-->

التقرير السنوي لمنظمة شمس الحرية

 


التقرير السنوي لمنظمة شمس الحرية
كلمة تمهيدية
تحية حقوقية وبعد،
يأتي إصدار منظمتنا لتقريرها السنوي حول واقع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة لعام 2024 في ظل سياقٍ دوليٍ تطغى عليه الأزمات والنزاعات المسلحة، والتي خلّفت انتهاكاتٍ جسيمةً لحقوق الإنسان بسبب صمت المجتمع الدولي، وتقدُّم لغة المصالح والتحالفات وازدواجية المعايير على مبادئ حقوق الإنسان وقيمها. وقد أفسح ذلك المجال للعديد من الأنظمة لتعزيز أجهزتها القمعية، في استخفافٍ واضحٍ بالتزاماتها وتعهداتها الدولية التي كرّستها المواثيق والإعلانات الدولية؛ وهو ما يتجلّى في الواقع الذي يعيشه الشعب الصحراوي بالمدن المحتلة من الصحراء الغربية، وسط تجاهلٍ دوليٍ مستمر، رغم تواجد بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية منذ أكثر من ثلاثة عقود.
لقد استبشر الشعب الصحراوي خيرًا عند الإعلان عن البدء بتنفيذ المرحلة الأولى من مخطط السلام الأممي الأفريقي عام 1991 والقاضي بوقف إطلاق النار تمهيدًا لممارسة حقه في تقرير المصير. لكن تلك الآمال تبدّدت مع مرور الوقت، بعدما تحوّلت بعثة الأمم المتحدة إلى آليةٍ تصبُّ في مصلحة الاحتلال المغربي وتخدم مصالح دولٍ متواطئة، بينها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، ما شجّع دولة الاحتلال على مواصلة مسلسل انتهاكاتها لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية بكل ثقةٍ واطمئنان.
 إن ما يرد في هذا التقرير من وقائع يرسم صورة قاتمة لواقع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، إلّا أنّنا نؤمن بأن توثيق الحقائق وطرحها أمام الرأي العام المحلي والدولي يشكّل خطوة رئيسة نحو التغيير الإيجابي. فما لم يُكشف عن هذه الجرائم المنهجية، وما لم تُثَر المسؤوليات، سيستمر المواطن الصحراوي في العيش تحت وطأة القمع والإقصاء والفقر وسلب الموارد.
إنّ منظمة شمس الحرية لحماية المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان، وهي تُصدر تقريرها السنوي لواقع حقوق الإنسان بالصحراء الغربية لعام 2024، تدرك تمامًا أن أعضاءها قد يتعرّضون لردود فعلٍ انتقاميةٍ من السلطات المغربية، التي تسعى إلى حجب حقائق سياساتها القمعية الممارسة يوميًا ضد الصحراويين في المدن المحتلة. وإذ نحمّل الأمم المتحدة كامل المسؤولية تجاه ما قد يترتّب على ذلك من عواقب، فإننا نؤكّد استعدادنا للتصدّي لجميع أشكال القمع وكسر سياسات التعتيم، وفاءً لواجبنا في الدفاع عن حقوق الإنسان.

ونؤكّد دائما أنّ حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير يظلّ جوهرًا لأي حلّ عادلٍ ودائمٍ لقضية الصحراء الغربية. وسنواصل، جنبًا إلى جنب مع كل القوى الحيّة والمؤسسات الحقوقية، الدفاع عن حق شعبنا في الحرية والإستقلال ورفع صوت الصحراويين أمام المؤسسات الدولية والمحافل الأممية. ونأمل أن يجد هذا التقرير آذانا صاغية و يترجم إلى فعلٍ  جدّيٍ لوقف الانتهاكات ومساءلة مرتكبيها، تمهيدًا لحل يضمن العدالة والكرامة لشعبنا.

وفي الختام، أتوجّه بتحيّةٍ صادقةٍ إلى كل الهيئات والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية التي تشاركنا هذا الهمّ، ونثمّن عالياً جهودها المخلصة في الدفاع عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.

حمادي الناصري، رئيس منظمة شمس الحرية لحماية المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان
مقدمة:
شهد عام 2024 استمرار سلطات الاحتلال المغربية في ممارسة أنماطٍ متعددة من انتهاكات حقوق الإنسان ضد المواطنين الصحراويين في المدن المحتلة، الأمر الذي خلّف ضحايا من مختلف الفئات الاجتماعية للصحراويين. وقد شملت هذه الانتهاكات تدمير المساكن بالقوة، وشن حملات ترهيب، إضافةً إلى تصاعد عمليات التضييق على سُبُل العيش من خلال قطع الأرزاق والحرمان من العمل والسكن والعلاج.
وخلال الفترة التي يُغطيها هذا التقرير، واصلت سلطات الاحتلال المغربية انتهاك قواعد ومبادئ القانون الدولي، بدايةً بالاعتداءات والهدم، ووصولًا إلى فرض حصارٍ إعلامي وعسكري على المدن المحتلة. وقد ترافقت هذه الممارسات مع سياساتٍ ممنهجةٍ لتفقير الصحراويين، ما أدّى إلى تفاقم أوضاعهم المعيشية وحرمانهم من الانتفاع بمواردهم الطبيعية والتحكّم في ثرواتهم، مع استمرار استنزاف هذه الموارد بطرقٍ مختلفة.
وفي هذا السياق، تُقدّم منظمة شمس الحرية لحماية المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان Freedomsun تقريرها السنوي حول أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها سلطات الاحتلال المغربية في حق الصحراويين خلال عام 2024. ويُوثّق هذا التقرير سلسلةً من جرائم القتل وتدمير الممتلكات والاعتقالات التعسفية والتهديدات، وغيرها من الممارسات التي تنتهك بوضوحٍ أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
فيما يلي، تُسلّط منظمة شمس الحرية الضوء على أبرز هذه الانتهاكات الموثّقة خلال العام 2024.
1- جرائم التعذيب المؤدي إلى الوفاة وانتهاك الحق في السلامة البدنية:
في 13 نوفمبر 2024، اعتقلت الشرطة المغربية المواطن الصحراوي عمر باهيا عبد المجيد، وخضع للتعذيب أثناء احتجازه مما أدّى إلى وفاته وفقًا لإفادات موثوقة من شهود عيان ومصادر محلية. وفي محاولةٍ لتبرير الجريمة، ادّعت السلطات المغربية أنّه توفي في المستشفى بعد نقله من مركز الشرطة، وهي روايةٌ كثيرًا ما تلجأ إليها سلطات الاحتلال عند وفاة معتقلين تحت التعذيب.
2- الهدم والتجريف ومصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني:
استمرت دولة الاحتلال المغربي، خلال الفترة التي يُغطّيها هذا التقرير، في تطبيق سياسة التوسّع الاستيطاني عبر مصادرة وتجريف أراضي الصحراويين تحت ذرائع متعدّدة. كما منحت السلطات أجزاءً واسعة من الأراضي الساحلية لشركاتٍ أجنبية بهدف استنزاف ثروات الشعب الصحراوي والمساهمة في شرعنة الاحتلال. وفي موازاة ذلك، شُيّدت بؤر استيطانية جديدة تُسمّى “تجزئات سكنية“، تُوزّع على المستوطنين وعائلاتهم على نحوٍ ممنهج.

وفيما يلي أبرز الاعتداءات الموثّقة في هذا السياق:

13 فبراير 2024: شنّت قوات الاحتلال المغربي حملة هدمٍ واسعة بالسواحل الصحراوية في مناطق “لمعيرضات“، “تارومة“، و”آكطي باباعلي” قرب مدينة العيون المحتلة، استهدفت خلالها البنايات والأكواخ وخيام المواطنين الصحراويين.
14 فبراير 2024: تعرّضت منازل العديد من الصحراويين في منطقة “لمريجنات” جنوب غرب مدينة العيون المحتلة للهدم والحرق من قِبَل قوات الإحتلال المغربي.
26 غشت 2024: صادرت قوات الاحتلال الممتلكات الخاصة واعتدت على أراضي الصحراويين بمنطقة “لمريات” جنوب شرق مدينة العيون المحتلة، حيث فوجئ مئات المواطنين الصحراويين بهدم منازلهم وإجبارهم على النزوح القسري دون سابق إنذار.
10 سبتمبر 2024: تعرّضت منازل الصحراويين بمنطقة “اسويحل” (تبعد 40 كيلومترًا عن مدينة الداخلة المحتلة) للتدمير الكامل، ما تسبّب في تهجير سكانها وتفاقم أوضاعهم المعيشية.
3- تقييد حرية التنقّل والتضييق على المناضلين والمدافعين عن حقوق الإنسان:
شهد عام 2024 تصعيدًا ملحوظًا من قِبَل قوات الاحتلال المغربي في فرض القيود على المناضلين والمدافعين الصحراويين والأجانب عن حقوق الإنسان، حيث شدّدت تلك القوات الإجراءات المانعة لحرية التنقّل بين المدن الصحراوية المحتلة، وعمدت إلى عزل النشطاء عن بعضهم البعض. وفي كثير من الحالات، استخدمت القوّة الجسدية والاعتداء المباشر؛ كما وقع يوم 9 أكتوبر 2024 لعضوي الفريق الإعلامي Equipe Media، محمد ميارة وأحمد الطنجي، اللذين احتجزتهما شرطة الاحتلال المغربي في مدينة بوجدور المحتلة، ثمّ طردتهما قسرًا وأجبرتهما على العودة إلى مدينة العيون المحتلة تحت التهديد والسبّ والشتم.

ويتعرّض الإعلاميون والمدافعون الصحراويين عن حقوق الإنسان، عبر نقاط المراقبة الأمنية، لمعاملةٍ لا إنسانيةٍ ومهينة، حيث يُستهدفون بشكلٍ انتقائي، ويُستفَزّون بشكلٍ متعمّد، وتتم إعاقتهم لساعات طويلة عند كل نقطة مراقبة. وقد باتت هذه الإجراءات تشكّل عبئًا نفسيًا ومعنويًا كبيرًا عليهم، بهدف الحدّ من حركتهم وتنقّلهم.

26 يناير 2024: طردت سلطات الاحتلال المغربي الصحفي البرتغالي رافائيل لومبا من مدينة العيون المحتلة.
23 يناير 2024: أجبرت سلطات الاحتلال المغربي الناشط الحقوقي السالك البلال المعروف بـ”البطل” وعائلته على مغادرة مدينة بوجدور المحتلة، بعد تهديدهم بالضرب والتعذيب والسجن أثناء حضورهم حفل زفافٍ عائلي.
16  أكتوبر 2024: تعرّض حمادي الناصري، رئيس منظمة شمس الحرية لحماية المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان والكاتب العام للهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربيISACOM، للاستفزاز عند المدخل الشمالي لمدينة بوجدور؛ إذ تم توقيفه لمدة ساعةٍ ونصف.
2 نوفمبر 2024: رحّلت السلطات المغربية الناشطتين النرويجيتين (إنجبورج سافيك هيلتن وفيفيان كولين نيدينيس) أثناء اجتماعهما بعددٍ من النشطاء الصحراويين في منزل الناشط الحقوقي سيدي محمد ددش بمدينة العيون المحتلة، ضمن سياسة منع المراقبين الدوليين من دخول الإقليم المحتل أو التواصل مع السكان.
4 نوفمبر 2024: طردت سلطات الاحتلال المغربي عضو الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي ISACOM، حسنة دويهي، والذي يشغل أيضًا منصب نائب الرابطة الصحراوية لحماية السجناء في بوجدور. وتمّ إجباره على العودة إلى مدينة العيون المحتلة.
5 نونبر 2024: طردت السلطات المغربية ناشطتين نرويجييْتين مدافعتين عن حقوق الإنسان، هما مايا رونينغسباك وكيفين فوسنس من مدينة العيون المحتلة.
إنّ الطرد التعسفي للمراقبين الدوليين يشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والأعراف الدولية، ويعكس على نحوٍ ملموس سياسة الحصار الخانق التي تنتهجها دولة الاحتلال المغربي للتعتيم على جرائمها بحق الشعب الصحراوي.

4- انتهاك الحق في التظاهر والتجمع السلمي:
يُعدّ الحق في التجمع السلمي من الحقوق الجوهرية في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية، نظرًا للأهمية الخاصة للاحتجاج السلمي (سواء عبر المظاهرات أو الاعتصامات) في مواجهة انتهاكات سلطات الاحتلال المغربي. ويُقصد بالحق في التجمع السلمي، تمكّن أي مجموعة من الأفراد من الالتقاء في أي وقتٍ وفي أي مكانٍ عام أو خاص، لممارسة نشاط مشروع، كالتظاهر أو الاعتصام أو المسيرة أو الندوة أو المؤتمر، بوصفه شكلًا جماعيًا للتعبير عن الرأي، وجزءًا لا يتجزأ من حرية الرأي والتعبير. ويُمثّل هذا الحق مقياسًا أساسيًا للديمقراطية والمشاركة الفعالة في الحياة العامة.

الأساس القانوني للحق في التجمع السلمي

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 20/1): «لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية».
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 21): يعترف بحق الأفراد والجماعات في التجمع السلمي، ويؤكد أنّ أي قيود تُفرض على هذا الحق يجب أن تكون متّسقة مع ضرورات مجتمع ديمقراطي، وألّا تتجاوز حماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم.
الإعلان العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان (المادتان 5 و12): ينصّ بوضوح على وجوب توفير الحماية الفعّالة للأشخاص والجماعات المشاركة في الأنشطة السلمية المناهضة لانتهاكات حقوق الإنسان، وعدم تعرّضهم لأي شكلٍ من أشكال العنف أو التهديد أو الانتقام أو التمييز الضار.
ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات دولية وإقليمية أخرى: تؤكد على الحق في التجمع السلمي كركيزةٍ لإرساء مجتمع ديمقراطي، وتتداخل بشكلٍ وثيق مع حقوق أساسية أخرى، من بينها حرية الرأي والتعبير وحرية تكوين الجمعيات. كما يكفل القانون الدولي الإنساني ممارسة هذا الحق في المناطق الواقعة تحت الاحتلال.
انتهاكات سلطات الاحتلال المغربي للحق في التجمع السلمي:
على الرغم من الضمانات السابقة، تستخدم قوات الاحتلال المغربي العنف المفرط لتفريق المظاهرات والوقفات السلمية التي ينظمها الصحراويون في المدن المحتلة، حتى تلك ذات المطالب الاجتماعية. ومن أبرز أشكال الانتهاكات الموثّقة:

القوة المفرطة: الاعتداء بالضرب والسبّ والشتم وإطلاق النعوت البذيئة.
الاعتقال التعسفي: توقيف النشطاء والمتظاهرين الصحراويين دون سندٍ قانوني.
فرض الحصار الإعلامي والميداني: منع دخول المراقبين الدوليين والمتضامنين الأجانب إلى المدن المحتلة وطردهم منها.
حرمان الجمعيات الحقوقية من حقها في النشاط: على سبيل المثال، ما تتعرّض له الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية ASVDH من منعٍ ممنهجٍ لأعضائها من الوصول إلى مقرها؛ إذ تلجأ قوات الاحتلال لاستخدام القوة لمنعهم، رغم ادّعاءات السلطات المغربية أمام الأوساط الدولية بأنها منحت ترخيصًا للجمعية لمزاولة نشاطها دون أي عوائق.
ومن بين الأحداث التي وثقتها المنظمة:

8 يناير 2024 بالعيون المحتلة، منعت السلطات المغربية بالقوة مظاهراتٍ سلميةً ضد ترشّح المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان الأممي. تعرّضت المناضلاتٌ الصالحة بوتنكيزة، خديجتو الدويه، السالكة اعمر، جميلة المجاهيد، هدى بگنا ونشطاءٌ آخرون مينة أبا اعلي، غلي عجنة، حسنا الدويهي، العروصي التاگلبوت للضرب والتعنيف، فيما خضع الناشط بشري بنطالب لحصارٍ داخل منزله لمنعه من المشاركة.

7 فبراير 2024، اعتُقل الطالب الصحراوي منصور الموساوي 23 عامًا لدى محاولته استخراج شهادة السجل العدلي بمدينة العيون المحتلة، ونُقل مباشرة إلى السجن “الأكحل”. وقد سبق اعتقاله مرتين في 2019 و2022  بتهمٍ مفبركة.

21 يونيو 2022، تعرّضت ناشطاتٌ صحراوياتٌ محفوظة لفقير، الصالحة بوتنكيزة، الدكجة لشكر، فطمتو الحيرش، خديجتو الدويه، السالكة اعمر للاعتداء والترهيب أثناء إحياء ذكرى انتفاضة الزملة التاريخية بمدينة العيون المحتلة. كما حُقنت الدكجة لشكر بمادةٍ مجهولة أثناء توزيع منشورات تطالب بتمكين الشعب الصحراوي من حق تقرير المصير والاستقلال.

19 نوفمبر 2024، اعتُدي بشكلٍ عنيف على الصحفي محمد هيبة ميارة، منسّق الفريق الإعلامي “إيكيب ميديا”، من قبل مجهولين بزيٍّ مدني كانوا يستقلون درّاجة نارية، في محاولة لتصفيته انتقامًا من نشاطه الإعلامي والحقوقي ومواقفه السياسية المناهضة للاحتلال المغربي.

تؤكد هذه الممارسات على انتهاك السلطات المغربية لالتزاماتها الدولية، بما فيها تعهّدها بحماية الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير في الصحراء الغربية المحتلة. كما تُبيّن أنّ سياسة القمع ومنع الحريات لا تزال قائمة بهدف خنق أي صوتٍ معارضٍ أو احتجاجٍ سلمي، ما ينعكس سلبًا على أوضاع حقوق الإنسان في الإقليم المحتل.

5- قرار محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقيتي التجارة مع المغرب:
في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أصدرت محكمة العدل الأوروبية (أعلى هيئة قضائية في الاتحاد الأوروبي) حكمًا يقضي بإبطال اتفاقيتين تجاريتين أُبرمتا بين المغرب والاتحاد الأوروبي في مجالَي الزراعة والصيد البحري عام 2019. وأكّدت المحكمة في حيثيات حكمها أنّ الاتحاد الأوروبي خالف حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير بإدراج أراضي الصحراء الغربية ضمن نطاق الاتفاقيات التجارية دون الحصول على موافقةٍ فعلية وواضحة من ممثلي الشعب الصحراوي. كما شدّدت المحكمة على أنّ جبهة البوليساريو هي الممثّل الشرعي للشعب الصحراوي، وأنّ الصحراء الغربية والمغرب يُعدّان إقليمين منفصلين قانونيًا.

أبرز نقاط القرار القضائي:

عدم الحصول على موافقة الشعب الصحراوي
شدّدت المحكمة على وجوب احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وأنّ إدراج أراضي الصحراء الغربية في أيّ اتفاقٍ دولي يستلزم موافقةً صريحةً من ممثّليه المعترف بهم دوليًا. وقد تبيّن أنّ الاتفاقيتين المبرمتين عام 2019 لم تفيا بهذا الشرط، إذ لا يمكن اعتبار استطلاع آراء بعض السكان المحليين بمثابة موافقةٍ حقيقيةٍ تعكس إرادة الشعب الصحراوي.
فصل الصحراء الغربية عن المغرب
أكّدت المحكمة أنّ الصحراء الغربية ليست جزءًا من أراضي المغرب المعترف بها دوليًا، وأنّ اعتبارها كذلك يُعدّ مخالفةً للمبادئ الأساسية للقانون الدولي ولمقرّرات الأمم المتحدة ذات الصلة.
الإشارة إلى بلد المنشأ في المنتجات الزراعية
ضمن قرارٍ سابقٍ مرتبطٍ بالبطيخ الأصفر (الشمام) والطماطم المُنتجة في الصحراء الغربية، طلبت محكمة العدل الأوروبية ذكر الصحراء الغربية كبلد منشأ، وليس المغرب، تأكيدًا على الوضع القانوني المنفصل للإقليم.
تأكيد مبادئ القانون الدولي والإتحاد الأوروبي
أوضحت المحكمة أنّ احترام مبدأ تقرير المصير وجوهر الالتزامات الدولية يستلزمان بُطلان أيّ اتفاقٍ دولي لا يحظى بموافقة شعب الإقليم المستهدف. وبذلك، رفضت المحكمة طلباتٍ تقدّمت بها جهاتٌ تسعى لإلغاء قرارها السابق الصادر عن محكمة الاتحاد الأوروبي الابتدائية عام 2021، والذي ألغى اتفاقيتين تجاريتين مع المغرب للسبب ذاته.

يعكس هذا الحكم القضائي التزام محكمة العدل الأوروبية بمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير، لا سيما في حالة الأقاليم الخاضعة للاحتلال أو التي تشهد نزاعاتٍ دولية. ويُبرز القرار البُعد القانوني المنفصل لإقليم الصحراء الغربية عن المغرب، كما يُكرّس الاعتراف بجبهة البوليساريو ممثّلًا شرعيًا للشعب الصحراوي في المسائل المتعلقة بحقوقه وثرواته. بناءً عليه، فإنّ أي اتفاقيةٍ مستقبلية تشمل أراضي الصحراء الغربية تُلزَم بالحصول على موافقةٍ واضحةٍ وصريحةٍ من الشعب الصحراوي، وفي مقدّمته ممثليه المعترف بهم دوليًا.

6- محاولات التضليل الممنهج وواقع الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المدن المحتلة:

قبل صدور قرار محكمة العدل الأوروبية، لجأت سلطات الاحتلال المغربي، بالتنسيق مع بعض دوائر المفوضية الأوروبية، إلى محاولة تضليل الرأي العام الدولي. وقد تمثّلت هذه المحاولات في إرسال وفود أوروبية إلى المدن الصحراوية المحتلة، وعقد لقاءات صُورية مع من يُسمّون بـ”الأعيان والمنتخبين” المُوالين لسلطات الإحتلال المغربية وأجهزتها الأمنية. وخُصّصت هذه اللقاءات لإظهار الصحراويين وكأنّهم يعيشون في ظروفٍ جيدة وتحت ما يُزعم أنه “سيادة مغربية”؛ وذلك بهدف التغطية على الواقع الصعب الذي يعيشه الشعب الصحراوي، والتستّر على الانتهاكات اليومية.

6.1- تفاقم الفقر والبطالة والتمييز في التوظيف

معدلات البطالة المرتفعة:
وفقًا للإحصاءات الرسمية الصادرة عمّا يُسمّى بالمندوبية السامية للتخطيط في المغرب، تُسجّل الجهات الجنوبية الثلاث (وهي التسمية الرسمية للمناطق الصحراوية المحتلة) أعلى معدلات بطالة على المستوى الوطني. ويصل عدد المعطّلين الصحراويين من حاملي الشهادات والدبلومات في هذه المدن إلى أرقام قياسية تفوق 9000 عاطل، ما يثبت التناقض الصارخ بين التقارير الرسمية التي تتحدث عن رفاه اجتماعي مزعوم وواقع الحرمان الاقتصادي.
التوظيف المشروط والرشوة في القطاع العام:
تؤكّد عدّة مصادر محلية موثوقة أنّ فرص التوظيف في القطاع العام داخل المدن المحتلة محدودة للغاية، كما تفرض السلطات المغربية بشكل غير مباشر اشتراطاتٍ تعسفية، من بينها شراء الوظيفة بمبالغ قد تصل إلى 17 مليون سنتيم مغربي أي مايقارب 17,000 دولار عبر وسطاء، الأمر الذي يؤكد وجود فسادٍ ممنهجٍ وتمييزٍ صارخٍ ضد الصحراويين غير المستعدّين للامتثال لهذه الشروط.
6.2- استنزاف الثروات وحرمان الصحراويين من حقوقهم الأساسية
في الوقت الذي تستفيد فيه شركاتٌ أجنبية عديدة من الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية بشراكةٍ مع سلطات الاحتلال المغربي، يعاني المواطن الصحراوي من الفقر والإقصاء والتهميش. وقد أصبح الحصول على ما يُسمّى بـ”نصف بطاقة إنعاش” (قيمة 125 يورو شهريًا) بمثابة إنجازٍ كبير، وهو إجراءٌ استغلاليٌ يُستخدم كأداةٍ لإخضاع الصحراويين والتحكّم في مسار حياتهم. فلا يُمنح المستفيدون من هذا المبلغ أيّ اعتراف إداري أو تغطية صحية أو حق في التقاعد، ويتم قطع هذا “الدعم” بمجرد مشاركتهم في أي احتجاجٍ سلمي لا يتماشى مع التوجه الرسمي لسلطات الاحتلال المغربي وسياساتها في الصحراء الغربية. وعلى النقيض، يُجبرون أحيانًا على المشاركة في أنشطةٍ سياسية تخدم الدعاية المغربية، مثل الانتخابات غير الشرعية التي تُنظّمها سلطات الاحتلال في المدن الصحراوية المحتلة.

6.3- الانتقام بقطع الأجور وطرد الناشطين
تعتمد سلطات الاحتلال المغربي سياسةً ممنهجةً في معاقبة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان المطالبين بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وذلك بقطع مرتباتهم الزهيدة أو وقفهم عن العمل بشكلٍ كامل. وفيما يلي لائحةٌ ببعض الأسماء التي طالتها إجراءاتٌ عقابية جائرة بسبب نشاطهم السلمي ودفاعهم عن الحقوق الأساسية للشعب الصحراوي:

أمنتو حيدار
كبل جودا بناهي
الإدريسي أغليجلها يوسف
جعفر مريم منت ايعيش
نظيرة ميلد
توفة لفضيل
اگاه مولودة
الحنافي لبصير
الإدريسي سكينة جداهلو
زيو عبد الرحمان
محمد ميارة
اعلي سالم التامك
حمادي الناصري
مينة اباعلي
محفوظة لفقير
المعلومة عبد الله (اتويسة)
فكة ابدادي
النكية بوخرص
لمهابة الشيخي
تُظهر هذه القائمة حجم القمع الممنهج الذي يتعرّض له النشطاء الصحراويون، ما يتعارض بشكلٍ صارخ مع التزامات الإحتلال المغربي الدولية، لا سيما المتعلقة بالحق في العمل وحرية التعبير والتجمع السلمي. كما تفضح هذه الانتهاكات ادّعاءات السلطات المغربية بوجود ظروفٍ معيشية ملائمة وحريات مكفولة في مدن الصحراء الغربية المحتلة، مؤكدةً اتساع الهوّة بين الخطاب الرسمي والواقع الميداني.

7- التنمية المزعومة بالمدن المحتلة ومدى استفادة الصحراويين منها:

تُروّج السلطات المغربية لخطابٍ دعائيٍّ يُصوّر الصحراء الغربية بعد احتلالها عام 1975 وكأنّها انتقلت من “الظلمات إلى النور”، مُدّعيةً أنّ الإقليم أصبح قطبًا اقتصاديًا ذا قدرةٍ تنافسيةٍ عالية. غير أنّ هذا الخطاب يُخفي في جوهره حقائق مخالفةً للواقع، حيث تقتصر ما يُسمّى بـ”مشاريع التنمية” على أُطرٍ شكلية ذات طابعٍ دعائي، غايتها الأساسية التأثير في الرأي العام الدولي وتضليل الزائرين الأجانب (من برلمانيين وسياسيين وإعلاميين ورياضيين وفنانين وباحثين) الذين يُدعون إلى زيارة المدن المحتلة دون تمكينهم من لقاء الصحراويين المُتضرّرين، والاكتفاء بعرض روايةٍ موجّهةٍ على لسان أشخاصٍ موالين للسلطات المغربية.

غياب التنمية الحقيقية وتوظيفها للدعاية
تقتصر أغلب المشاريع المنجزة في المدن المحتلة على إبراز مظاهر “تنمية” موجّهة للإعلام الخارجي، دون معالجة المشاكل الأساسية للصحراويين على أرض الواقع كالفقر والبطالة والتهميش.
تتم دعوة وفودٍ أجنبية لزيارة منشآتٍ أو برامجٍ دعائيةٍ ثمّ لقاء أشخاصٍ منتقين مسبقًا، يُقدّمون معلوماتٍ تتناغم مع الرواية الرسمية المغربية، مع تجاهل آراء أو شكاوى المواطنين الصحراويين المتضرّرين.
تكريس سياسة الاستيطان وتقديم الامتيازات للمستوطنين
تسعى سلطات الاحتلال إلى تثبيت المستوطنين المغاربة في المدن الصحراوية المحتلة، نظرًا لدورهم في شرعنة الاحتلال اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وديموغرافيًا.
يحصل المستوطنون على امتيازاتٍ متعدّدة، كالتوظيف في القطاع العام وأجهزة الجيش والأمن، إضافةً إلى منحٍ سكنيةٍ وبقعٍ أرضيةٍ ودعمٍ غذائي، ما يُؤدّي إلى استحواذهم على مفاصل الاقتصاد في الإقليم المحتل.
في المقابل، يعيش معظم الصحراويين في وضعٍ اقتصادي هشّ، ويعانون من الفقر والإقصاء والتهميش. ولا يستفيد ماديًّا إلا عددٌ محدودٌ من الأشخاص الموالين للطرح الرسمي المغربي (المنتخبون والأعيان)، ممّن يحصلون على الدعم والمشاريع ويشكّلون فئةً صغيرةً من الميسورين.
إنّ هذه الممارسات تُفنّد المزاعم الرسمية حول “التنمية” في المدن المحتلة، وتكشف عن سياساتٍ ممنهجةٍ لتهميش غالبية الصحراويين، مقابل رعايةٍ خاصةٍ للمستوطنين المغاربة ودعمٍ لفئةٍ ضيقةٍ من المنتفعين المحسوبين على السلطات. وتؤكّد هذه المعطيات أنّ الحديث عن “التنمية” لا يعدو أن يكون أداة دعائية لتضليل الرأي العام الدولي، بعيدًا عن أيّ خططٍ حقيقيةٍ لمعالجة التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الصحراويون.

خاتمة وتوصيات منظمة شمس الحرية لحماية المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان:
تُؤكّد منظمة شمس الحرية لحماية المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان أنّ الشعب الصحراوي يعاني بشكلٍ ممنهجٍ من سياسة الاحتلال المغربي، والتي تتجلّى في انتهاكاتٍ متعدّدة تشمل فرض الحصار على المدن المحتلة، ومنع المراقبين الدوليين من الدخول إليها، وممارسة القمع والاعتقال التعسفي والتعذيب، وإجراء محاكماتٍ صورية، فضلاً عن حرمان النشطاء من حقّ التظاهر والتجمّع السلمي وقطع الأجور ومصادرة الأراضي وهدم الممتلكات، واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان بالقيود على حرية التنقّل وغيرها من الممارسات القمعية.
أمام هذا الوضع، بات من الضروريّ أن يتصدّى المجتمع الدولي لهذه الانتهاكات عبر اتخاذ تدابيرٍ فعّالةٍ تُسهم في وقف تدهور وضعية حقوق الإنسان ومكافحة الإفلات من العقاب، سواء في مجلس الأمن الدولي أو من خلال آليّاتٍ دوليةٍ أخرى. إنّ غياب المساءلة يُوفّر مناخًا يُشجّع على ارتكاب المزيد من الانتهاكات ويُعرقل جهود التسوية السلمية لقضية الصحراء الغربية.

وانطلاقًا من ذلك، توصي منظمة شمس الحرية لحماية المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بما يلي:

تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير مصيره
استخدام المجتمع الدولي كافة الوسائل المتاحة لضمان ممارسة الشعب الصحراوي حقّه في تقرير المصير بحرّيةٍ تامة ودون أي شكلٍ من أشكال الإكراه، مع ضرورة وفاء مجلس الأمن بالتزاماته التي قطعها عند اعتماده مخطط السلام الأممي الإفريقي وإرساله لبعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو).
رفع الحصار العسكري والأمني والإعلامي عن المدن المحتلة
يتعيّن على سلطات الاحتلال المغربي فتح المناطق الصحراوية المحتلة أمام الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، بما فيها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، تنفيذًا لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلّقة بضمان دخول المراقبين الدوليين لتقييم وضعية حقوق الإنسان على الأرض.
الكشف عن تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان لعام 2006
رفع الحجب عن تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان الصادر بعد زيارتها للعيون المحتلة في 17 مايو/أيّار 2006، ونشره على نطاقٍ واسعٍ من أجل إطلاع الرأي العام الدولي على الواقع الحقيقي لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية.
وقف استنزاف الموارد الطبيعية للصحراء الغربية
يتعيّن على القوى الدولية والشركات الأجنبية الكفّ عن المشاركة في استغلال الموارد الطبيعية للإقليم، بما يخدم شرعنة الاحتلال ويُطيل أمد معاناة الشعب الصحراوي. على المجتمع الدولي اتخاذ الإجراءات المناسبة لوضع حدٍّ لأيّ أنشطةٍ اقتصاديةٍ تُساهم في انتهاك الحقّ المشروع للشعب الصحراوي في موارده.
إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين الصحراويين
وفي مقدّمتهم معتقلي “اكديم إزيك”، الذين يقبعون في السجون المغربية تحت ظروفٍ لا إنسانية. والإفراج الفوري عنهم، امتثالاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وضع حدٍّ لانتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية
مطالبة سلطات الاحتلال المغربي بوقف أعمال القمع والتعذيب والاعتقال التعسفي، وضمان الالتزام الكامل بالمواثيق الدولية والإقليمية التي تكفل كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.
تُشدّد منظمة شمس الحرية لحماية المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان على أنّ التزام المجتمع الدولي باتخاذ إجراءاتٍ ملموسةٍ وفعّالةٍ يُعدّ الخطوة الأولى لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. إنّ ضمان حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ومساءلة المسؤولين عن الانتهاكات، وتوفير حمايةٍ حقيقيةٍ للمدنيين ونشطاء حقوق الإنسان، يُشكّل أساسًا متينًا لأي حلٍّ عادلٍ ودائمٍ لقضية الصحراء الغربية.
عن المكتب التنفيذي لمنظمة شمس الحرية لحماية المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان، الصحراء الغربية في  26 يناير 2025

Contact Form

Name

Email *

Message *