السويد | من حر الصحراء إلى قر الجليد!
بقلم : محمد سليمان لبات
تسافر الخيمة الصحراوية كعمل فني و مجسم هندسي إلى شمال الكرة الأرضية و في ترحالها نستذكر ممارسات المجتمع الصحراوي في حله و ترحاله. طور المجتمع الصحراوي الخيمة كتعبير هندسي يستجيب أولا لاحتياجات نمط الترحال فهي كمجسم هندسي قابل للتكيف مع التنقل الدائم. الخيمة المنتج الهندسي الذي طوره الإنسان الصحراوي في الصحراء الغربية استجاب أيضا لمتطلبات الحياة في مخيمات اللاجئين الصحراويين حيث الطبيعة المناخية القاسية و المتقلبة، و لكن النساء الصحراويات قمن بتكييف الخيمة لتستحيب للتحديات الجديدة في المخيم. التصميم الجديد للخيمة رباعية الجهات، ذات الأبواب الأربع حل هندسي عبقري، عندما تعصف الرياح من أي اتجاه، يمكن أن يغلق الباب المقابل للزوابع الرملية و يفتح الباب العكسي و تستمر الخيمة متاحة لساكنها في كل وقت.
و يستلهم الكثير من هذا التصميم ذو الأبواب الأربع رمزية الضيافة و حفاوة الكرم، فأنت مرحب بك في الخيمة الصحراوية من أي اتجاه أتيت.
الأبواب الأربع تتيح تواصل و تبادل إجتماعي قوي فالمارة يلوحون بأيديهم لمن بداخل الخيمة، و ساكني الخيمة يرمون التحية و السلام على المارة، أما الصغار، فلا حدود تمنعهم من ولوج هذه الخيمة أو تلك، يدخلون من بابها الشرقي، و يخرجون من بابها الغربي، ضحك و لعب و ممر للسعادة.
صناعة الخيمة هو عمل إجتماعي و عائلي يشارك فيه أفراد المجتمع ، و نستذكر مفهوم "التويزة" او العمل الجماعي التضامني لبناء الخيمة. لإحياء هذا المفهوم تم انشاء هذه الخيمة بالتعاون مع مجموعة من النساء الصحراويات من مخيم السمارة و اللائي شاركن بملابسهن و ملابس عائلاتهن ، فالخيمة مخاطة و مكونة من ملابس الصحراويين. نستحضر قصص و يوميات الإنسان الصحراوي من خلال الملابس و الألوان و الممارسات اليومية للأنسان الصحراوي.
الخيمة امتداد للعائلة الحقيقية، نستذكر دلالة الكلمة "خيمة" في حد ذاتها في اللسان الصحراوي "الحسانية". يقول الإنسان الصحراوي كل يوم "شكيف الخيمة؟" و يعني العائلة الحقيقة، الأهل، الأسرة. كيف حال الخيمة؟ = كيف حال الأهل؟
نستذكر الوظائف و النشاطات التي تحدث في الخيمة، فنجد أنها المأوى، و المطبخ، و مكان الضيافة، و مكان الراحة، و مكان النوم، و مكان الإجتماعات، و مكان المناسبات، و مكان التعلم و التبادل و حل النزاعات.
من المهم جدا لي كفنان إدراج الخيمة في ممارساتي الفنية و فهم كيف يمكن أن نعيد النظر في الكثير من ممارساتنا الإجتماعية و الثقافية من خلال تدارس هذا المجسم البديع الذي نأسف لتلاشيه بيننا و تناقص المعارف حوله و عنه بين الأجيال الشابة.
الخيمة كهندسة تهددها الأبنية الإسمنتية و غيرها من المساكن التي تنتشر في المخيم. و أنا لست ضد أي نوع من البناء أو مواده و لكن من الجيد التساؤل و التفكر في زمن التغيرات المناخية و مدى استجابة تلك المواد للظروف الجديدة، الإسمنت مادة ناقلة للحرارة و هي أيضا اغلى. هل كان بالإمكان تطوير هندسة الخيمة و أن نبني على تراكمية قرون من سكنى الخيم بدل الإرتماء في أحضان الإسمنت، المادة المستجلبة من بيئة مختلفة و تصنع من مواد غريبة على محيطنا و مشكلة امتصاصها السريع للحرارة.
ماذا كان يمكن أن يحدث لو تم تطوير الخيمة الصحراوية كنموذج يستجيب التغيرات المناخية و البيئية بمواد محلية و معارف محلية و ثقافية محلية و تراكمية محلية ثرية جدا؟
الخيمة الصحراوية عمل فني إجتماعي يشارك في معرض لوليو للفنون 2024 المعاصرة في شمال السويد
#الخيمة #الخيمة_الصحراوية
#الفن
#فن_العمل_الإجتماعي
#لوليو_بينال_2024
#تركيب_فني
#البحوث_الفنية