-->

المغرب : تورط الصديق الحمـيم و مستشار الملك محمد السادس في الاتجار في المخدرات.

 


يعيش المغرب بين فترة و أخرى على وقع تقديم مجموعة مُعينة من تُجار المُخـ ـدرات كلما فرضت الظروف الدولية ذلك ، أي كلما اشتد الضـ ـغط الدولي على المغرب وتمت الإشارة إليه بأصابع الاتهـ ـام ، حيث يُدق ناقوس الخـ ـطر بالقصر الملكي خوفا من اقتراب التحريات ، و الأبحاث ، و التقارير الصادرة عن مختلف الجهات الأمنية الدولية من فك رؤوس الخيوط المتشابكة ، و فصل بعضها عن البعض الأخر ، و الوصول ، و التعرف بذلك على التاجر و المهـ ـرب الحقيقي للمـ ـخدرات ، و مروج السـ ـموم ، وكل أشكال التخـ ـدير و الإدمـ ـان ، و المستفيد من مليارات الدولارات التي تدرها تلك التجارة على القصر الملكي بشكل عام ، وعلى الملك نفسه بشكل خاص و القابع في بُرج عالي بين أسوار القصر
فلا أحد يجهل أو يتجاهل أيام وزير الداخلية المدعو " إدريس البصري " و من خلفه من بعد في الفصح بين حين وأخر عن توقيف و اعتـ ـقال مجموعة ما من أسماء لأباطرة المخـ ـدرات مثل المدعو " الخليفي " و " الديب " النيني محمد الوزاني " و أخرون ، وتجنيد و تسخير الإعلام المغربي للقيام بعملية التسويق لهذه الاعتـ ـقالات دوليا على أنها انتصارات للجهات الأمنية و القضائية بالمغرب ، وكون هذه الأخيرة تقوم بمجهودات جبارة في مكافحة المخـ ـدرات ، بينما أن الأمر في واقع الحال بعيد كل البعد عن ذلك ، إذ أن تلك الحملات تبقى مجرد (ذرُّ الرماد في العيون ) وكونها سياسة مغربية ، مفادها التمويه والمغالطة ، وإلباس الحق بالباطل للتسر عن المجـ ـرمين الرئيسيين و الفعليين، وعلى رأسهم الملك و الأمراء ، وحاشيته من الشخصيات النافذة في نظامه المتعـ ـفن ، و هؤلاء هم من يديرون هذه الشبكات الإجـ ـرامية و يوفرون لها الحماية ، كما قد يعتقلون بعض أفرادها كلما تطلب الأمر ذلك. هكذا يتم إبعاد التهم عن المتورط الحقيقي ، و نجاح تلك السياسة المغربية إلى حد الأن في ممارستها لكل أشكال التحـ ـايل على الجهات الدولية التي تكافح المخـ ـدرات .
وتحقق عائدات تجارة المخـ ـدرات التي قدرتها دراسة للمبادرة العالمية لمكافحة المخـ ـدرات ، والجـ ـريمة المنظمة العابرة للحدود أرقاما خيالية ، إذ أن إنتاج المغرب السنوي من الحشـ ـيش يزيد عن 700 طن، أي ما يعادل 23 مليار دولار ، ناهيك عن القيمة المالية المجهولة لمُختلف أنواع المخـ ـدرات الأخرى التي تمر عبر المغرب و القادمة من جنوب أمريكا ، و من أسيا نظرا للتسهيلات ، و المساعدات ، و الترحيب و الحماية ، الذي يتلقاه المهـ ـربون من قبل السلطات المغربية ، المشاركة بشكل مباشر في نقل ، و تسفير ، و إخفاء ، و حماية أولئك التجار لتصدير تجارتهم نحو مختلف أنحاء العالم.
وفي هذا الإطار فإن أصابع المغاربة تشير سرا و علانية إلى أن التجار و المستفيدون الحقيقيون من هذه المبالغ المالية الضخمة مباشرة هم أفراد العائلة الملكية ، الذين يشجعون ، و يسخرون بعض المغاربة لممارسة التهـ ـريب ، وتصدير المخـ ـدرات للخارج ، ويتخذونهم كلاعبين محترفين في هذا الميدان الإجـ ـرامي ، ويقوم القصر الملكي بإعطاء أوامره للجهات الأمنية ، و القضائية ، و المالية لتسهيل مأمورية هؤلاء المهـ ـربين و التجار ، و العمل على حمايتهم قضائيا ، كلما اشتغلوا في الظل بعيدا عن الشبهات ، وسادت السرية التامة عن أعمالهم. لكن عندما تُشار الأصابع الدولية ، وتقارير مؤسسات المنتظم الدولي للمغرب على أنه بلد يشكل خطـ ـرا دوليا في مجال التهـ ـريب و المخـ ـدرات ، وغسل الأموال ، و الإرهـ ـاب ، و الجـ ـريمة ، فإن السلطات الأمنية و القضائية و الإعلامية المغربية تتحرك للقيام بحملات تشملها اعتـ ـقالات لتغيير أولئك الوجوه " اللاعبين " ممن كان نفس القصر الملكي بالأمس يحميهم ، حيث يتم تقديمهم كمعتقلين قُربانا " أكباش الأضحية " للجهات الدولية ، فيتم بذلك تغيير أولئك " اللاعبين " القدامى باللاعبين الجُدُد ، كما يتم تغير الجوارب ، لكن قواعد اللعبة تظل كما هي في ارتباطها ، وخدمتها ، و جنيها للأموال الباهظة للتي تدر على القصر الملكي بالطبع أن هذه اللعبة تطالها تغيرات طفيفة للاحتياط ، و التهـ ـرب ، و الإفلات من الخُطط الأمنية المُحكمة ، التي تضعها الجهات الدولية الخاصة ، و المُتخصصة في محاربة هذه التجارة على الصعيد الدولي ، وذلك لإبعاد كل المشبوهات ، و الاتهـ ـامات المباشرة للمهـ ـربين الرئيسين ، و الأساسيين . و هكذا تتم اللعبة
وها هو المغرب يعيش مرة أخرى كعادته على وقع قضية مرتبطة بشبكة تهـ ـريب مخـ ـدرات شملت هذه المرة بعض رجال الأمن ، وعدد من مسؤولي الشرطة والدرك ، وكُتاب العدل ، ورجال الأعمال ، و فنانين ، و مُغنيين ، وشخصيات سياسية منها رئيس النادي الرياضي للوداد البيضاوي سعيد الناصري ، و رئيس جهة الشرق " عبد النبي بعيوي " و سياسيين قيادين في الحزب الملكي المسمى " الأصالة و المعاصرة " المشارك في الحكومة الملكية ، و هو ما أطلق عليه الإعلام المغربي المسخر بالشبكة التي يتزعمها المدعو الحاج " أحمد بن إبراهيم " ، الذي اشتهر بلقب " إسكوبار الصحراء " حيث اكتفى القضاء الملكي مُجسدا في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بالاستماع إلى 25 شخصا فقط ، فيما لم يتم الإفصاح عن الأسماء المتورطة الوازنة في مملكة المخـ ـدرات ، بمن فيهم المستشار الملكي " علي الهمة " وهذه الشخصية الوازنة لا يمكنها أن تشتغل في مجال المخـ ـدرات بمعزل عن نفسها نظرا لمكانتها ، دون أن تتلقى الأمر مباشرة من الملك نفسه ، ومن الأمراء للقيام بذلك . وهو ما نشرته صحيفة “إل إندبندينتي” الاسبانية من معلومات ، نقلا عن مصدر من وزارة الداخلية المغربية والتي توجه الاتهام إلى هذه الشخصية التي لم تكن سوى مستشار الملك (فؤاد علي الهمة)المشار إليه كزعيم لهذه الشبكة الإجـ ـرامية بسبب نفوذه داخل القصر الملكي.
أكيد أنها مجرد محاكمات لصغار المهـ ـربين ، ولخلق زوبعة إعلامية للتستر على المهـ ـربين الكبار القابعين داخل القصر الملكي ، فالمحاكمات الحالية سبقتها مئات المحاكمات مثلها ، و تم تقديم المهـ ـربين الصغار قربانا و أضاحي لإلهاء الشعب المغربي من جهة ، و من جهة أخرى خـ ـدع و الاحتـ ـيال على المنتظم الدولي على أن مملكة المخـ ـدرات جادة في محاربة و مكافحة " المخـ ـدرات". المغرب معروف منذ القدم بممارسة هذا النوع من النـ ـفاق ، والمراوغة و الألاعيب سياسيا ، وديبلوماسيا ، وأمنيا و إعلاميا ، فالحقيقة بالمغرب دائما تظل غائبة ، والمغاربة لا يثقون لا في الإجراءات و الحملات و المحاكمات التي يعرفها المغرب بين حين و أخر ، و لا في النظام الملكي نفسه ، لأن المهـ ـرب و المجـ ـرم الحقيقي يفلت دائما من قبضة العدالة الدولية ، وليس العدالة المغربية ، التي هي بنفسها متورطة في التهـ ـريب ، و الاتجـ ـار في المخـ ـدرات ، بتنفيذها لأوامر المهـ ـربين الكبار من الحاكمين و على رأسهم الملك ، و الأمراء ، و الحاشية. إذن فمن يسهر على القيام وتنظيم تلك الحملات و الاعتـ ـقالات و المحاكمات للتجار الصغار و المهربين للمخـ ـدرات هو نفسه الذي يتوجب القبض عليه ، و ليس أولئك الصغار فقط .
إن المغرب له ارتباط تاريخي مع تجارة المخـ ـدرات ، حيث كان السلطان محمد الخامس في الستينات يوقع ظهائرا ، ويمنح تصاريحا تسمح لبعض الفلاحين بالعمل على زراعة مادة القنب الهندي ، " الكـ ـيف " ، و إنتاج مُخـ ـدر الحشـ ـيش ناهيك على أن الجيش المغربي كان يستعمل الشاحنات العسـ ـكرية لنقل المخـ ـدرات نحو الشمال المغربي ، والسهر على تصديريها بشتى الطرق نحو القارة الأوروبية ، وهذا ما سبق و أن أشار إليه إبن الطبيب الخاص للسلطان " محمد الخامس " ، وبعد ذلك الطبيب الخاص للملك " الحسن الثاني " المسمى " جيرار فوري " في كتابه باللغة الفرنسية " موزع حول باريس كلها " إن صحت الترجمة 
( Dealer du Tout-Paris )
فماذا يمكن قوله أمام هذا العـ ـبث و التسـ ـيب المنتشر حتى داخل المؤسسات الدولية ، بما فيها الأمم المتحدة ، حيث أعيد انتخاب المغرب ، لولاية ثالثة ، كعضو في الهيئة الدولية لمراقبة المخـ ـدرات ، في الشخص المسمى " جلال التوفيق " وذلك يوم الثلاثاء 09 أبريل 2024 من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة ، إذ حصل المغرب على ثلاثين صوتا من أصل 54 أمام البلدان الـ25 المرشحة للفوز بالمقاعد الخمسة المخصصة للمرشحين المقترحين من قبل الحكومات ، الرامي إلى مواجهة التحديات ذات الصلة بمراقبة المخـ ـدرات . فأن يصبح المغرب على رأس هيئة دولية لمراقبة و مكـ ـافحة المخـ ـدرات ، فإن المغرب قد تحـ ـايل فعلا على المنتظم الدولي ، وظهر في مظهر المُحارب للمخـ ـدرات ، فيما أنه يختفى ، و يتخفى داخل مثل هذه المؤسسات الدولية ، لا لشيء سوى للاطلاع على خُططها ، و أسرارها ، و التعرف على كل الوسائل التي تستعملها ، وتستخدمها هذه المؤسسة الدولية في محاولتها للتصدي و مكافـ ـحة المخـ ـدرات ، و من هذه النافذة استطاع ، و يستطيع المغرب أي القصر الملكي بالذات الإفلات من العـ ـقاب ، والاستمرار في تجارته و تهـ ـريبه للمخـ ـدرات دون أي شُبهات ، و هنا تتجسد حقا مقولة " حاميها حراميها" " .
فالهيئة الدولية لمراقبة المخـ ـدرات تعتبر هيئة خبراء مستقلة وشبه قضائية ، أنشئت بموجب الاتفاقية الوحيدة حول المخـ ـدرات لعام 1961، وهي مكلفة بتتبع تنفيذ اتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بالمخـ ـدرات. كما تصدر تقريرا سنويا تقدم فيه دراسة شاملة حول وضع مراقبة المخـ ـدرات في العالم، وتنفيذ اتفاقيات الأمم المتحدة في هذا المجال، وتوصي بإجراءات تصحيحية في هذا الإطار، فكيف للمغرب أن يساهم بشكل جدي ، و إيجابي مثمر وفعال بمثل هذه المؤسسات الدولية ، إذا كان المغرب نفسه تاجـ ـرا و مهـ ـربا في أن واحد ؟ أليس هو البلد الذي يحكمه ملك مُفـ ـترس ، و تاجـ ـر مخـ ـدرات ، فهل يمكن لأي عقل بشري أن يتقبل هذا الوضع الذي لا يمكن تسميته سوى بالفضـ ـيحة و العـ ـبث؟
لكن متى سيستيقظ المنتظم الدولي من سُباته ليعلم أن المغرب لا ينتمي إلى المؤسسات المكافـ ـحة للمخـ ـدرات بشكل جدي و بإرادة حسنة ، بل ينتمي إليها كي يطلع على خُططها ، و خباياها و أسرارها ، ويكتسب الخبرة للمزيد من الإبداع في حبك خُطط مضادة للاستمرار في تهـ ـريب ، و ترويج ، و الإتجار في المخـ ـدرات ، بعيدا كل البعد عن أعين المراقبة ، و المراقبين ، و بذلك ينجو ويفلت أولئك المـ ـهربون الكبار من المـ ـطاردة و العـ ـقاب ، فيما يتورط الصغار الذين لا يعتبرون سوى مجرد حائط اسمنتي متين البناء يختفي القصر الملكي من ورائه.
✍️  علي لهروشي ــ أمستردام.

Contact Form

Name

Email *

Message *