-->

ألمانيا حجر النرد الذي قد يقلب اللعبة


بقلم : موسى سلامة حمدي 
منذ نشأته و الإتحاد الأوروبي يعيش صراع زعامات تقوده أقطاب سياسية متعددة انحصر بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي بما عرف بالبريكسيت بين حلفاء الأمس ألمانيا من جهة و فرنسا من جهة أخرى و هو ما ظهر جليا في الإنتخابات الأخيرة لتحديد رئيس المفوضية الأوروبية حيث وصف زعيم الاشتراكيين الهولندي فرانس تيمرمانس، الصراع القائم بصراع العروش قائلا "صراع العروش سيبدأ لتعيين من سيحصل على تلك الوظيفة" و في ظل هذا الإنقسام أو بالأحرى الإستقطاب يأتي السؤال كيف يمكن للبوليساريو الإستفادة من الدور الألماني في المؤسسة الأوروبية خصوصا في ملف الثروات في ظل صراع الزعامة القائم 
تعتبر ألمانيا الاعب السياسي الدولي الأكثر خجلا مقارنة مع بقية الدول ذات الوزن السياسي و الإقتصادي الألماني و لذالك الخجل سببه التاريخي فألمانيا المنهزمة في الحرب العالمية الثانية و المقسمة طيلة الحرب الباردة خرجت مثقلة بالمعاهدات و الإتفاقيات المجحفة و التي أثرت على دورها السياسي في السنوات الماضية و هو ما ظهر جليا في موافقتها على توسيع حلف الناتو و كذا توسيع الإتحاد الأوروبي لكن تلك المواقف اللينة أصبح مع وصول يمين الوسط الى الحكم اكثر معارضة فقد رفضت ألمانيا توسيع حلف الناتو من اجل تحسين العلاقات مع روسيا و كذا رفضت توسيع الإتحاد الأوروبي لعدم رغبتها في دخول تركيا و كل ذلك من اجل بسط سيطرتها الإقتصادية على أوروبا و هي السياسة التي جعلتها تتحالف مع فرنسا ضد بريطانيا قبل خروج هاته الأخيرة و لم تقتصر السياسة الإقتصادية الألمانية على الداخل بل صارت إحدى محددات السياسة الخارجية فتزايد النفوذ الإقتصادي الألماني في أفريقيا بحجم تبادل فاق 45 مليار يورو في سنة 2018 و تعزز تلك الشراكة بدول وازنة في القارة مثل جنوب أفريقيا و مصر و الجزائر و إثيوبيا و بالتالي مزاحمة فرنسا على سوقها التقليدية 
و هو الشئ الذي سينعكس على القضية الصحراوية في ظل تباين العلاقات المغربية الألمانية في هذا الصراع فما حجم تلك العلاقات ؟ 
يرجع بعض المؤرخين بداية العلاقات المغربية الألمانية إلى عام 1506، حيث أنشئت فروع تجارية ألمانية في ميناء صافي بالمغرب. ومنذ عام 1781 بدأت المحادثات بين المغرب ومدينة بريمن الألمانية من أجل عقد اتفاقية تجارية. أما التوقيع على أول اتفاقية بين المغرب ومدينة هامبورج لتنظيم سير السفن في الموانئ المغربية فكان في عام 1802، تبعه بعدها بعدة أعوام إبرام اتفاقية مشابهة مع مدينة لوبك. 
و رغم قدم العلاقات و كذا بدايتها بالمبادلات التجارية اي الجانب الإقتصادي فإن حجم الإستثمارات الألمانية في المغرب يعتبر ضعيف جدا و و الدليل على ذالك ما قاله وزير الإقتصاد المغربي العلمي، الذي كان يتحدث على هامش انعقاد أشغال الدورة الثانية للجنة الاقتصادية المغربية الألمانية المشتركة، إن الاستثمارات الألمانية المباشرة لم تتعد 118 مليون أورو خلال سنة 2013. قابعة خلف دول صغيرة كمالطا و إيرلندا و الدانمارك 
و كذا حجم المبادلات التجارية بين البلدين في سنة 2019 لم يتجاوز 3,9 مليار يورو حسب تصريح مدير عام غرفة التجارة والصناعة الألمانية أندرياس وينزل لصحيفة لو ماتا و هو نصف المبادلات بين الجارة الجزائر و ألمانيا لنفس السنة تقريبا و يعزو المتابعون ضعف التواجد الألماني في المغرب الى السيطرة الفرنسية على السوق المغربية اضافة موقف الحكومة الألمانية الرافض الإستثمار في الصحراء الغربية و هو العامل الرئيسي الذي جعل الحكومة المغربية تحاول جر الشركات الألمانية الخاصة الى مستنقع الإستثمار في الصحراء الغربية و بالتالي توريط ألمانيا الرسمية و قد نجح الإحتلال المغربي في توريط 14 شركة ألمانية خاصة في العمل اللاشرعي في الصحراء الغربية و تأتي في المركز الرابع بعد اسبانيا و فرنسا و الصين و تعمل هاته في عدة مجالات ابرزها كونتيننتال المورد الرئيسي للمعدات لمنجم فوسبوكراع اضافة الى شركة HeidelbergCement التي استحوذت مؤخرا على مصنع الإسمنت قرب العيون المحتلة اضافة الى شركة سيمينس الناشطة في مجال الطاقة المتجددة و رغم ذالك مازال الحكومة الألمانية تصدر إشارات على عدم الإستثمار في الصحراء الغربية و آخرها قرار بنك التنمية المملوك من طرف الدولة القاضي بعدم تمويل اي مشاريع في الصحراء الغربية و اعتبار إدارة البحوث بالبرلمان الألماني المغرب قوة احتلال في الصحراء الغربية .
إن الصراع الدائر على مناطق النفوذ الإقتصادي بين ألمانيا و فرنسا و داخل أروقة الاتحاد يعطي هامش للتحرك لجبهة البوليساريو من اجل استمالة الطرف الألماني الى جانبها و قد تنجح في زيادة ذالك الهامش في حال إخراج الشركات الألمانية المتورطة في نهب الثروات في الصحراء الغربية من المعادلة عبر القانون أو الحملات الموجهة ضد تواجد تلك الشركات مما سيجعل الطرف الألماني اكثر تحررا في التعامل مع الإتفاقيات المغربية الموقعة مع الإتحاد الأوروبي و عنصر ضغط على الغريم الفرنسي الأكثر إستفادة من تلك الإتفاقيات 
الأقوى ليس قويًا بما يكفي ليكون دائمًا سيدًا ، إذا لم يحول قوته إلى قانون" (جان جاك روسو).
المصادر : 
الجزيرة نت
المرصد الدولي لحماية ثروات الصحراء الغربية 
الثروات الطبيعية الصحراوية صراع الوفرة و النهب الدكتور غالي زوبير 
Dw عربية 
شبكة نبأ 
صحيفة لو ماتا 
موقع الجمل بما حمل 
موقع فرانس 24

Contact Form

Name

Email *

Message *