-->

أيموت الشعراء.؟

"المقيمون طويلاً يسلبون مقاعدنا ، يحوّلون أثاث بيوتنا إلى قِطعٍ منهم. بحيث نجلس، إذا جلسنا، على ضلوعهم، على عظامهم" .
الشعر روح تقفز من إنسان الى آخر...من جيل إلى جيل لتصارع بخلود غياهب النسيان البشرية ..
بادي ، شاعر الثورة ، الأطلال والملاحم و الحكمة ... "گيفانه" ينبوع الثقافة والهوية والأصالة ..
طالما تغنى الرجل بالثورة والأرض والإنسان و أوصى بكبرياء على ميراث الشعب و الحفاظ على مكتسباته وتضحياته، وحدته ، و نبل مقاصده ... لقد أودع في كل واحد منا ما يشبه رقيب الأعمال . 
يا الشعب الذكرك مرفوع * لا أدير الوحدة فنزاع
لا ترظي بها مــــفگوع * ولا تصيفط بها طماع
من ينكر فكرة رحيل شاعر ؟ ... واحرى أن يكون مثل بادي ، شاعر التوحيد ، الحكمة والتوبة ، والروح والفلسفة ....
وأكْتنِّ عَبْدَكْ لمْحَيْــــــــلِي * يَالرَّبْ الغَفُورْ الخَـــــــــــــــــــلاَّقْ
الرَزَّاقْ أرْجَيْتْ أفْتَحْلـــيِ * بِبَانْ الغُفْرَانْ أولَـــــــــــــــــــرْزَاقْ
وأغْفَرْذَنْبِ يُومنْ تَحْشَـــرْ* يَمُلاَنَ جَمْعْ البَشَـــــــــــــــــــــــــرْ
والخَاطِيهْ أفْرَكْ المَحْشَــرْ* يُومْ اتْجِ لكْتُوبْ افْلعْنَــــــــــــــــــاقْ 
اليُومْ المَخَالكْ مَفَـــــــــــرْ* عَنْ ذَاكْ الحَشْرأولاتــــــــــــــرْواقْ
لفَّامْ أنْشَافَ تتكَرْكَـــــــــرْ * تتحَاسبْ تتعاقبْ تتْحـــَــــــــــــــــاقْ 
تَكْبَظْ لكْتُوبْ أيْمَنْ وَأيْسَـرْ* يُومْ أظْهُورْ الحَقْ أوإِزْهَـــــــــــاقْ
البَاطلْ يَالعَاليِ لكْبَـــــــــرْ* أجْعَلْ بَيْنِي والنَّــــــــــــــــــارْ أرْواقْ
من لِبَاسْ الجَنَّة لخْضَــــرْ* سُنْدُوسْ أمْرَصَّعْ بَسْتِبْــــــــــــرَاقْ
وأجْعَلْ من زِلالْ الكَوْثَـرْ* كُؤوسِ نشْربْهُمْ دِهـَــــــــــــــــــــاقْ
وَأرْحَمنِِ مَزلتْ أفْمَقَــــرْ* لقْبَرْ وأعْليَّ لاَيضْيـَـــــــــــــــــــاقْ
سَلَّكْنِ منْ وَحْشتْ لقْــــبَرْ* وأمْن أعْذَابُ وأكْشف غَسَّـــــــــاقْ
عَنِّ ظَلْمتْ لقْبَرْنـَـــــــوَّرْ* ضَرِيحِ لاَنَجْبَرْشِي شَــــــــــــــــــــاقْ 
بِيَّ يَارَبِّ لاَنَجْبـَـــــــــــرْ * شِ شَيْنْ أُلاَنَجْبَرْمَشَـــــــــــــــــــاقْ
فَرَّحْنِِ يَارَبِّ فَخـَّـــــــــــــــــرْ* عُمْرِي فالمَوْتْ أوفالفِـــــــرَاقْ
إنه الزمن..عدو الشعراء الذي يهزمهم ...بعدما هزموه في دروب الحياة ... فقرب صلتهم بالفناء ككل البشر . 
مات الماضي سبحان الحي * الدايم واغل منو زيْ 
اعييت اتشوفو ماهو فيْ * حاضر ماحاظر فيه أواشْ.
.....
ماتَ في الدهر إتلَ موجود * لوكان التشواش أسوَ لاش
نافعني فيه أمّال إنعودَْ * زدت إعل تشواشي تشواش
لم ينكر بادي في قصائده قساوة اللجوء ولا الرضى بالمنفى ، بل طوعه شعرا وجعل من العيش فيه ممكنا ما دام الجميع ، و بوحدة يطمح لما هو أسمى و أبقى ويستحق الحياة ..تحرير الوطن .... سلاحه في ذلك (گيفان وطلع ) ...تلك الگيفان واطلع التي اثقلت جراحات روحه تذكرا وحنينا لمضارب الطفولة والفتوة .
ذيك المـــــــداده ياللا عندْ * امّك يبونا ذاك أدَغدْ
وياللا عنـد امّك مـاهي رد * يبونه ذيك المدفونه
فالعكله تنْيَركَ شتعد * من اترابك ذيك المدفونه
وذاك أدغد الثاني مسكين * والمبروك وذيك اكرونه
وهذو زاد الـــــــــورّاشيين * ياللا عند أمك يبونه!
مجد الأديب الثورة ونبذ الخيانة وكل ما ينتقص من قدر الرجال ، فقد خاطب الوجدان ،و مثل بنخوة وشموخ ، العمق الثقافي والسياسي لمجتمع نبيل وحالم بالحق والجمال ، تاركا وراءه إرثا بديعا .
الخائن واسوى يسـمعنا * خائـن ملعون اسوَ شِيكون
باللي فالكلمة من معنى * ومن ابعاد ونص ومضمون
ولَعاد فمجتمــــــعنا * خائن هـون املي ملـعون
وخير الهارب باللعـنة * مـن ذاك الكًاعـد بيها هون
في سفره السرمدي ، نخسر ذاكرة و حكمة ، يبقى صداهما حارسا للمثل والوطن ..فقد اختصر بادي مكارم الأخلاق والوطنية الفذة وخدمة الجماهير ...لقد كان حافظة التراث ، صوت الثورة و فارس الكلمة التي عبرت التاريخ ، الدروب والصحاري....
ما يحز في النفس أنه رحل ، ولكن في المنفى كأغلب جيله من الصحراويين ، بعيدا بعيدا عن لمبييدع.
سافر بادي محمد سالم وقد خلد معالم باقية ، غير قابلة للموت ... بقاء الوطن الذي سكنه.
الشعراء لا يموتون ...إنهم يتركون ندوبا في الذاكرة و على الأرض وفي صدور الأجيال ، تلك الندوب هي ؛ القصائد.
محمد الفاروق

Contact Form

Name

Email *

Message *