-->

إستراتيجية التهديد.. تسليح الإنتفاضة كمقترح


منذ وقف إطلاق النار والجبهة الشعبية تستعمل الإستنكار والتنديد كأساليب للتعبير عن رفض الواقع وفي نفس الوقت للإظهار الإحترام للآليات الأممية التي ظلت الجبهة متمسكة بها رغم أنها ـ من خلال ما عبر عنه الشعب الصحراوي مرارا شعبيا وكذلك البيانات الرسمية أحيانا ـ لم تعد تؤمن بقدرة ولا إرادة هذا الكيان العالمي في إنصاف شعب الساقية والوادي.
وفي كل مرة ترى فيها الجبهة بأن بيانات الإستنكار والتنديد لا تجدي نفعا تلجأ إلى أسلوب التهديد الذي يعتبر إحدى الإستراتيجيات العالمية في الصراعات بكل أشكالها، ورغم أن المفكرين وعلماء هذا المجال اختلفوا في طرحهم الفكري حول الصراع بصفة عامة وحول التهديد كأسلوب لحسم الصراع إلا أنه يمكن القول أن بعض الأطروحات لاقت إجماعا كبيرا ومنها ضرورة أن يكون التهديد محتمل الوقوع أو أن يرى فيه العدو مخاوف ممكنة الحدوث.
وانطلاقا من هذه الأطروحة وبتطبيقها على واقعنا ظلت الجبهة تهدد بالحرب بدون أن تنفذ التهديد في حالة عدم تطبيق ما هددت من أجله، وهنا لا نلوم القيادة السياسية على عدم تطبيق التهديد وإعلان الحرب ـ التي من الممكن أن تكون غير ممكنة ولو مرحليا ـ لكن نلومها استراتيجيا على هذا التهديد الذي تعرف مسبقا أنها لن تطبقه إن ادعت الضرورة ورغم ذلك هددت به، وهذا بالتأكيد يفقد التهديد أهميته الإستراتيجية ويصبح مجرد درب من العبث والعشوائية، ولن يغير أي شيء في موازين الصراع، وهذا أصبح جلي من خلال ردة فعل العدو مؤخرا والتي يميزها اللامبالاة بعد كل تهديد للجبهة بالحرب.
وبالتالي أصبح من الضروري العمل على خطوة عملية تشكل تهديدا حقيقيا للمحتل وأن تكون الخطوة ممكنة الحدوث وجعلها آلية تهديد فعالة مع التنفيذ إن ادعت الضرورة، وبحكم الواقع لا يمكن التأثير على العدو وإخضاعه ـ كما سبق وحدث ـ إلا بالعنف الثوري والكفاح المسلح وبما أن العدو يتخندق بالمناطق المحتلة وجدار الذل والعار فمن المهم أن تكون الخطوة هناك حيث مسافة الصفر بين المناضلين الأشاوس والجيش المغربي الجبان.
ويمكن أن تحقق هذه الخطوة بدراسة إنشاء قوة مسلحة بالمناطق المحتلة تتوافق مع الخط التحرري للجبهة مبدءا وممارسة، وهذا سيمكن المناضلين الذين يتعرضون للقتل والتعذيب والإعتقال والإختطاف ـ ويتقبلون هذا استجابة لنداء الجبهة التي دعت إلى انتفاضة سلمية ـ من مجابهة عنف الظلم والإستبداد بعنف التحرر والحرية والكرامة.
إن وجود قوة مسلحة بشكل محكم التخطيط بالمناطق المحتلة هو خطة استراتيجية ستحقق الكثير من الأهداف آنيا ومستقبليا، وهذا لا يعني أبدا التنازل عن الإنتفاضة السلمية بل مواصلتها مع التهديد بالقوة المسلحة التي ستفرض على العدو تغيير تعامله مع الشعب الصحراوي بالجزء المحتل من أرضنا ومع القضية بصفة عامة.
إن عامل اللاستقرار ـ الذي يحاول العدو تجسيده بمخيمات العزة والكرامة والأراضي المحررة لتغطية احتلاله واستغلال ثروات الشعب الصحراوي بأريحيةـ يجب أن ينقل إلى أرض المعركة التي هي المناطق المحتلة ويجب أن يكون تواجد المحتل غالي الثمن وما دام التواجد مفروض مرحليا فيجب أن يخسر أكثر مما يربح ماديا ومعنويا.
الكفاح المسلح كان ولا زال العامل الوحيد الذي يرعب الغزاة ولابد من تجسيده أو التهديد به عن طريق آلية ممكنة، وفي ظل ظروف المنطقة والعالم، فصفيح ساخن تحت أقدام المحتلين بقيادة ثوار المناطق المحتلة سيكون كفيل بخلط أوراق الرباط التي لم تنصت للشعب الصحراوي إلا عندما خاطبها بفوهات البنادق.
بقلم: حمادي جامع

Contact Form

Name

Email *

Message *