-->

سجن ايت ملول المحلي (صناعة العبودية و إهدار الحقوق)

ايت ملول (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) يتضمن النقاش حول مشروع
إصلاح منظومة القضاء بالمغرب، موضوع تعزيز وحماية حقوق و إقامة النزلاء بالسجون المغربية، بما يترجم إلى الانسجام ( والدستور الجديد) ومع الاتفاقيات الموقعة سابقا في هذا الإطار .
إلا إن هدا النقاش أقصى بقصد أو غير قصد مطالب أو اراء و ملاحظات شريحة مهمة ضمن هذه المعاملة وهم نزلاء المؤسسات السجنية خاصة المعتقلين السياسيين و الحقوقيون القابعين حاليا داخلها ، و الذين يرصدون بشكل يومي و مباشر الخروقات و الفرق الشاسع بين الخطاب الرسمي و الواقع الحقيقي كما هو الحال بالسجن المحلي لايت ملول.
إن هذه المؤسسة السجنية هي النموذج الأمثل للسياسة الممنهجة لإدارة السجون التي تجعل الإنسان وسط طاحونة العبودية ، و تلغي أدميته و ابسط حقوقه الطبيعية !كيف ؟
قبل الدخول في تشخيص هدا التناقض بين الخطاب والممارسة ، الخاضعة و المتحكم فيها بفعل السياسة الجنائية بشكل عام يلزمنا أولا تقديم ملاحظات تقنية عن هذا السجن .لقد شرع العمل بهذه المؤسسة السجنية مند سنة 2003 حيث كانت تحتوي حيين هما (الرحمة و التوبة) اضافة لحي النساء ، إلا انه و بحلول سنة 2010 أضفت بناية جديدة بحيث أصبحت الأولى بمثابة الشجرة التي تخفي و راءها الغابة حيي ( الانضباط و الامتثال ) الدين بنيا خلف السجن القديم بحيث أصبح الأمر هو سجنين بإدارة واحدة قد تسمح أو تتجاوز ولوج لجان ( التحقيق والمعاينة مثلا أو اللجان الحقوقية ) من ولوجها من عدمه حسب إرادتها .
بعودتنا لحي الامتثال كحي جديد مثلا : فهو يتوفر على 72 غرفة تحوي كل واحدة ثماني آسرة اسمنتية و تبلغ مساحة كل غرفة 17 متر مربع فيها مرحاض وحيد ، أي بطاقة استيعابية لا تتعدى 576 نزيلا . لكن الواقع عكس هده المعايير المسطرة سلفا اذ ينزل بهدا الحي حولي 1200 نزيلا و بذلك تضم كل غرفة 16 نزيلا . كحد أدنى بمعدل متر مربع وحيد لكل نزيل . نفس الشيء ينطبق على ساحة الطواف التي لا تتعدى 1200 متر مربع . مما يجعل السجناء يعيشون يوميا في جحيم الاكتظاظ و كان هدا السناريو مهيأ له سلفا مع سبق الإصرار مند الشروع في بناء هده المؤسسة ؟!
إن هذا الواقع يجعل النزلاء يصابون بأمراض مختلفة ( الظهر ، البرد ، الزكام، السل ، الأمراض الجلدية و يحرمهم من حقهم في نوم طبيعي ما يحتم على إدارة السجن التغاضي عن ظاهرة النوم خلال فترة الطواف تحت الشمس و الهواء المقدرة بساعة و نصف في الصباح و المساء ، و بالتالي يمكننا ان نجزم بان الواقع الذي تسبب في إغماء المرحومة اسية الوديع، قد عاد مجددا لسجن ايت ملول ما يوضح التراجع الخطير على مستوى حقوق السجناء . و يظهر هذا جليا أمام غرفة المستعجلات بممرض وحيد يفتح ساعتين في اليوم و تعرف شجار و تسابقا دراميا لعشرات المرضى من اجل الفوز بفرصة نادرة للتداوي أو( التشخيص ؟! )
وعلى مستوى النظافة فللعلم إن كل مواد تنظيف الغرف يتحملها النزلاء بدءا بمعدات التنظيف و أدواته إلى المواد المستعملة ( صابون ، مسحوق تايد، جافيل ....) ، ومن حيث النظافة البدنية بهدا الحي الجامع 1200 نزيل فيتوفر على حمام وحيد يفتح في أحسن الأحوال مرة في الأسبوع ( الأربعاء ) ساعة ونصف صباحا ، و ساعة و نصف في المساء حسب مزاج الإدارة التي إن فضلت بفتحه مساء فانه لا يتوفر على المياه الدافئة ، انه لواقع العصور الحجرية التي تفوق علينا أهلها في الحقوق الطبيعية . فمن حيث الوضوء و الصلاة في الغرف فلا وجود إلا للماء البارد مما أصاب العديد بأمراض البرد اما الصلاة في وقتها خاصة الفجر ، فأرضية الغرفة مكدسة بالأبدان البشرية الغارقة في النوم.
وعلى مستوى الأكل فهذا السجن معروف برداءة الوجبات اليومية و الدليل على ذلك إن أكثر من نصف الكميات الطعام المعدة يوميا تعود للقمامة أولاعادة طهيها في اليوم التالي ( العدس ، الفاصوليا ) ، ولو أن إدارة السجون أعادت حساباتها في الوجبات في هدا المجال لوفرت اعتمادات ضخمة لتوسيع المؤسسة او على الأقل لتوفير فرص شغل إضافية خاصة الطباخون المحترفون بدل الزج بالنزلاء بالمطبخ لتهيئ وجبات اقل ما يقال عنها إنها لا تصلح حتى للقطط مع استغلالهم بأجور مضحكة، و هو ما يحتم على العائلات أعباء ثقيلة في إمداد النزلاء بالمؤنة لتعويض هده الأطعمة وبذكر المؤونة فحدث و لا حرج فهي تصنع داخل السجن واقعا اقتصاديا و اجتماعيا تراتبيا في العلاقة ما بين النزيل و الموظفين من جهة و بينه و باقي النزلاء من جهة ثانية يؤثث به بناء المجموعات و الو لاءات لينسج في الاخير نظاما هرميا من السادة و العبيد تهيئ للعب ادوارها خارج السجن في ميادن السياسية (الانتخابات ، الدعاية...) و الاجتماعية (الترويج للمخدرات البلطجية ، التوكل ...).
يأتي التدخين والمخدرات لتكتمل الصورة القاتمة لسوء التنظيم و التسيير داخل هذا السجن فاذا ما علمنا بان أغلبية الدول الموقعة على اتفاقيات حقوق السجناء تعمل بمبدأ السيجارة الوحيدة عقب كل وجبة بحيث لا يتوفر للمدمنين إلا ثلاث سجائر يوميا فان السجائر بهدا السجن هي العملة الرائجة اد يمكن للنزيل ان يتوفر على ما يستطيع منها ليستعملها في البيع و الشراء بما في دلك شراء الإنسان ، فالسجائر تستهلك بلا حدود داخل الغرف طيلة النهار، في الساحة ، في طابور انتظار ولوج غرفة المستعجلات ، وفى طابور انتظار دور المكالمة الهاتفية ، و بالتالي فان ظاهرة التدخين السلبي مفروضة على النزلاء بتبعاتها الخطيرة من حساسية الأنف و الحنجرة و سرطان مع المستقبل و للإشارة فقد فتحت نقاشات مع إدارة السجن في الموضوع لكنها ما تزال تتجاهل خطورة هدا السلوك لنية في نفس يعقوب.
فاذا كان أول ورش سيبدأ به مشروع إصلاح منظومة العدل ، هو العناية و الاهتمام بالموارد البشرية لأسرة العدل ماديا و معنويا ، فان المواطنين البسطاء نزيلوا مثل هدا السجن كان الله في عونهم وسط معادلة القوانين المسطرة،و الواقع المعاش ، الذي يفرض كشريعة يجتهد فيها المسؤولون حسب شخصياتهم و ( التعليمات الواردة إليهم ).
إن الأصل في الإشكالية لهده المؤسسة السجنية السيئة الذكر التي يتباهى المشرفون عليها بحسن الإدارة و التسيير، او الحكامة بصفة عامة، ان عقليتهم محجورة لا تقبل النقض و لا المقترحات و كان المسير يملك الحقيقة المطلقة فالحقوق مهدورة ، بل أقبرت بصفة نهائية ، إنها سياسة عشوائية تفتقر الى الحكمة بل هي نهج معتمد في إقصاء السجين بحرمانه من حقوقه أولا و ثانيا كرهه لمحيطه الكبير المتمثل في الشخص المعنوي ( الدولة) التي تقوم بناء السجون و صرف ميزانيات ضخمة ( 136 مليار) سنتيم سنويا بدون أهداف محددة و ان كان الإعلام الرسمي يروج لنقيض دلك.
انها الحقيقة المرة لهدا السجن اللانساني انطلاقا من الاكتظاظ الغير المبرر ، اختلاط بين أصناف النزلاء (الحق العام و السياسيين ومنهم من هو متابع بقضايا الإرهاب.....)
إن هذا السجن وصمة عار على الحقوق و المبادئ الإنسانية ، فلو كتب للجمعيات الحقوقية من الاضطلاع على هذه الغابة خلف شجرة الإدارة و على واقع هدا السجن لن ينفع التشكي و النحيب على هذه الحقيقة المريرة.
من حيث الممنوعات داخل السجن فبالرغم من إعلانات الإدارة الملصقة بالسبورة في كل حي فان الممنوعات حدث و لا حرج بدا بالمخدرات المعروفة طريقة ولوجها ، ثم الأدوات الحادة مما يشكل خطرا على حياة النزلاء ، ثم الشدود الجنسي الدي يجسد استغلال الأقوياء للضعفاءو اخيرا وهدا هو الاخطر غض الادارة المحلية عن هده الخروقات تجنبا لتوريط نفسها في مشاكل !! هي أصلا من صنعتها . و اكتفائها في مجال التسيير على عد النزلاء كل صباح ومساء وكفى الله المؤمنين شر القتال ، وان حدث وطرا مشكل او اعتداء او استغلال بين النزلاء تكتفي بحله بمشكل اكبر منه صياغة محضر جديد يحال على القضاء، او تغيير الغرفة في أحسن الأحوال و بالتالي يتم تغذية السياسة الجنائية المعطوبة أصلا بملفات وزبناء جدد ينضافون لسوق الملفات الفارغة المأمول منها أصلا الحفاظ على وثيرة الانتقام و الاكتظاظ بالسجون و إلغاء مبدأ و فلسفة والادماج .
أما اذا أردنا الحديث عن معاملة الموظفين فللشهادة إن هناك موظفون يقومون بواجبهم بكل احترام و يحضون بتقدير اغلب النزلاء ، لكن هذه الفئة لا يظهر لها اثر وسط الأسلوب العام لتسيير المؤسسة.
سجن ايت ملول في: 28/11/2013
عن الناشط الحقوقي محمد امزوز
رقم الاعتقال:37745

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *