-->

حينما يدير التنظيم السياسي ظهره لمناضليه..لابد من وقفة!.


تثير الردود التي تلقاها المترشحون لانتخابات المجلس الوطني الصحراوي والراغبين في الطعن في اقصائهم بالقرار المتعلق بإعلان القائمة الاولية للمترشحين المقبولة ملفاتهم والذي صدر أمس الثلاثاء 03\03\2020 عن اللجنة المركزية المكلفة بمراجعة الملفات والتدقيق في مؤامتها للشروط المطلوبة والتي يحددها الدستور بشكل لا لبس فيه، هذا التعامل الفظ اثار مجموعة من التساؤلات المريبة حول الآليات القانونية والتنظيمية الموجودة اصلا للتعامل مع هكذا أحداث وطنية، وكذا الخلفيات غير الواضحة في الإعراض عن التعاطي السلس والتجاوب المبني على اسس التفاهم بين المناضلين وفق ما يحدده القانون واليات عمله المعتمدة.
ولئن كانت حادثة امتناع أعضاء لجنة الطعون صباح اليوم عن استقبال الوثائق والاسانيد المدعمة لحجج الاخوة الطاعنين في قرار اللجنة المركزية ليست بالحالة المعزولة على قرار إقصاء أحد أهم روافد التنظيم السياسي (اتحاد طلبة الساقية الحمراء ووادي الذهب) بحجة عدم استيفاء منتسبيه للشروط المحددة في الدستور، على التناقضات الفاضحة في تعاطي اللجنة العسكرية مع شرطي الترخيص والاعفاء من الخدمة العسكرية المثيرين للجدل اجتماعيا وقانونيا وسياسية وعسكريا، علاوة على مهزلة التعليمات التي أساءت كثيرا إلى التنظيم السياسي للجبهة البوليساريو، والتي جاءت استجابة لمقاس البعض ومحاولة لادخاله ضمن دائرة الشروط المثيرة للجدل؟ والفوضى الخلاقة في شرط مماثلة الشهادة الجامعية التي لا تحتاج اصلا لتفسير، لكن اللجنة التحضيرية كان لها رائها بعد تعليمة مسؤول امانة التنظيم السياسي لعاب الكثيرين من حملة الشهادات لما دون ثلاث سنوات بعد أن أضحى دخانا متصاعدا بلا نار لحظة إعلان عن القوائم الأولية زوال أمس، وهو ما أثار امتعاضا متزايدا بين أوساط فئات كثيرة من الشعب كانت تحلم بالترشح للمجلس الوطني من بوابة مماثلة الشهادة الجامعية، ليكتمل المشهد اليوم بإعراض أعضاء لجنة الطعون عن استقبال أي وثيقة خارج ورقة مكتوب فيها أن المعني يريد الطعن في قرار اللجنة، ولا نعلم حقيقة أي من الكوارث التنظيمية والتسييرية التي سيتخذها منحى قرارات اللجنة الوطنية بإيعاز من التنظيم السياسي ونحن نقترب من يوم 9 مارس التاريخ المحدد للانتخابات قبل إعلان النتائج الرسمية بعد ذلك بيومين.
إن مثل هاته الإجراءات التي تفتقد للحكمة و الدراسة وهذا التخبط في إصدار اللوائح التنظيمية دون مرجعية قانونية موضوعية جامعة للصحراويين هو أمر بات يؤرق الجماهير الصحراوية ويضع الاطر التنظيمة على المحك، حيث أصبحت تنظر للتنظيم بعين الريبة تجاه الأحداث الوطنية لاسيما في أهم الاستحقاقات التي تهم الشعب الصحراوي بصفة عامة.
ولأن كان القانون والمبادئ القانونية المتعلقة بتفسير نصوص الدستور والجهات المكلفة دستوريا بتفسير وشرح وتبسيط نصوص الدستور العامة ، تكاد تكون مسلمة بين كل من يعرف أن الدستور هو من اختصاص جهات تم حسم اختصاص كل منها سلفا ، الا ان التدخل المبالغ فيه لمركزية التنظيم السياسي وتفسير الواضح لاغراض خاصة، في التطاول على الجهات المخول لها حصرا تفسير مواد الدستور يعيد التساؤل مجددا عن من يحمي المؤسسات الدستورية التي أعطاها المؤتمر صلاحية تفسير مواد الدستور بما في ذلك نص المادة 80 الدستور، وإلا كيف استثنت اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجنة الوطنية التحضيرية قضايا محسومة بالدستور ولم تقدمها ضمن مقترحها بشأن اللائحة القانونية التي عرضت للنقاش في الجلسة العامة للجنة الوطنية من قبيل :
- شرط الخدمة العسكرية.
- مماثلة الشهادة الجامعة.
- موقفها من الدوائر الانتخابية الخاصة.؟
مع العلم ان هاته اللجنة الفرعية كانت تتضمن بين اعضائها أفضل ما نملك من القدرات الوطنية في مجال القانون( قضاة متمرسون ومحامين واكبوا مسار العدالة كي لا السنوات الماضية ).
الا يعلم هؤلاء أن الدستور لايمكن تفسيره الا من جهات ثلاث فقط :
1- المجلس الوطني (القوانين العضوية ، او العادية) هو صاحب الاختصاص الأصيل في مجال تشريع القوانين.
2- المجلس الدستوري ( في حالة إخطاره لأجل مطابقة قانون عضوي، او مطالبته بقرار تفسيري، او في حالة وجود أشكال بين تطبيقات القانون الأساسي للجبهة والدستور ).
3- رئيس الجمهورية( استثناءا في حالتي شغور او حل المجلس الوطني يمكنه أن يشرع لضرورتين فقط هما وجود حالة الاستعجال او وجود مصلحة حالة وضرورية وذلك بموجب أمر قانون)
إن هؤلاء الخبراء القانونيين كانوا أكثر ذكاء وخبرة من التنظيم نفسه بما فيه باقي أعضاء اللجنة الوطنية انفسهم، فهم يدركون أن الاليتين الأولى والثانية غير موجودتين بحكم تعطيل المؤتمر لهما كما نص على ذلك الدستور ويتعلق الأمر بانتهاء عهدة من المجلس الوطني محل الانتخاب والمجلس الدستور المنحل في المؤتمر الخامس عشر.
لتبقى الجهة الثالثة ممثلة في رئيس الجمهورية الذي له الحق في تفسير الدستور بموجب أوامر بمثابة قانون يمكنه من خلال تفسير او شرح نصوص الدستور الغامضة، وهذا ما قام به أعضاء اللجنة الفرعية بإحالة هاته المواضيع للنقاش في الجلسة العامة وتركوا القرار للتنظيم السياسي الذي اصبح يسير بمنطق برلماني ضيق.
الا ان استفراد التنظيم السياسي باللائحة القانونية بصفة الجهة التي ستقوم بالاشراف على عملية الانتخابات وبحكم تولى مسؤول أمانة التنظيم السياسي لرئاسة اللجنة الوطنية التحضيرية، ما جعله يبادر بإصدار حوزة من التعليمات لا هي دستورية ولا هي تنظيمية صرفة طالما أن الهيكل المراد إنشاؤه هو سلطة تشريعية في الدولة الصحراوية وليس رافد من روافد الجبهة الشعبية كحركة تحرير وطنية.
فمهمة الإشراف على العملية لاتعطي الشرعية القانونية لمسؤول أمانة التنظيم ولا حتى اللجنة الوطنية لإصدار لوائح ذات طبيعة قانونية وليس ذات طابع تنظيمي فقط طالما كان دور اللجنة الوطنية هو الإشراف على التنظيم وليس سن القوانين واللوائح التنظيمية مادام الهيكل المراد انشاؤه هو المجلس الوطني المنظم اصلا بموجب نصوص الدستور نفسه والقانون العضوي المنظم للعلاقة الوظيفية بينه وبين الحكومة وكذا النظام الداخلي الذي يحكم عمله وصلاحيات الإدارية والتنظيمية. 
ومع ذلك فإن تكرار مثل هاته التجاوزات التي فوجئنا بها ستقود لامحالة إلى مرحلة خطيرة ليس فقط في شكل وآليات تنظيم الاستحقاقات الوطنية وإنما يفقدها مع الوقت طابع المشروعية المبني اصلا كمفهوم سياسي قبل أن تكون قانونية على شرعية العمل التنظيمي سواء كان سياسيا، تنظيميا او كان قانونيا وإداريا، يومها لم يبق وقت للتساؤل عن طبيعة النظام الذي يحكمنا بل عن أي تنظيم كنا نسير خلفه طوال السنين التي مضت!!؟.

Contact Form

Name

Email *

Message *