-->

هل ينجح كوهلر في رفع المظلة الفرنسية عن المخزن ؟


أثبتت حادثة الكركرات أن النزاع في الصحراء الغربية لم يعد يحتمل المزيد من التسويف والمماطلة وأن الشعب الصحراوي سئم من الوعود والانتظار، فالحادثة بينت مدى خطورة الوضع ومدى صبر الشعب الصحراوي وقدرته على ضبط النفس ولكن إلى متى ؟ .
الكركرات كانت صافرة إنذار لاحتمال وقوع سيناريو أسوأ إن لم يسارع المجتمع الدولي إلى حل النزاع، فمنذ توقيع جبهة البوليساريو والمملكة المغربية على الخطة الإفريقية الأممية التي تمخض عنها اتفاق وقف إطلاق النار وإيفاد بعثة أممية لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الأراضي الصحراوية المحتلة لم يتمكن الشعب الصحراوي من ممارسة هذا الحق، كما بقيت البعثة الأممية التي اسم مهمتها عاجزة عن تنفيذها ؟ !
يبدو أن الأمين العام الأممي الجديد انطونيو غوتيراس تلقى إشارات ما حصل في الكركرات بكل وضوح وفهم مدى خطورة الوضع لهذا وبمجرد تعيينه على رأس الأمم المتحدة أدرك أن بعث المفاوضات بين الطرفين بسرعة أصبح أكثر من ضرورة، كما يبدو أن الكركرات كانت بمثابة الصعقة الكهربائية التي جلبت انتباهه وانتباه المجتمع الدولي إلى حجم المجازفة التي قام بها المغرب حين اعتقد أنه بعد طرده للمكون السياسي لبعثة المينورسو يمكنه التمادي أكثر والنجاح في مناورة تحويل البعثة عن مهمتها الرئيسية وجعلها مجرد بعثة لمرقبة وقف إطلاق النار، بينما جاءت النتائج عكسية تماما حيث ازداد الإجماع الدولي على أن الوقت قد حان لإيجاد حل عادل ومنصف للملف ويكفي أن «الكركرات» كانت أول عملية خرق لاتفاق وقف إطلاق النار منذ 26 سنة ما يوحي أن احتمال اشتعال المواجهات من جديد أصبح واردا وفي أي لحظة إن لم تسارع الأمم المتحدة إلى بعث المفاوضات بين الطرفين بشكل عاجل.
يبدو أن كل هذه المعطيات وأخرى دفعت الأمين العام الأممي الجديد وبمجرد استلام منصبه إلى المسارعة في تعيين مبعوثه الخاص إلى الصحراء الغربية لتدارك الوضع واختياره وقع على شخصية من الوزن الثقيل لديها اطلاع واسع على خبايا السياسة الدولية تمتلك خصوصيات مقارنة بالمبعوثين الأمميين الآخرين في الملف الصحراوي وفي غيره، فالألماني هورست كوهلر يعتبر المبعوث الأممي الوحيد الذي كان يشغل رئيس دولة لها وزنها الاقتصادي والسياسي أوربيا ودوليا وهذا في حد ذاته مؤشر كبير على تبلور إصرار أممي غير مسبوق في وضع حد لهذا النزاع هذه الخاصية ستعطي لكوهلر هامشا أكبر للتأثير على طرفي النزاع وعلى كل المتدخلين في الملف من قريب أو بعيد وفي مقدمتهم فرنسا حيث يمكنه استعمال هذه الورقة للضغط عبر قنواته الدبلوماسية الخاصة في اتجاه تحريك الملف من خلال إقناع باريس بالكف عن عرقلة مجهودات الأمم المتحدة عبر دعمها غير المشروط للمغرب في موقف يتنافى مع روح القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ؟ ! .
المصدر: الشعب الجزائرية

Contact Form

Name

Email *

Message *