-->

ترامب يسمح باحتلال الصحراء الغربية ويهدد آفاق السلام بها


 ترجمة لمقال: أليس ويلسون 22/12/2020

ترامب يسمح باحتلال الصحراء الغربية ويهدد آفاق السلام بها

ترجمة: الديش محمد الصالح

ان اعلان إدارة ترامب يوم 10 ديسمبر 2020 اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة المغربية على أراضي الصحراء الغربية يخالف القانون الدولي بتأييده للاستعمار والاحتلال، كما أنه يهدد آفاق السلام المستقبلي في شمال غرب إفريقيا. ويعكس القرار أولويات إدارة ترامب، لكن ليس بالجديد على قادة العالم تجاهل القانون الدولي وآفاق السلام في الصحراء الغربية او تسامحهم مع الاستعمار والاحتلال ودعمهم له هناك، بل ان قرار إدارة ترامب اعطى هذه الحقائق رؤية جديدة علنية. فلابد وأن تذهب الجهود الجارية لدعم حق الصحراويين في تقرير المصير بعيدا للضغط من اجل التراجع في اعتراف الولايات المتحدة والدعوة لشروط حقيقية لتصفية الاستعمار.

 

لقد أعلنت إدارة ترامب في 10 ديسمبر نتائج الصفقة المتفق عليها مع ملك المغرب محمد السادس، بحيث ياتي المغرب بعد دولة الإمارات والبحرين والسودان ليصبح رابع دولة عربية تطبع العلاقات مع دولة إسرائيل. وكما في هذه الحالات الأخرى، فإن تطبيع المغرب للعلاقات مع إسرائيل سيعزز أهداف السياسة الخارجية لإدارة ترامب فيما يتعلق بإسرائيل.  اما فيما يخص حالة المغرب، فقد استغلت هذه الأخيرة فرصة الصفقة  لملاحقة قضية سياسية خارجية رئيسية على مدى السنوات الـ 45 الماضية: مطالبها بالسيادة على الصحراء الغربية. وعلى حد تعبير جون بولتون ، ممثل الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة، فإن  قرار ترامب قد "القى بالشعب الصحراوي تحت الحافلة".

 

بعد انسحاب إسبانيا من مستعمرتها السابقة، قام المغرب بغزو واحتلال أجزاء من الصحراء الغربية في عام 1976، حيث تحرك الجيش المغربي والمستوطنون المغاربة "لاستعادة" أرض أعلن النظام الملكي أنها جزء من المغرب. فقد قام الاحتلال بحرمان، تشريد واضطهاد الآلاف من السكان الأصليين للصحراء الغربية، الذين كانوا حاربوا من أجل الاستقلال عن إسبانيا بقيادة حركة التحرير الوطني لجبهة البوليساريو، التي تعترف بها الأمم المتحدة كممثل شرعي للشعب الصحراوي.  وخلال زمن الحرب ثم عقود من حل النزاع الفاشل، تنافس المغرب وجبهة البوليساريو على جبهات متعددة؛ من اجل أراضي في الصحراء الغربية المقسمة، ومن اجل ولاء شعبها، ومن أجل الشرعية الدولية، ويعتبر الاعتراف الأمريكي بمطالب المغرب آخر إنجاز للمملكة في هذا الصراع الطويل الأمد.

 

ان هذا الاعتراف غير مسبوق، حيث محكمة العدل الدولية، محكمة العدل الأوروبية، الاتحاد الأفريقي، الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كلهم دوما يعترفون بان الصحراء الغربية هي إقليم لا يتمتع بالحكم الذاتي (مستعمرة)، ولشعبها الحق في إنهاء الاستعمار من خلال إعمال تقرير المصير. وباعترافها بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، تكون إدارة ترامب قد تجاهلت تصنيف القانوني الدولي للصحراء الغربية بأنها إقليم لا يتمتع بالحكم الذاتي واهانته، وأيدت وشرعت علنا الاحتلال الاستعماري.

 

 ومما يثير القلق بنفس القدر المخاطر التي يشكلها قرار الولايات المتحدة على آفاق الحل السلمي للصراع، حيث ان إعلان ترامب منح الاعتراف كوسيلة للتقدم في حل "واقعي" لنزاع الصحراء الغربية، وهو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، ولكنها خطوة تهدد آفاق الحل السلمي لأنه أثناء الاعلان كان الوضع على الأرض متوترًا للغاية فعلا اثر اطلاق الجيش المغربي، في نوفمبر 2020، النار على متظاهرين صحراويين عند نقطة تفتيش حدودية بين موريتانيا والصحراء الغربية، مما دفع جبهة البوليساريو إلى إعلان استئناف الحرب. وفي هذه اللحظة الحرجة، ويؤشر اعتراف الولايات المتحدة للمغرب بإمكانية استمرار المملكة في تجاهل القانون الدولي مع الإفلات من العقاب ، كما يؤشر للصحراويين بأن قادة العالم سيستمرون في غض انتباههم عنهم وعن حقوقهم. وهذه الرسائل تعرض آفاق السلام  في المستقبل للخطر بدل دعمها.

يهدد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية بإضفاء سابقة شرعية جديدة على الاحتلال المغربي؛ فمن الناحية العملية، على اية حال كان حلفاء المغرب، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، قد تساهلوا مع الاحتلال المغربي وايدوه منذ فترة طويلة، وعملوا من اجل حماية المغرب من المساءلة عن احتلاله، فعلى سبيل المثال عن طريق المناورة أو التنازل لاستثناء مراقبة حقوق الإنسان من عهدة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء الغربية.  ومن كون المغرب حليفًا استراتيجيًا في مكافحة الإرهاب ويوجد على طريق غرب البحر الأبيض المتوسط ​​للهجرة غير الموثقة إلى الاتحاد الأوروبي، فمن المرجح أن يواصل حلفاء الولايات المتحدة والمغرب الأقوياء والمؤثرون تمكين المغرب من احتلاله للصحراء الغربية.

 ولهذا، بالنسبة لأولئك المهتمين بدعم تقرير المصير ومعارضة الاحتلال الاستعماري، لن يكون كافياً التعبئة كي يتراجع الرئيس المنتخب جو بايدن عن خطوة ترامب – كون هذا التراجع سيكون لصالح التمسك بالقانون الدولي ودعم جهود السلام.  ان هناك حاجة لتحول كبير يعمل فيه قادة العالم  لأجل، وليس ضد، خلق ظروف حقيقية لإنهاء الاستعمار وحماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وخارجها. إن الإخفاق الجماعي في محاسبة زعماء العالم على هذه الأسئلة سيسمح بان يطول الاستعمار والاحتلال والدعم لهما، بينما يترك الصحراويين مثقلين بتكاليف العقاب.

 أليس ويلسون محاضر أول في الأنثروبولوجيا الاجتماعية بجامعة ساسكس.  ويبحث عملها الثورة وبناء الدولة والتغيير الاجتماعي بين اللاجئين الصحراويين في الجزائر..  وهي مؤلفة كتاب: السيادة في المنفى: حركة تحرير صحراوية تديرها.

Contact Form

Name

Email *

Message *