-->

فكرة "الجماهير الأخرى"!!


سمع خياطا، ماهرا، عن قصة الملك، الشاب، المولع بالملابس الأنيقة. فحضر ليعرض عليه  فكرة القيام بعمل ثوري، لم يسبقه أحدا إليه، وهو خياطة ثوب ميزته: "أن الحمقى لا يمكنهم أن يروه"، ….. فقط، "أولو الفكر النابهون هم من يرونه"!!

 على الفور. أمر الملك بأن يتم تجهيز مشغلا، خاصا، في القصر يليق بمقام الخياط العجيب، وأن يؤتى له بأفضل أنواع  القماش والحرير والمخمل، والخيط...

 وبعد أسبوع من العمل، أصبح الثوب جاهزا.

 لم يري الوزير، الذي حضر لمعاينة الثوب، شيئا، لكنه تظاهر بأنه رأى الثوب، خوفا من أن يقال بأنه  (أحمق)، بل أنه  أثنى على الثوب، في حضرة الملك، ثناء لا يوصف!!

 طلب الملك الثوب، ولأن ما قدم إليه، لم يكن شيئا على الإطلاق، فقد تظاهر بالانبهار من (عظمة ما رآه)، خوفا أن يقال عنه (أحمق)، ثم خلع  الثوب الذي يغطي محاشمه، ولبس (الثوب الجديد)، وأخذ يجوب شوارع  المدينة ….

 رأى الناس الملك دون ملابس!!... ولكن لم يجرؤ أحد على أن يعلن أنه كان يرى الملك، في هذا الوضع المخزي، لأنهم سمعوا أن الحمقى وحدهم لا يستطيعون أن يروا ثياب الملك الجديدة...

 وهكذا واصل الملك سيره وسط الجموع، عاري الجسد، بينما كان الجميع يثني على الثوب الجديد، إلى أن مر الملك  من أمام طفل صغير... فصاح الطفل قائلا: انظروا لهذا الملك العريان!!

 وتبقى هذه القصة دليلا وجوديا على أن تدمير الشعوب قد لا يتطلب استخدام الآلة العسكرية، بل تكفي القدرة على تعطيل فكر الجماهير، وتنويمها بالخرافات.  

 القصة، كذلك. دليل على وجود (الجماهير الأخرى)، التي تتم صناعتها باستخدام خليط من الخوف والطمع، على الرغم من الأثمان الباهظة التي تدفعها الشعبوب من أجل مكاسب الدم والعرق.

 ولعل هذا الوضع يفسر  كيف تمكنت مجموعة صغيرة، تجمع بينها ذكريات الصحبة السياسية، من تقيد مصير شعب بأغلال من الخرافات، دون أن يعترض أي كان على نزواتها المنحرفة؟

 حتى أصبحنا أمام حالة من العمى الجماعي، والذي نتجت عنه حالة من الانسداد  المؤسساتي الذي  يستحيل إصلاحه بالنقد وحده، لأن اليد التي استعملت للتدمير، لا يمكنها أن تستخدم للتعمير.

 إن حجة بائدة كتلك التي تقول: "الشعب هو الذي اختارنا وفضلنا على العالمين"،أصبحت ضعيفة أمام حقيقة غالبة، مفادها، أن الشعب لم يكن قد حضر أي من المؤتمرات الكثيرة، التي كانت (تضبط الأمور)، بتقنية الفرز الذي لا يقبل القسمة إلا على من تربطهم عرى الصحبة السياسية!!

 فهل آن للشعب الصحراوي أن يدرك حقيقة أن نصيبهم من (ملوك السياسة)، يسيرون جميعهم، من غير ملابس؟

 وأن فرصة إنقاذ الثورة من شر هؤلاء لا تضيع أبدا؟

الاستاذ: ازعور ابراهيم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *