-->

سنة 2013

 لطالما كان في أعراف وتقاليد الشعوب الرقم ثلاثة رقم شؤوم وبؤوس ونحس لاعتقادهم أنه يجلب الخراب والفقر والحروب اليهم ورغم أنها ليست آية منزلة ولاعلم دقيق الا أن السنة 2013 كانت الاسوأ على الصعيد الدولي والاقليمي , فقد شهدت تقلبات وهزات سياسية أسقطت حكام وحكومات وأنتجت أخرى أودت بحياة كثيرين دفعوا طوعا أو كرها لهذه النزاعات ورسمت خرائط جديدة لمستقبل العالم السياسي وعرفت تحالفات وتجاذبات في بقاع شتى. 
فما يشهده الشرق الاوسط وايران وشرق اسيا وافريقيا ودول من امريكا اللاتينية وشرق أوربا دليل واضح على ما يتخبط فيه العالم من ازمات اقتصادية خانقة ومشاكل داخلية وبينية تجعل مستقبل العلاقات الدولية محفوف بالمخاطر خاصة مع بروز أقطاب دولية قوية , اضافة الى الكوارث الطبيعية المميتة كالزلازل والفيضانات التي دكت مدننا بأكملها وسوتها بالارض أدت الى تشريد وتجويع الالاف الذين فر معظمهم الى أماكن أمنة مما شكل ضغطا متزايدا على المجتمع الدولي والامم المتحدة لتوفير الامن والامان لهم , ناهيك أن هذه السنة شهدت مع الحروب والنزاعات والمجاعة رحيل زعماء بارزين في هذا العالم كان لهم صوتهم القوي عالميا وتأثيرهم المباشر على شعوبهم . لعلها كانت صورة مقربة ومختصرة لما شهده العالم في هذه السنة وتأثيراتها المطردة على تطورات قضيتنا الوطنية التي لم يكن محيطها الأقليمي أفضل حالا من غيره فلعل الحرب الأهلية التي شهدتها دولة مالي وشبه غياب تام لمصطلح الدولة انذاك لولا التدخل الفرنسي تحت مظلة الامم المتحدة لأصبحت مالي في خبر كان مع العلم أن الأستقرار السياسي لم يصبح مستتبا لهذه اللحظة , وبالانتقال الى الجارة موريتانيا فانها شهدت حراكا سياسيا محموما بين أطيافها السياسية خلصت الى انتخابات نيابية وبلدية انخرط فيها وقاطعها الكثير من الموريتانين . 
اما المملكة المغربية فٍان أوضاعها السياسية والأجتماعية والحقوقية في هذه السنة فكانت الأسوأ حيث فشلت الحكومة الأسلأمية في معالجة الملفات الملحة وقصر خيالها السياسي الذي أنتج مزيدا من الخلافات مع الجيران والصراعات الحزبية والأنسحابات المتكررة من الحكومة وارتفاع المديونية وتزايد اليطالة والرشوة والمحسوبية وتصنيفها دوليا ضمن الدول الفاشلة في عدة أصعدة وكذا الخروج المتكرر وشبه اليومي للبطالين والمحقورين والمهمشين الى الشوارع مما دفع الكثير من الشباب اما الى الموت غرقا أو اللجو الى تعاطي الممنوعات الذي يعد المغرب أول منتج ومصدر لهذه الآفة في الكون دون أن نقفل أن هذا البلد أصبح قطبا سياحيا من نوع خاص وهي السياحة الجنسية . وبالتوجه شرقا الى الحليف الجزائر فان هذه السنة كانت الأفضل نسبيا في عدة مجالات فقد شهد استقرارا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأصبح مزارا للعديد من الرؤساء والشخصيات والمنظمات العالمية رغم أوجود سقف مرتفع من المطالب الأجتماعية المستعجلة لدى قطاعات واسعة من المجتمع, اما تونس فمخاض الديمقراطية فمازال عسيرا نظرا لغياب الثقة المتبادل وهاجس الاغتيالات السياسية المتواصل أما جارتها ليبيا مابعد القذافي فنقل عليها السلام . 
فباسقاطنا لكل هذه الصراعات والتطورات الجيوسياسية على مسار قضيتنا العادلة والتي تصارع من أجل الخروج بأقل الأضرار وأكثر المكاسب فاننا نستطيع القول أن سنة 2013 شهدت مدا وجزرا لمجمل الأحداث التي شهدناها ومن أهمها أن القضية الوطنية الصحراوية مازالت احدى أهم القضايا الأبرز ضمن تصفية الأستعمار في أجندة المنظمة الأممية وكذا الحديث المتزايد عن الوضعية الحقوقية المتدهورة جدا بالمناطق المحتلة وجنوب المغرب من الصحراء الغربية ووضع دولة الأحتلال تحت مجهر المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية نظرا للحراك المستمر والغير المسبوق والسلمي والمنظم للجماهير الصحراوية هنالك. 
أما دبلوماسيا فقد شهدنها حراكا لاباس به خاصة مع انعقاد عدة تجمعات وندوات في عدة قارات دافعت عن مطالب شعبنا في الحرية والاستقلال اضافة الى الزيارات الرئاسية لعدة دول شقيقة وصديقة تساندنا في مطلبنا في تقرير المصير . ورغم أن المصطلح المعتاد الربح والخسارة والمصالح لايزال يطبع العلاقات الدولية الا أن هذه السنة شهدت تموقعات جديدة لصالح مطالبنا المشروعة وانعزال دولة الأحتلأل التي لم تعد تحظى بذاك النفود السابق في مجلي الأمن الدولي ولعل المشروع الأمريكي ابريل الماضي كان احدى تجلياته مع تسجيلنا لخيبة الامل من عدم تمريره وأخيرا التصويت في البرلمان الاوربي على أتفاق الصيد البحري بين الأتحاد الأوروبي والمغرب مما يزيد من معاناة شعبنا ويطيل عمر الاحتلال . 
أما داخليا فالأوضاع لم تكن مستقرة تماما بمخيمات اللجؤ رغم أنه لم تسجل أحداث كبيرة تذكر الأ أن ضعف الأدارة وغياب الثقة وتقهقر عدة قطاعات حساسة وتزايد المطالب الأجتماعية والبطالة وضعف الأجهزة الأمنية ماديا وبشريا وتوغل مخابرات العدو بالترويج والشائعات وضعف التعبئية والتحريض ورفع المعنويات وفوضى السيارات والمرور وأشياء أخرى كثيرة باتت الحاجة ملحة لمعالجتها ومن جذورها قبل فوات الأوان حتى ينصب التركيز وبشكل مباشر على تمتين الجبهة الداخلية سياسيا وعسكريا واجتماعيا وتكريس مزيدا من الشفافية والوضوح في التسيير وترشيد الامكانيات للتغلب على كل المطبات لنتمكن من تحقيق المطلب الوحيد والرئيس وهو الحرية والأستقلأل . مع تمنياتنا بدخول عام جديد مختلف عن غيره كل عام وأنتم بالف خير .

الرقيبي عبدالله مولود

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *