم من مناطق شمال المملكة (الحدود الشمالية والجوف وتبوك)، والجنوب (نجران وعسير والباحة وجازان)، إذ ملأ 23 شابا من الشمال الاستمارات، بينما التحق 26 من الجنوب بداعش، كما توضح بيانات المنتسبين الـ(362).
مفارقة المستوى الشرعي
.. المفارقة الواضحة هي أن 50% من المنتمين إلى "داعش" من السعودية، وصفوا مستواهم الشرعي بالبسيط بينما وصف 30% منهم مستواهم بالمتوسط و6% فقط في أعلى مستوى، وهو "طالب العلم"، ولم يحدد 14% مستواهم إذ لم يضعوا البيانات.
تجانس العمر والمستوى التعليمي
تكشف استمارات أعضاء داعش السعوديين عن ارتفاع نسبة المتعلمين بينهم، إذ جاء الحاصلون على الشهادة الثانوية في المركز الأول، بإجمالي 54% من الاستمارات، وغير بعيد عنها كانت نسبة الجامعيين 37%، وبلغ عدد الحاصلين على الشهادتين الابتدائية والمتوسطة 7% فقط، بينما لم يحدد 2% من بين المنضمين للتنظيم مستواهم العلمي.
وتتوافق الأرقام السابقة مع المستوى العمري لسعوديي "داعش"، إذ حصل من هم في المرحلة العمرية ما بين الـ20 والـ30، على نسبة 78%، وهو ما يتوافق مع الفترة التي قد يستغرقها الدارسون حتى إنهاء المرحلة الجامعية في السعودية، وفي المركز الثاني جاء من هم في المرحلة العمرية ما بين الـ30 والـ40، بنسبة 15%، وفي المركز الثالث من هم دون العشرين بنسبة 4%، بينما توزعت بقية النسب المئوية على الأعمار التي تفوق 40 عاما فأكثر.
المصدر: العالم