وكالة أنباء المغرب العربي المستقلة تنشر مرافعة المدافع الصحراوي عن حقوق الإنسان سجين الرأي إبراهيم دحان أمام محكمة الاحتلال المغربية

الدار البيضاء (المغرب) - وكالة أنباء الغرب العربي المستقلة - مرافعة المدافع الصحراوي عن حقوق الانسان و سجين الرأي السيد ابراهيم دحان أثناء أطوار المحاكمة السياسية بالقطب الجنحي عين السبع بالدار البيضاء/المغرب بتاريخ 14 يناير/كانون الثاني 2011.
بعد تأجيلات عدة عرفتها جلسات المحاكمة السياسية للمدافعين الصحراويين عن حقوق الانسان- سجناء الرأي السبعة بالقاعة رقم 8 بالقطب الجنحي عين السبع بالدار البيضاء/المغرب، جرت بتاريخ 14 يناير/كانون الثاني 2011 أطوار الجلسة الأخيرة لهذه المحاكمة والتي تم فيها مناقشة القضية من حيث الجوهر/الموضوع والتي بدأت الساعة 14:15 بعد الزوال، ودامت زهاء 11 ساعة ونصف، - مع التقطعات- وكبقية الجلسات السابقة تعذر الحضور على المعتقلين المتابعين في حالة سراح (السيدة الدكجة لشكر والسادة يحظيه التروزي، الصالح لبيهي ورشيد الصغير) بسبب عدم التوصل بالاستدعاءات، وكذلك تخوفا على حياتهم وسلامتهم البدنية مثلهم مثل عائلات المعتقلين والطلبة وباقي المؤازرين للمتهمين من الاعتداءات التي كانت قد طالتهم في جلسات سابقة من المحاكمة الممارسة من طرف بعض المحامين والمواطنين المغاربة المدفوعين لذلك.
هذه الجلسة عرفت تأجيل النطق بالحكم حتى تاريخ 28 يناير/ كانون الثاني 2011، ليتم تأجيله مرة اخرى الى غاية جلسة 11 فبراير/شباط 2011.
وقد توصلت الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية Asvdh، بمرافعة رئيسها سجين الرأي والمدافع الصحراوي عن حقوق الانسان السيد ابراهيم دحان أثناء أطوار المحاكمة السياسية بالتاريخ المشار اليه اعلاه، هذا نصها:
-----
تقديم:
تمت المناداة علينا من قبل رجال الشرطة حوالي الساعة 14:30، ومن ثم دخلنا قاعة المحكمة رافعين إشارة النصر بأصابعنا في اتجاه جمهور القاعة، ومرددين شعار: لابديل لا بديل عن تقرير المصير
وقفنا في قفص الاتهام، ومباشرة بعدها تناول رئيس الجلسة الكلمة مذكرا بأسمائنا كحاضرين في حالة اعتقال، نادى على رفاقنا المتهمين المتابعين في حالة سراح والذين لم يستطيعوا الحضور كونهم لم يتوصلوا بالاستدعاء من جهة وخشية من الاعتداء الذي كان قد لحقنا جميعا اثناء أطوار الجلسات السابقة من جهة أخرى، كما ذكر بأسماء الأساتذة الحاضرين عن هيئة الدفاع وهم الاساتذة المحترمون: محمد الصبار، محمد صدقو، محمد المسعودي، مصطفى الراشيدي، والاستاذ العطاس الذي ينوب عن أستاذ آخر من هيئة الرباط والاستاذة هند الحو.
بعد ذلك قام رئيس الجلسة بتلاوة قرار المحكمة بشأن دفعين كان قد تقدمت بهما هيئة الدفاع، ويتعلق الأول بعدم توفر أجواء المحاكمة العادلة نظرا لضيق القاعة التي طالبت بإستبدالها واقترحت بدلا عنها أن تجري المحاكمة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بما أنها تقع تحت نفوذ نفس المحكمة وتتوفر على قاعات أرحب، وقررت المحكمة رفض الطلب، أما الدفع الثاني فيتعلق ببطلان حق الانتصاب الذي تقدمت به بعض الجمعيات للمطالبة بالحق المدني، معتمدة في ذلك ( هيئة الدفاع) على أن القانون يضع ثلاثة شروط لذلك وهي: أن تكون لتلك الجمعيات صفة المنفعة العامة، وأن تكون قد تأسست أربع سنوات قبل إرتكاب الجرم موضوع الإنتصاب وأن يكون الجرم من صميم إختصاصها حسب قانونها الأساسي، وهو ما لا يتوفر لأي من الجمعيات المذكورة.
بعدها اتخذت المحكمة قرارا في موضوع آخر غير الانتصاب وهو موضوع الاختصاص لاتاحة الفرصة لمحاميي تلك الجمعيات للإدلاء بوجهة النظر الرسمية، وقالت بأن الدعوة الخصوصية تتبع الدعوة العمومية ومع أنها أفتت بالتأجيل في البث إلى حين البث في الدعوة العمومية فقد اتاحت الفرصة لهم للتدخل.
بعد ذلك انتقل رئيس الجلسة إلى نقاش الموضوع، وكنت أول من نادى عليه رئيس الجلسة.
المرافعة:
القاضي: أنت متهم بجرائم المس بالسلامة الداخلية للدولة وبتسلم هبات من جهات أجنبية لتمويل نشاط ودعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة المغربية وسيادتها وزعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب المغربي، المنصوص على عقوبتها في الفصلين 206 و207 من القانون الجنائي المغربي، فماهو قولك؟.
ابراهيم دحان: أولا اسمحوا لي السيد الرئيس بالتذكير بأن هذه المحاكمة لاتتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة، فهي تجري في ظل حصار أمني واستخباراتي، وهو ما تسبب في غياب عائلاتنا ورفاقنا المتواجدين بالدار البيضاء الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى المحكمة بسب التهديد القائم والاعتداءات التي سبق وأن كانوا عرضة لها، داخل المحكمة وأمام أنظار وكيل الملك -النيابة العامة- كما أن رفاقنا المتهمين معنا في نفس الملف لم يستطيعوا الوصول للسبب ذاته، وقد بين الدفاع ذلك خلال الجلسة الماضية لكن النيابة العامة لم تعر ذلك اهتماما واعتبرت تهديد سلامتهم البدنية أمرا تافها، والأدهى أن عددا هاما من الأساتذة المحترمين من هيئة الدفاع وبعد عدة مطالبات بضرورة توفير شروط المحاكمة العادلة عبر محاورتهم دون جدوى لوكيل الملك ومراسلة وزير العدل ونقيب هيئة المحامين بالمغرب، أضطروا إلى مقاطعة المحاكمة وأصدروا بيانا يشرحون فيه موقفهم...
القاضي مقاطعا: لكن هذه المحاكمة عادلة وأنت الآن تتكلم بحرية كما أن الدفاع موجود معكم والهيئة تنحصر سلطتها داخل القاعة.
دحان: نحن نتشرف السيد الرئيس بالأساتذة الأجلاء الموجودين معنا من هيئة الدفاع وأنا قلت جزءا هاما من هيئة الدفاع وليس كلها، كما أن سلطة النيابة العامة تمتد إلى خارج القاعة والمصيبة أننا حتى داخل القاعة خلال الجلسات الماضية تعرضنا للسب والشتم والتعنيف ولم تحركوا ساكنا مع أنه كان بإمكانكم اتخاذ الاجراءات التي يخولها لكم القانون، لحمايتنا ولم تفعلوا، كما كان بإمكان النيابة العامة المطالبة بذلك ولم تفعل، وبعض الذين قاموا بالإعتداء علينا محامون موجودون هنا، وحينها السيد الرئيس لم تمنحنا حتى الفرصة لبسط تظلماتنا أمامكم، وبعثنا بشكاية في الموضوع امنتعت إدارة السجن عن إيصالها للجهات المختصة، وعلى كل حال فإن اتخاذ الاجراءات لا يزال ممكنا ونحن نرى بعضا ممن اعتدوا علينا هنا بالقاعة ومن بينهم مثلا الاستاذ : سعيد أجياش.
القاضي: ألن تجيب عن التهم الموجهة لك؟
دحان: نعم السيد الرئيس لكن قبل الوصول إلى الرد على التهم أريد أن أتحدث قليلا عن السياق الذي جاءت فيه هذه التهم، الحكاية أكبر من ذلك بكثير، هذه المسألة ابتدأت منذ 1975 عندما تعرضت الصحراء الغربية وشعبها لاجتياحين عسكريين، من الشمال من طرف المملكة المغربية ومن الجنوب من طرف نظام المختار ولد داداه القائم بالجمهورية الموريتانية أديا إلى احتلالها، كنت حينها طفلا أعيش في مدينة العيون التي دخلتها القوات الملكية المغربية حيث انتشرت الدبابات بكل الأحياء وكانت دوريات الجنود المشاة تسير داخل كل الأزقة تنتقل من منزل لمنزل يفتشون المنازل غرفة بغرفة بخوذاتهم الحديدية وبنادقهم الطويلة التي كانت رؤوسها تحمل سكاكين، لقد وضعوا في كل زقاق حواجز تفتيش وبدأنا نسمع عن الحرب ومآسيها وبدأت الاختطافات ودخلنا في دوامة من المآسي لا تزال مستمرة.
لقد تم التعامل مع الشعب الصحراوي كما يتعامل مع القطيع، قسمت الأرض والسكان نصفين نصف للمغرب ونصف لموريتانيا، والثروات الطبيعية إلى ثلاثة ثلث منها لإسبانيا...
القاضي مقاطعا: أهذا كلام تحفظه؟
دحان: عندما نتحدث عما فعله الجيش المغربي والقوات المغربية عموما بالصحراويين لا نتحدث عن كلام محفوظ ولا عن دعاية ولا افتراء وليس لأننا مأجورين وهو ليس من باب العمالة لأحد كما يدعي الجلادون إن سياسة الأرض المحروقة التي انتهجتها الدولة المغربية بقصف مخيمات الصحراويين بقنابل "النابالم" و"الفوسفور" وحرق خيامهم وإبادة مواشيهم وتسميم آبارهم ودفنهم أحياء وغير ذلك من الجرائم من اغتصاب واختطاف هذه الجرائم لا يعبر عنها أي كلام، هذه جرائم ضد الإنسانية، هذه مأساة شعب، وأنا أحاول توضيح جزء منها وهو ما يهمني هنا وليست المحاكمة بحد ذاتها ولا بما ستحكمون به عليَّ من عقوبة.
لقد امضيت سنوات من الاختطاف القسري ما بين 1987 و 1991 وتعرضت للإعتقال السياسي مابين سنتي 2005 و 2006 وخرجت بدون محاكمة ناهيك عن القمع المستمر والمضايقات، مسيرة تمتد لأكثر من 25 سنة من المعاناة لقد بلغت اليوم 45 سنة، ولست أدري هل سأعيش بعدها 20 أو 25 سنة، لكني متأكد أني مستعد لتمضيتها كلها في السجن من أجل هذه القضية.
إذا لم أتوقف السيد الرئيس كثيرا عند شروط المحاكمة العادلة فلأنني أريد وآمل اليوم مع المحامين المغاربة والهيئة القضائية والحضور، الذي نعرف طبيعته وكذلك وسائل الإعلام المتواجدة الذين بالرغم من أنهم تعرضوا لي بالسب والشتم والتعنيف إلى أنني أعتبرهم جميعا جزءا من النخبة المغربية، وأريد فقط أن أذكرهم أننا ساهمنا ونساهم في دمقرطة الحياة السياسية في المغرب من خلال العمل والتعاون مع المناضلين المغاربة، فأنا مثلا من مؤسسي المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف سنة 1999 وعملت مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ولجنة الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال هيئة متابعة ملف الإختفاء القسري بعد تأسيسنا لها في ماي 1999 ومن خلال أعمال أخرى لا يتسع المجال لذكرها.
و نريد الآن أن نعمل معهم على توضيح ما نستطيع من نقط الخلاف إذا أمكن ذلك، خاصة هيئة للمحامين بالدارالبيضاء التي تستضيفنا، وأود أن أتقدم بالشكر الخالص إلى نقيبها الأستاذ بوعشرين الذي بلغنا طلبه عبر محاميي الدفاع من كل أعضاء الهيئة الإلتزام بالقانون...
القاضي مقاطعا: هل زرت الجزائر في يوليوز 2009؟
دحان: قبل ذلك أريد أن أكمل مداخلتي السيد الرئيس، واريد أن أشرح للأساتذة أني لا اريد منهم أن يتبنوا نفس الموقف بعد ان يستمعوا إلى ما نريد ان نوضحوه لهم، فكما قال الأستاذ الصبار انه لا يتفق مع الرفيق علي سالم التامك ولكنه مستعد للدفاع عنه لإبداء رأيه...
القاضي مقاطعا: هل ستجيب عن أسئلتي؟
دحان: نعم السيد الرئيس، لكن أريد أن ابسط الظروف المحيطة بالمسألة كلها ولذلك السيد الرئيس ساعدنا لكي نوضح لكم ولجميع الحضور الكريم، فكما قلت نأمل أن تمثل هذه المحاكمة نقطة ضوء ولحظة للمصارحة، هذه فرصة لكم ولمساركم السيد الرئيس.
القاضي مبتسما ومقاطعا: من قال لك أني أبحث عن فرصة، لست بحاجة إلى فرصة في مساري المهني.
دحان: نعم السيد الرئيس قصدت المساهمة معنا للإستفادة من هذه المحاكمة إلى أبعد حد ممكن وشرح وجهة نظرنا لبعضنا البعض...
القاضي مقاطعا: عليك أن تجيب عن أسئلتي وتكف عن هذا الخطاب السياسي؟
دحان: لا بد أن تعطيني فرصة السيد الرئيس لشرح ما أراه مفيدا للدفاع عن نفسي...
القاضي مقاطعا: نعم، لكن كل ما قلته هو خطاب سياسي ولا يرتبط بالقضية، وعليه فيتوجب أن تجيب عن الأسئلة أو الإمتناع.
دحان: السيد الرئيس إذا ما كنت ستوفر لي الوقت الكافي لشرح وجهة نظري بالشكل الذي أراه مناسبا فإننا سنعلن إنسحابنا من الجلسة، فلا يعقل كما قلت أن تتاح لي فرصة محاكمة واحدة بعد كل هذه السنين وأحرم من المرافعة بالطريقة التي أراها مناسبة، كما لا ارى اني ملزم بالتحدث بلغة قانونية صرفة، فأنا لست محاميا ولا خبيرا قانونيا، لكنني ضحية وهذه الصفة تتيح لي الحق في الحصول على لحظة للحديث عما أراه مناسبا في النازلة، غير أنكم لستم ملزمين بالإقتناع بكل ما أقول...
القاضي مقاطعا: تحدث وبسرعة.
دحان: حسنا السيد الرئيس آمل أن لا تقاطعني حتى أتمكن من الإسترسال في الحديث، كما أشرت منذ بداية الصراع في 1975.
القاضي مقاطعا: عدت مرة أخرى إلى 1975، عليك أن تجيب عن أسئلتي أو تمتنع عن ذلك لكي لا أعود إلى الوراء.
دحان: عليك أن تتركني أتحدث بشكل متواصل.
القاضي: لتواصل.
دحان: حسنا السيد الرئيس أجدني مرة أخرى مضطرا للإستعارة من كلام الأستاذ الصبار عندما قال هذه فرصة للتعرف على تطبيق قواعد المحاكمة العادلة.
القاضي مقاطعا: ستجيب على الأسئلة أم لا؟ و سأعطيك الوقت الكافي في الكلمة الأخيرة لتبسط ما تريد.
دحان: السيد الرئيس في المرات الماضية وعدتنا بإعطائنا الكلمة و انتهت تلك الجلسات دون أن نتمكن من النطق حتى، وعليه أريد أن أكمل الآن...
القاضي: أنا أقول لك أمام الجميع سأعطيك الوقت الكافي في الكلمة الأخيرة.
دحان: أخشى السيد الرئيس أن تتكرر نفس الوعود الضائعة.
هذه كلمة شرف من المحكمة.
دحان: حسنا لابأس فقط أريد أن أوضح أن ما سأحتفظ به هو في صميم الموضوع وأن أي تجاوز له سيفرغ الموضوع من محتواه، وأريد أن يسجل كاتب الضبط ذلك.
القاضي: أعود لطرح الأسئلة: هل زرت الجزائر في يوليوز 2009 ؟
دحان: نعم .
القاضي: من إستدعاك؟ وماهي المناسبة؟
دحان: إستدعتني اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، و المناسبة هي إنعقاد المؤتمر الثقافي الإفريفي الثاني في الجزائر.
القاضي: مع من إلتقيت هناك؟
دحان: مع مجموعة من الفعاليات المدنية.
القاضي: هل إلتقيت مع البرلمان؟
دحان: نعم، مع لجنة العلاقة الخارجية في مجلس الشعب ومجلس الأمة وكذلك مع المجموعة البرلمانية الجزائرية المتضامنة مع الشعب الصحراوي.
القاضي: كم دامت الزيارة؟
دحان: حوالي أسبوعين.
القاضي: وكيف ذهبت إلى هناك؟
دحان: عن طريق مطار محمد الخامس بالدار البيضاء إلى مطار لهواري بومدين بالجزائر العاصمة.
القاضي: وهل إلتقيت المسمى عبد العزيز؟
دحان: نعم تشرفت بلقاء محمد عبد العزيز رئيس الدولة والآمين العام للجبهة....
القاضي مقاطعا: يقول أحد المتهمين الغائبين أن محمد عبد العزيز طلب منكم القيام بأعمال من شأنها إثارة البلبلة في الأقاليم الصحراوية.
دحان: لا، أيا من المتهمين الغائبين لم يكن متواجدا خلال اللقاء.
القاضي: هل ذهبت مع المجموعة إلى مخيمات تندوف؟
دحان: تعني مخيمات اللاجئين الصحراويين.
القاضي: لا. أنت ذهبت بعدهم بيومين.
دحان: نعم ذهبت من الدار البيضاء إلى الجزائر العاصمة، وبعد ذلك أخذت الطائرة إلى تندوف.
القاضي مقاطعا: عسكرية؟
دحان: لا، بل مدنية، تابعة للخطوط الجوية الجزائرية.
القاضي: وماهي الأنشطة التي قمت بها بعد ذلك؟ هل شاركت في ملتقى جاليات الشمال؟
دحان: نعم في اليوم الموالي.
القاضي: هل كان هناك مهرجان وكلمات؟ مع من إلتقيت هناك؟
دحان: نعم كان هناك الأخ محمد عبد العزيز رئيس الدولة و الأخ عبد القادر الطالب عمر الوزير الأول، والأخ البشير مصطفى السيّد أمين أمانة الفروع وعدد من أعضاء القيادة الوطنية، دعاهم السيد محمد لمين ددي والي ولاية العيون إلى مأدبة غذاء بعد اللقاء...
القاضي مقاطعا: هل تدخلت في المهرجان الخطابي؟ وماذا قلت؟
دحان: نعم تدخلت وتحدثت عما كان يخالجني في تلك اللحظة وهو أن صور المأساة الصحراوية كانت تتراكم وتتدافع في مخيلتي، التشريد، ظروف الحرب، اليتامى، الأرامل، الشهداء، الثكالى، العزيمة، التصميم، لحظات الأمل، لحظات الإحباط، رهبة ذلك المكان، والتعبير للاجئين الصحراويين عن علمنا بمآسيهم وتقاسمنا اياها معهم، وكذا معرفتنا بمعاناتهم مع صعوبة الظروف الطبيعية والتعهد لهم بمواصلة النضال والعمل لإنهاء تلك المآساة.
القاضي: إلى أين ذهبتم بعد ذلك؟
دحان: قمنا بزيارة لمجموعة من المؤسسات الوطنية.
القاضي متوجها لكاتب الضبط: قامو بزيارة بعض المراكز لجبهة البوليزاريو.
دحان مقاطعا: السيد الرئيس أنا قلت المؤسسات الوطنية الصحراوية، آمل أن يكتب كاتب الضبط مايأتي على لساني لأنني المعني بهذا الكلام وأنا من يحاكم عليه.
القاضي مقاطعا: كاتب الضبط مؤسسة مستقلة.
دحان: فقط السيد الرئيس أردت أن أنبه إلى كلامي و أنني مستعد لأدفع أي ثمن يتطلبه ذلك.
القاضي: هل زرتم وزارة الدفاع ؟
دحان: نعم ووزارة الإعلام وجميع الولايات وبعض المدارس والمستشفيات و زرنا الأراضي المحررة كمركز تيفاريتي و بلدية امهيريز.
القاضي: هل تلقيت مالا من جبهة البوليساريو ؟
دحان: لا.
-----
وبعد المناداة على الرفيقين أحمد الناصري واعلي سالم التامك وإعطاء الكلمة للمحامين المطالبين بالحق المدني وكذا ممثل النيابة العامة تعاقب على الكلمة دفاعنا المشكل من السادة الاساتذة، الصبار، صدقو، الراشدي، العطاس و المسعودي.
اعطيت لنا الكلمة الأخيرة.
-----
القاضي: المحكمة ستفي بوعدها و تعطيك الكلمة.
دحان: شكرا السيد الرئيس على ايفائكم بوعدكم كما أهنئكم السيد الرئيس على تمكنكم من إدارة هذه الجلسة الصعبة، لقد وفقتم إلى حد بعيد، وكما رأيت السيد الرئيس وبالرغم من التخوف الذي كان لديكم من الخطاب السياسي فلقد تحولت المحكمة وخاصة مع المحامين المطالبين بالحق المدني إلى خطب سياسية عصماء لها أول وليس آخر، آمل أن نحصل منكم على نفس الأريحية، سأكون مختصرا في كلامي قدر المستطاع، وأشكر الأساتذة في هيئة الدفاع، فقد أغنوني عن قول بعض الأمور كنت سأعمل على إثارتها خاصة الأستاذ صدقو عندما أعلن أنه سيسلمكم قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بقضية الصحراء، فمن الأمور التي كنت سأثيرها هو الجانب القانوني، فكما تعلمون هناك عشرات القرارات الأممية التي تطالب بتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره حسب اللائحة 1514 منها ماهو صادر عن اللجنة الرابعة لتصفية الإستعمار، ومنها ماهو صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنها ماهو صادر عن مجلس الأمن الدولي، دون نسيان الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وكذا الرأي الإستشاري للأمين العام المساعد للشوؤن القانونية الصادر سنة 2002 السيد هانس كوريل، يحيلني هذا الوضع القانوني على الوضع العسكري وما جرى سنة 1975 من غزو واجتياح وما رافق ذلك من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
القاضي مقاطعا: لقد قلت هذا من قبل.
دحان: سأكون مختصرا وهادفا السيد الرئيس، لكي لا أطيل عليكم في هذا الأمر ولكي لا يفهم هذا في إطار الدعاية، آمل أن تعودوا جميعا إلى أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة فعندما نظمت جلسات الإستماع العمومي في ديسمبر 2004 وجدت الهيئة صعوبة كبيرة في اقناع أيا من الصحراويين بالإدلاء بشهاداتهم، إلى أن تمكنت من إقناع السيد باري غالي المختطف السابق من قلعة مكونة وبما أنها كانت أول جلسة من جلسات الإستماع فقد كان هناك عدد كبير من المسؤولين من بينهم أمناء عامون لأحزاب سياسية وصحفيين وغير ذلك كما نقلت تلك الجلسة مباشرة على التلفزيون الرسمي، لقد قال ذلك الرجل بالحرف " لقد كنت أقطن في مخيم عائلي بالبادية عندما جاءتنا القوات المغربية لقد قاموا بحرق كل خيمنا وأبادوا كل ماشيتنا أمام أعيننا، وسمموا الأبار، واغتصبوا النساء، وذهبوا بنا إلى السجن، لقد جاؤوا بسياسة الأرض المحروقة ".
أنا أستشهد بهذه الواقعة لأنه بالإمكان العودة إليها على الصفحة الخاصة بهيئة الإنصاف والمصالحة على الشبكة العنكبوتية، والتأكد من ذلك.
إن الفظاعات التي ارتكبت في حقنا لا يمكن تخيلها فكما بين أحد الإخوان تم رمي الناس من الطائرات ودفنوا أحياء نعرف شهودا من الناجين، العائلات الآن مشتتة ومتفرقة وزيارتنا جاءت في هذا الإطار.
القاضي مقاطعا: هذا يكفي؟
دحان: عذرا سيدي الرئيس بقيت نقطتان أود الإشارة إليهما في دقائق قليلة جدا، تتعلق الأولى منهم بالجانب الإقتصادي المرافق للصراع في التصريحات الرسمية المغربية يدعون من خلالها أنهم يستثمرون ملايير الدولارات في الصحراء الغربية ونحن رأينا بعيوننا المجردة ملايير الدولارات تستنزف منها من خلال الفوسفاط والسمك، الصحراويين ليسوا شعبا كثير العدد، جميعنا تابع الاحتجاجات الاجتماعية التي تقع من حين لآخر وأنا أضرب المثل هنا بنفسي فعائلتي تتكون من عشرة أفراد لم يحصل أحدهم يوما على عمل مع الدولة المغربية عدا والدي المتقاعد لأنه حصل على وظيفة إبان الإستعمار الإسباني، عليكم أن تتسآلوا أين ذهبت ملايير الدولارات هذه.
القاضي مقاطعا: عليك أن تختم.
دحان: حسنا السيد الرئيس فقط أريد أن أزيل لدى هؤلاء الاساتذة المحترمين أن الصحراويين ليسوا انتهازيين كما يصورهم الإعلام المغربي كما يجب أن لا يعتقد المواطن المغربي أن امواله تذهب إلى الصحراء، فالأجهزة كلها حاضرة معنا وهي تعرف العديد من الحقائق ونحن نأمل أن يعرف الشعب المغربي وأنتم بدوركم هذه الحقائق.
القاضي مقاطعا: عليك أن تنهي كلمتك لكي يتكلم رفاقك.
دحان: حسنا السيد الرئيس وأكد لك أن نصيب الصحراويين الاقتصادي هو صفر والنقطة الأخيرة التي أريد أن أختم بها السيد الرئيس هي مسألة الدعاية والإعلام.
السيد الرئيس لقد تمحورت الدعاية المغربية في صراعها حول الصحراء الغربية كلها حول فكرة ظلت يروج لها إعلاميا مفادها أن أغلب الصحراويين يعيشون في المناطق المحتلة التي حولتها الدولة المغربية إلى جنة وأن الصحراويين يعيشون بهل في النعيم، إلى أن بدأت حركة حقوق الإنسان وبدأ النشطاء الصحراويين يتظاهرون ويجاهرون بمواقفهم من قضية الصحراء حينها وصفوا بالخيانة والعمالة وأحيانا بالشرذمة القليلة والضالة والمغرر بها، وأحيانا تم التفاخر بأن هناك ديمقراطية لكن بعد خروج 30 ألف محتج في مخيم أكديم إيزيك و30 ألف تمثل على الأقل 10% من مجموع الشعب الصحراوي، خرجت كلها في مدينة واحدة، إذن الأمر لم يعد بعد يحتمل وصف شرذمة قليلة.
أنا أود أن أذكر هنا السيد الرئيس أنه بالرغم من أننا في السجن منذ مدة إلا أننا لانتخلى عن مسؤولياتنا، لقد تعرض الصحراويين للقمع وللإغتصاب من جديد وللعديد من الانتهاكات الجسيمة، لكن الأخطر هو الهجمة الإعلامية الشرسة التي شنت ضدهم، والتي تصفهم بأقدح الأوصاف كالغرباء والإرهابيين والانتهازيين، وأنا من هنا أستشهد بقول الأستاذ المسعودي أن الدولة المغربية لا يمكنها أن تحصل على الصحراء من دون الصحراوييين، والسؤال في ظل التوجه الخطير إذا ما ذهبت الدولة المغربية غدا للتفاوض حول الصحراء الغربية هل ستقول ما قاله الإحتلال الإسباني من قبل إن الصحراء كانت أرضا خلاء أم ماذا؟
القاضي مقاطعا: هذا يكفي.
دحان: نعم السيد الرئيس بقيت نقطة واحدة، وهي أنه عندما تعرضنا للغزو والإجتياح من الشمال والجنوب من طرف المغرب وموريتانيا وبتواطؤ مع إسبانيا استنادا عللا الاتفاقية الثلاثية المشؤومة بمدريد الفاقدة للشرعية، ولولا لطف الله وفتح الجزائر لنا لأراضيها واحتضاننا والعمل الجبار الذي قامت به جبهة البوليساريو، لكنا أنتهينا كشعب، وما أريد أن أخلص إليه هو أن جبهة البوليساريو بالإضافة إلى كونها تمثل الشعب الصحراوي فهي تتكون من أجدادنا وأعمامنا وأمهاتنا وخالاتنا، وعليه فإذا ما اعتبرتم جبهة البوليساريو طرفا معاديا لكم فإن عليكم التعامل معنا بنفس الطريقة، فنحن جزءا منها وستظل الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ما دافعت عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
القاضي مقاطعا: هذا يكفي؟
دحان: تقريبا أتممت مداخلتي، ولا أريد أن أرد على أي أحد، لكن هناك نقطتين أريد التعليق عليهما، يتعلق الأمر بنقطة أثارها أحد المحامين المطالبين بالحق المدني، عندما قال أنه يجب أن يموت المرء في بلده، وأعتقده يرمز إلى خطاب و دعاية رسمية استهدفت المرحوم المحفوظ أعلي بيبا رئيس البرلمان الصحراوي سابقا واللا ان توفي رحمه الله وهو رئيسا للوفد الصحراوي المفاوض وسيظل دائما بالنسبة لنا مؤتمنا على مصيرنا حتى وهو ميت رحمه الله، ولم نسمع أن أحد عير يوما بالموت!
النقطة الثانية تتعلق بسؤال آثاره ممثل النيابة العامة للأخ علي سالم التامك حول مسالة تخص حياته الشخصية، أود أن التوضح أنه ليس من مكارم الأخلاق ولا من العدالة محاولة التجريح في أعراض الناس، بل إن ذلك ينم عن ضعف في المحاججة وغياب للأدلة، ولذلك آمل أن يعمل على تفادي مثل هذا الإنحطاط مستقبلا.
شكرا السيد الرئيس
بعد تأجيلات عدة عرفتها جلسات المحاكمة السياسية للمدافعين الصحراويين عن حقوق الانسان- سجناء الرأي السبعة بالقاعة رقم 8 بالقطب الجنحي عين السبع بالدار البيضاء/المغرب، جرت بتاريخ 14 يناير/كانون الثاني 2011 أطوار الجلسة الأخيرة لهذه المحاكمة والتي تم فيها مناقشة القضية من حيث الجوهر/الموضوع والتي بدأت الساعة 14:15 بعد الزوال، ودامت زهاء 11 ساعة ونصف، - مع التقطعات- وكبقية الجلسات السابقة تعذر الحضور على المعتقلين المتابعين في حالة سراح (السيدة الدكجة لشكر والسادة يحظيه التروزي، الصالح لبيهي ورشيد الصغير) بسبب عدم التوصل بالاستدعاءات، وكذلك تخوفا على حياتهم وسلامتهم البدنية مثلهم مثل عائلات المعتقلين والطلبة وباقي المؤازرين للمتهمين من الاعتداءات التي كانت قد طالتهم في جلسات سابقة من المحاكمة الممارسة من طرف بعض المحامين والمواطنين المغاربة المدفوعين لذلك.
هذه الجلسة عرفت تأجيل النطق بالحكم حتى تاريخ 28 يناير/ كانون الثاني 2011، ليتم تأجيله مرة اخرى الى غاية جلسة 11 فبراير/شباط 2011.
وقد توصلت الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية Asvdh، بمرافعة رئيسها سجين الرأي والمدافع الصحراوي عن حقوق الانسان السيد ابراهيم دحان أثناء أطوار المحاكمة السياسية بالتاريخ المشار اليه اعلاه، هذا نصها:
-----
تقديم:
تمت المناداة علينا من قبل رجال الشرطة حوالي الساعة 14:30، ومن ثم دخلنا قاعة المحكمة رافعين إشارة النصر بأصابعنا في اتجاه جمهور القاعة، ومرددين شعار: لابديل لا بديل عن تقرير المصير
وقفنا في قفص الاتهام، ومباشرة بعدها تناول رئيس الجلسة الكلمة مذكرا بأسمائنا كحاضرين في حالة اعتقال، نادى على رفاقنا المتهمين المتابعين في حالة سراح والذين لم يستطيعوا الحضور كونهم لم يتوصلوا بالاستدعاء من جهة وخشية من الاعتداء الذي كان قد لحقنا جميعا اثناء أطوار الجلسات السابقة من جهة أخرى، كما ذكر بأسماء الأساتذة الحاضرين عن هيئة الدفاع وهم الاساتذة المحترمون: محمد الصبار، محمد صدقو، محمد المسعودي، مصطفى الراشيدي، والاستاذ العطاس الذي ينوب عن أستاذ آخر من هيئة الرباط والاستاذة هند الحو.
بعد ذلك قام رئيس الجلسة بتلاوة قرار المحكمة بشأن دفعين كان قد تقدمت بهما هيئة الدفاع، ويتعلق الأول بعدم توفر أجواء المحاكمة العادلة نظرا لضيق القاعة التي طالبت بإستبدالها واقترحت بدلا عنها أن تجري المحاكمة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بما أنها تقع تحت نفوذ نفس المحكمة وتتوفر على قاعات أرحب، وقررت المحكمة رفض الطلب، أما الدفع الثاني فيتعلق ببطلان حق الانتصاب الذي تقدمت به بعض الجمعيات للمطالبة بالحق المدني، معتمدة في ذلك ( هيئة الدفاع) على أن القانون يضع ثلاثة شروط لذلك وهي: أن تكون لتلك الجمعيات صفة المنفعة العامة، وأن تكون قد تأسست أربع سنوات قبل إرتكاب الجرم موضوع الإنتصاب وأن يكون الجرم من صميم إختصاصها حسب قانونها الأساسي، وهو ما لا يتوفر لأي من الجمعيات المذكورة.
بعدها اتخذت المحكمة قرارا في موضوع آخر غير الانتصاب وهو موضوع الاختصاص لاتاحة الفرصة لمحاميي تلك الجمعيات للإدلاء بوجهة النظر الرسمية، وقالت بأن الدعوة الخصوصية تتبع الدعوة العمومية ومع أنها أفتت بالتأجيل في البث إلى حين البث في الدعوة العمومية فقد اتاحت الفرصة لهم للتدخل.
بعد ذلك انتقل رئيس الجلسة إلى نقاش الموضوع، وكنت أول من نادى عليه رئيس الجلسة.
المرافعة:
القاضي: أنت متهم بجرائم المس بالسلامة الداخلية للدولة وبتسلم هبات من جهات أجنبية لتمويل نشاط ودعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة المغربية وسيادتها وزعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب المغربي، المنصوص على عقوبتها في الفصلين 206 و207 من القانون الجنائي المغربي، فماهو قولك؟.
ابراهيم دحان: أولا اسمحوا لي السيد الرئيس بالتذكير بأن هذه المحاكمة لاتتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة، فهي تجري في ظل حصار أمني واستخباراتي، وهو ما تسبب في غياب عائلاتنا ورفاقنا المتواجدين بالدار البيضاء الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى المحكمة بسب التهديد القائم والاعتداءات التي سبق وأن كانوا عرضة لها، داخل المحكمة وأمام أنظار وكيل الملك -النيابة العامة- كما أن رفاقنا المتهمين معنا في نفس الملف لم يستطيعوا الوصول للسبب ذاته، وقد بين الدفاع ذلك خلال الجلسة الماضية لكن النيابة العامة لم تعر ذلك اهتماما واعتبرت تهديد سلامتهم البدنية أمرا تافها، والأدهى أن عددا هاما من الأساتذة المحترمين من هيئة الدفاع وبعد عدة مطالبات بضرورة توفير شروط المحاكمة العادلة عبر محاورتهم دون جدوى لوكيل الملك ومراسلة وزير العدل ونقيب هيئة المحامين بالمغرب، أضطروا إلى مقاطعة المحاكمة وأصدروا بيانا يشرحون فيه موقفهم...
القاضي مقاطعا: لكن هذه المحاكمة عادلة وأنت الآن تتكلم بحرية كما أن الدفاع موجود معكم والهيئة تنحصر سلطتها داخل القاعة.
دحان: نحن نتشرف السيد الرئيس بالأساتذة الأجلاء الموجودين معنا من هيئة الدفاع وأنا قلت جزءا هاما من هيئة الدفاع وليس كلها، كما أن سلطة النيابة العامة تمتد إلى خارج القاعة والمصيبة أننا حتى داخل القاعة خلال الجلسات الماضية تعرضنا للسب والشتم والتعنيف ولم تحركوا ساكنا مع أنه كان بإمكانكم اتخاذ الاجراءات التي يخولها لكم القانون، لحمايتنا ولم تفعلوا، كما كان بإمكان النيابة العامة المطالبة بذلك ولم تفعل، وبعض الذين قاموا بالإعتداء علينا محامون موجودون هنا، وحينها السيد الرئيس لم تمنحنا حتى الفرصة لبسط تظلماتنا أمامكم، وبعثنا بشكاية في الموضوع امنتعت إدارة السجن عن إيصالها للجهات المختصة، وعلى كل حال فإن اتخاذ الاجراءات لا يزال ممكنا ونحن نرى بعضا ممن اعتدوا علينا هنا بالقاعة ومن بينهم مثلا الاستاذ : سعيد أجياش.
القاضي: ألن تجيب عن التهم الموجهة لك؟
دحان: نعم السيد الرئيس لكن قبل الوصول إلى الرد على التهم أريد أن أتحدث قليلا عن السياق الذي جاءت فيه هذه التهم، الحكاية أكبر من ذلك بكثير، هذه المسألة ابتدأت منذ 1975 عندما تعرضت الصحراء الغربية وشعبها لاجتياحين عسكريين، من الشمال من طرف المملكة المغربية ومن الجنوب من طرف نظام المختار ولد داداه القائم بالجمهورية الموريتانية أديا إلى احتلالها، كنت حينها طفلا أعيش في مدينة العيون التي دخلتها القوات الملكية المغربية حيث انتشرت الدبابات بكل الأحياء وكانت دوريات الجنود المشاة تسير داخل كل الأزقة تنتقل من منزل لمنزل يفتشون المنازل غرفة بغرفة بخوذاتهم الحديدية وبنادقهم الطويلة التي كانت رؤوسها تحمل سكاكين، لقد وضعوا في كل زقاق حواجز تفتيش وبدأنا نسمع عن الحرب ومآسيها وبدأت الاختطافات ودخلنا في دوامة من المآسي لا تزال مستمرة.
لقد تم التعامل مع الشعب الصحراوي كما يتعامل مع القطيع، قسمت الأرض والسكان نصفين نصف للمغرب ونصف لموريتانيا، والثروات الطبيعية إلى ثلاثة ثلث منها لإسبانيا...
القاضي مقاطعا: أهذا كلام تحفظه؟
دحان: عندما نتحدث عما فعله الجيش المغربي والقوات المغربية عموما بالصحراويين لا نتحدث عن كلام محفوظ ولا عن دعاية ولا افتراء وليس لأننا مأجورين وهو ليس من باب العمالة لأحد كما يدعي الجلادون إن سياسة الأرض المحروقة التي انتهجتها الدولة المغربية بقصف مخيمات الصحراويين بقنابل "النابالم" و"الفوسفور" وحرق خيامهم وإبادة مواشيهم وتسميم آبارهم ودفنهم أحياء وغير ذلك من الجرائم من اغتصاب واختطاف هذه الجرائم لا يعبر عنها أي كلام، هذه جرائم ضد الإنسانية، هذه مأساة شعب، وأنا أحاول توضيح جزء منها وهو ما يهمني هنا وليست المحاكمة بحد ذاتها ولا بما ستحكمون به عليَّ من عقوبة.
لقد امضيت سنوات من الاختطاف القسري ما بين 1987 و 1991 وتعرضت للإعتقال السياسي مابين سنتي 2005 و 2006 وخرجت بدون محاكمة ناهيك عن القمع المستمر والمضايقات، مسيرة تمتد لأكثر من 25 سنة من المعاناة لقد بلغت اليوم 45 سنة، ولست أدري هل سأعيش بعدها 20 أو 25 سنة، لكني متأكد أني مستعد لتمضيتها كلها في السجن من أجل هذه القضية.
إذا لم أتوقف السيد الرئيس كثيرا عند شروط المحاكمة العادلة فلأنني أريد وآمل اليوم مع المحامين المغاربة والهيئة القضائية والحضور، الذي نعرف طبيعته وكذلك وسائل الإعلام المتواجدة الذين بالرغم من أنهم تعرضوا لي بالسب والشتم والتعنيف إلى أنني أعتبرهم جميعا جزءا من النخبة المغربية، وأريد فقط أن أذكرهم أننا ساهمنا ونساهم في دمقرطة الحياة السياسية في المغرب من خلال العمل والتعاون مع المناضلين المغاربة، فأنا مثلا من مؤسسي المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف سنة 1999 وعملت مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ولجنة الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال هيئة متابعة ملف الإختفاء القسري بعد تأسيسنا لها في ماي 1999 ومن خلال أعمال أخرى لا يتسع المجال لذكرها.
و نريد الآن أن نعمل معهم على توضيح ما نستطيع من نقط الخلاف إذا أمكن ذلك، خاصة هيئة للمحامين بالدارالبيضاء التي تستضيفنا، وأود أن أتقدم بالشكر الخالص إلى نقيبها الأستاذ بوعشرين الذي بلغنا طلبه عبر محاميي الدفاع من كل أعضاء الهيئة الإلتزام بالقانون...
القاضي مقاطعا: هل زرت الجزائر في يوليوز 2009؟
دحان: قبل ذلك أريد أن أكمل مداخلتي السيد الرئيس، واريد أن أشرح للأساتذة أني لا اريد منهم أن يتبنوا نفس الموقف بعد ان يستمعوا إلى ما نريد ان نوضحوه لهم، فكما قال الأستاذ الصبار انه لا يتفق مع الرفيق علي سالم التامك ولكنه مستعد للدفاع عنه لإبداء رأيه...
القاضي مقاطعا: هل ستجيب عن أسئلتي؟
دحان: نعم السيد الرئيس، لكن أريد أن ابسط الظروف المحيطة بالمسألة كلها ولذلك السيد الرئيس ساعدنا لكي نوضح لكم ولجميع الحضور الكريم، فكما قلت نأمل أن تمثل هذه المحاكمة نقطة ضوء ولحظة للمصارحة، هذه فرصة لكم ولمساركم السيد الرئيس.
القاضي مبتسما ومقاطعا: من قال لك أني أبحث عن فرصة، لست بحاجة إلى فرصة في مساري المهني.
دحان: نعم السيد الرئيس قصدت المساهمة معنا للإستفادة من هذه المحاكمة إلى أبعد حد ممكن وشرح وجهة نظرنا لبعضنا البعض...
القاضي مقاطعا: عليك أن تجيب عن أسئلتي وتكف عن هذا الخطاب السياسي؟
دحان: لا بد أن تعطيني فرصة السيد الرئيس لشرح ما أراه مفيدا للدفاع عن نفسي...
القاضي مقاطعا: نعم، لكن كل ما قلته هو خطاب سياسي ولا يرتبط بالقضية، وعليه فيتوجب أن تجيب عن الأسئلة أو الإمتناع.
دحان: السيد الرئيس إذا ما كنت ستوفر لي الوقت الكافي لشرح وجهة نظري بالشكل الذي أراه مناسبا فإننا سنعلن إنسحابنا من الجلسة، فلا يعقل كما قلت أن تتاح لي فرصة محاكمة واحدة بعد كل هذه السنين وأحرم من المرافعة بالطريقة التي أراها مناسبة، كما لا ارى اني ملزم بالتحدث بلغة قانونية صرفة، فأنا لست محاميا ولا خبيرا قانونيا، لكنني ضحية وهذه الصفة تتيح لي الحق في الحصول على لحظة للحديث عما أراه مناسبا في النازلة، غير أنكم لستم ملزمين بالإقتناع بكل ما أقول...
القاضي مقاطعا: تحدث وبسرعة.
دحان: حسنا السيد الرئيس آمل أن لا تقاطعني حتى أتمكن من الإسترسال في الحديث، كما أشرت منذ بداية الصراع في 1975.
القاضي مقاطعا: عدت مرة أخرى إلى 1975، عليك أن تجيب عن أسئلتي أو تمتنع عن ذلك لكي لا أعود إلى الوراء.
دحان: عليك أن تتركني أتحدث بشكل متواصل.
القاضي: لتواصل.
دحان: حسنا السيد الرئيس أجدني مرة أخرى مضطرا للإستعارة من كلام الأستاذ الصبار عندما قال هذه فرصة للتعرف على تطبيق قواعد المحاكمة العادلة.
القاضي مقاطعا: ستجيب على الأسئلة أم لا؟ و سأعطيك الوقت الكافي في الكلمة الأخيرة لتبسط ما تريد.
دحان: السيد الرئيس في المرات الماضية وعدتنا بإعطائنا الكلمة و انتهت تلك الجلسات دون أن نتمكن من النطق حتى، وعليه أريد أن أكمل الآن...
القاضي: أنا أقول لك أمام الجميع سأعطيك الوقت الكافي في الكلمة الأخيرة.
دحان: أخشى السيد الرئيس أن تتكرر نفس الوعود الضائعة.
هذه كلمة شرف من المحكمة.
دحان: حسنا لابأس فقط أريد أن أوضح أن ما سأحتفظ به هو في صميم الموضوع وأن أي تجاوز له سيفرغ الموضوع من محتواه، وأريد أن يسجل كاتب الضبط ذلك.
القاضي: أعود لطرح الأسئلة: هل زرت الجزائر في يوليوز 2009 ؟
دحان: نعم .
القاضي: من إستدعاك؟ وماهي المناسبة؟
دحان: إستدعتني اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، و المناسبة هي إنعقاد المؤتمر الثقافي الإفريفي الثاني في الجزائر.
القاضي: مع من إلتقيت هناك؟
دحان: مع مجموعة من الفعاليات المدنية.
القاضي: هل إلتقيت مع البرلمان؟
دحان: نعم، مع لجنة العلاقة الخارجية في مجلس الشعب ومجلس الأمة وكذلك مع المجموعة البرلمانية الجزائرية المتضامنة مع الشعب الصحراوي.
القاضي: كم دامت الزيارة؟
دحان: حوالي أسبوعين.
القاضي: وكيف ذهبت إلى هناك؟
دحان: عن طريق مطار محمد الخامس بالدار البيضاء إلى مطار لهواري بومدين بالجزائر العاصمة.
القاضي: وهل إلتقيت المسمى عبد العزيز؟
دحان: نعم تشرفت بلقاء محمد عبد العزيز رئيس الدولة والآمين العام للجبهة....
القاضي مقاطعا: يقول أحد المتهمين الغائبين أن محمد عبد العزيز طلب منكم القيام بأعمال من شأنها إثارة البلبلة في الأقاليم الصحراوية.
دحان: لا، أيا من المتهمين الغائبين لم يكن متواجدا خلال اللقاء.
القاضي: هل ذهبت مع المجموعة إلى مخيمات تندوف؟
دحان: تعني مخيمات اللاجئين الصحراويين.
القاضي: لا. أنت ذهبت بعدهم بيومين.
دحان: نعم ذهبت من الدار البيضاء إلى الجزائر العاصمة، وبعد ذلك أخذت الطائرة إلى تندوف.
القاضي مقاطعا: عسكرية؟
دحان: لا، بل مدنية، تابعة للخطوط الجوية الجزائرية.
القاضي: وماهي الأنشطة التي قمت بها بعد ذلك؟ هل شاركت في ملتقى جاليات الشمال؟
دحان: نعم في اليوم الموالي.
القاضي: هل كان هناك مهرجان وكلمات؟ مع من إلتقيت هناك؟
دحان: نعم كان هناك الأخ محمد عبد العزيز رئيس الدولة و الأخ عبد القادر الطالب عمر الوزير الأول، والأخ البشير مصطفى السيّد أمين أمانة الفروع وعدد من أعضاء القيادة الوطنية، دعاهم السيد محمد لمين ددي والي ولاية العيون إلى مأدبة غذاء بعد اللقاء...
القاضي مقاطعا: هل تدخلت في المهرجان الخطابي؟ وماذا قلت؟
دحان: نعم تدخلت وتحدثت عما كان يخالجني في تلك اللحظة وهو أن صور المأساة الصحراوية كانت تتراكم وتتدافع في مخيلتي، التشريد، ظروف الحرب، اليتامى، الأرامل، الشهداء، الثكالى، العزيمة، التصميم، لحظات الأمل، لحظات الإحباط، رهبة ذلك المكان، والتعبير للاجئين الصحراويين عن علمنا بمآسيهم وتقاسمنا اياها معهم، وكذا معرفتنا بمعاناتهم مع صعوبة الظروف الطبيعية والتعهد لهم بمواصلة النضال والعمل لإنهاء تلك المآساة.
القاضي: إلى أين ذهبتم بعد ذلك؟
دحان: قمنا بزيارة لمجموعة من المؤسسات الوطنية.
القاضي متوجها لكاتب الضبط: قامو بزيارة بعض المراكز لجبهة البوليزاريو.
دحان مقاطعا: السيد الرئيس أنا قلت المؤسسات الوطنية الصحراوية، آمل أن يكتب كاتب الضبط مايأتي على لساني لأنني المعني بهذا الكلام وأنا من يحاكم عليه.
القاضي مقاطعا: كاتب الضبط مؤسسة مستقلة.
دحان: فقط السيد الرئيس أردت أن أنبه إلى كلامي و أنني مستعد لأدفع أي ثمن يتطلبه ذلك.
القاضي: هل زرتم وزارة الدفاع ؟
دحان: نعم ووزارة الإعلام وجميع الولايات وبعض المدارس والمستشفيات و زرنا الأراضي المحررة كمركز تيفاريتي و بلدية امهيريز.
القاضي: هل تلقيت مالا من جبهة البوليساريو ؟
دحان: لا.
-----
وبعد المناداة على الرفيقين أحمد الناصري واعلي سالم التامك وإعطاء الكلمة للمحامين المطالبين بالحق المدني وكذا ممثل النيابة العامة تعاقب على الكلمة دفاعنا المشكل من السادة الاساتذة، الصبار، صدقو، الراشدي، العطاس و المسعودي.
اعطيت لنا الكلمة الأخيرة.
-----
القاضي: المحكمة ستفي بوعدها و تعطيك الكلمة.
دحان: شكرا السيد الرئيس على ايفائكم بوعدكم كما أهنئكم السيد الرئيس على تمكنكم من إدارة هذه الجلسة الصعبة، لقد وفقتم إلى حد بعيد، وكما رأيت السيد الرئيس وبالرغم من التخوف الذي كان لديكم من الخطاب السياسي فلقد تحولت المحكمة وخاصة مع المحامين المطالبين بالحق المدني إلى خطب سياسية عصماء لها أول وليس آخر، آمل أن نحصل منكم على نفس الأريحية، سأكون مختصرا في كلامي قدر المستطاع، وأشكر الأساتذة في هيئة الدفاع، فقد أغنوني عن قول بعض الأمور كنت سأعمل على إثارتها خاصة الأستاذ صدقو عندما أعلن أنه سيسلمكم قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بقضية الصحراء، فمن الأمور التي كنت سأثيرها هو الجانب القانوني، فكما تعلمون هناك عشرات القرارات الأممية التي تطالب بتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره حسب اللائحة 1514 منها ماهو صادر عن اللجنة الرابعة لتصفية الإستعمار، ومنها ماهو صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنها ماهو صادر عن مجلس الأمن الدولي، دون نسيان الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وكذا الرأي الإستشاري للأمين العام المساعد للشوؤن القانونية الصادر سنة 2002 السيد هانس كوريل، يحيلني هذا الوضع القانوني على الوضع العسكري وما جرى سنة 1975 من غزو واجتياح وما رافق ذلك من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
القاضي مقاطعا: لقد قلت هذا من قبل.
دحان: سأكون مختصرا وهادفا السيد الرئيس، لكي لا أطيل عليكم في هذا الأمر ولكي لا يفهم هذا في إطار الدعاية، آمل أن تعودوا جميعا إلى أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة فعندما نظمت جلسات الإستماع العمومي في ديسمبر 2004 وجدت الهيئة صعوبة كبيرة في اقناع أيا من الصحراويين بالإدلاء بشهاداتهم، إلى أن تمكنت من إقناع السيد باري غالي المختطف السابق من قلعة مكونة وبما أنها كانت أول جلسة من جلسات الإستماع فقد كان هناك عدد كبير من المسؤولين من بينهم أمناء عامون لأحزاب سياسية وصحفيين وغير ذلك كما نقلت تلك الجلسة مباشرة على التلفزيون الرسمي، لقد قال ذلك الرجل بالحرف " لقد كنت أقطن في مخيم عائلي بالبادية عندما جاءتنا القوات المغربية لقد قاموا بحرق كل خيمنا وأبادوا كل ماشيتنا أمام أعيننا، وسمموا الأبار، واغتصبوا النساء، وذهبوا بنا إلى السجن، لقد جاؤوا بسياسة الأرض المحروقة ".
أنا أستشهد بهذه الواقعة لأنه بالإمكان العودة إليها على الصفحة الخاصة بهيئة الإنصاف والمصالحة على الشبكة العنكبوتية، والتأكد من ذلك.
إن الفظاعات التي ارتكبت في حقنا لا يمكن تخيلها فكما بين أحد الإخوان تم رمي الناس من الطائرات ودفنوا أحياء نعرف شهودا من الناجين، العائلات الآن مشتتة ومتفرقة وزيارتنا جاءت في هذا الإطار.
القاضي مقاطعا: هذا يكفي؟
دحان: عذرا سيدي الرئيس بقيت نقطتان أود الإشارة إليهما في دقائق قليلة جدا، تتعلق الأولى منهم بالجانب الإقتصادي المرافق للصراع في التصريحات الرسمية المغربية يدعون من خلالها أنهم يستثمرون ملايير الدولارات في الصحراء الغربية ونحن رأينا بعيوننا المجردة ملايير الدولارات تستنزف منها من خلال الفوسفاط والسمك، الصحراويين ليسوا شعبا كثير العدد، جميعنا تابع الاحتجاجات الاجتماعية التي تقع من حين لآخر وأنا أضرب المثل هنا بنفسي فعائلتي تتكون من عشرة أفراد لم يحصل أحدهم يوما على عمل مع الدولة المغربية عدا والدي المتقاعد لأنه حصل على وظيفة إبان الإستعمار الإسباني، عليكم أن تتسآلوا أين ذهبت ملايير الدولارات هذه.
القاضي مقاطعا: عليك أن تختم.
دحان: حسنا السيد الرئيس فقط أريد أن أزيل لدى هؤلاء الاساتذة المحترمين أن الصحراويين ليسوا انتهازيين كما يصورهم الإعلام المغربي كما يجب أن لا يعتقد المواطن المغربي أن امواله تذهب إلى الصحراء، فالأجهزة كلها حاضرة معنا وهي تعرف العديد من الحقائق ونحن نأمل أن يعرف الشعب المغربي وأنتم بدوركم هذه الحقائق.
القاضي مقاطعا: عليك أن تنهي كلمتك لكي يتكلم رفاقك.
دحان: حسنا السيد الرئيس وأكد لك أن نصيب الصحراويين الاقتصادي هو صفر والنقطة الأخيرة التي أريد أن أختم بها السيد الرئيس هي مسألة الدعاية والإعلام.
السيد الرئيس لقد تمحورت الدعاية المغربية في صراعها حول الصحراء الغربية كلها حول فكرة ظلت يروج لها إعلاميا مفادها أن أغلب الصحراويين يعيشون في المناطق المحتلة التي حولتها الدولة المغربية إلى جنة وأن الصحراويين يعيشون بهل في النعيم، إلى أن بدأت حركة حقوق الإنسان وبدأ النشطاء الصحراويين يتظاهرون ويجاهرون بمواقفهم من قضية الصحراء حينها وصفوا بالخيانة والعمالة وأحيانا بالشرذمة القليلة والضالة والمغرر بها، وأحيانا تم التفاخر بأن هناك ديمقراطية لكن بعد خروج 30 ألف محتج في مخيم أكديم إيزيك و30 ألف تمثل على الأقل 10% من مجموع الشعب الصحراوي، خرجت كلها في مدينة واحدة، إذن الأمر لم يعد بعد يحتمل وصف شرذمة قليلة.
أنا أود أن أذكر هنا السيد الرئيس أنه بالرغم من أننا في السجن منذ مدة إلا أننا لانتخلى عن مسؤولياتنا، لقد تعرض الصحراويين للقمع وللإغتصاب من جديد وللعديد من الانتهاكات الجسيمة، لكن الأخطر هو الهجمة الإعلامية الشرسة التي شنت ضدهم، والتي تصفهم بأقدح الأوصاف كالغرباء والإرهابيين والانتهازيين، وأنا من هنا أستشهد بقول الأستاذ المسعودي أن الدولة المغربية لا يمكنها أن تحصل على الصحراء من دون الصحراوييين، والسؤال في ظل التوجه الخطير إذا ما ذهبت الدولة المغربية غدا للتفاوض حول الصحراء الغربية هل ستقول ما قاله الإحتلال الإسباني من قبل إن الصحراء كانت أرضا خلاء أم ماذا؟
القاضي مقاطعا: هذا يكفي.
دحان: نعم السيد الرئيس بقيت نقطة واحدة، وهي أنه عندما تعرضنا للغزو والإجتياح من الشمال والجنوب من طرف المغرب وموريتانيا وبتواطؤ مع إسبانيا استنادا عللا الاتفاقية الثلاثية المشؤومة بمدريد الفاقدة للشرعية، ولولا لطف الله وفتح الجزائر لنا لأراضيها واحتضاننا والعمل الجبار الذي قامت به جبهة البوليساريو، لكنا أنتهينا كشعب، وما أريد أن أخلص إليه هو أن جبهة البوليساريو بالإضافة إلى كونها تمثل الشعب الصحراوي فهي تتكون من أجدادنا وأعمامنا وأمهاتنا وخالاتنا، وعليه فإذا ما اعتبرتم جبهة البوليساريو طرفا معاديا لكم فإن عليكم التعامل معنا بنفس الطريقة، فنحن جزءا منها وستظل الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ما دافعت عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
القاضي مقاطعا: هذا يكفي؟
دحان: تقريبا أتممت مداخلتي، ولا أريد أن أرد على أي أحد، لكن هناك نقطتين أريد التعليق عليهما، يتعلق الأمر بنقطة أثارها أحد المحامين المطالبين بالحق المدني، عندما قال أنه يجب أن يموت المرء في بلده، وأعتقده يرمز إلى خطاب و دعاية رسمية استهدفت المرحوم المحفوظ أعلي بيبا رئيس البرلمان الصحراوي سابقا واللا ان توفي رحمه الله وهو رئيسا للوفد الصحراوي المفاوض وسيظل دائما بالنسبة لنا مؤتمنا على مصيرنا حتى وهو ميت رحمه الله، ولم نسمع أن أحد عير يوما بالموت!
النقطة الثانية تتعلق بسؤال آثاره ممثل النيابة العامة للأخ علي سالم التامك حول مسالة تخص حياته الشخصية، أود أن التوضح أنه ليس من مكارم الأخلاق ولا من العدالة محاولة التجريح في أعراض الناس، بل إن ذلك ينم عن ضعف في المحاججة وغياب للأدلة، ولذلك آمل أن يعمل على تفادي مثل هذا الإنحطاط مستقبلا.
شكرا السيد الرئيس