-->

إلا خيانة الوطن

الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)
بلادي وإن جارتْ عليَّ عزيزة ... وأهلي و أن ضنُّوا عليَّ كرامُأ
بيت شعر عربي مشهور
(الخيانة ) لفظ ذا وقع قوي على النفس قبل الأذن ، ففي حياتنا الشخصية يؤدي وقوع الخيانة إلى (تدمير الثقة) بين الأفراد والعلاقات بينهم ، حتى لو اقتصرت الخيانة على عدم الإيفاء بوعد أو عهد، ناهيك عن أن تؤدي الخيانة إلى تدمير حياة إنسان أو أهانته وجرح مشاعره .
هذا فيما يتعلق بنا كأفراد ، أما (خيانة الوطن) فهي أعظم وأكبر مما تحتمله أي نفس، ويكاد يجمع البشر على مقت الخائن، فكل فعل مشين يمكن للمرء أن يجد مبررا لفاعله إلا خيانة الوطن؛ فإننا لا نستطيع أبدا أن نجد لها مبرر، أينّاً كان السبب الذي يدفعك لهذا الفعل المشين فهو أبدا لا يشفع لك لتبيع وطنك و تغدو في عرفه خائن .
مهما اختلفنا في أفكارنا أو عقائدنا أو مبادئنا، مهما ظلمَنَا بني أبينا، و قومنا، و أهل وطننا الواحد فهذا أبدا (لا يمكنه) أن يبرر لنا خيانة الوطن .
ثلاثة صفات أحداهن لا يكون إلا بالأخرى : ( الغـدر ، و الخيانة ، و النفاق ) . فالغدر يتطلب الخيانة ، و الخيانة تتطلب النفاق، و جميع هذه الصفات هي من أقبح و أرذل الصفات التي قد تجتمع عند إنسان .
حتى أقبح الناس صفات يكره ويمقت الخائن و يزدريه، لأن خيانة الوطن تعني عدم المروءة بالضرورة ، والإنسان الذي ( لا يملك المروءة ) يمكنه أن ( يبيع عِرضهُ وشرفه ) كما يمكنه أن (يبيع وطنه) ، لأن الوطن هو بمنزلة العرض والشرف للإنسان.
ومن هان عليه وطنه يهون عليه عرضه و شرفهُ ببساطة .
قد أختلف مع الحاكم وقد أمقته وأمقت حكومته، قد يظلمني وطني، قد أحيا غريبا فيه بسبب ما ألقاه من أبناء قومي وأبناء جلدتي، لكن ما من عرف أو دين أو عقيدة أو فكر ( يبرر لي خيانة وطني).
أنه ( العار ) نفسه أن تخون وطنك ، أنه عار لن يكتفي أن تلبسه وحدك بل حتى جميع أهلك وذريتك ، سوف ينظر لهم الناس شزرا ، سوف يزدرونهم ، ( ليس لأن الناس أشرار ) ، بل ( لأن الجرم الذي اقترفته عظيم ) ، وعظيمٌ جدا ، لذا فأنت به تظلم نفسك وأهلك فوق ظلمك لوطنك وأهل وطنك ، وما من شيء يغفر خطيئة خيانة الوطن ـ للأسف ـ ما من شيء أبدا .
حتى ( من تخون وطنك لصالحهم ) ، ينظرون إليك كشخص ( حقير ) ، هم لا يثقون بك ولا يحترمونك بينهم وبين أنفسهم وأن أظهروا لك الاحترام ، فأنهم يبطنون المقت و الازدراء لك ، فهم يعلمون أنه لا يمكن لعاقل أن يأمن الخوان ، و من يبيع وطنه يبيع أوطان غيره بسهولة . ومن هان عليه وطنه ، تهون عليه أوطان الآخرين.
أخيرا ..
يذهب كل شيء و (يبقى الوطن) ما بقيت السماوات والأرض ، ومهما كان عذرك للخيانة، فــ (لا عاذر لك)، والوطن لا ينسى من غدر به وخان ( سراً أو علناً ) فالخيانة تبقى خيانة ، وجه قبيح لا يُجمله شيء ، وأن صَفَحَتْ السُلطات عن خائن ـ لحاجة في نفسها ـ فالوطن و التاريخ لا يصفح أبدا ، و يظلان يذكران الخائن حتى بعد موته . فهما ( لا يغفران لخائن ) أبدا .
بقلم: محمد الصالح

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *