-->

في الذكرى الــ68 للأمم المتحدة.. قضية الصحراء الغربية بين إخفاقات وإنجازات المنظمة العالمية

الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) يبدو أن الذين يدافعون عن الدور المثالي للأمم المتحدة، لا
ينظرون في الواقع إلى المنظمة الأممية إلا على أنها المكان المناسب للتخلص من المشاكل العالمية المستعصية والقذف بها إلى ملعب الأمم المتحدة. لذا فإذا سمعت أحد قادة الدول يستهل خطابه بعبارة "لا بد من التحرك المستعجل" فإن الجملة التي ستعقبها غالباً ما ستكون "ولا يوجد أفضل من الأمم المتحدة للتحرك في هذا الاتجاه". دون أن تتمكن الأمم المتحدة فعلاً من تقديم حلول ناجعة للمشاكل والقضايا الدولية الراهنة، لكن تاريخ الأمم المتحدة هو سلسلة متواصلة من الفشل والإخفاقات المتتالية، هذا الإخفاق الملازم للأمم المتحدة لا يبرز طبعاً في جهودها التي نعترف بها في مجالات عديدة عبر العالم، بل يظهر الفشل بوجه خاص في تلك الميادين التي أنشئت الأمم المتحدة لإرسائها مثل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين و تمكين الشعوب من حقها في تقرير المصير، وهنا تحديداً تظهر الأوهام في أجلى صورها.
و على مدى 68 عاما، اتسم أداء منظمة الأمم المتحدة بالتباين بين الإخفاق والنجاح، إلا أنها لا تزال لها حضورا على المسرح الدولي.
وعندما تم إنشاء المنظمة الدولية، وصيغ ميثاقها من أجل نشر السلم والأمن الدوليين، كان الكثيرون يحلمون بمستقبل أفضل وبيئة سياسية لا تختلط مع شهوة السيطرة والحروب التي كشفت عنها تحالفات دولية ومصالح خاصة لبعض الدول الكبرى.
والأمم المتحدة منظمة عالمية تضم في عضويتها جميع دول العالم المستقلة تقريباً، وتأسست في تاريخ 24 أكتوبر 1945 بمدينة سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأميركية، تبعا لمؤتمر دومبارتون أوكس الذي عقد في العاصمة واشنطن.
وسبق إنشاء الأمم المتحدة منظمة شبيهة تدعي عصبة الأمم، في الفترة من 1919 إلى 1945، إلا أنها فشلت في مهامها خصوصا بعد قيام الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى نشوء الأمم المتحدة بعد انتصار الحلفاء وإلغاء عصبة الأمم.
وبهذه المناسبة قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون, في رسالة وجهها لشعوب الأرض: "يوم الأمم المتحدة يمثل فرصة للاعتراف بمدى إسهام هذه المنظمة القيمة في تحقيق السلام والتقدم المشترك. ووقت للتفكير فيما يمكن القيام به زيادة على العمل الحالي لتحقيق رؤيتنا المتمثلة في إيجاد عالم أفضل".
إنجازات
حققت المنظمة إنجازات ظل أبرزها استقلال تيمور الشرقية التي يبلغ تعداد سكان نحو المليون و التي خضعت للاستعمار البرتغالي في القرن 16، وكانت تعرف بتيمور البرتغالية حتى إنهاء الاستعمار البرتغالي و في أواخر عام 1975، أعلنت تيمور الشرقية استقلالها، ولكن في وقت لاحق من ذلك العام تم غزوها واحتلالها من قبل إندونيسيا وأعلنت المقاطعة الاندونيسية رقم 27 في العام التالي و في عام 1999، وبعد استفتاء تقرير المصير برعاية الأمم المتحدة، منحت اندونيسيا استقلال إقليم تيمور الشرقية لتصبح أحدث دولة ذات سيادة في القرن الواحد والعشرين يوم 20 أيار / مايو 2002.
وتمكنت المنظمة الدولية من الحفاظ على السلم والأمن الدوليين بنشرها لـ42 من قوات حفظ السلام وبعثات المراقبة على مر تاريخها، وتتواجد حاليا 16 قوة تقوم بعمليات حفظ السلام في دول عديدة ومنذ عام 1945، نجحت الأمم المتحدة، عن طريق التفاوض، في تسوية نزاعات إقليمية، منها وضع حد للحرب بين إيران والعراق، وانسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان، وإنهاء الحرب الأهلية في السلفادور، إذ استعملت الأمم المتحدة الدبلوماسية الهادئة لتفادي حروب كانت على وشك الاندلاع.
ومن أهم ما قامت به أيضا، تعزيز الديمقراطية بانتخابات حرة ونزيهة في 45 بلدا، ونشر ثقافة حقوق الإنسان، ومنع الانتشار النووي، وتعزيز تقرير المصير والاستقلال، وتعزيز القانون الدولي، وإصدار أحكام قضائية في الخلافات الدولية الرئيسية، وإنهاء الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وتقديم المساعدة الإنسانية إلى ضحايا المنازعات، وتقديم المعونة إلى اللاجئين الفلسطينيين و الصحراويين ، عن طريق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين .
إخفاقات
تعتبر مشكلة الصحراء الغربية أخر مستعمرة في افريقيا من أكثر الاخفاقات، التي تحملت الأمم المتحدة مسؤولية حلها، منذ عقود من دون جدوى، إذ إنها اتسمت بتزايد حدة الصراع حول المصالح الحيوية للعديد من أطراف خارجية، عملت أساساً على إهدار فرص الحل، والتلاعب بعنصر الوقت لإخفاء أهداف حقيقية، تتفق مع مصالحها المادية والإستراتيجية. بدأ اهتمام الأمم المتحدة بمشكلة الصحراء الغربية، منذ أن خضعت هذه المنطقة للاستعمار الأسباني و المغربي ، أصدرت الأمم المتحدة العديد من القرارات، بشأن مشكلة الصحراء الغربية حيث في أول نوفمبر 1979، قامت لجنة تصفية الاستعمار، في الأمم المتحدة، بتبني حل لمشكلة الصحراء الغربية، حيث عملت على توصيف جبهة البوليساريو ممثلين للشعب الصحراوي، ولقد واجه هذا الاتجاه مداولات عديدة، إلا أنه عند التصويت عليه أيدته 82 دولة، بينما عارضته أربع دول فقط. وفي إطار المجموعة الأفريقية أيدته 32 دولة، وامتنع عن التصويت سبع دول، بينما لم يشارك في التصويت ثماني دول أفريقية، وعارضته ثلاث دول. وصدر القرار الرقم 3734، عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 21 نوفمبر 1975 ، مؤكداً حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، كما أعلن تأييده لاتفاقية الجزائر بين جبهة البوليساريو وموريتانيا، كما شجب بشدة تفاقم الموقف الناجم عن دخول القوات المغربية للصحراء الغربية، خاصة الأراضي، وطالب المغرب بإنهاء وجوده في الصحراء الغربية، كما أكد أن جبهة البوليساريو، هي التي تمثل شعب الصحراء الغربية، ولذلك يجب أن تشارك في كل المحاولات لإيجاد حل سياسي عادل في مسألة الصحراء الغربية.
و أكثر من ذلك، تتجاهل الامم المتحدة الاستغلال والنهب الخطير واللا شرعي والمتزايد للثروات الطبيعية للصحراء الغربية أو على الأقل موقفا واضحا لصالح خلق آلية مراقبة وحماية حقوق الشعب الصحراوي التي تنتهك بشكل ممنهج من طرف الاحتلال المغربي كما أثبتت ذلك عشرات التقارير والبيانات لمنظمات حقوق الإنسان الوازنة عالميا مثل العفو الدولية، وهيومان رايتس واتش ومركز كينيدي لحقوق الإنسان.
ويظهر جليا في هذه الأثناء فشل الأمم المتحدة حتى الآن في تسوية الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من عامين، إضافة إلى القضية الفلسطينية التي تعبر بشكل صارخ عن تضارب المصالح الدولية منذ أكثر من 65 عاما مع نشوء دولة إسرائيل وعدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن حل تلك القضية بشكل عادل وبما يضمن حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
ويأتي الفشل الآخر، مع فشل عقوبات الأمم المتحدة المتصاعدة لست سنوات في وقف برنامج طهران النووي وازدياد احتمالات التدخل العسكري من طرف واحد، في حين تخطو إيران بخطى ثابتة نحو تحقيق ما تصبو إليه، في ظل ازدواجية المعايير في منطقة الشرق الأوسط بعد غض الطرف عن إسرائيل الدولة النووية في الشرق الأوسط منذ الستينات.
وكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي أنان، قدم في مذكراته الموسومة بعنوان "تدخلات"، سردا "فاضحا" لبعض أخطاء الأمم المتحدة خلال عمله الذي استمر لعقود مع المنظمة خاصة في مجال مهمات حفظ السلام في التسعينيات في الصومال ورواندا والبوسنة، التي وصفها أنان جميعها بـ"حالات الفشل الكبرى".
وتطالب العديد من الدول بضرورة حدوث إصلاحات جذرية لهيئة الأمم المتحدة وجميع مؤسساتها، بحيث يكون لقراراتها المصداقية بعيدا عن هيمنة بعض الدول على أمل أن يكون لهذه المنظمة الدولية أدورا أكبر في انهاء ويلات الحروب والمجاعات والسير باتجاه عالم أفضل.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *