-->

المخابرات المغربية وحروبها السريّة على الجزائر، الجزء الاول: مأزق البوليزاريو و تضليل الرأي العام


دراسة: المخابرات المغربية وحروبها السريّة على الجزائر

للكاتب الجزائري :أنور مالك 

الحلقة الأولى: مأزق البوليزاريو و تضليل الرأي العام
منذ أن كشفت مستور الداخلة الصحراوية وضواحيها على صفحات “الشروق”، قررت أن أفضح كل ما عرفته بعد ثلاث سنوات من متابعة شأن المخزن وأجهزته السرية، ليس بالنقل مما هو منتشر عبر وسائل الإعلام ولا من المعلومات المتناثرة هنا وهناك، ولا بالعودة لتاريخ هذا الجهاز عبر أجيال خلت، بل أغلب ما سيرد هنا هو تجربة شخصية ومعلومات جئت بها من العمق، ومن خلال رحلة قرب عايشت فيها محطات لا يجب أن يطويها النسيان أو تدفن في مقابر التاريخ.
إن هذه المتابعة التي لم يسبق لها مثيل من قبل، ليست انتقاما كما قد يتوهّم البعض أو تصفية حسابات كما قد يفسرها آخرون، أو أنها مجرد شهادة عابرة أدخل بها مزادات الصراع القائم في المنطقة المغاربية، كما أنها ليست مهمة استخباراتية لصالح جهة ما، إنها مهمة صحفية لكشف الحقيقة المتوارية في دهاليز جهاز له صولاته وجولاته عبر الكثير من الأحداث التي صنعت – ولا تزال – مشاهدها على الركح الدولي عموما والمغاربي بصفة أخص.
لقد تمّ استغلال بعض النقد الحقوقي الذي وجهته من قبل لجبهة البوليزاريو من أجل أطماع أخرى، آن الأوان أن يعرفها الكل، وليس من الخلق الكريم ولا المهنية في شيء أن يطول شأن الصمت عنها أكثر مما حدث، وخاصة أن العمر ليس في أيدينا، ولا الأقدار قد تعذرنا إن تجاوزناها إلى وقت غير مضمون مستقبلا، كما ليس من العدل مطلقا أن نحمّل الشعب المغربي الشقيق كل هذه الألاعيب القذرة التي لا تثلج إلا صدور الأعداء.
وأؤكد قبل كل شيء وبكل صراحة ووضوح، أن المغامرة الإعلامية مع المخابرات المغربية كانت متابعة منذ بداياتها من طرف “الشروق” ممثلة في شخص مديرها العام السيد علي فضيل، وكان الاختراق والمهمة الصحفية تحت رعايته الكاملة وكان يتابع كل كبيرة وصغيرة منذ بداياتها والمتمثلة في أول زيارة قادتني للمملكة المغربية، وما تحقيق الداخلة إلا محطة فقط لبداية كشف المستور.
على عتبات المخابرات المغربية
لكل مخابرات في العالم دورها وعملها السرّي الكثيف من أجل تأمين شؤون نظامها ومصالح بلادها، وبلا شك أنه لهذه المخابرات وسائلها المشروعة وغير المشروعة، كما أن الكثير منها تقوم بأعمال قذرة كالاغتيالات والتصفيات والدعايات المضللة لأجل تبرير عمل باطل كالاحتلال أو ترويض الخصوم وتصفيتهم أو فرض أجندات معينة. ومن بين الأجهزة المنضوية في هذا الإطار موساد الكيان العبري الذي يحتل فلسطين، ويعمل من أجل بناء دولة تمتد من الفرات إلى النيل، والمخابرات الأمريكية التي بدورها تحتل العراق وأفغانستان ولديها قواعدها العسكرية في كثير من الدول والقارات…
وطبعا تكشّر عن أنيابها المخابرات لما تكون في وضع محتلّ، ويزداد شررها أكثر لما تجد ذلك المستعمر في وضع لا يحسد عليه.
وفي هذا الإطار نتحدث عن المخابرات المغربية التي تعيش في ورطة دولية جراء قضية الصحراء الغربية التي تقرّها الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار، والمجتمع الدولي يؤكد في أبجدياته ومأثوراته القانونية، أنها آخر المستعمرات في إفريقيا. وتعمل هذه المخابرات المخزنية على جبهتين أساسيتين، الأولى تتعلق بالجزائر بصفتها أبرز الدول التي تدعم جبهة البوليزاريو من أجل تقرير مصير الصحراويين، والثانية تتعلق بالمحيط الدولي والإقليمي. وما يهمنا في هذه الدراسة هو الجانب الأول المتعلق بالجزائر، وحتى إن كنّا لن نتجاهل الجانب الآخر، وسنكشف عن الكثير من المعطيات بينها العامة وأخرى خاصة لمعرفة النوايا الحقيقية التي يبيّتها المخزن المغربي للجزائر، عكس ما نسمعه في التصريحات الرسمية وحتى خطابات العرش.
فقد وصل الجهاز الإستخباراتي إلى ما يمكن لا وصفه، ووضع مبدأ لا يمكن الحياد عنه ولا مجرد قبول أدنى النقاش فيه، وهذه المسلّمة التي أضحت من البديهيات في الأجندة السرية للمخابرات المغربية، وقد إعترف لي بها أحد أعوان هذا الجهاز، قائلا بالحرف الواحد: “البوليزاريو من دون الجزائر لا تساوي شيئا، ولهذا لا بد من تفكيك الارتباط بينهما إما عن طريق إثارة الفتنة أو بتكسير شوكة العنصر القوي في المعادلة وهو الجزائر”. إنطلاقا من هذه النظرية التي غدت في عداد الكلية التي تحكم توجهات ومخططات هذا الجهاز، نحاول في هذه الدراسة أن نتحدث عن جوانبها وبشواهد وصلنا إليها بحكم تجربتنا الصحفية الشخصية التي فيها الكثير من الإثارة، وأيضا فضلنا أن نتناولها بأسلوب أكاديمي حتى نتفادى السرد عن طريق الحكاية والقصص الذاتية المملة أحيانا
للمخابرات المغربية باعها في الاغتيالات ومطاردة المعارضين وقمع الشعب، كما لها سجلا حافلا في انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية والريف وكثير من المدن المغربية، كما لها أيضا مغامرات كثيرة في تصفية الخصوم سواء ممن تورّطوا في محاولات الإنقلاب أو ممن كانوا ينشطون في الخارج، من بنبركة إلى هشام المنداري، ولا حتى أولفقير ونزلاء سجن تازمامارت التي لا يمكن أن تمحى بجرّة قلم سواء من طرف العهد الجديد أو العهن القديم. كما أن لهذا الجهاز جواسيس تحرص على زرعهم في أغلب الدول، وتركيزها قائما على الجزائر وإسبانيا وموريتانيا، لأسباب إستراتيجية ستتضح معالمها من خلال ما سيأتي لاحقا.
إعلام موجّه ودعاية قذرة
يعتبر من أبرز الجوانب الخطيرة والمهمة التي تركز عليها المخابرات المغربية من أجل الترويج لأطروحاتها ودعاياتها الخاصة بالصحراء الغربية، وأيضا من أجل ضرب الجزائر في عمقها، والتي ظل دوما المخزن المغربي يحاول تصويرها على أنها طرف أصلي وفاعل في النزاع القائم بين المملكة وجبهة البوليزاريو، وقد تجلّى هذا الجانب الدعائي والإعلامي من خلال الترسانة التي توظفها المغرب في هذه الحرب السرية والقذرة. فقد فرضت على المنابر الإعلامية حتى المستقلة منها، خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه، وجعلوا من الصحراء الغربية التي أجبر المخزن وسائل إعلامه والموالية له والمبايعة لأطروحاته على أن تظل إسمها “الصحراء المغربية” أو “الأقاليم الجنوبية المغربية”، ولا يمكن لأي صحيفة أو كاتب أو مدوّن أن يحيد أو يتجاوز هذا الخط الأحمر القاتل، لأنه يعني بذلك نهايته وتحطيم مشواره الإعلامي وحتى الحياتي.
والكل يعرف القنوات الفضائية التي أطلقها المغرب فإلى جانب ترسانته في المحطات التابعة للدولة نجد “ميدي 1 سات” والتي كانت تموّن بشراكة فرنسية مغربية، والمتابع لهذه القناة لا يجد إلا التركيز على “مغربية” الصحراء الغربية، والأخبار التي لا همّ لها إلا إظهار الجزائر كبلد مثل الصومال لا يتوفر على الأمن، ولا تنتشر فيه إلا المجاعة والجريمة، وهو عمل يراد منه فرض الأمر الواقع بالنسبة للصحراء وتشويه الطرف الجزائري دوليا ومحليا.
بغض النظر عن حرية الصحافة في المغرب، وقد نعلم جميعا عن كثرة الصحف التي تم إيقافها مثل “نيشان” أو الأخرى التي أجبرت على العودة بثوب جديد مثل “أخبار اليوم” و”المشعل”، أو حتى الصحفيين الذين سجنوا وآخرون منعوا من الكتابة مثل علي لمرابط، وهذا الأخير الذي تجاوز الخطوط الحمراء بالنسبة لقضية الصحراء الغربية، التي توصف بالقضية “الوطنية” الأولى.
ولو إسترسلنا في الحديث عن واقع الحريات الصحفية في المغرب ما كفتنا المجلدات، ولكن الذي يهمنا أن نتحدث عن بعض محاور هذا الجانب الدعائي الخطير الذي يوجه سهامه المسمومة للجزائر. ونذكر البعض منها على سبيل الدلالة والمثال لا الحصر.
1 – الدعاية للأطروحة المغربية:
كما ذكرنا أن الهدف الأول لكل وسائل الإعلام المغربية، هو الترويج العالمي لأطروحة الحكم الذاتي أو الجهوية الموسعة، ويتجلى هذا الترويج في إبراز ما تراه من إيجابيات والتركيز على أنه هو الحل الوحيد والواقعي لقضية الصحراء الغربية، وهذا يتضح بصورة علنية، عن طريق زرع المغالطات أحيانا والترويج للخيال والأوهام والأكاذيب. كما تعمل على التأكيد الدائم على ما يوصف بالتفاف الصحراويين على هذه الأطروحة، حيث يتم إبراز بعضهم وحتى آخرين مغاربة يقيمون في الصحراء ويلبسون زيّهم، ويظهر هؤلاء بيعتهم العلنية للعرش.
وتؤكد مصادرنا أنه يوجد الكثيرون ممن أعلنوا مساندتهم للمغرب، قد اجبروا على هذا الأمر بالإكراه، وأحيانا يضلل هؤلاء وفق تقارير صحفية لا تمت بصلة لأرض الواقع. وأبرز دليل عايشته بنفسي هو ملتقى الداخلة الذي عقد في 28 جويلية الماضي، وقد سيطر عليه أنصار جبهة البوليزاريو وفرضوا تقرير المصير على المشاركين الذين اجبروا على التحايل من أجل انهاء الملتقى، إلا أن الإعلام المخزني صوره على أنه ملتقى عالمي أجمع فيه الحاضرون على تأييد مبادرة الحكم الذاتي، وهو الذي لم يحدث على الإطلاق.
2 – الكذب وزرع الشبهات والتضليل:
هو أخطر ما وقع فيه الإعلام المغربي، حيث نجده يكذب كثيرا ويزرع الشبهات والأباطيل التي لا أساس لها في أرض الواقع، وخاصة ما يتعلق بالعلاقات بين الجزائر وجبهة البوليزاريو، حيث من حين لآخر نقرأ أخبارا مفبركة تحرر في خلية خاصة للمنصوري رئيس الجهاز الذي كان من قبل الرجل الأول في وكالة الأنباء الرسمية، وتؤكد مصادرنا أن الخلية يشارك فيها أساتذة جامعيون متخصصون في الإعلام والقضايا العسكرية الإستراتيجية والعلوم السياسية والأمن والقانون الدولي.
ويتجلى أيضا هذا المحور في فبركة التصريحات الإعلامية لشخصيات فكرية أو سياسية أو حقوقية أو حتى معارضين جزائريين، فتقوم وسائل الإعلام بالترويج لما يخدم الأجندة على طريقة و”يل للمصلين”، أو “لا تقربوا الصلاة” متجاهلين دوما “الذين عن صلاتهم ساهون”، أو “وأنتم سكارى”. فكم من حوار تمت فبركته وكم من تصريح وجّه زورا نحو ما يخدم الأجندة المغربية. وأنا شخصيا تعرضت لهذا الأمر كثيرا وكانت بداية قصتي معهم في أول حوار صحفي أجرته معي الكاتب والإعلامية المصرية وفاء إسماعيل لفائدة صحيفة “أخبار العرب” في كندا في مارس 2007، وقد قامت صحيفة اسمها “رسالة الأمة” في عددها الصادر بتاريخ 01/04/2007 بالتحريف وتوجيه الحوار إلى ما يخدم الأجندة المغربية، وبعدها نشرت وكالة الأنباء الرسمية تقريرا روجت فيه للموقف بلغات عديدة كالفرنسية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والألمانية… الخ. وهو الذي حدث أيضا مع جريدة “بيان اليوم” الناطقة بالفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 04/07/2008 بعد حوار آخر مع جريدة “المشعل” التي بدورها تلاعبت في المحتوى.
وقد إستنكرت ذلك حينها في تصريح لموقع هسبريس نشر بتاريخ 13/07/2008. ولو أردت أن أسترسل في حصر مثل هذه الأمور التي حدثت معي وتورطت فيه صحف مغربية ووكالة الأنباء الرسمية وقنوات فضائية ما كفانا هذا المقام، فضلا عما جرى لغيري كثيرون الذين بدورهم دفعهم إلى التنديد أحيانا عبر المواقع الإلكترونية، لأن وسائل الإعلام المغربية ترفض نشر التكذيب أو حتى مجرد التوضيح، وتتجاهل البيانات التي تكشف عورتها وتفضح زيفها عند الرأي العام.
ملخص ذلك أن التعليمات الفوقية تفرض على هذا الإعلام نشر أي شيء ولو يكون كذبا من أجل الإبقاء على الأطروحة المغربية موجودة في الواجهة الدعائية، وأحيانا بمثل هذه الطريقة المضللة ستحولها إلى أمر واقع يفرض نفسه على المجتمع الدولي، وأكثر من ذلك يكسر إرادة الصحراويين القائمة دوما ودائما، والقاضية بمبدأ تقرير المصير الذي لا يختلف فيه إثنان سواء في الداخل أو الخارج، كما لمست ذلك بنفسي خلال الزيارتين اللتين قمت بهما لهذه المنطقة الساخنة والمنكوبة
الحلقة الثانية:الأخبار الكاذبة والقصة الكاملة لمؤامرة ” الجزائر تايمز
ولو إسترسلنا في الحديث عن واقع الحريات الصحفية في المغرب ما كفتنا المجلدات، ولكن الذي يهمنا أن نتحدث عن بعض محاور هذا الجانب الدعائي الخطير الذي يوجه سهامه المسمومة للجزائر. ونذكر البعض منها على سبيل الدلالة والمثال لا الحصر.
3 – صناعة المواقع المشبوهة وتحت أسماء جزائرية:
توجد مواقع في الشبكة العنكبوتية مشبوهة للغاية ويزعم أصحابها أنهم مستقلون ويعيشون في المنفى بأوروبا أو أمريكا، في حين أنهم تابعون للمخابرات المغربية بصفة مباشرة، وتجد هذه المواقع تنتقد الواقع المغربي وحتى العهد الجديد وسياسة الملك محمد السادس في بعض الأمور الإجتماعية والسياسية والحزبية، كما تجدها تصب جام غضبها على الأحزاب والحكومة والبرلمان، وأخرى تثير ملفات ساخنة عن شأن الأمازيغ والريف.
ولكن الشيء الوحيد الذي لا يختلف فيه هو ما يسمونها بدعا “الأقاليم الجنوبية المغربية”، أو ما يفضلون دوما وضع شأنها تحت إطار “الوحدة الترابية للمغرب”. فتوجد مواقع تبث من باريس وأخرى من ألمانيا وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وكلها ممونة من المخابرات المغربية عن طريق تلقي أصحابها أجورا أو من خلال الإشهار المقدم إليهم ونلاحظ في أغلبها إشهارات للخطوط الجوية الملكية أو البنوك أو الشركات، كما توجد أخرى تخضع لجمعيات المغاربة الذين يقيمون في الخارج، والتي يتم تموينها من المخزن بصفة مباشرة، وهذا الذي سنتحدث عنه لاحقا.
في الآونة الأخيرة ومنذ صيف 2009 اتجهت المخابرات المغربية بعدما أفلست صحفها ومنابرها في الترويج للأطروحة، وقد تفطّن لها وانكشف زيفها وفضحت مصداقيتها، فلجأت إلى أمر آخر وهو خلق منابر تظهر للناس أنها جزائرية أو أجنبية، والتي يتم فيها العمل على الترويج لأخبار تناهض تواجد جبهة البوليزاريو على التراب الجزائري، حتى يصنعوا مشهدا يفيد بتغلغل الرفض الشعبي لهذه الجبهة، وإقناع الخصوم والأصدقاء أن الدعم الجزائري الرسمي لجبهة البوليزاريو لا يتعدى النظام القائم، ومن جهة أخرى تقوم هذه المواقع بالترويج للكذب والذي بعده تقوم وسائل إعلام ثقيلة كالقنوات الفضائية والصحف الكبرى بالترويج وخلق أساس جزائري لهذه الدعاية المجانية التي لا أصل لها.
وأبرز ما حدث في هذا الإطار هو موقع “الجزائر تايمز” الذي قمت بتأسيسه في ماي 2009 وذلك بالتعاون مع مهندس من أصل جزائري يقيم في كندا، والذي اتصل بي وكان يتابع مداخلاتي ومشاركاتي في الفضائيات وخاصة قناة الجزيرة. وقد نشر موقع هسبريس خبرا بتاريخ 12/05/2009 من أن أنور مالك أطلق من منفاه صحيفة “الجزائر تايمز” الإلكترونية.
ولكن بعد أيام قليلة وبزوغ نجم هذا الموقع ظهرت أطماع أخرى، حيث قام هذا المهندس بتغيير السيرفير وكلمات الدخول للموقع والبريد الإلكتروني الخاص به، الذي كان هو من قام بكل شيء، وكنت حينها أجهل مثل هذه الأمور ولم أتأكد أنه سجل بإسم شخص آخر يقيم في نيويورك وليس باسمي أنا كما ادعى لي كاذبا، ولكن عندما فجرت الحقيقة في “الشروق” بتاريخ 21/02/2010 قامت إدارة الموقع بتوقيفه لعدة ساعات، وبعدها تم تغيير صاحبه نحو هوية مجهولة وهي بوعلامي يمين ووضع له عنوان في باريس ورقم هاتف لا أساس له على الإطلاق، وقد ذهبت بنفسي للمكان ووجدته مسكنا لعجوز أوروبية لا شأن لها بأي شيء.





ثم باعه لاحقا لما يسمى “الكونغرس المغربي في أمريكا” والذي قام بشرائه أمريكي من اصل مغربي يدعى جليل، ويقف أيضا وراء إصدار مواقع أخرى منها “ماروك بوست”، وقبلها “ماروكو تايمز” الذي أغلق بعدما تمكنوا من الاستيلاء على “الجزائر تايمز”. ولتجاوز عنق الزجاجة لهذا الموقع الإستخباراتي، ظهر في الآونة الأخيرة تمييع آخر يراد منه كسب الودّ وحفظ ماء الوجه، حيث أجري حوارا مفخخا نشر في منتدى “الجزيرة توك” أواخر أوت الماضي مع أحدهم يدعى بن يونس تلمساني زعم أنه كاتب جزائري ومن مواليد 1960 بجيجل ويقيم في لندن، وقد تحصل على الماجستير في الإعلاميات، وقدم نفسه على أنه رئيس تحرير “الجزائر تايمز”، ليعيد نشره على الموقع بتاريخ 14/09/2010 ويقدّم نفسه على أنه المدير، بالرغم من عدم وجود شخص على الإطلاق يعيش في بريطانيا يحمل هذا الاسم، كما لا يمكن أن يكون كاتبا وعمره خمسون عاما لا يعرفه أحد، وقد سألت بعض الإعلاميين المقيمين في بريطانيا منذ سنوات طويلة، ولا أحد سبق وأن عرف أو مرّ عليه هذا الإسم، ولا هذه التسمية المركبة يمكن أن نجدها في جيجل أو حتى الشرق الجزائر حسب تعليق أحدهم.





وقد ظهر هذا الحوار في منتدى ترتاده إلا الأسماء المستعارة التي لا أصل لها، في وقت عرفت الساحة الإعلامية ضجة كبيرة على التحقيقات التي نشرتها في “الشروق” وكانت سببا في حملة قذرة عليّ وعلى الجريدة، وقد ساهم هذا المزعوم في التطاول على شخصي أيضا وإشاعة فرضيات وتهم روج لها المخزن كثيرا، بعدما أوجعته فضائح منطقة الداخلة، وأتحدى هذا المغربي الذي ينتحل هذه الهوية أن يظهر بصورته وشكله للناس، عندها سيكون لنا شأن آخر، وبحوزتنا تفاصيل وبراهين تنسف كل ما سيفبركه له الجهاز المغربي.





4 – اختلاق الأخبار الواهية والوهمية:





مثل هذه الأخبار كثيرة لا تحصى ولا تعد، وأودّ هنا أن أكشف خفايا خبر كنت طرفا في الترويج له بعد خدعة شيطانية من طرف شبكة لعبت دورا محبوكا، ولكن لما كشفت الأمر فضلت الصمت حينها حتى أمضي بعيدا، وأحقق بنفسي وعلى طريقتي حتّى أعري هؤلاء لكل العالم. ويتعلق الأمر بما نشر في موقع “الجزائر تايمز” بتاريخ 04/08/2009 والذي يروي خبر إعتقال خمسة من قيادات جبهة البوليزاريو، من بينهم الوزير المنتدب محمد يسلم يبسط، هذا الخبر الذي أثار ضجة كبيرة، وبعدها في 10/08/2009 نشر خبر آخر تحت عنوان: “عربات تابعة للبوليزاريو لها علاقة بكتيبة “الملثمين” تعرضت لقصف من مروحيتين جزائريتين في الحفيرة وسقوط 8 قتلى”، وبدوره روجت له وسائل الإعلام المغربية ولكن بحجم أقل من الخبر الأول.





لقد تلقيت خبر الاعتقال أول مرة من طرف الدكتور عبدالرحمن مكاوي، وهو أستاذ في جامعة محمد الخامس بالدار البيضاء، وبالرغم من تواصله مع مواقع مغربية وصحف كثيرة إلا أنه إتصل بي متحججا بمساعدة موقعي على الظهور بمثل هذه الأخبار الحصرية والمثيرة، ولكن طلبت منه ضرورة التحرّي، ومعرفة مصدره لأن الأمر يتعلق بالمصداقية التي لا يجب المغامرة بها.





فأكّد لي أن مصدر الخبرين الحصريين هو صحفي جزائري التحق حينها – يعني نهاية جويلية 2009 - بالمغرب طالبا للجوء السياسي، ولكن لما أصررت على معرفة اسمه إلا أنه رفض زاعما أن الصحفي لا يريد الظهور حاليا لأسباب أمنية تتعلق به، وعندما تسمح ظروفه سيجعلني أتواصل معه، وهو الذي لم يتحقق لاحقا ولم اسمع مطلقا بأنه يوجد صحفي أو حتى مراسل من ولاية داخلية قد طلب اللجوء السياسي في المغرب.





الدكتور مكاوي اقترح علي أن أتواصل هاتفيا مع مصدرين من مخيمات تندوف، ومصدر ثالث يتمثل في ضابط جزائري في تندوف إسمه “عدنان” وتربطهما علاقة مصاهرة، على أساس أن مكاوي زعم لي أن زوجته من الغرب الجزائري وأنه ينحدر من مدينة وجدة المتاخمة للحدود الجزائرية.





أعطاني رقم هاتف من نوع جيزي، اتصلت فوريا بذلك الشخص فوجدته أنه على علم باتصالي، وأكد لي بلكنة جزائرية تميل إلى عنابة، خبر الإعتقال وأيضا قصف المروحيات الذي نشر لاحقا، ولكن لتبديد الشكوك رحت أحدثه عن بعض الأمور العسكرية بصفة مداعبة كالإيعازات المتعارف عليها، وقد ظهر لي من كلامه أنه يعرف الثكنات جيدا، وله دراية بقانون الخدمة في الجيش الجزائري.





إلا أنني لم أطمئن للخبر وخاصة أنه جاء من مصدر مغربي، فقلت للدكتور مكاوي يجب أن أتحدث مع أحد الصحراويين، وهو الذي لم يرفضه فأعطاني رقم آخر وأخبرني أن الشخص إسمه ولد محمد وهو من أقارب مصطفى السيد الذي جاء في الخبر وجوده من بين المعتقلين، فاتصلت به وكان الرقم جزائريا طبعا، وتحدثت إليه وأقسم لي أن عملية الاعتقال قد حدثت. وأضاف لي قائلا: ” أن شرطة البوليزاريو شددت الخناق على الأشخاص الذين تحوم حولهم شبهات الفرار نحو المغرب، وفرضت ما يشبه المراقبة المستمرة واليومية عليهم”. أما الثاني من المخيمات فقد إتصل بي هو وطلع على شاشة هاتفي المحمول رقما جزائريا، وبدوره جزم لي صحة الخبر، وبدوره يتحدث بلهجة صحراوية.





قمت بنشر الخبر كما وردني محررا من عند الدكتور مكاوي، وأثيرت ضجة كبيرة وقد إستضافتني قناة “ميدي 1 سات” في برنامج أسبوعي لها بتاريخ 10/08/2009، تناول خبر الإعتقال بالتحليل، وقد أكدت على صحة الخبر وتناولت بعض الأمور الأخرى التي لاحقها مقص الرقيب، لأن البرنامج غير مباشر وسجل عبر الأقمار الصناعية في المساء وتم بثّه في السهرة نفسها من ذلك اليوم. لكن عندما جرى الاستيلاء على الموقع ونشرت بيانا في 26/08/2009، وأكدت فيه من أن الموقع صار لا علاقة لي به مطلقا منذ 16/08/2009. عاودت الإتصال بتلك الأرقام فوجدتها معطلة، أما الدكتور مكاوي فقد تنكّر نهائيا عندما عدت له في مطلع 2010 من أجل وقف الحملة التي يشنها الموقع على شخصي، قال لي بتاريخ 22/02/2010 كما هو مدوّن عندي: ” حسب معلومات جديدة مؤكدة وصلتني للتو من دوائر إعلامية جزائرية في لندن و باريس فان جريدة “الجزائر تايمز” أصبحت ملكا للمعارضة الجزائرية في لندن و في أيدي صحافيين معروفين و شخصيات جزائرية وازنة ويرون في هذا السجال مخرجا لعودتكم بأكثر مصداقية إلى الجريدة و إبعادكم عن كل الشبهات مع المخابرات المغربية فلا تحزن فان الله معنا”، وكان بالفعل دليل على أن الرجل لا يزال يقف وراء الموقع وشبكته.





وقد علمت أيضا ومن مصدر موثوق، أن الدكتور مكاوي يترأس خلية تتكون من إعلاميين وكتّاب ورجال مخابرات تقوم بتحرير هذه الأخبار وإرسالها لموقع “الجزائر تايمز” وغيره، ليظل خدعة وتضليل للرأي العام، كما اشرنا من قبل.





وقد أكد لي صحفيون مغاربة من أن الموقع يدار في الرباط ونيويورك، بل يوجد صحفي شريف أقدره كثيرا، لا أذكر اسمه كما تعهدت له، قال بالحرف الواحد في رسالة بتاريخ 01/03/2010: “اتصل بي قبل شهرين أو أكثر واحد من الموقع وراسلني من ايميل الموقع وطلب مني رقم هاتفي، وتحدث معي بلهجة مغربية وبرقم مجهول، وقال لي بأنه من موقع الجزائر تايمز وأخبرني بأنه مغربي من طنجة، لا زلت أتذكر يوم أثير موضوع الناشطة الصحراوية أميناتو، وطلب مني أن أرسل له مقالات تصلني وأبعث بها للموقع، وناقش معي موضوع أميناتو وكان لي رأي مخالف للبروباغندا المخزنية، وطالبني بأن أكف على هذا القول ولنناصر الدولة المغربية في مسعاها ووو، وأنا شممت رائحة ما من كلامه فبدأت أداريه حتى انقطع التواصل بيننا وأعطيته وعودا كاذبة لأنه بدأ يساومني”.





كما أن الأخبار التي يراد فبركتها تنشر به وبعدها تروج لها وسائل الإعلام الثقيلة بناء على التأكيد المستمر من أن الموقع جزائري، وتوجد صحف لا تزال تزعم أنني صاحبه بالرغم من كل ما حدث، مثل صحيفة “العلم” الناطقة باسم حزب الاستقلال الحاكم الذي يتزعمه الوزير الأول عباس الفاسي والتي ظلت دوما تنسب لي الموقع في أي خبر تنقله منه، مثل عددها الصادر بتاريخ 06/08/2009، بل بالرغم من أنني تبرأت من الموقع إلا أن صحيفة آل الفاسي بتاريخ 14/02/2010 تحدثت عن تدمير مزعوم تعرض له، وأكد محرر الخبر أن “الموقع يديره المعارض الجزائري أنور مالك”. والعجب ظهر في عددها الصادر بتاريخ 14/09/2010 وبتوقيع المدعو عبدالله البقالي رئيس تحريرها، حيث ذهب نحو بدعة جديدة وواضحة الفبركة للعيان لو فكر فيما كتب بعض الشيء، من أن الموقع أسّسته شخصيا مع من سماهم “معارضين جزائريين”، وللأسف لم يتجرأ مسؤول الصحيفة المخزنية على ذكر ولو إسم واحد على سبيل الإستدلال، ولا يعقل أنه يوجد معارض مجهول أو يتخفّى وراء أسماء لا أساس لها.





للتذكير أن المدعو أحمد ولد سويلم الذي نجحت المخابرات المغربية في إستدراجه وتجنيده بأموال طائلة، قبل بثّ “الجزائر تايمز” للخبر الذي تأكّد زيفه والمتعلق بالاعتقالات التي طالت قيادات البوليزاريو، قد راح يشكك في تصريح صحفي من أن الموقع تديره المخابرات الجزائرية، محذّرا من مغبة السقوط في مثل هذه المواقع المخادعة التي تريد التشويش على ما وصفها بعودته، وما جاء في ندوته الصحفية التي عقدها حينها بالرباط. ومعتبرا الخبر “زائف” كما أوردت صحيفة “بيان اليوم” في عددها الصادر بتاريخ 07/08/2009 حيث قال بالحرف الواحد: ” “الخرجة الإعلامية الجزائرية، التي اتخذت لبوسا مخادعا في موقع “الجزائر تايمز” الإلكتروني، حيلة متقادمة، يراد منها معرفة نوايا ما تبقى من عناصر قيادية داخل البوليزاريو من جهة، ورصد ردود الفعل وكل التعليقات التي قد تصدر من خارج الجبهة، قبل إعطاء فسحة إعلامية لمحمد يسلم يبسط وللبشير مصطفى السيد وغيرهما كبوق للتكذيب، وللتشكيك في الحقائق التي يصرح بها القياديون الرافضون للتوجه الجزائري”.





وهو الذي أعتبر لاحقا مجرد مناورة مخابراتية في ثوب إعلامي من اجل إضفاء مصداقية أكثر على الخبر والموقع. ويوجد من أكد لي شخصيا أن ولد سويلم لم يكن يعرف شيئا عن الموقع ولما أعلموه في مطلع سبتمبر 2009 من أنه تابع لمخابرات المخزن، راح يشيد به في جلساته، بل أرسل ولي شخصيا عبر قنوات مختلفة عدة تحيات لم أهتمّ بها مطلقا.





لقد اكتشفت اللعبة القذرة التي وقعت فيها ونحن في عزّ الضجة الإعلامية التي أثارتها “الجزائر تايمز”، وخاصة لما قام الوزير المنتدب يبسط بتكذيب خبر اعتقاله ووضعه تحت الإقامة الجبرية، كما شنت بعض الأقلام الصحراوية هجوما عنيفا على شخصي والموقع على غرار ما كتبه كل من محمد لحسن بتاريخ 11/08/2009، وميشان سيدي سالم أعلاني بالتاريخ نفسه، على موقع إتحاد الصحفيين والكتّاب الصحراويين.





قررت حينها أن أردّ الصاع صاعين إلى من أرادوا تلطيخ مصداقيتي الإعلامية، وفكرت حينها في بيان تكذيب لكن أدركت أنه قد فات الأوان، وما عليّ إلا اختيار الوقت المناسب الذي أستطيع أن أعرّي فيه الجهاز المغربي وطرق تضليله للصحافة والصحفيين، وأكشف زيف أطروحات المخزن وأفضح أبواقه كلها بطريقة مهنية وإحترافية، وعندما تكتمل الصورة أكثر، وخاصة أنني لم أزر المناطق الصحراوية ولا وقفت على الواقع مباشرة، ووضعت ذلك كأولوية قبل تفجير هذه الحقائق المذهلة





الحلقة الثالثة :فريق استخباراتي لمتابعة “الشروق أونلاين





لقد قامت المخابرات المغربية بالتركيز على الإعلام من أجل التسويق للبضاعة المخزنية، وقد أسست دائرة متخصصة في الصحافة عموما والإلكترونية بصفة أخص، فيوجد فريق مخصص للتعاليق على الأخبار في الصحف والمواقع على الشبكة العنكبوتية ويتم التركيز على أبرزها مثل موقع الشروق أونلاين، الجزيرة نت، العربية نت، هسبريس، إيلاف… الخ.





5 – دائرة متخصصة في شبكة الانترنيت:





بل يوجد من أكد لي أن الشروق أونلاين خصص له طاقما لوحده من أجل المتابعة والتعليق على الأخبار والمقالات. حيث يقومون بالدفاع عن خيارات المغرب وأطروحاته على أساس أنهم من عامة الشعب، من أجل إبراز تصور لأصحاب الجريدة وللقراء إن تمّ السماح بمرور هذه التعاليق. أن عموم الشعب المغربي يناصر الأطروحة المخزنية، وحتى أحيانا بهويات صحراويين سواء تكون مزيفة أو حتى حقيقية لا يعلم أصحابها أي شيء عنها.





أيضا يوجد فريق مخصص للمنتديات ومواقع التفاعل الاجتماعي، حيث يقوم العملاء بالتسجيل فيها بأسماء مستعارة، وأيضا في شبكات التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الفايس بوك وتويتر، وطبعا بأسماء وهمية وبهويات وصور لموتى أو معتقلين يزجّ بهم أحيانا من أجل إضفاء المصداقية على هوية الشخص. ويحاولون أيضا ربط علاقات واسعة من أجل التجنيد وخاصة لما يتعلق الأمر بشخصيات معروفة، أو ممن يمكن أن تكون لديهم ما يفيد مثل العسكريين وغيرهم.





يوجد مكتب آخر مكلّف بالمدونات والحسابات الشخصية في المواقع التي تدعم الصوت والصورة، كما يوجد من هو مكلف بإدارة الحوارات وتوجيهها بغرف الدردشة أو بالمواقع المشار إليها مثل اليوتوب والدايلي موسيون وغيرهما.





ومن خلال متابعتي لكثير من المواقع والمنتديات التي تهتم بالمنطقة المغاربية، أو الأخرى التي فتحت أركانا خاصة للمغرب العربي، نذكر أهمها: منتدى الشروق ومنتدى الجزيرة توك ومنتدى مكتوب وغيرهما، أكّدت لي أن هذه الفرق السرية تعمل على إثارة الفتنة وزرع الكراهية بين الشعبين المغربي والجزائري، كما تعمل هذه الشبكات المخابراتية على فرض أطروحة مفادها أن الجزائريين يكنّون الكراهية للشعب المغربي، وأنهم يسعون إلى تدميره وغير ذلك من الخزعبلات التي تبرر الكثير من الإجراءات التي يقدم عليها القصر الملكي، وخاصة فيما يتعلق بالنزاع في الصحراء الغربية.





ومن خلال موقعي الشخصي “صوت المنفى” تأكدت إلى درجة اليقين التي لا يشوبها أدنى شكّ، أن التعاليق المتناقضة والمتناحرة تصل غالبا من مكان واحد وهو المغرب، بل يوجد حتى من ينتحل تسمية جزائرية من أجل تسخين النقاش والجدل وزرع الشكوك والأوهام.





6 – الحظر والحصار ومحاولات تجنيد الصحفيين في الفضائيات ذات الوزن الثقيل والضغط على وسائل الإعلام الأخرى بالإشهار والإبتزاز:





تحظر السلطات المغربية على الصحف والفضائيات العاملة على ترابها أن تنشر أو تروج لتوجهات تناقض أطروحتها في الصحراء الغربية، كما أنها تحاصر المناطق الصحراوية حصارا رهيبا، فالمراسلون المعتمدون يجب أن يوافق عليهم جهاز الأمن هناك، كما انه يخضعون لمتابعات دورية مهما كان ولاؤهم للمخزن، وتمنع السلطات على الصحفيين المستقلين أو المعارضين المغاربة من زيارة المناطق الصحراوية المحرمة والمحاصرة، وفي آن واحد أن الصحافة الأجنبية لا يسمح لهم بالتواصل مع الصحراويين سواء في المدن الكبرى مثل العيون والداخلة والسمارة أو من البدو الرحّل، وتجد في مخارج هذه المدن مراكز مراقبة للدرك الملكي أو حتى في تخوم المدن تنتشر دوريات للعسكر، ويخضع هؤلاء المارة والسيارات لمراقبة صارمة.





ويعمل جهاز المخابرات المغربية على اختراق الفضائيات ذات الوزن الثقيل وعلى رأسها الجزيرة والعربية، كما يسعى بكل الوسائل من أجل شراء ذمم بعض الصحفيين الذين يعملون في الوكالات الكبرى أو الصحف ذات الوزن الثقيل. ومن جهة أخرى فالصحفي الذي يسمح له بزيارة الصحراء الغربية لا يمكن أن يتحرك بحرية تامة إلا إن أحسن التصرف، ومن يعودون ويسبحون بحمد المخزن فقد خضعوا للابتزاز أو نالوا الرشوة.





أما الصحف أو وسائل الإعلام وخاصة في الداخل المغربي التي ترفض الانصياع للمخزن، فتخضع لضغوطات كبيرة سواء عن طريق المتابعات القضائية أو الإشهار أو بوسائل أخرى من أجل إفلاسها، وهذا حتى لا تبقى وسيلة إعلامية على التراب المغربي يمكن أن تفضح النظام الحاكم وتعري العائلات المخزنية التي تسيطر على الثروات وتنهب خيرات البلاد في وضح النهار.





هكذا تخطّط المخابرات المغربية لإشعال الفتن في الجزائر





يعتبر هذا الجانب من أخطر وأهم ما يعمل في إطاره جهاز المخابرات المغربي، وهو من صلب إختصاصاته التي أوكلت له من أجل تنفيذ أجندة مخزنية قذرة للغاية، ويراد من ذلك أن تبقى الأطروحة العلوية قائمة وتواجه كل العواصف المباغتة سواء على المستوى الشعبي المحلي أو على المستوى الدبلوماسي والقضائي الدولي والأممي. ونتناول في هذا الجانب محاور عديدة نكشف في إطارها الكثير من الخفايا التي لم يسبق تناولها أو إثارتها للعلن، وهذا من أجل التأكيد على أن ما يجري في الخفاء هو خطير للغاية ويختلف كليّة عما نسمعه في الشعارات الحكومية والبرقيات الملكية والأفكار المتناثرة هنا وهناك.





1 - تجنيد العملاء في الداخل والخارج:





تسهر بحرص شديد، المخابرات المغربية على تجنيد عملائها في كل أنحاء العالم، كما أن إهتمامها بلغ ذروته بزرع عملاء لها في الجزائر، حيث يقومون بالتجسس على مؤسسات الدولة بمختلف توجهاتها، كما يقومون بإرسال تقارير عن الوضع الإجتماعي للشعب الجزائري. وإن كانت هذه المخابرات قد أخفقت كثيرا في الوصول إلى مسؤولين أو رجال يحتلون مناصب مهمة، إلا أنها ظلت تراهن على المغاربة المقيمين على التراب الجزائري بطرق شرعية أو كسواح، أو حتى أولئك المهربين الذين يخترقون الحدود ويتحركون تحت هويات مزيفة.





وهؤلاء صاروا يلعبون دورا فاعلا في نشاطات مشبوهة مناهضة لإستقرار البلاد وأمنها وحتى لوحدتها الترابية، كما أن لهم دورهم في تأمين شبكات التهريب سواء للمخدرات أو السلاح أو المتفجرات أو البضائع الأخرى عبر المسالك الجبلية في الغرب. ولم نتوفر لحد اللحظة على معطيات ميدانية تتعلق بهذه الشبكات، إلا أن تجربتنا التي تحدثنا عنها سابقا والمتعلقة بخبر اعتقال خمس قيادات من البوليزاريو أكدت أن الأشخاص الذين جرى الاتصال بهم هم من هذه الشبكات الجاسوسية التي تزرعها المخابرات المغربية على التراب الجزائري، والتي تستغلها في مثل هذه الأدوار الخطيرة للغاية.
2 – توريط المعارضين والناقمين وضحايا العشرية الدموية:
كلما يظهر صوت مناوئ للنظام القائم في الجزائر إلا وتسارع له المخابرات المغربية بقنوات مختلفة، كي يحولونه إلى مجرّد معارض مناهض للدعم الجزائري الذي يقدمه للصحراويين من أجل تقرير مصيرهم. وتستعمل أساليب مختلفة في ذلك، حيث تبدأ بالترويج الإعلامي لأطروحات هذا المعارض وبعدها يستدرج لحوارات صحفية تتناول مسيرته وأفكاره، ومن خلالها يتم توريطه بطريقة محترفة في إدانة الجزائر وجبهة البوليزاريو، حيث بعدما ينفخ في رماد غضبه ونقمته، يلجأ الصحفي للحديث عن الدعم والرعاية والغطاء الذي يتلقاه قادة الجبهة في الجزائر، وأثناء هذا النفخ قد يلجأ هذا المعارض إلى التعبير عن كفره بكل ما يأتي من النظام الجزائري، وبعدها ينشر الحوار مزركشا بعناوين مثيرة، مفادها أنه توجد معارضة في الجزائر تناهض الموقف الذي لم يتغير منذ أكثر من 35 عاما، والقاضي بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وهو الذي لن يتغيّر أبدا مهما تراكمت المخططات وتناطحت الحسابات.
قصتي معهم بدأت بعد حوار صحفي أجرته معي وفاء إسماعيل وسبق وأن اشرنا إليه، وبغض النظر عن الإنتقادات التي وجهتها لجبهة البوليزاريو فإن الصحافة المخزنية كذبت عليّ كثيرا، بل أن الدائرة المتخصصة في الأنترنيت قد روجت حتى مقالات طالها التزوير وأخرى مزيفة. وعندما تأكدت أن الأمر لن ينتهي إلى هذا الحد وسوف أضيع جهدي في المهاترات والنقاشات التي لا طائل منها، قررت أن أتركهم يتصرفون ومن دون أن أحسسهم بتفطني لما يخططون له، بل صاروا يتوهّمون أنني أحد الذين يصفقون لهم.
عندما نشرت “الجزائر تايمز” خبر إعتقال 5 من قيادات جبهة البوليزاريو، والذي سبق وأن تحدثنا عنه بتفصيل لكل حيثياته، إتصل بي الدكتور مكاوي واخبرني أنه يريد الإلتقاء معي، ولكن أشار إلى أنه لن يكون لوحده بل معه أحد الأشخاص، فرددت عليه أنه لا يمكنني ملاقاة كل من هب ودب، فراح يعزف لي أسطوانة شوقه للالتقاء معي شخصيا، وان هذا الشخص الذي وصفه بالزميل المحترم والإطار في الدولة المغربية، سيكون برفقته، وعندما استفسرت عن الأسباب التي دفعت هذا الشخص لطلب لقائي، أخبرني أنه يود التحدث معي في أمور كثيرة ويتعرّف عليّ لأنه يحبني ويتابع بنهم كل مقالاتي وخرجاتي الإعلامية عبر الفضائيات، كما انه يتابع موقعي “الجزائر تايمز” الذي يحتاج إلى دعم كبير من أجل جعله من أبرز الصحف الإلكترونية في العالم، بل قد يصل الأمر إلى تحويله إلى صحيفة ورقية يكون مقرها في باريس أو لندن أو بروكسل، على حدّ زعمه.
قابلت ذلك بالرفض وإن كنت لم أمانع في الالتقاء بالدكتور مكّاوي لأنني كنت أخاله صديقا ومثقفا، ولكن أصررت على أن يكون بمفرده في حال أن مرافقه يكون يمثل جهة ما في النظام المغربي. وبعد يومين من ذلك الحوار أخبرني أن الشخص الذي سيرافقه هو محمد ياسين المنصوري مدير المخابرات، وهو صديقه وزميل الملك محمد السادس أيام الدراسة. وأكد لي أنه إتصل به حيث كان في النمسا التي شهدت حينها في أوت 2009 إنطلاق إجتماع غير رسمي محدود جمع بين المغرب والبوليزاريو.
غضبت من مكّاوي بشدة وأنبته على هذا التفكير الساذج، لأنني لست مرتزقا ولا ممن يبيعون مبادئهم ولا أنا أصلا ممن يحبون التواصل مع الأجهزة، ولكنه راح يطمئني على أن الرجل يحترمني كأبرز مثقفي المنطقة المغاربية، واللقاء لن يخصّ أي جهاز بل سيكون لقاء مثقفين، وخاصة أنه زعم بأن المنصوري درس عنده.
حينه طلبت منه أن يمنحني فرصة التفكير الجيّد في الأمر، غير أن مكاوي ظل يلحّ علي عبر اتصالات هاتفية كثيرة وحتى حديث عبر “سكيب”، واذكر حينها أنه طلب مني أن أفتح حسابا جديدا وأشتري شريحة أخرى أستعملها في التواصل معه، لأن المنصوري أوصاه بذلك، ويعتقدون أن أرقامي الهاتفية تخضع للمراقبة من طرف المخابرات الفرنسية.
وهو الذي فعلته طبعا، ثم أعلمته أنني موافق على الالتقاء بهما ولكن شرطي أن لا يكون في إطار إستخباراتي أو فيما يضر بسمعتي وبلدي، وهو الذي وعد به ولا تزال بحوزتي دلائل ذلك.
حينها دار النقاش حول المكان، فجرى إقتراح ثلاث عواصم ومدن كبرى، الأولى مدريد بإسبانيا، الثانية بمدينة جنيف في سويسرا، والثالثة لشبونة في البرتغال. وتمّ إستبعاد باريس بصفة نهائية على أساس الاعتبارات الأمنية لي وللضيف الذي سأقابله. طلبت فرصة تفكير أعمق وقد تساءل محدثي عن أسباب هذا التردد ، بل أوصاني أن لا أحدث أي كان لأن الموضوع قد يقرأ في غير سياقه وهو ما يضر بسمعتنا ومصداقيتنا ككتّاب مغاربيين ووحدويين على حد تعبيره، إلا أنه ظل يحفزني على ضرورة قبول اللقاء، وأذكر أنني سألته عن سبب اختيار مكاوي ليكون واسطة في مثل هذا الأمر، أجابني من أنهم يعرفون بأمر تواصله معي، وأن أفكارنا متقاربة كما زعم، سكت على مضض غير مصدق مثل هذا الكلام لأن مبرره غير منطقي على الإطلاق
بعد يومين عاود مكاوي وأخبرني أن القرار توقف على إختيار لشبونة مكانا للقاء، ومن بين المبررات التي صاغها أن السفيرة المغربية في البرتغال السيدة كريمة بنيعيش تربطه بها علاقات قوية، هي التي ستقدم لنا مساعدات في الإقامة وتوفير المكان الآمن والمريح للنقاش والحوار، كما أعلمني أن صاحبه لن يجلس معنا إلا لساعات معدودة ونحن سنبقى هناك لفترة إستجمام وسياحة.
لكن المفاجأة اللاحقة، أن مكاوي طلب مني معلومات شخصية تخص زوجتي وابنتي من أجل أن يحجز لهما معي، لأن السفر سيكون على حسابهم، وعندما أخبرته أن عائلتي لا يمكن أن أزجّ بها في مثل هذه الأمور حتى ولو كانت عادية، أكد لي أن المنصوري اقترح هذا الأمر ليكون غطاء يبعد الشبهات ومتابعات المخابرات الجزائرية أو حتى الفرنسية.
فقلت له أن ذلك من سابع المستحيلات كما أعلمته أنه لن أسافر لوحدي سيكون لي مرافق، وعندما استفسر عنه أكدت له بأنه أحد أصهاري ولا علاقة له بشؤون الصحافة ولا السياسة ولا الأجهزة ولا أي شيء من هذا القبيل، إلا أنه في اليوم نفسه وبعد حوالي ساعتين من هذا الحديث ردّ علي قائلا: “يجب أن تكون لوحدك فصاحبي يرفض أي شخص آخر سوى نحن الثلاثة وربما تكون معنا السفيرة المغربية”، فقلت له: “هل اللقاء مشبوه لهذا الحدّ؟”، فأجاب: “الرجل مسؤول وحتى لو كان اللقاء عادي ولا علاقة له بعمله إلا أن الخبر لو يتسرب سيقرأ على أوجه مختلفة
الحلقة الرابعة: الجهاز المخزني يعمل لإشعال “حرب أهلية” بين الصحراويين بمخيمات تندوف
راودتني الشكوك في فخّ قد تنصبه لي المخابرات المغربية، وصراحة شككت في اختطافي أو اغتيالي من أجل توريط جهات جزائرية في الأمر، وخاصة أنه جرى ترويج إعلامي من بعض المنابر الإعلامية، من أن حياتي صارت في خطر وهو الذي سنتحدث عنه لاحقا، وزادت شكوكي أكثر عندما أخبرني أنه لما انزل في مطار لشبونة سأجد سائق سيارة تابعة للسفارة في انتظاري، وهو يعرف الفيلا التي سيأخذني إليها والتي سنقضي فيها 5 أيام على الأقل.
فكرت في المغامرة، ولكن بعد تفكير عميق قررت أن لا أفعل ذلك، وخاصة أنني سأكون لوحدي، فقلت سألح على أن يرافقني قريبي مادام الأمر بهذا الحجم، إلا أن مكّاوي ظل يعيد على مسمعي من أن المنصوري موافق على أسرتي فقط. فنقلت لمكاوي قراري برفض اللقاء مبررا ذلك بأسباب أمنية، بل أعلمته أنني صرت أسمع أصوات غريبة في هاتفي، وأيضا تواجد سيارة مشبوهة بالقرب من بيتي، وكلما أغادر أحس بأشخاص يقتفون أثري، فاقتنع بدوره من أن المخابرات الفرنسية أو الجزائرية قد اكتشفت الأمر وهو ما سيكون له الأثر السيئ والوخيم على إقامتي ووجودي وحتى على حياتي. فقررنا بالاتفاق أن يؤجل اللقاء إلى وقت آخر مستقبلا حتى تحين ظروف أفضل، وتنسى الأجهزة التي تتابعني هذه القصة من أساسها.
وأذكر في هذا السياق أن مكاوي حاول أن يثنيني عن التبرّؤ من موقع “الجزائر تايمز”، بل قدم نفسه كوسيط بيني وبين الكونغرس المغربي في أمريكا من أجل خلق تعاون بيننا وهو الذي رفضته جملة وتفصيلا.
1 – ثغرات الغرب وحصون المخيمات في تندوف
تعمل المخابرات المغربية كل ما في وسعها من أجل اختراق الصحراويين سواء في الغرب أو في مخيمات تندوف، أما في الداخل حيث المأساة الإنسانية التي يرتكبها المخزن في وضح النهار، فهم شعب تطالهم أجندة استخباراتية رهيبة، لم أر مثلها في حياتي إلا لما وقفت على كواليس منطقة الداخلة. المعلومات التي توفرت لدي من خلال تجربتي أن المخابرات المغربية تعمل على ثلاث جبهات فيما يخص التسلل واختراق مخيمات تندوف، أولا تريد الوصول لتجنيد لاجئين صحراويين وخاصة من المسؤولين البارزين، من أجل تنفيذ عمليات فرار جماعية، التي من خلالها يمرر المخزن رسائله المختلفة عن واقع المخيمات والبيعة للعرش… الخ. أو يدفعونهم نحو القيام بعصيان مدني مناهض لقيادة البوليزاريو يكون مسوغا لأجل تأليب الرأي العام الدولي والحقوقي على ما يحدث في هذه المخيمات التي ستبقى وصمة عار في جبين الإنسانية، وقد كنت قبلها من دعاة حلّها وترحيلهم إلى الداخل بناء على أنه لا توجد حرب، ولكن لما زرت المنطقة وصلت لقناعة تامّة، أن بقاءهم في المخيمات أفضل من أن يرحّلوا إلى مخالب لا ترحم.
وثانيا أن هذا الجهاز يعمل على الرغبة الملحة للوصول إلى درجة تجنيد عسكريين أو موظفين في الجيش أو الأمن بتندوف، من أجل توفير معلومات عن تحركات قادة الجبهة وجيش البوليزاريو ورجال أمنها، وحتى حول ما يعتقدون أنه يتعلق بتهريب المخدرات والسلاح، وتذكر لي مصادر مطلعة أن المخابرات المغربية تسعى للوصول لكل الملفات المطروحة على الأمن الجزائري في تندوف وغيرها، سواء تتعلق بالإرهاب أو الجريمة المنظمة أو اللصوصية أو الفساد من أجل توظيفها في أطر تخدم مصالحها. أما الجبهة الثالثة وتتعلق بالجماعات الإرهابية التي تنشط في الساحل والصحراء، والتي لديها تواجد على الحدود مع موريتانيا، وهذا من أجل محاولة توريط صحراويين في جرائم الاختطاف والفدية وتهريب المتفجرات والألغام والسلاح.
كما تعمل كل ما في وسعها على مسعى إغراء الصحراويين من أجل الفرار من المخيمات نحو المغرب مباشرة أو عن طريق موريتانيا، وهذا من أجل توظيفهم في إطار حملة الحكم الذاتي الذي يحاول المخزن إبراز مدى إلتفاف الصحراويين حولها، وفي أرض الواقع قد كشف زيف ما يروجون له إعلاميا، ولكن تبقى قضية ما تسمى بالعائدين هي الدليل القوي والبرهان المادي الذي يسوقه المغرب لأجل تحقيق غايتين أساسيتين:
- أن اللاجئين في تندوف والذي يتبجح المغرب على أنهم محتجزون، لديهم إيمان بالحكم الذاتي ويناهضون أطروحات جبهة البوليزاريو.
- الحديث عن واقع المخيمات والمأساة الإنسانية التي تقع فيه، ومحاولة التسويق للانتهاكات الحقوقية التي يراد المغرب أن يمتطيها لتبرير مواقفه وتعنّته.
وطبعا تحقيق ذلك يأتي بالترويج لشهادات هؤلاء الفارين الذين بلا شك سيقولون أنهم مع الحكم الذاتي وأن المخيمات هي مقبرة حقوق الإنسان. وأذكر في هذا السياق أنه جرى التحدث معي حول هذا الأمر مع بعض بيادق المخابرات المغربية ممن انكشف أمرهم لاحقا، والذين سيأتي الحديث عنهم.
أمر آخر أن المخابرات المغربية تعمل على إثارة فتن قبلية وأخرى سياسية في المخيمات والمناطق المحررة التي تخضع لسلطة البوليزاريو، وذلك بدس عملاء يقومون بأدوار استفزازية لأجل إشعال فتيل المواجهات الدموية، وكل ذلك من أجل تبرير الإختراق والتوجيه والإنتقامات المضادة وحتى خلق شبكات للمعارضة تحت غطاء حرية التعبير والديمقراطية والتعددية السياسية، وهي بلا شك ستكون ذريعة واضحة لضرب الإستقرار ومصداقية قادة الجبهة محليا ودوليا.
ونذكر في هذا السياق تسلل عناصر مخابرات في زيّ صحراوي وأحيانا على متن سيارات تبين لاحقا أنها تابعة للدولة المغربية، إلى بعض المناطق المدروسة بعناية فائقة، أو حتى الرباط على تخوم الجدار العنصري العازل، ويقومون بالتحرشات التي تستهدف السكان بغية إثارة النقمة بين صفوفهم حتى يغادرون بيوتهم نحو المناطق التي يحتلّها الجيش المغربي، ومن ثمة يقدمونهم على أنهم فارين مما يوصف بجحيم تندوف.





وأشارت لي بعض المصادر المهمة، أن الجهاز المخزني يعمل ليل نهار من أجل إشعال ما يسميها “حرب أهلية” أو “قبلية” بين الصحراويين خاصة بمخيمات تندوف، وهذا لأجل تصدير المواجهة إلى الطرف الآخر، وإشغاله بفتن داخلية ستطيل عمر الأزمة التي يراهن المخزن أن تبقى على حالها، لأن في حال إجباره على الرضوخ للمفاوضات وحل القضية تحت رعاية الأمم المتحدة، والتي ستصل حتما لتنفيذ مطلب الاستفتاء، سيفقد المغرب بلا شك حصونه ويخفق إخفاقا ذريعا في تحقيق أهدافه في الاستيلاء على ثروات الصحراء الغربية المسيلة للعاب.





2 – جمع المعلومات واحتكارها واستغلالها بطرق مشبوهة للغاية وتسريبها لأطراف معادية:





مما هو متعارف عليه أن أي جهاز مخابرات في العالم يعمل كل ما في وسعه ووفق الأساليب المختلفة من أجل الحصول على المعلومات، التي يمكن استعمالها في حينها وأخرى يقوم بتكديسها وحفظها للحاجة في المستقبل.





والأمر هذا تحرص عليه المخابرات المغربية كثيرا من خلال التحرّي والبحث وحتى من خلال العملاء العاديين، الذين يعملون بدورهم عبر شبكات علاقاتهم من أجل الظفر بأي شيء مهما كانت بساطته. ومن خلال تجربتي وتواصلي مع مغاربة كنت متيقنا من عملهم لجهاز المخابرات ولو على سبيل التطفل في أقل التقادير، أنهم كانوا يسعون من أجل كشف الخبايا التي أعرفها، وأهمها المعلومات العسكرية التي تتعلق بالجيش والتسليح ومواقع الثكنات وبطاريات الصواريخ والرادارات، وأسماء الضباط الفاعلين والذين يمكن أن يكون له حضور مستقبلا في المشهد القيادي، وأيضا العسكريون الذين أحوالهم الإجتماعية سيئة أو لديهم ظروف استثنائية أو طوارئ عائلية كمرض الوالدين أو أحد من أفراد الأسرة أو ديون متراكمة لدى البنوك.





وقد أيقنت حينها أن المعلومات ستقدم لجهازهم وربما سيعملون من أجل الوصول لمن سأذكرهم، ولكن حرصا مني على أسرار المؤسسة التي تشرّفت يوما بالانتماء إليها، كنت أؤكد لهم أنني لا أعلم شيئا من ذلك، ولو تصلني أمور تكون مهددة لأمن المنطقة المغاربية لن أتأخر لحظة في كشفها إعلاميا، سواء كان المتورط من الجزائر أو المغرب أو بلد آخر.
أهم ما كان يحرص عليه جهاز المخابرات المغربي بعد اللاجئين الصحراويين الذين هم في رأس الاهتمام، نجد كل ما يتعلق بفترة التسعينيات وحرب الجيش على الإرهاب، وخاصة الكمائن والتمشيطات ومواقع الكتائب أثناء وقوع المجازر وعلى رأسها بن طلحة والرايس وبني مسوس والرمكة… الخ. وتفيد معلومات تحصلت عليها في فرنسا أن المغرب لعب دورا خفيّا في أطروحة من يقتل من؟ من خلال المعلومات التي ظل يسربها للمخابرات الفرنسية وبعض الدوائر التابعة للأممية الإشتراكية، التي لعبت دورا محوريا في تلك التهم التي طالت المؤسسة العسكرية، وبنفسي وأثناء التحقيقات التي أجرتها معها دائرة اللجوء إكتشفت من خلال الأسئلة التي تطرح أو حتى الوثائق التي قدمت للإطلاع عليها كاختبار أن الذين حرروها مغاربة، بناء على التواريخ المسجلة بالعربية في بعضها وتسمية الشهور باللهجة المغربية مثل: نونبر، يوليوز، شبتنبر… الخ.
3 – الاستفادة من العملاء السابقين ورجال المخابرات المتقاعدين ومحاولة استدراجهم من أجل الإقامة أو اللجوء في المغرب:
من بين الأمور التي تأخذها المخابرات المغربية كوسيلة إستراتيجية في حربها على الجزائر هو السعي للوصول إلى عملاء سابقين في المخابرات الجزائرية مهما كان مستوى مسؤولياتهم أو درجة عملهم، ويقصد بالعملاء هم المدنيون الذين يعملون لحساب الجهاز في قطاعات مختلفة، وحسب ما علمته أن هؤلاء العملاء يراد الاستفادة من المعلومات التي بحوزتهم والتي تمكنوا من تمريرها للجهاز الجزائري، ويزداد سعي المخابرات المغربية الوصول إلى عملاء سابقين كانوا ينشطون خلال العشرية الدموية ممن لعبوا أدوارا مهمة، أو عملاء لا يزالون في الخدمة خاصة على التراب المغربي أو الأوروبي، حتى يتم تجنيدهم للعمل المزدوج والذي من خلالهم يصلون إلى دائرة سرية من دوائر المخابرات الجزائرية، كما يعملون على التضليل من خلال تسريب المعلومات التي يراد لها أن تصل للجزائر.
من جهة أخرى تسهر المخابرات المغربية من أجل الوصول لضباط مخابرات جزائريين سابقين، سواء كانوا متقاعدين أو ممن أستغني عن خدماتهم لأسباب مختلفة، ويعمل الجانب المغربي من أجل استدراج هؤلاء خاصة ممن ارتكبوا أخطاء مهنية أدت إلى فصلهم، ويزداد الأمر أهمية لو كان ذك الخطأ يتعلق بملفات أمنية أو تحقيقات فساد في أعلى دوائر السلطة. وحسب المعلومات التي بحوزتي أن هذا الأمر أخفق فيه الجهاز المغربي، لأنه لم يصل للصورة التي يريدها، وإن سجل تجنيد أشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة وهم: أحدهم عميل سابق يعيش في بريطانيا، وعسكريين سابقين هما الآن يتواجدان على التراب المغربي، بينهما واحد يقدم نفسه على أنه كان صف ضابط في المخابرات الجزائرية.
وبالرغم من كل ذلك فإن المخابرات المغربية ظلت تخشى الجانب الجزائري، وتحترس كثيرا من أن يكون طعما قدم لهم من نظيرتهم الجزائرية. ولهذا سارعوا إلى توريط أحد من تم تجنيدهم في قصص وخيالات رسمت في دوائر المنصوري وقام بتنفيذها جزائريون يدعون المعارضة
حقوق الإنسان في مزادات المخزن
4 – البحث المضني عن شبكات في الداخل الجزائري:
وإن أشرنا من قبل إلى أن المخابرات المغربية تعمل ما في وسعها على اختراق الجانب الجزائري بشبكات تكون متواجدة على ترابها، وإن كان من الصعب الوصول إلى قلب الجهاز إلا أنه توجد لهم شبكة تتكون من مغاربة يقيمون بطريقة شرعية ولا تلاحقهم أي شبهات، وتشير معلوماتي إلى أن رجال المخابرات المغربية يتسللون كثيرا عبر الحدود بين الجزائر والمغرب ومن طرق تستعمل لتهريب المخدرات والسلع، وأحيانا يتوغلون في التراب الجزائري بهويات جزائرية مزورة.
ونذكر في سياق التسلل عبر الحدود من أجل التجسس وإنجاز مهمات أمنية واستخبارتية، أن محكمة جنايات بشار في أواخر أكتوبر 2008 قضت بإدانة المدعو “س. عزيز” بـ 12 عاما بتهمة التجسس وجمع معلومات خاصة بالدفاع الوطني لصالح دولة أجنبية والهجرة غير الشرعية. ووقائع قضية الشاب البالغ من العمر 22 عاما تعود إلى شهر ماي 2008 عندما ألقى الجيش الوطني الشعبي القبض عليه ليلا وهو على متن دراجة نارية في المنطقة المسماة حاسي المالح بدائرة ام العسل التابعة لولاية تندوف.
وقد اعترف أنه أرسل من المدعو محمد الغدري المنتمي للدرك الملكي بعدما منحه مبلغ 200 درهم من أجل جمع معلومات عن الجيش الجزائري ومواقع البوليزاريو، وتعتبر القضية ذات وزن ثقيل تكتمت عليها السلطات حينها إلى أن جرت محاكمته.والغريب أن المتهم هو من قال أن اسمه عزيز ولم يتم ضبط أي وثيقة هوية معه، ولا السلطات المغربية سعت لمعرفة وضعية رعيتها، المدعو رضا طوجني الذي سيأتي الحديث عنه في أمور أخرى، قد أشار لي في هذا السياق أن الشخص المحكوم عليه كان مجردّ طعم من أجل التغطية على اختراق آخر جرى في جهة بعيدة عن مكان توقيف المدعو عزيز، وحاولت أن أعرف منه الأكثر إلا أنه تهرب من ذلك متحججا بأسباب عديدة ومختلفة.

Contact Form

Name

Email *

Message *