-->

في حوار مع لاماب المستقلة المكلف بملف الاستفتاء: المجتمع الدولي يبقى متشبثا بحل ديمقراطي يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير

الصحراء الغربية 16يونيو2012 (وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة) تعود قضية الصحراء الغربية إلى دائرة الضوء بعد الموقف المغربي الأخير من الوسيط الاممي الى المنطقة، وتعثر جولات المفاوضات حول مستقبل النزاع القائم منذ سنة 1975 بين المغرب و جبهة البوليساريو على مستقبل الصحراء الغربية، ولفهم التطورات الأخيرة تستضيف وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة القيادي في جبهة البوليساريو، المنسق مع المينورسو امحمد خداد، نستعرض معه مسار المفاوضات وتأثيرات القرار المغربي سحب الثقة من كرستوفر روس، وتداعياته على السلام التائه منذ وقف اطلاق النار سنة 1991 التي ترعاها الأمم المتحدة، ونظرته الى مستقبل النزاع في ظل العقبات المغربية، وفشل الامم المتحدة في ايجاد حل ينهي النزاع .
امحمد خداد متخصص دراسات جامعية هندسة، عضو الامانة الوطنية لجبهة البوليساريو شغل عدة مناصب من بينها والي ولاية السمارة، سفير للجمهورية الصحراوية بالجزائر، مسؤول مكلف باوروبا عضو مؤسس لاتحاد طلبة الساقية الحمراء ووادي الذهب، مدير مركزي بوزارة الدفاع ، كما شارك في عدة محافل دولية ضمن مؤتمرات الأمم المتحدة، حركة عدم الانحياز، الوحدة الأفريقية، الاتحاد الإفريقي.
مثل جبهة البوليساريو في أول لقاء رسمي مع المغرب في بماكو سنة اكتوبر1978  برعاية الرئيس المالي موسى تراوري، وضم الوفد المغربي آنذاك رضا كديرة وبن سودة مستشاري الملك الحسن الثاني، إضافة الى الجنرال احمد الدليمي، كما شارك في اللقاء التمهيدي للمفاوضات مع الحكومة الموريتانية قبل توقيع اتفاقية السلام التي بموجبها اعترفت موريتانيا بالجمهورية الصحراوية سنة 1978 بباريس رفقة لحريطاني لحسن .
واكب مسار المفاوضات منذ نهاية 1995 حين عين مكلف بملف الاستفتاء والمنسق مع المينورسو، نرحب بكم السيد امحمد خداد ضيف حوار على وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة؟
امحمد خداد : اهلا وسهلا .
وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة: في اعتقادكم ماهو السبب الرئيسي لسحب المغرب الثقة من روس؟
امحمد خداد : سحب المغرب ثقته من كرستوفر روس جاء خوفا من الاستماع لراي الصحراويين، وبالتالي غلق الابواب في وجه روس والمراقبين الدوليين والصحفيين، وهذا منافي تماما لما نص عليها القرار الأخير للامين العام للأمم المتحدة ابريل الماضي.
القرار المغربي تجاه روس ينم عن صراع داخل النظام المغربي، وتسفيه لحكومة بنكيران، وهو ما يعني ان حكومة الظل تسفه الحكومة القائمة في قدرتها على ادراة ملف المفاوضات حول الصحراء الغربية الذي ترعاه الأمم المتحدة، ووضعها في موقف لا تحسد عله.
وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة: كيف تعامل المجتمع الدولي مع هذا الموقف؟
امحمد خداد : المجتمع الدولي يبقى متشبثا بحل ديمقراطي يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وهو ما يعني الرمي بالمقترح المغربي المتجاوز، كونه مخالفا لمقتضيات الميثاق والممارسة الأممية في مجال تصفية الاستعمار.
وهنا نسجل فشل المغرب في محاولة تمرير مخططه الاستعماري المتمثل في مقترح الحكم الذاتي، لان ما اصبح متناول على طاولة المفاوضات هو ميكانيزمات تقرير المصير وتحديد الجسم الناخب في عملية الاستفتاء، الذي يقرر الشعب الصحراوي من خلاله مصيره بنفسه من دون شروط او قيود، ومجلس الأمن أكد دعمه لمجهودات المبعوث الشخصي روس.
وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة: ما تداعيات الموقف المغربي مع حلفائه ؟
امحمد خداد : الموقف المغربي من المبعوث الاممي الى الصحراء الغربية خلق تصدعا في علاقات المغرب ببعض حلفائه وبالأمم المتحدة، مما ترتب عنه تشنجا ونرفزة في الموقف المغربي وارتباك في كيفية مواجهة تبعات هذا القرار الذي جاء بدون مبررات.
وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة: في ظل هذه العقبات والصعوبات كيف تقيم دور بعثة المينورسو ؟
امحمد خداد : البعثة الأممية الموجودة بالصحراء الغربية منذ وقف اطلاق النار سنة 1991 هي بعثة سياسية وهدفها هو تنظيم استفتاء تقرير المصير، كما أن عليها مثل حفظ عمليات السلام الأخرى أن تراقب خروقات وقف إطلاق النار من اجل مصداقيتها وسمعتها.
وهنا أؤكد ان عهد القمع المغربي بالصحراء الغربية بعيدا عن الرقابة والعقاب الدوليين وفي ظل التعتيم الإعلامي قد ولى، بدليل قرار البرلمان الأوروبي الأخير بضرورة احترام حقوق الإنسان المنتهكة في الصحراء الغربية، والأمم المتحدة أصبحت تنصت لمنظمات حقوقية عالمية كمنظمة
هيومن رايتس ووتش وامنستي انترناشيونال في التقرير عن وضعية حقوق الإنسان وقمع حقوق الصحراويين هناك، كما تطالب بضرورة الحصول على معلومات من مصادر موثوقة ومستقلة عن التطورات في الصحراء الغربية باعتبار هذا "الأمر" حيوي بالنسبة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي ككل كما ورد في تقرير الأمين العام الأخير.
مما يجعل على المغرب من الصعب عليه منع زيارة الدبلوماسيين والحقوقيين والبرلمانيين والصحافة الدولية للإقليم.
وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة: كيف تقرءا الظروف الدولية التي جاء فيها القرار المغربي؟
امحمد خداد : القرار المغربي جاء في ظل أجواء الربيع العربي ومطالبة الشعوب باحترام كرامتها وضمان حريتها وحقوقها في تقرير مصيرها، وقد كانت أولى محطات هذا الحراك الشعبي العربي، انطلقت من الصحراء الغربية عبر ملحمة اكديم ازيك، مما جعل الأمين العام للأمم المتحدة في تقرير ابريل 2011 يؤكد" بأنه نظرا لما يجري من المظاهرات والاحتجاجات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فإن رأي الصحراويين فيما يخص الوضعية القانونية النهائية للإقليم أمر لابد من أخذه في عين الاعتبار، وان اي حل لا يأخذ هذا المعطى أي "راي" الصحراويين سيخلق توترا في الإقليم وينعكس على كل المنطقة المغاربية، وتكررت نفس الملاحظة في التقرير الأخير بأكثر حدة ووضوح وهو ما اثار حفيظة المغرب وبالتالي التنصل من المفاوضات ومحاولة جرها عن مسارها الصحيح.
الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها العالم وأساسا أوروبا الشريك الاول للمغرب وتاثيرات ذلك عليه فيما يخص السياحة ومداخل المهاجرين المغاربة بالخارج، وحالة الجفاف التي اضرت بالقطاع الفلاحي الذي يعتمد عليه المغرب كمصدر اول للدخل، بالاضافة الى التكاليف الباهضة للحرب الظالمة في الصحراء الغربية حتى اليوم، والتي تثقل كاهل الخزينة المغربية بسبب صرف الاموال الطائلة على الجنود المغاربة والمعدات والبوليس والاجهزة الامنية الموجودة بالصحراء الغربية ، بالاضافة الى الاغراءات المالية التي يرصدها النظام المغربي لجلب المستوطنين وشراء الضمائر بصفة عامة بالمناطق الصحراوية المحتلة، واللوبيات في الولايات المتحدة واوروبا.
هذا الى جانب الوضع السياسي الذي يراوح مكانه في المغرب ويبقى مفتوحا امام كل الاحتمالات، رغم الاصلاحات المزعومة الاخيرة والتي لم توقف موجة الاحتجاجات والغضب الشعبي المتنامي ضد الظلم والفساد.
وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة: تكرر مطلب جبهة البوليساريو الملح في ضرورة ادراج مراقبة حقوق الانسان ضمن صلاحيات بعثة تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية؟
امحمد خداد :
التقرير الاخير للامين العام سلط الضوء على مهمة المينورسو و"ضرورة تقويتها عسكريا وسياسيا لكي تسترجع مصداقيتها وتكون مستقلة وشفافة ومحايدة، كما طالبها بتقديم معلومات مستقلة عن الظروف القائمة على الواقع الى الامانة العامة ومجلس الامن " وهذا ما نطالب به لكي تتمكن البعثة الاممية من اداء مهمتها الجوهرية والاولى في تنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي.
والممثل الخاص للكاتب العام للامين العام للامم المتحدة المنتظر تعيينه من حين لاخر خلفا لهاني عبد العزيز مطالب بالتقيد بما ورد في تقرير الامين العام السالف الذكر، من اصلاحات ضرورية للمينورسو التي ظلت طيلة العشرين سنة الماضية مدجنة ورهينة للادارة الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية والتي كانت تتجسس عليها وتحيطها باعلام الاحتلال دون اي استنكار من هذه البعثة الاممية.
وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة: ما تأثيرات الموقف المغربي من الوسيط الاممي على مسلسل التسوية الاممي ؟
امحمد خداد : الموقف المغربي من المبعوث الشخصي ووجه باستغراب الاوساط الاممية، لان المغرب الذي هو الان عضو غير دائم بمجلس الامن صادق على التوصية 2044 التي تؤيد مجهودات روس ورزنامة عمله بما في ذلك زيارة مطولة للصحراء الغربية، وجولتين من المفاوضات كانتا مقررتين خلال اشهر ماي ويوليو 2012.
الامين العام للامم المتحدة والولايات المتحدة الامريكية ومعظم اعضاء مجموعة اصدقاء الكاتب العام حول الصحراء الغربية اكدو دعمهم لجهود روس ومسار المفاوضات كما ورد في التوصية ذاتها.
يجب الإشارة هنا الى ان المغرب بالإضافة الى موقفه غير المبرر من روس ومن المفاوضات يتحفظ كذلك على تعيين ممثل خاص جديد يتكلف بالمينورسو، الأمر الذي يعبر عن تمرد وتعالي على المجتمع الدولي وقراراته.
وفي نظري لا يمكن ان تستمر الامور بهذا الشكل ولابد اولا من تعيين الممثل الخاص كامر مستعجل لمسؤوليته في امر مراقبة وقف اطلاق النار، وبعد ذلك لابد لمجلس الامن ان واجه بحزم وشجاعة ومسؤولية هذا العصيان المغربي الذي هو تحدي قبل كل شيء للامين العام للأمم المتحدة ولمجلس الأمن وللشرعية الدولية.
بالتأكيد استراتيجة المغرب كانت دوما المراهنة على عامل الوقت ويظهر ذلك اكثر كلما مر بازمة.
وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة: لكن هل لهذه الاستراتيجية من جدوى ؟
امحمد خداد : الان وبعد سبعة وثلاثين سنة من عمر النزاع اظهر الشعب الصحراوي من خلال المقاومة وانتفاضة الاستقلال في المناطق المحتلة ان مرور الايام رغم المأساة والمعاناة والحرمان يجذر الوطنية الصحراوية وتتسع رقعة النضال ويتعمق الرفض الغاضب على الاحتلال المغربي، ويجعله في إحراج اكبر ويبرهن للعالم ان لا خيار ينهي النزاع سوى الخيار الديمقراطي الذي يضمن الحرية والاستقلال لهذا الشعب الصغير العدد والقوي والكبير في صموده وتضحياته وصبره وتحمله وحنكته.
وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة: كلمة اخيرة؟
امحمد خداد : فالأمم المتحدة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتحمل مسؤولياتها تجاه شعب الصحراء الغربية ، اخر مستعمرة في إفريقيا ، ووضع حد لسياسة الغطرسة والمماطلة المغربية ، بل حان الأوان ان يوضع إقليم الصحراء الغربية تحت وصاية الأمم المتحدة، لوقف انتهاكات حقوق الإنسان ونهب الثروات الطبيعية، وان يتم تطبيق مخطط التسوية الذي وافق عليه طرفا النزاع في سنة 1991 بإشراف اممي، والشروع في تنظيم الاستفتاء، الذي سيضمن حتما حق الشعب الصحراوي في الاستقلال.

Contact Form

Name

Email *

Message *